الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثمة غزو صيني لتايوان

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2024 / 2 / 16
السياسة والعلاقات الدولية


مستشار اقتصاد سياسي وعلاقات دولية.

ثمة غزو صيني لتايوان في خلال 3-5 أعوام من الآن قبيل اجتماع الحزب الشيوعي الصيني القادم لتعيين أمين عام الحزب الشيوعي أي رئيس للصين أو بعيد الإجتماع ، وبعد استكمال بناء القوة البحرية الصينية والتدريبات ذات الصلة وتحسين الظروف الأقتصادية الحالية التي تمر بها الصين.

لأنه من الواضح الآن سواء دوليآ أو محليآ في تايوان أوفي الصين فإن استمرار هذا الوضع الحالي لم يعد في صالح الصين دولة وقيادة ، ويزيد من مسافة ابتعاد تايوان عن الصين بأكبر من مسافة مضيق تايوان.

وبالطبع فإن تلك الخطوة يخضع قرارها لعدة سيناريوهات ، حيث إذا أقدم الرئيس التايواني الجديد وليام لاي تشينغ تي ، ذو الميول الإنفصالية إلى اللعب بالنار واتخاذ خطوات رسمية للإنفصال التام عن بيجين ، فإن هذا سيسرع عملية إعادة الضم في أي وقت من الآن ، أو كذلك سعت واشنطن لتزويد تايوان بمنظومات تسليحية نوعية متطورة وبكميات كبيرة.

أو أيضآ إذا تجاوزت الولايات المتحدة الأمريكية الأميريكية المدى في توسيع القيود والحصار الإقتصادي والتكنولوجي على الصين مما لا يجعل للصين الشئ الكثير لتبكي عليه بل ستجد أن الإسراع في إعادة ضم تايوان سيكون تعويضآ ولو قليلآ لهذه القيود وإعادة لهيبتها.

أو فكر القادة الصينيون أن يستغلوا الإنشغال الأميركي بالأزمات الدولية الحالية أو المستجدة والانتخابات الرئاسية الأميريكية القادمة والتي تحمل في طياتها أزمة جديدة لواشنطن بسبب طبيعة أيآ كان القادم القديم الجديد الذي سيسكن البيت الأبيض.

أما اذا استطاع الرئيس التايواني الجديد أن يكون أكثر ذكاءً ويمتنع عن الدعوات والسياسات الإنفصالية ، فقد يدفع بيجين لتأجيل الغزو وتؤخره لبعض الوقت في نطاق السنوات الثلاث أو الخمس القادمة مع استمرار الأوضاع الحالية على ذات المنوال وهو ما يدفعنا للإعتقاد بأن عملية إعادة التوحيد أوشك بدء عدها التنازلي .

خاصة مع ازدياد أعداد التايوانييون الرافضين لإعادة الوحدة خاصة بين فئة الشباب ومتوسطي الصين لمستويات تمثل الآن غالبية تترعرع تحت أمطار دعائية إنفصالية ، وهو مؤشر خطير لايجب أن تتهاون معه أي دولة تريد الحفاظ على وحدة ترابها.

وسيهدف الغزو لإعادة ضم الجزيرة المنفصلة منذ هروب جيش الكومنتانج (الحزب القومي الصيني الذي أسسه أبو الصين صن يات سين أثناء الثورة الصينية شينهاي ضد الإمبراطور الأخير بوئي 1911- 1912م) عام 1949م بقيادة جيانج كاي شيك هربآ من انتصارات الجيش االأحمر الشيوعي الصيني (حلفاء الأمس ضد الغزو الياباني 1937 - 1945م) إبان الحرب الأهلية الصينية الثانية 1946 - 1950م.

