الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار، فقط، يستطيع وقف الحرب. توقفوا عن تقديم الخدمة لنتنياهو

ياردين ميخائيلي

2024 / 2 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


للقتال في غزة انعكاسات ضد أهداف ذات أهمية بالنسبة للجمهور وذات قيمة مبدئية لاستمرار العقد الاجتماعي في إسرائيل، وفي مقدمتها إعادة المخطوفين وهم ما زالوا على قيد الحياة، عادة الأمن إلى المواطنين وإعادة ترميم البلدات التي تم إخلاؤها. هذا الوضع يُصبح متاحاً لأن الأهداف الحقيقية لقادة الحرب تستتر خلف سُحُب الدخان. كذلك الأشخاص الموجودون في القيادة وفي جهاز الأمن مُدركون لهذا الواقع، لكن الأمور لا تُقال بصوت عالٍ في الغالب.

قبل بضعة أيام، كتب رونين بيرغمان: "بالهمس فقط يتحدثون في الجيش وفي أوساط الاستخبارات عن إمكانية أن يكون قد حدث أكثر مرة واحدة أن مخطوفين قد قُتلوا من قِبَل حماس أو في ظروف لها علاقة مباشرة بالعملية البرية التي كان يُفترَض أن تنقذهم وتحررهم" (واي نت، 17.1). الوزير غادي آيزنكوت، عضو مجلس قيادة الحرب، اعترف بأنه "ليس من الممكن إعادة المخطوفين وهم على قيد الحياة خلال الفترة القريبة بدون صفقة"، لكنه المسؤول الرفيع الوحيد الذي يقول هذا على الملأ.


كذلك بالنسبة للتهديد العسكري، هنالك فجوة بين ما يُقال بهدوء وبين التصريحات الموجهة إلى الجمهور. "لقد حققنا الهدف الحقيقي. لم يعد ثمة تهديد من الجنوب... الآن الوقت للانتقال إلى الشمال"، اقتبس رفيف دروكر من أقوال مسؤول رفيع ضالع في إدارة الحرب (هآرتس، 19.1). "ليس لهذه الحرب هدف ولا مستقبل"، اقتبس غيدي فايتس عن مصدر يشارك في جلسات المجلس الوزاري المصغّر وجلسات الحكومة، مضيفاً أنه من المرجح أن يرفض رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، صفقة لإعادة المخطوفين بالشروط التي وضعتها حماس، لأن "إيتمار بن غفير سيستقيل من الحكومة في تلك اللحظة مباشرة وسيتفكك الائتلاف الحكومي" (هآرتس، 19.1).

هذا الإدراك لحقيقة أن الحرب قد استنفدت نفسها وليست لها أهداف قابلة للتحقق بدأ يصدع كذبة "معاً سننتصر"، غير أن الاستنتاج المطلوب ـ المطالبة بإنهائها ـ لا يزال بمثابة تابو بين أوساط واسعة من الجمهور. بالرغم من التغيير الذي حصل في المزاج العام في أعقاب موت المزيد من المخطوفين، إلا أنه ليس هنالك من ممثلي المعارضة، تقريباً، من يدعو إلى إنهاء الحرب. حتى أن الجمهور لا يناقش السؤال المبدئي: ما هي أفضلية استمرار الحرب على إنهائها؟

الوحيدون الذين لديهم أهداف يسعون إلى تحقيقها طالما بقينا نتقدم في المسار الحالي هم ممثلو اليمين المتطرف، على شاكلة واضع خطة الحسم وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، الكهانيّ بن غفير. كلاهما ليس عضواً في مجلس قيادة الحرب، لكّن لهما تأثيراً على سياسته بسبب الورطة التي فيها نتنياهو عالق. أمس فقط دعا سموتريتش إلى "تصعيد دراماتيكي" في القتال، بينما حرص بن غفير على التأكيد بصورة علنية على أنه إذا ما تقرر وقف القتال فإنه سيترك الحكومة.


المشاعر الوطنية التي تفجرت بعد مذبحة 7 تشرين الأول يتم استغلالها الآن لخدمة مطامح الأشخاص الذين يدفعون بإسرائيل من كارثة إلى أخرى

المشاعر الوطنية لدى الناس الطيبين، والتي تفجرت في أعقاب قتل نحو 1،200 إسرائيلي في 7 تشرين الأول ـ الرغبة الصادقة، العادلة والضرورية في الدفاع عن إسرائيل بقوة الذراع والحاجة إلى تفسير وشرح موقفها في الساحة الدولية ـ يتم استغلالها الآن لخدمة مطامح أشخاص يدفعون بإسرائيل من كارثة إلى أخرى. الامتناع عن المطالبة بإنهاء الحرب يخدم، أكثر من أ شيء آخر، مصالح نتنياهو الشخصية ومصالح المتطرفين المستعدين لدفع دماء المخطوفين والجنود ثمناً لإخفاء الفلسطينيين من المكان. كلما طال البقاء في قطاع غزة، تآكلَ الموقف الإسرائيلي أكثر فأكثر وأصبحت الحرب بقوة ووتيرة وضعاً قائماً. هذه الحالة المؤقتة، المرحلية، قد تستمر سنوات عدة، كما تعلّمنا تجربة عقدين من الزمن في لبنان، انتهيا بالانسحاب من طرف واحد من دون تسوية أو حل.


إنهاء الحرب لا يشكل انتصاراً لحماس، حتى لو ادعى هذا التنظيم الإرهابي ذلك، كما هو متوقع منه أن يفعل. لقد تلقت حركة حماس ضربة قاسية وتم تدمير أجزاء عديدة وكبيرة من قطاع غزة. إنهاء الحرب سيتيح إمكانية البدء بترميم البلدات التي تم إخلاؤها. كما سيتيح إنهاء الحرب، أيضاً، إجراء تحقيق جذري حول إخفاق 7 تشرين الأول، ومطالبة المسؤولين عنه بتقديم تقرير والتقدم نحو إصلاح المنظومة الإسرائيلية لكي لا يتكرر مثل هذا الإخفاق مرة أخرى. ومن المهم أن نذكر أن السبب المركزي للمذبحة ليس قدرات حماس، وإنما الإهمال الإسرائيلي عن الشريط الحدودي. القتال في داخل قطاع غزة قدم دليلاً على تفوق الجيش الإسرائيلي في ساحة المعركة.

في محيط نتنياهو، ثمة أشخاص بدأوا يفتحون أعينهم ويعترفون بالواقع، لكن لا يمكن أن نتوقع أن يكونوا هم بالذات الأشخاص الذين يدفعون نحو تنظيم نضال جماهيري يؤدي إلى فقدانهم قوّتهم، كلها أو جزء منها. لذلك، فإن المسؤولية ملقاة على اليسار والوسط. وقد أثبتت أيام الانقلاب على الحكم أنّ في البلاد جمهوراً كبيراً يعرف أن يتظاهر وأن يطرح مطالب جدية. وأثبت لجم قوانين الانقلاب أن لدى هذا الجمهور قوة وقدرة على إعادة تشكيل الواقع. والآن، يتعين على هذا الجمهور أن يطرح بضعة مطالب: إنهاء الحرب، السعي بالسعة الممكنة إلى عقد صفقة لإطلاق سراح المخطوفين، استقالة الحكومة والتحقيق في الإخفاق. أما البديل فهو تعزيز حكم اليمين وتكريس الوجود الإسرائيلي في قطاع غزة. في هذه الأيام، الواقع الأمني والسياسي يتبلور من جديد. على اليسار ـ الوسط الاستيقاظ. كفى لخدمة مصالح اليمين المتطرف ومصالح نتنياهو.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران: أسطول جوي قديم ومتهالك؟.. تفاصيل عن مروحية الرئيس رئي


.. الصور الأخيرة للرئيس الإيراني رئيسي قبل تحطم مروحيته وموته




.. الحرب في غزة: هل من تأثير على قطاع السياحة في مصر؟ • فرانس 2


.. تساؤلات في إيران عن أسباب تحطم مروحية الرئيس من بين 3 مروحيا




.. سيناريوهات وأسباب محتملة في تحطم مروحية الرئيس الإيراني؟