الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلادة موقفنا من غزة

اياد نجم
كاتب و باحث

(Ayad Najm)

2024 / 2 / 16
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


غالبا ما لا تكشف الحروب عن وجهها القبيح بشكله الحقيقي والفعلي , فحروب السيطرة التي شنتها ايطاليا على ليبيا واثيوبيا او تلك التي شنتها بلجيكا على الكونغو او فرنسا على الجزائر وبقية الدول الافريقية خلفت مذابح وجرائم اقل ما يقال عنها انها وحشية .
يذكر الصحفي بازيل دافيدسون في كتابه صحوة افريقيا فضائع يقشعر لها البدن قام بها البلجيكيون خلال احتلالهم للكونغو حيث بات سكان البلد يتناقص عددهم مائة الف كل عام من سنة 1891 ولغاية 1905 نتيجة عمليات القتل و قطع الايدي الذي مارسه هؤلاء بحق هذا الشعب الافريقي .
تلك صورة عن رجل اوربا الذي كان قد تشرَب الحرية والمساواة وحقوق الانسان وليس ذلك التاريخ ببعيد اذ اننا نتحدث عما هو لا يبعد عن زمننا سوى اقل او اكثر من ستين عاما.
ولذلك ليس ما يجري في غزة و الصفة الغربية اليوم بغريب و ليس مستغرب ان يكون حال النخب الثقافية والفكرية في اوربا كحال الشعوب هناك حيث يسود سكوت مطبق الا من فعاليات تشارك فيها بضعة مؤسسات حقوقية , مع ان البعض يعتقد ان تلك الفعاليات في الغالب مدفوعة ومدعومة من جالية اسلامية وعربية كبيرة تقيم في مختلف العواصم والمدن الاوربية.
و اذا كانت بعض جرائم تلك الحروب اختفت في مدافن التاريخ لانها لم توثق بالصوت والصورة و ظلت في مطويات الكتب التي لم تستوعب كامل المشهد , فأننا اليوم في عالم وسائل التواصل الاجتماعي لا نعدم ان نرى تلك الجرائم الموثقة يوميا , نراها رأي العين و يراها العالم معنا , ثم نتأثر لأسبوع او اسبوعين وبعدها تصبح من الما ضي , اذ البلادة تضرب كل جوانب حياتنا و لا حياة و لا حياء للبلداء .
ليس القبيح في الامر هو حالة التفرج التي تبديها الانظمة العربية والاسلامية عموما على شعب اعزل يتم حصاره ومنع الماء والطعام عنه وقصفه بكل انواع الاسلحة و ارتكاب جرائم لا نستطيع ان نمعن النظر في مشاهدها ثم نراها تقيم (موسم الرياض) او (مؤتمر المناخ COP28) او بطولة آسيا لكرة القدم , ليس ذلك بقبيح اذ انه ليس بغريب على تلك الانظمة الظالمة التي تسوم شعوبها الذل والهوان .
لكن القبيح هو الموقف البليد والباهت الذي تبديه النخب الثقافية الفكرية و المؤسسات العلمائية الاسلامية التي اكتفت ببضعة بيانات ومهرجانات خطابية و بضعة تظاهرات ما لبثت ان خفتت بعد ان طال امد الحرب , فما تعول عليه الصهيونية دوما هو عدم المطاولة والملل الذي تبديه الامة تجاه قضاياها المصيرية.
انها لنكبة في الشرف والمرؤة تلك التي تحدث فينا كما انها نكبة في الدين , لقد قام النظام التركي بفتح الحدود امام تدفق المقاتلين من ثمانين جنسية الى داعش والتنظيمات الاخرى في سوريا وكشفت شرطة الحدود التركية شحنة من الصواريخ التي ارسلها ذلك النظام الى ما يعرف بالمعارضة في سوريا حيث اثارت عاصفة من النقد واستغلتها المعارضة التركية لتكشف الوجه القبيح لرأس هذا النظام , و لكن شيئا من ذلك لم يحدث مع الفلسطينيين حتى على مستوى الطعام او الماء !!.
ان الامة الاسلامية مدعوة لوقفة اكثر جدية ازاء الاحتلال الصهيوني لاحد اهم المقدسات الاسلامية وان الموقف يتطلب اكثر من تلك الفعاليات التي تضحك الثكلى , ان القضية الفلسطينية تشكل عامل فريد لاعادة توحيد الامة الاسلامية على مستوى المواقف و على مستوى خلق حالة من الشعور بوحدة المصير الاسلامي والقدرة على خلق تأثير على المستوى العالمي .
ان الشعوب الاسلامية المملؤة غيضا وغضبا لتستطيع ان تعدل من مواقف نخبها و علمائها الذين يبدون تهاونا و ضعفا و استكانة.
كما ان الفرصة مواتية لتبديد الاوهام التي ساهمت في خلق الاسلام فوبيا عبر تقديم نموذج اسلامي جديد والتخلص من الموجة السلفية التي غطت على وجه الاسلام .


16/شباط / 2024








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية مع الفريق البر


.. حزب التقدم والاشتراكية يناقش العنف الرقمي ضد النساء، سبل الح




.. تداعيات الصراع القائم و آفاقه - د. موفق محادين.


.. س?بار?ت ب? ه??بژاردني خولي ش?ش?مي پ?رل?ماني کوردستان




.. بعد عام من 7 اكتوبر، حوار مع مصعب بشی-ر