والتي انتهت بانتصار شيوعيوا ماوتسي تونج انتقامآ من هزيمتهم المذلة في الحرب الأهلية الأولي 1927-1937م بالمسيرة الطويلة عام 1934- 1935م والتي بدأت بانسحاب الجيش والحزب الشيوعيين وأتباعهما من جنوب الصين لشمالها في مسيرة بلغت حوالي 12 ألف كيلو متر ، وبدأت بمائة ألف صيني شيوعي لتصل محطتها الأخيرة بعد عام كامل بعدد عشرين ألف منهم فقط ومات البقية جوعآ وتعبآ أو قتلوا أو فروا .

وأقصى ما تستطيع تايوان فعله هو اتباع استراتيجية النيص (حيوان يشبه السنجاب وجلده عبارة عن أشواك حادة تخيف حتى الأسد من مهاجمته) ، في محاولة يظنونها مجدية لتخويف الحزب الشيوعي من الإقدام على تحقيق الوحدة بالقوة ، ومعتمدين على البحرية الأميريكية المرابضة هناك Hang around من كوريا الجنوبية واليابان وغوام والفلبين .

وستعمد الصين للمفاجأة بدون انذارات مسبقة أو اتباع القانون الدولي في إعلان الحرب بالإنذار المسبق ، لأنها تعتبر تايوان جزءً منها (وهذا أمر حقيقي ومفروغ منه) ، ولن تلجأ الصين ابتداءً لإبرار بحري بل جوي كثيف يسبقه ضربات جوية قوية مكثفة بطائرات Dragon J-20 معززة بطائرات j-16 ، لضرب الدفاعات الجوية وبعض القواعد العسكرية التايوانية الهامة ، ثم الإبرار الجوي يرافقه ضربات بحرية ومركزة ومكثفة وضربات جوية من طائرات j-31 التي ستقلع من على متن حاملات الطائرات الصينية لضرب الدفاعات الساحلية ، تمهيدآ للإبرار البحري.

مع نشر مكثف لصواريخ DF-26 الباليستية الفرط الصوتية القادرة على تدمير حاملات الطائرات والقواعد الأميريكية في غرب الباسيفيك ، وذلك لتحييد أي اندماج أو انخراط قوي للأميريكيين دفاعآ عن حليفهم الصغير.

وستسعى الصين لإنهاء العملية العسكرية بشكل سريع قدر الإمكان لمنع أي محاولات للتدخل الأميركي أو تقديم مساعدات لتايوان ، والتي سيكون موقعها كجزيرة بعيدة منعزلة عائقآ أمام تكرار التجربة الأوكرانية وتلقي الدعم الغربي وخاصة الأميركي الكافي.

كما أن الصين ستستفيد من الخطأ الإستراتيجي الروسي في التجربة الأوكرانية بعدم الضغط المكثف والسريع الحاسم لإغلاق الأبواب أمام الغرباء.

وستتفاجأ أميركا بالعملية النوعية ، وستجد القوات الأميركية نفسها بمعجز عن دعم الحليف الصغير وإلا المخاطرة بإندلاع حرب أميريكية صينية ستنتهي بهزيمة القوات الأميريكية التي لم تعد تمتلك العتاد والعدة الكافيين لمحاربة أكبر أسطول وجيش في العالم في عقر داره وفوق صفحة مياهه ولن تستطيع أن تعول على جوقة الحلفاء الصغار من طيور النورس في مواجهة التنين الصيني وحلفائه الروس والكوريون الشماليون.

الذين بدورهم سيسعون لإثارة القلاقل آنذاك ضد الكوريين الجنوبيون ورفع مستوى التوتر لحافة الهاوية Edge of Abyss لإشغالهم عن محاولة تقديم الدعم للتايوانيين والأمريكان ، الذين سيجدون أنفسهم يعلنون تفعيل المظلة الأمنية لحماية اليابان وكوريا الجنوبية في حركة إعلامية استعراضية لحفظ ماء الوجه.

