الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
محرقة غزة.. تبلور ضميرا جمعيا إنسانيا ينتصر لضحاياها
سليم يونس الزريعي
2024 / 2 / 16القضية الفلسطينية

لما كان التضامن مع أهل غزة في مواجهة المحرقة المستمرة مند 7 أكتوبر 2023 ، يبدو طبيعيا من قبل الشعوب العربية والإسلامية، لكن اللافت ويشكل غير مسبوق أن ما يجري ضد أطفال ونساء وشيوخ غزة خلق حالة إنسانية بما يمكن تسميته الضمير الجمعي الإنساني العالمي الذي تماهى مع ألم أهل غزة.
هذا الضمير كان متجاوزا للتقسيمات السياسية والجغرافية والإثنية والدينية والفكريةـ في شكله العفوي الذي انفجر في وجه المحرقة، كرد فعل إنساني واعي على جرائم الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة المحاصر منذ عام 2007، ليرسم هذا الفعل النبيل من الحراك الشامل عبر مشاهد الملايين من المتضامنين وهم يرفعون علم فلسطين وصور ضحايا المحرقة، واللافتات التي تساند أهل غزة، في معظم عواصم العالم في لوحة إنسانية فريدة من التضامن، تحت شعار أوقفوا المحرقة ضد أهل غزة.
واللافت في هذا التضامن هو أنه من قبل شعوب الدول التي طالما وقفت ضد تطلعات الشعب الفلسطيني السياسية وحتى الإنسانية، والانحياز الأعمى للكيان الصهيوني. وقد سجلت هذه الملايين من الجماهير من مختلف التوجهات الفكرية والسياسية والاجتماعية لوحة إنسانية فريدة في انحيازها الإنساني لأهل غزة، انتشرت على مساحة واسعة في عواصم الغرب الأوروبي وفي الولايات المتحدة الأمريكية، بأن جعلت من محنة غزة قضية داخلية لتلك الشعوب في مواجهة سياسات حكوماتها المؤيدة لكيان الاحتلال.
من ذلك أن أوروبا شهدت وقوفا شعبيا كبيرا مع الشعب الفلسطيني، "على عكس حكوماتها. وحسب النائب الأيرلندي في البرلمان الأوروبي ميك والاس، فإن أكثر من 90٪ من الشعوب الأوروبية يقفون إلى جانب الفلسطينيين المضطهدين".
لكن ألأكثر تجليا للبعد الإنساني في ما يجري ضد أهل غزة وكل مظاهر الحياة فيها هو تضامن أتباع الديانة اليهودية في أكثر من مكان في العالم وفي مناطق معاقلهم في الولايات المتحدة وأوروبا، وصل حد قيام المتظاهرين اليهود اقتحام الكونجرس للمطالبة بوقف الحرب ، فجرى اعتقال 300 شخص منهم، فيما اقتحم حاخامات يهود الأمم المتحدة واعتصموا في مجلس الأمن مطالبين بوقف الحرب على غزة وطالبوا إدارة بايدن بالتوقف عن استخدام الفيتو بالأمم المتحدة. وهذا التضامن اليهودي يدحض سردية الكيان وحلفائه المزورة حول أسباب المحرقة .
فيما لم يقف التضامن في دول أمريكا اللاتينية عند الشعوب، وإنما وقفت العديد تلك الحكومات موقفا سياسيا وإنسانيا متقدما عبر الانتصار لأهل غزة في مواجهة المحرقة، ودعم الشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه السياسية وإقامة دولته المستقلة.
وجاء موقف جنوب أفريقيا ليمثل ذروة الانتصار لغزة التي تجاوزت أشكال التضامن المعتادة إلى اعتبار أن ما يجري في غزة هو تدمير منهجي له بعده السياسي والفكري كونه استهدف الإنسان في ذاته كإنسان ليطال الأطفال كفعل متعمد في عملية اجتثاث محسوبة ضمن ذهنية القائمين على المشروع الصهيونية ، الذين يعيدون تكرار المجازر التي رافقت زرعه عام 1948، في حين أن من يتصدى لهم الآن هم أحفاد أولئك الدين قضوا في مجازر الكيان في عام النكبة.
وموقف جنوب أفريقيا الدولة والشعب التي هي ليست عربية أو مسلمة، جاء ليؤكد انتماءها للقيمة الأسمى وهي الإنسانية ، كونها تتمتع بحس إنساني مسؤول، يعي معنى الظلم الذي سبق أن اكتوت بناره لعقود طويلة، وهي لذلك توحدت في ألم غزة وأهلها ، واعتبرت أنها معنية ليس بالتضامن اللفظي ولكن بالفعل عبر تحريك دعوي قضائية أمام محكمة العدل الدولية انتصارا لغزة ضد الكيان الصهيوني ومؤسسته السياسية والعسكرية بضرورة وقف المحرقة.
ويمكن أن نسجل أن ظاهرة التضامن المستمرة مع أهل غزة ، جعلت بعض الدول تعيد قراءة المشهد لتبدو أقل تحيزا للكيان الصهيوني وتتحدث عن ضرورة إيجاد حل سياسي يمنع تكرار محرقة غزة.
إن ظاهرة التضامن التي شملت قارات العالم وشعوبها التي جعلت من الانتصار لأهل غزة قيمة إنسانية مطلقة ربما بلورت ضميرا جمعيا إنسانيا عالميا يتجاوز التقسيمات السياسية والجغرافية والعقائدية والعرقية ، لاشك أن من صنع هدا المتغير الإنساني فائق النيل، هو دم وأشلاء أطفال ونساء وشيوخ عشرات الآلاف من أهل غزة العزة والشهادة والصمود.
وأخيرا إننا في الوقت الذي نترحم فيه على الشهداء وندعو بالشفاء للجرحى والنصر لغزة وأهلها، نقدر أن هذا الضمير الجمعي الإنساني الذي انتصر لأهل غزة، هو ظاهرة إنسانية يجب أن تتعزز في مواجهة كل أشكال القهر والظلم المادي أو المعنوي في هذا العالم.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. موجات الحرارة تهدد قطاع الطاقة العالمي | #عالم_الطاقة

.. الاتحاد الأوروبي يعبر عن دعمه لجهود الوسطاء الدوليين من أجل

.. نتنياهو: قبلنا مقترح الوسطاء وهو اقتراح جيد يتوافق مع فكرة و

.. ترمب يجتمع بنتنياهو للمرة الثانية في واشنطن لمناقشة الوضع في

.. زيارة ماكرون إلى بريطانيا... استقبال ملكي وقمة حول الدفاع وا
