الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما أبعد مقابرنا عن مقبرتهم في ʺمجاز البابʺ!!

كريمة مكي

2024 / 2 / 16
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


يوم دارت معركة حامية من معارك الحرب الثانية على أرض تونس المسالمة...سقط جُنْدٌ كثيرون.
يُقال إنّ منهم مسلمين هنود و منهم خاصّة مسيحيين و يهود.
أمرهم قادتهم بالتحوّل إلى بلد الأنس و السّلام ليتلاقى يومها، على أرض تونس الخضراء، جُند المحور و جند الحُلفاء و تسيل بينهما الدّماء!
و بعد أن أوقفت الحرب نارها و دمارها في دار ليست أبدا دارها، قام المنتصرون بتكريم الضحايا من كلّ الأديان فجهّزوا لهم مقابر غاية في الأناقة و الجمال أُطلق عليها اسم ʺمقابر الكومنولثʺ.
إحداها موجودة على طريق تونس- الكاف على مستوى مدينة ʺمجاز البابʺ.
كنتُ و أنا صغيرة أمرّ عليها عندما يأتي بنا أبي إلى العاصمة لجلب السّلع التي يحتاجها حانوته، و كانت تعجبني هندستها و نظافتها و لكني لم أكن أعرف عنها شيئا إلى أن كبرت و استرشدت فعلمت أنها مقبرة للأجانب ضحايا الحرب العالمية و أنّها مشمولة بعناية غربيّة دائمة حتى أنهم خصّصوا لها أعوان للمحافظة عليها و الاعتناء بالعشب و الأزهار التي فيها.
أتذكّر أنّي قلت وقتها: إنّهم يستحقّون أن يكونوا دولا متقدّمة ماداموا يهتمّون بمواطنيهم و هم أحياء و هم أموات...و جال ببالي حالنا... و حال مقابرنا!
منذ سنوات كانت والدتي تبالغ في تحذير والدي من خطر السّقوط في المقبرة عندما يذهب يوم الجمعة للترحّم على جدّتيʺلَلاَّ العيّاشيةʺ في مقبرة ʺالشّرفيينʺ في الكاف.
اليوم عندما أكون في الكاف، أمّي تُردّد عليّ نفس التحذير كلّما هممتُ بالذهاب إلى مقبرة ʺبنعنينʺ للترحّم على والدي أو الذّهاب للشرفيين عند جدّتي.
لماذا تُحذّرنا أمّي من وقتها إلى الآن من نفس المحذور؟!
لأنّ حال المقبرتين واحد و لا يعلم به إلاّ المسؤولين...و الزائرين العابرين أو المترحّمين على الرّاحلين: قبور متراصة تمرّ عبرها كأنّك تمرّ على الصراط في يوم الدين،،،أحجار مكدّسة في كل مكان،،،أعشاب طفيلية و أشواك،،، نفايات أشكال و ألوان!!
لكم أتمنّى أن أرى مقابرنا مُصانة و مهذّبة و مُريحة للموتى و للقادمين عليهم.
و لكن...
لماذا تظل هندسة مقابرنا مزعجة كهندسة بناءاتنا و قبور حياتنا؟
أين أنتم يا مهندسين؟؟؟
لماذا بيئة مقابرنا تملأها الزبالة و بيئة مقبرتهم تملأها الأزهار و لمسة الوفاء و صدق الاعتذار!
أين أنتم يا بلديين؟؟؟
ألم تروا مقبرتهم في مجاز الباب؟
ألهذا الحدّ بعيدة عنكم مجاز الباب؟
ألم ترونها و أنتم تمرّون عبرها إلى العاصمة في الذّهاب و الإيّاب!!
هل من يُجيب منكم أيّها المسؤولين و يرحم الموتى و الحائرين!
وهل من مسؤول، فيك يا بلدي، اليوم يقرأ... ليُجيب؟؟؟
و هل من مسؤول فيك يسعى حقّا و فيك اليوم يُفيد لندعو له بالخير و الرّحمة و ينال، بإذن السّميع العليم، نِعم أجر العاملين؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز