الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية موظف عراقى

أحمد السعد

2006 / 11 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


هى قصة كغيرها من القصص المأساوية التى يعيشها عراق اليوم ، عراق الحرية على الطريقة الأمريكية( الخاصه ببلدان العالم الثالث المحتله) ، حرية ان تقتل من تريد ومتى ما تريد دون ان يحاسبك أحد أو يتحرى عنك أحد ، حرية ان تفعل ما تشاء دون خوف من قانون أو سلطه فكلاهما غائبان فى الغابة العراقية التى تحكمها الضباع والذئاب 0
القصة بدأت حين أحتجزت دائرة كمارك البصرة مجموعة سيارات داخلة عن طريق الكويت وغير مستوفية لشروط الاستيراد ، وكان لابد لأصحابها او مهربيها من وسيلة لتخليصها فقاموا بعرض الرشاوى على الموظف المسؤول وعندما اخبرهم بأنه لايستطيع فعل شىء لهم جربوا رشوته وفشلوا فأمهلوه اسبوعا ثم قاموا بأختطافه وطلبوا فدية كبيره قام أهله بجمعها فباعوا كل ما يملكون عسى أن يخلصوه من أسر المجرمين ولكنه عاد اليهم برصاصة تخترق جمجمته بعد أن قبض الجناة الفدية 0 الموظف يرقد الآن فى احدى مستشفيات البصره بين الحياة والموت وربما يكون قد فارق الحياة الآن لأن الرصاصة اخترقت رأسه وأن لم يمت فسيعيش اما مشلولا او بعاهة مستديمه 0
هذه القصه رواها لى صديق ، ووضعتنى امام تساؤل وهو كيف يمكن لموظف حكومى ان ينفذ القانون بنزاهه وشرف وأن لايخون فيسرق او يختلس او يرتشى وكيف يستطيع مواجهة تيار الفساد المستشرى ويقف فى وجه عصابات الأجرام والسرقة والتهريب التى عاثت وتعيث فسادا فى ارض العراق وتنهب خيراته وتقتل كل من يقف فى طريقها كائنا من كان دون رادع او محاسب ودون خوف من سلطة ؟ زعماء هذه العصابات صاروا قادة سياسيين كبار وبرلمانيين يحظون بالحصانة والحماية لا يطالهم قانون او عقوبة يمارسون القتل والسرقة فى وضح النهار0
موظف الدولة هذا هو نموذج لمن بقى فيه شرف ونبل ولم تتلوث يداه بخيرات (الحواسم) التى احالت الوطن الى مشاعة فبيع الوطن على الأرصفة وخرب كل شىء فيه حتى النفوس التى زحف عليها سرطان الفساد فقتل فيها قيم الرجولة والشهامة والمروءة وقبل كل شىء قتل فيها وطنيتها وأنتماءها لهذا الشعب المحروم المضطهد الصابر 0
ما أقسى ان تدفع ثمنا لأخلاصك للوطن ولعملك فى زمن يفترض ان يثاب فيه المواطن على وطنيته وأخلاصه ، اين هى السلطة اذن ومن يحمى هذا المواطن اذا اصطدم بأحدى هذه العصابات الأجرامية التى استباحت الوطن وأهله ؟
عشرات بل ومئات من موظفى الدولة من عسكريين ومدنيين ورجال شرطة راحوا ضحية هذه العصابات التى لايردعها احد ولا يقف فى وجهها احد فى حين تتشدق ابواق الحكومة بأنها تحمى المواطن وتسمع نعيق سيارات الشرطة فى كل مكان ويدفع المواطن معظم وقته واقفا فى الطوابير التى خلقتها سيطرات الشرطة والجيش دون ان يعلن يوما انه كشف عن جريمة او قبض على لصوص او مجرمين او مهربين ونسمع بيانات الحكومة يتحدث عن عمليات القبض على كذا وكذا دون ان نعرف اى تفاصيل فتعلمنا انه كلام للاستهلاك المحلى ولامتصاص نقمة المواطن وحنقه من ضياع للأمن والحقوق 0من يحمى المواطن البسيط وهو يؤدى واجبه بحرص وأخلاص وتفان ، من يثيب المخلص ويعاقب المختلس والسارق فى ظل غياب القانون وضعف الدوله الفاضح ؟ من أجل سيارات يقتل انسان ، بل ويقتل من أجل سبب اكثر تفاهه لأن الأنسان فى عراق اليوم صار ارخص شىء 0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف يتصرف الألمان عندما يمرضون؟ | يوروماكس


.. لمى الدوري: -العراق يذخر بالمواقع الأثرية، وما تم اكتشافه حت




.. الهدنة في غزة على نار حامية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مسلسل المانغا - بون- : وحدة تسافر عبر الزمن وتحي الموتى




.. -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو