الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمحات من تاريخ الإدارة الأهلية

المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)

2024 / 2 / 14
الادارة و الاقتصاد


هذه لمحات من تاريخ تضعضع الإدارة الأهلية في السودان منذ القرن السادس عشر إلى عام 2024.



1. الإدارة الأهلية:
إسم "الإدارة الأهلية" هو الإسم الاستعماري البريطاني الشائع في السودان لحالة المملكة القبيلية وفي الكلام السياسي السوداني في المحافل أو في نشرات الإخبار صارت كنية "الإدارة الأهلية" هي المألوفة عند الكلام عن زعماء القبائل أو عن هيئة لهم.


2. طبيعة مملكة القبيلة:
سمة المملكة هي الوصف السياسي الإجمالي السهل لأوضاع حكم مجتمع في منطقة معينة بصورة شخصية أوتوقراطية محورها سلالة الحاكم وأرومته يقرر في أمرها وفق العرف بما يشاء. لكن وفقا لتراث سكان المنطقة أو تراث جيرانهم توصف مثل هذه المنطقة في السودان بأنها "دار" أو "مملكة" أو"سلطنة". وتنتسب غالبية سكان المنطقة القبيلية إلى جد أو مجموعة قرابة. ومن أمثلتها دار الجعليين أو دار الكبابيش أو دار زغاوة ..إلخ.


3. تغير الحدود وتغييرها:
تتغير حدود أي دار أو مملكة قبيلة وكذلك حدود جيرانها إما بتوسع أو تقلص بالقوة الحربية والغزو والاحتلال والضم أو بتأثير ظروف طبيعية كالجفاف أو بتأثير رغد في البيئة أو خارجها أو بتغير في مكان أو طبيعة معيشة المجتمع. أو بقرارات من الدولة. وفي السودان منذ القرن التاسع عشر زادت حالات تغيير حدود دار القبيلة حسب ما تقدره وتفرضه نخبة السلطة الحكومية المركزية وجهدها في قهر أو في ترضية شيوخ القبيلة التي بوشر فيها التغيير. وغالباً ما يكون التغيير مخفضاً للمساحة التي كانت تتمدد فيها مساكن أو أعمال القبيلة.


. 4. عدالة الشيوخ:
بالمخالفة لكل النظم الحديثة تجتمع في يد شياخة القبيلة كل السلطات التشريعية والتنفيذية وسلطة القرار والكلمة الفصل على أهلها تعود لشيخ القبيلة وبحكم سطوة ونفوذ الشيخ من الصعب حداً ومن العيب على واحد أو على مجموعة صغيرة من أفراد القبيلة معارضة قرار للشيخ أو عصيانه.


5. ستة أزمات في الحكم القبيلي:

(أ) أزمة انتقال الشياخة أو الرئاسة بين بطون القبيلة وكذلك أزمة الرئاسة داخل كل بطن من بطون القبيلة حيث تتكرر أزمة إما بين متزعمين هم سواسية في مؤهلات تولي الشياخة أو مختلفين على زيادة أو على نقص مؤهل مناسب لظروف يراها بعضهم أو مختلفين على تعيين وتقدير ظرف ما، ومن ثم تتكرر هذه الأزمات وبعضها دموي،

(ب) أزمة في العدالة الإجتماعية والحقوق بداية من انعدام المساواة وتغييب رأي الناس وإرادتهم،

(ج) أزمة في العدالة القضائية بتفاوت القبائل في أمور النهي والجبر والتنفيذ وحالات التفاوت في التجريم أو في العقاب والتغريم على الفعل الواحد تتفاوت بين القبائل وحتى في القبيلة الواحدة،

(د) أزمة إدارية مثلثة: أولها بين زعامة القبيلة وأهلها والثانية بين نفس الزعماء والحكومات والثالثة أزمة داخلية بين زعماء القبيلة،

(هـ) أزمة حدود ديار القبيلة/حدود سلطة زعيم القبيلة،

(و) أزمة التنمية، فلا القبيلة تمكن الدولة من التعامل في أراضيها ولا شياختها تستطيع ان تغذي أعمال الانتاج الزراعي أو ان تؤسس انتاجاً صناعي أو ان تبني وتسير المدارس والمشافي أو الطرق والمساكن ولا ان تبني وتشغل المراكز الثقافية والأسواق، وكل هذه الأعمال مضادة بطبيعتها العمومية للطبيعة الشخصية لمصالح الشيوخ في إحتكار شؤون وموارد القبيلة.


6. توتر القبيلة والدولة:
في علاقات وجود وشغل نخبة الدولة ووجود وشغل نخبة القبيلة توتر دائم مضاد للاستقرار والتنمية، فلتثبيت أوضاع ومصالح نخب القبيلة أو نخب الحكم تتوالى أمور التنافر وأمور المودة بين النخبتين في مجالات الدعم السياسي ضد بعض المعارضين، وفي حالات تشغيل أو استثتاء أمور عسكرية، وفي معاملات تجارية شخصية، وفي أمور إنفاذ القانون، وأمور حمل وصون استعمال السلاح، وكذلك في أمور وإمازات وإعفاءات جمع الأموال.

من ثم مع توتر العلاقات داخل وبين نخب القبائل وداخل وبين مختلف حكام الدولة، وبين حكام هذه القبيلة أو تلك وحكام الدولة، فان أمور تحقيق مصلحة معينة لنخبة قبيلة او لنخبة حكام في مجال معين تؤدي إلى زعزعة مصالح نخبة قبيلة اخرى أو هيئة حكم أخرى أو خلخلة شؤون أمنية أو عسكرية في مجال آخر.


7. تقليص حكم القبيلة:
نتيجة أزمات التناقض بين استقرار الشياخة واستقرار حكم الدولة بدأت الدول منذ آلاف الأعوام في تقليص أو مضاعفة قدر من حكم القبيلة لكن غالباً ما تقوم الحداثة المدينية في السكن والأعمال والتعليم والثقافة بأكل أسس وأشكال وجود تنظيم القبيلة.

في عالبية تاريخ الحكم القبيلي يبدو ان قرارات الدولة هي القرارات الأشد تأثيراً على وجود وصلاحيات شياخة القبيلة وعلى تغيير الحدود الجغرافية والمجتمعية لهذه الشياخة شبه المقدسة. وغالباً ما تصدر هذه القرارات الحكومية بمبرر إنهاء تضارب بين نوعي أو شكلي المصالح: مصالح الشياخة/ الشيخ/القبيلة ومصالح الجمهور /الدولة /نخبة الدولة ولكن في غالبية دول العالم الليبرالية التملك والتجارة تقوم القرارات الحكومية بانهاء هذا التناقض النخبوي في جانب وفي نفس الفترة تترك له جوانباً تجارية أو اجتماعية أخرى.


8. عهود تخفيض تحكم شيوخ القبائل:

(أ) كانت اول عمليات تقليص سلطة (الإدارة الأهلية) قرارات من سلطنة دارفور ومن سلطنة سنار التين تأسستا في القرن السادس عشر بل شملت التغييرات قيام جيوش السلطنتين كل على حدة بممارسة حملات أنفال واستعباد ضد قبائل أخرى،

(ب) في فترة 1821 1885 قامت الخلافة الاسلامية العثمانية بمواصلة عمليات تقليص وتغيير الإدارة الأهلية،

(ج) بين عامي 1885 و 1898 قادت الدولة المهدية تغييرات مختلفة في سلطة وأوضاع كل قبيلة،

(د) نتيجة بطش المهدية نافرتها بعض بيوت القبائل ومهدت لدخول وتحكم الإستعمار الانجليزي الذي غير أوضاع القبائل التي كانت التركية والمهدية قد أعملت فيها تغييراتها،

(هـ) في الأعوام 1919 و1922 و1924 قننت الإدارة البريطانية كأداة لإستعمار 95% من مناطق السودان أمور التحكم الشخصي القديم المنسوب في كل منطقة لشيخ قبيلتها فصار السوداني كما كان في عهود الدول السابقة محصوراً بين مطرقة الحكومة وسندان الشيوخ لكن بحجم ضرائب اكبر على كاهله ثم بدأ الاستعمار البريطاني في الأربعينيات والخمسينيات مع تكثيف تجارته وتمدينه المناطق في تقليص تحكم بعض هؤلاء الشيوخ إما بتخفيض مساحة سيطرة شياخة القبيلة أو بتخفيض جزء معنوي أو مالي أو قضائي من سلطة شيوخها.

(و) في عام 1959 قامت لجنة حكومية-قضائية قادها رئيس القضاة المرحوم محمد أحمد أبو رنات باستصدار قرارات تفك إحتكار شيوخ القبائل لكل السلطات وجعلت للمحافظين وقضاة الدولة -كل في مجاله ومنطقته- كأشخاص حكوميين حق إداري به يقر أو يعدل أو يلغي بعض قرارات الشيوخ. من ثم دأب سدنة شيوخ القبائل على التودد لحكم الجنرالات وترضيتهم ومهاجمة الحداثويين والشيوعيين وآرائهم والطعن فيهم. ..





قبل وبعد (ثورة) أكتوبر 1964 بدأت ندوات ومقالات وهيئات الثورة والشيوعيين والإخوان المسلمين والحكومة الثورية في مناقشة إصدار قرار يقضي بـ"حل الادارة الأهلية"، ومن أشهر الأسماء المواشجة"مذكرة حل الإدارة الأهلية" اسم "إتحاد العمال" وزعيمه الشهيد لاحقاً الشفيع أحمد الشيخ واسم "الحزب الشيوعي السوداني" بقيادة الشهيد لاحقاً عبد الخالق محجوب ثم بعض من "الإخوان المسلمون" و"الحزب الوطني الاتحادي" تزعمها المحامي المرحوم علي محمود حسنين وفي هذا الطريق المحفوف بشتى أنواع المخاطر سطعت كثير من الأسماء في عوالم الصحافة الحديثة وفي نقابة المحامين وروابط المعلمين والأطباء وغالبية القوى المدينية الحديثة.


9. رد "الإدارة الأهلية":
منذ عام 1965 تآلفت قوى الإدارة القبيلية وبقوة الخائض صراع البقاء وبخبرة وحنكة الشيوخ بدأت عمليات رد قوية وقاسية وعنيفة على التاريخ الطويل لرفض الأفندية و(أولاد المدارس) لمصالحها وعلى تجدد تحرك الثائرين ضدها قبل وبعد أكتوبر 1964 وقد تلخص ردها في خمسة أمور هي:

(أ) رفع دعوى قضائية ضد الحكومة و المنادين بالغاء الإدارة القبيلية،

(ب) دعم عمليات الارهاب ضد الحزب الشيوعي السوداني،

(ج) الإشتراك القوي عبر التظاهرات والإعلام والبرلمان في كافة عمليات إرهاب وقمع الحزب الشيوعي السوداني وتكسير أسس (الديموقراطية) وعرقلة مؤتمر السلام 1965 ودعم مشروع الدستور الاسلامي.

(د) في مناخ من القمع والإرهاب عاث القبائليون فساداً في أمور الدستور والدولة والجيش والحكومة والتجارة والإقتصاد والقضاء والموظفين وصارت الأموال والقوة البدنية المناصرة للطائفتين ولتحكم شيوخ القبائل هي القوة المحركة للنواب وكبراء الموظفين ومتكلمين الأحزاب وبعض الصحافيين .

(هـ) منذ عام 1966 زاد شيوخ القبائل وسادة الطائفية وزعماء الإخوان أمور التشاور والتجمع والائتلاف وفي يناير 1969 أعلن الشيوخ وسدنتهم خلاصة اجتماعاتهم وأهمها في الظاهر قبولهم مطلب الشعب بالتخلي عن [بعض] سلطاتهم القضائية والإدارية.

أما باطن أمور الامور فانكشف بزيادة دعم القبائليين وشيوخهم وبرلمانييهم وصحافييهم للإتجاه الطائفي وشكله المشترك الحديث الماثل في جماعة الإخوان ومشروع الدستور الاسلامي الخالي من حقوق النقابات وحقوق الأحزاب واليات الحكم الديموقراطي نأهيك عن خلوه من مبدأ سيادة القانون أو من حرية الاعتقاد،

مع هذه السياسة كانت بعض الصيحات الجنونية المتفرقة ترتفع منادية بحرق الجنوبيين وإعدام الشيوعيين وإلغاء تراخيص الصحف التي تنشر آراء ومقالات مناهضة لكذا أو كذا !



10. العنف وهزيمة الحزء الرجعي من الليبرالية:
ضد معالم احتكار نخب الرجعيين سلطات وأمور وفوائد الدولة وإنهيار اعتبارها بين الناس حدثت (ثورة) 25 مايو 1969 العسكرية-المدنية ضد الغرور والقمع الطائفي وفوضى أذنابه فسكت سدنة الشيوخ وسرعان ما أرتفع تحالف عسكري بين جماعة الإخوان وجزء من طائفة الأنصار ومن هذا التحالف نشطت عمليات حربية ضد الجيش في ودنوباوي وربك وجزيرة أبا لكن الجيش تمكن من هزيمتهم في مارس 1970.

بتلك الهزيمة إنتهى آخر سند سياسي وعسكري لتحكم شيوخ القبائل. لكن بحكم قوة شكيمتهم وخبرتهم وحنكتهم لم تخر قواهم أو تستكين بل اتجه سدنتهم بسرعة إلى تأييد "(ثورة) مايو" والتغلغل كـ"قوى وطنية مستنيرة" و"رأسمالية وطنية" في هيئات استقبال زعماء العهد الجديد واحتفالات افتتاحه بعض الانجازات والحزل في العطاء والتبرع لها ومجاملة موظفيها بل دخلوا غالبية اللجان القاعدية والهيئات المختصة بمناقشة واعداد الميثاق الموجه لأعمال الثورة والدولة الجديدة. وخلال كل هذه الجهود أججوا الخلافات بين فئات الاشتراكيين وكذلك بين فئات الاشتراكيين والشيوعيين وغدوا يقومون بدور المرجح بين المختلفين الثوريين ترجيحاً خاصم كفة الشيوعيين.


11. طبيعة التغييرات:
لأسباب شتى نأت غالبية التغييرات السياسية في السودان عن إجراء تغييرات جذرية في اسلوبها أو في أهدافها بل في مختلف أنواع وعهود وفترات حكم مناطق السودان توافقت غالبية التغييرات السياسية على تقوية السلطة النخبوية سواء كانت سلطة الشيوخ أو سلطة الحكومة المركزية عدا تغييرات فترة 1972 1974.

في فترة أواخر الستينيات تجددت فكرة قديمة مع وضوح فشل النظام الكبير المزدوج لإدارة السودان وشقبه المتناقضين وهما نظام الإدارة الحكومية المركزية ونظام الشيوخ، بل فشل النظام الليبرالي كله منذ العشرينيات في تأسيس وتسيير عملية تنمية متكاملة. فمنذ وسط الستينيات تبين للحداثيين فشل أسلوب إدارة مناطق البلاد المترامية الأطراف بموظفين أو بأسلوب شيخ القبيلة وتوكد عجز هذين الأسلوبين القديمين المتناقضين عن إجراء وتسيير عمليات التنمية من ثم بدأ انتشار كلام المرحوم د. جعفر محمد علي بخيت المستلهم تقارير ومؤتمرات المديرين والإدارة في السودان وتمحيص نهضة المجتمعات في إفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا وأدواتها الادارية.

دار كلام المرحوم جعفر بخيت في إجتماعات الإداريين واجتماعات السياسيين عن ضرورة تثوير الحكم المحلي في كل منطقة وتحويله من حالته الكاسدة كفروع جباية حكومية ومخزن لفائض الخدمة الحكومية إلى محور للثورة وإدارة شعبية شاملة يمارسها أهل كل منطقة لمواردهم ومعيشتهم عبر مجلس شعبي منتخب يضم ممثلي السكان والمنظمات الفئوية (= النقابية) والمنظمات الجماهيرية والجمعيات والإتحادات التعاونية وممثلين للحكومة وقيام هذه المجالس عبر ديموقراطيتها بتشكيل أنشطة متنوعة ترتقي بسلطة الجماهير الشمولية على مناطقها ومواردها وصولاً إلى مستوى مجلس الشعب والحكم الشعبي الشامل وعملهم كمحرك أو ناظم لتنمية المجتمع.

دام هذا الكلام الجميل اقل من عامين قبل أن تقوم ثعابين وعقارب الدولة ورئاستها بوقف حاله وإطفاءه في فترة نهاية 1974 ونهاية عام 1975 ضمن التمهيدات الأولى لدخول وتحكم البنك الدولي الذي اشترط لإنقاذ الإقتصاد رعاية وحماية الإستثمار بإدارة مركزية للاقتصاد وإجراء مصالحة بين النخبة الحاكمة والنخبة المعارضة وضمن تلك التمهيد لتلك المصالحة سمحت الدولة بنفوذ السادة والشيوخ وأقطاب الادارة الأهلية وفتحت المجال لأنشطتهم.


12. النهاية:
في الفترة منذ عام 1981 إلى عام 2024 وهي فترة خصخصة وعولمة وأسلمة وعنف وتجارة قامت حكومات السودان بتغييرات قشرية في أشكال الادارة الحكومية وفي أشكال الإدارة القبيلية وقد أدت هذه التغييرات البعيدة عن أسس وحقوق وضرورات التنمية المتوازنة وتزامنها مع أنشطة التمويل والتسليح أدت إلى تحول غالبية المناطق القبيلية في أجزاء من جنوب وغرب وشرق السودان إلى مناطق تهميش وفقر أو تفاوت معيشي وتضارب واحتراب بين حقوق المزارعين في الإستقرار والتمدد وحقوق رعاة عشرات ملايين رؤوس الإبل والماشية في الحركة بإبلهم وماشيتهم.

ومن تكاثر الاشتباكات الصغيرة الحجم نمت ظواهر التعصب والتسلح وظاهرة الميليشيات والنزاعات الدموية الكبيرة ومعها ظاهرة النزوح إلى المدن أو اللجوء إلى خارج السودان، من ثم على علاتها انهارت الممالك القبيلية المألوفة وان بقى زعماءها مسجلين في أوراق الدولة وتصريحات الصحف وقد تحول بعضها إلى ميليشيات يقودها من كل القبيلة بيت من العشيرة المقاتلة متخا اسما غير اسم القبيلة فلا بقيت القبيلة كما كانت ولا هي أصبحت جزءً من الدولة ولا هي تجيشت وكونت دولة جديدة، بل بذلك التملش وتمويلاته واستدامة نزاعاته انهارت القبيلة القديمة وانهارت الدولة القديمة ولم تظهر منهما معالم بناء مجتمعي سياسي جديد الإقتصاد والتعاملات.


الختام
إختلفت النخب على أسلوب حكم السودان مرات كثيرة شملت دستور 1953 التمهيدي ودستور 1956 والأمرين الدستوريين لعامي 1958 و1964 ثم تعديلات 1964 في 1965 و1966 و1967 و1968 والأمر العسكري رقم 1 عام 1969 وتعديله في 19 يوليو عام 1971 ثم دستور 1973 ودستور الانتقال 1985 ثم دستور 1998 فدستور عام 2005 وبعدهم الوثيقة الدستورية 2019 وعقبها قرارات 25 أكتوبر 2021 ثم بداية واستمرار حرب 2023

يؤكد هذا التاريخ من الازمات الممتد منذ منتصف القرن العشرين كسجل لآخر جزء من الفشل القديم المتكرس منذ عام 1504 ان النخب الثلاث نخبة التحكم الطائفي القبيلي ونخبة الأفندية ونخبة العسكريين قد فشلت جميعها في تأسيس وتنظيم أمور الشعب والدولة والتنمية بل تراكمت سلبيات امور هذه النخب رغم الفخامة والألق في مناطق سكنها ورغم بعض الأوضاع والقشور الجميلة في حياة الناس وقد انتهى تراكم عثراتها مع وجلها وخوفها من أسلوب ونتائج الأسلوب الشمولي في التغيير وميلها إلى أرباع الحلول الى خراب شامل للمجتمعات وللدولة نأهيك عن خراب النخب نفسها، وتحولها من تشكيلات مجتمعية إلى ميليشيات وعصابات مسلحة.

ازاء هذا الخراب تزيد الحاجة لإطفاء إحتراق القديم والبدء في بناء مجتمعات سكن وعمل صغيرة متماسكة تؤسس لدولة جديدة بداية من تأسيس وتشغيل لجنة إسعاف ومعونة أو لجنة خدمات في منطقة سكن أو مجال عمل كمقدمة تمهد لبناء سلطة الشعب في مناطق السكن أو مجالات العمل الممكن فيها إحداث هذا التمهيد ثم تنمية هذه البداية أو كما اتجهت بقوة ونبل كريم بعض قوى "لجان المقاومة" و"الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صندوق النقد يتوقع ارتفاع حجم الناتج المحلى لمصر إلى 32 تريلي


.. أرقام تهمك فى خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 2025/2




.. بين نيلين - حرب السودان تهدد إنتاج النفط في جنوب السودان


.. كيف هي العلاقة بين البنوك الفلسطينية والإسرائيلية؟




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 27 إبريل 2024 بالصاغة