والذي سيسيل ويجف بشدة بعد نجاح الصين بإعادة ضم تايوان وإيذانآ بأفول النسر الأميركي عن الإنفراد بالمشهد العالمي وبدء الإنسحاب التدريجي من منطقة شمال الباسيفيك لجنوبه نحو شواطئ هاواي والسواحل الأسترالية والنيوزلندية لإعلان خط فاصل جديد بين مناطق النفوذ الصينية الأميريكية الباسيفيكية .

والصين مستعدة للوصول لأقصى مدى حتى لو خاطرت بحرب عالمية دفاعآ عن وحدة أراضيها وكرامتها ووجود الحزب الشيوعي ومستقبله وخاصة في ظل وجود تطلعات انفصالية في جنوب وغرب الصين من قبل التبتيين في التبت والأويغوريين في شينجيانج .

فالصينيون لم يعودوا على استعداد لاسترجاع ذكريات عصر التقسيم والمطامع الإستعمارية الذي شهدوه في القرن التاسع عشر وبالكاد خرجوا منه فى منتصف القرن العشرين ويدركون جيدآ أن تراجعهم أمام انفصال تايوان لا يعني مهانتهم على المستوي الدولي فحسب بل تهديد وجودهم كأمة ودولة واحدة ، وطبعآ سيصبح مستقبل الحزب الشيوعي الصيني آنذاك على المحك.

ومن المؤكد أنها ستكون استراتيجية حكيمة ، لو أن تعمد الصين قبيل عملية التوحيد ، لمعالجة مشكلاتها الحدودية مع جيرانها في بحر الصين الجنوبي فيما يتعلق بالسيادة على جزر بحر الصين الجنوبي محل الخلاف كجزر دياويو/سينكاكو مع اليابان وجزر سبراتلي مع الفلبين وبروناي وماليزيا وڨيتنام ، وجزر باراسيل مع ڨيتنام ، وجزر ناتونا مع أندونيسيا.

وعبر مبادرات تأسيس شركات مشتركة للتنقيب و وتقاسم الثروات وضخ استثمارات وأموال صينية في هذه الدول وضمان حرية الملاحة وعدم عسكرة الجزر بما يضر مصالح وأمن هذه الدول ، وذلك لإضعاف قوة الوجود والنفوذ الأميركي في منطقة الباسيفيك وشرق آسيا وضمان حد أدنى من الدعم والتأييد أو الحياد أثناء النزاع لإعادة تايوان للوطن الأم.

من المؤكد أن إعادة الوحدة مع تايوان لستضيف للصين قوة كبيرة ومهمة من كافة النواحي على رأسها ضم اقتصاد الجزيرة البالغ نحو 800 مليار دولار للناتج المحلي الصيني ، و تعزيز الوحدة الكاملة مع كل من هونج كونج وماكاو والتي تعيقها محاولة استمالة تايوان تحت شعار دولة واحدة ونظامان والذي يتضح عامآ بعد آخر أنه شعار دعائي أكثر منه واقع معاش.

والإستفادة كذلك من التكنولوجيا التايوانية الأكثر تطورآ والأكبر حجمآ في العالم في صناعة عصب الحياة الحديثة وهي الرقائق الإلكترونية Semiconductors عبر أكبر صانع في العالم لها وهي الشركة التاياوانية لتصنيع أشباه الموصلات TSMC ، هذا بالإضافة للفوائد الإقتصادية الأخرى و المزايا الإستراتيجية والسياسية والدعائية للدولة الصينية وللحزب الشيوعي الصيني حينئذ سواء على المستوى العالمي أو الإقليمي والمحلي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Brigands : حين تتزعم فاتنة ايطالية عصابات قطاع الطرق


.. الطلاب المعتصمون في جامعة كولومبيا أيام ينتمون لخلفيات عرقية




.. خلاف بين نتنياهو وحلفائه.. مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث ملف ال


.. تواصل فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب بمشاركة 25 دولة| #مراس




.. السيول تجتاح عدة مناطق في اليمن بسبب الأمطار الغزيرة| #مراسل