الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرحية زواج مُرتّب

رياض ممدوح جمال

2024 / 2 / 16
الادب والفن


تأليف : ألفريد شترو
ترجمة : رياض ممدوح جمال

الشخصيات : السيد هاريسون كروكستيد
السيدة ألن

المكان : ( نادي في ساحة جروسفينور قرب معهد للموسيقى. الساعة تقترب من
منتصف الليل. هناك حفلة راقصة تتزايد وموسيقى الفالس الحالِمة تُسمع
من بعيد. تدخل السيدة ألن، تستند على ذراع السيد كروكستيد).

(السيدة الن طويلة القامة، ترتدي النوع التقليدي والمحترم، كفتاة رائعة الجمال.
لو وضعت صورتها في معرض للوحات الفنية فستبدو حالاً كامرأة انكليزية
نبيلة. لديها في داخلــها كل المواصفات التي تظهرها كسيدة عظيمة. النظرة
الحادّة وحركة الكتف المتغطرسة والاقواس الضخمة للشفتين، فقط لو ان فناناً
خبيراً يلاحظ كذلك، انها تمتلك نظرة ذات حزن يعبّر عن قلب متألم ومجروح
في الحياة وهي تتحكم ارادياً لإخفاء ذلك وقد اتقنت هي هذه الاشياء؛ وممكن
ان يرسمها فنان وهي على جـــــمل في الصحراء، او ان مَلكاً شرقيا اتخذها
الزوجة رقم مئتان وسبعة وخمسون. باختصار انها سيدة تسيطر على نفسها
ذاتيا بشكل رائع. اما الســيد كروكستيد فهو رجــــل ضخم الجسم في حوالي
الاربعين من العمر، يبدو كــــانه رئيـــــــس للخدم يعلن بان سيدة المنزل غير
موجودة. ويجلس رغم ذلك بملابسه المسائية الحسنة المظهر؛ ويبدو كرئيس خدم
مزعج. فهو يتمايل في مشيته واضــــعا يديه في جيوبه، ويظهر لا مبالاته حين
يحدث الناس ولا يبدو عليه انه رجل محترم).
(الاثنان يدخلان الى الغرفة؛ السيدة الن عصبية، والسيد كروكستيد هادئ جداً)
كروكستيد : (ينظر حواليه) آه – هذا هو المكان – هادئ جداً وخالٍ ورومانسي
والخ. (موسيقى من بعيد) كل شيء ملائم وعاطفي. (يشير اليها ان تجلس
على كرسي يمين منضدة. تتحرك هي لتجلس على كرسي اليمين، وتجلس
أخيراً على كرسي اليسار) هل تبدين في غاية الهدوء، يا سيدة ألن؟
ألن : (تجلس) صالات الانتظار المُلحقة بصالات الرقص لا تبدو غير اعتيادية؛ يا سيد
كروكستيد. ولا صالات الانتظار تشبه أي صالات أخرى.
كروكستيد : أتساءل لماذا تكون المرأة دائماً مراوغة جداً؟
ألن : من رخصتكَ سوف لن نناقش موضوع المرأة. أنا وانتَ كبيران على السخرية،
وأصغر من ان نكون معجبان. والى جانب ذلك، هذه هي قاعدتي، كلما جلست
خارج قاعة الرقص، أتجنّب مواضيع المرأة والحرب الخاصة.
كروكستيد : اِنكِ تحدّدين مساحة النقاش – اِذن ، في هذه الحالة، انا أخطأتُ، ألم نأتي هنا
للتحدّث؟ (ينتقل الى اليمين ويجلس بجانبها)
ألن : (ببرود) انا أعتذر منكَ!
كروكستيد : (يجلس بجانبها) يا سيدة ألن، انهم هنا يرقصون رقصة الكوتيلون، لذا لدينا نصف
ساعة لنا. وسوف لن ننزعج من عمــــتكِ الدوقة المرابطة في الممر لمنع الدخلاء.
ألن : (مندهشة جداً) سيد كروكستيد!
كروكستيد : (يحدّق فيها) ألم تعلمي؟ (تستدير جانباً، محرجة) ذلك صحيح – طبعاً انكِ تعلمين.
ألا تعلمين لماذا جئتُ بكِ الى هنا؟ ذلك صحـــيح؛ طبعاً انكِ تعلمين. عمتكِ الدوقة،
وأمكِ الماركيزة، لاحظا كيف اني نطقتُ القابهما باعتزاز. اِبتسمتا وضحكتا علينا
حين غادرنا صالة الرقـــص. وبعد الغد سيكون هناك ملاحظة مدوّن فيها: " زواج
مخطط له فيما بيننا ".
ألن : (تنهض، متحيرة ومهانة) سيد كروكستيد ان هذا...
كروكستيد : (دائماً بنفس نغمة الصوت الهادئة) تعنين، لأنني لم أتقدم لخطبتكِ لحد الآن؟ بالطبع
أنوي ذلك، يا سيدة ألن. حالما اعلم انكِ تقبلين بي.
ألن : (تنهض، بنبرة صوت باردة) دعنا نعود الى صالة الرقص.
كروكستيد : (بهدوء تام) أوه، رجاءً! لن يفدنا ذلك بشيء، كما تعلمين. أجلسي. أؤكد لكِ بأنه لم
يسبق لي ان تقدمتُ لخــــطبة أي فتاة، لذا من الطبيعي ان اكون مرتبك ولا أُحسن
التصرف. (تتحرك السيدة ألن نحو موقد النار) بالطبع اعلم اننا حقاً رائعين، وذلك
ليس مجرد كلام؛ لكن روحي تقودني الى التواضع.
ألن : سمعتُ عن النادي الجديد ، يا سيد كروكستيد ، مع ذلك اعترف اني لم افهم منه
شيئاً. قد يكون هذا مثالاً رائعاً..
كروكستيد : لا على الاطلاق. احاول ان أتصرف بشكل لائق، ربما ليس كما يتصرف أياً كان.
وقبل ان اخطبكِ علىّ ان اطّلعكِ على اعمالي وثروتي التي تزيد قليلاً عن الثلاثة
ملايين ..
ألن : (تحرك المروحة اليدوية على وجهها) كم ان الناس يبالغون! سمعت انها ما بين
الستة الى السبعة.
كروكستيد : ثلاثة فقط في الوقت الحاضر، لكن يجب ان نكون صبورين. وقبل ان أركع عند
قدميكِ، واخطبكِ، اتلهف الى ان تعـــــرفي كل شيء عن الرجل الذي توشكين ان
تتزوجيه.
ألن : ان هذه مراعاة كبيرة منكَ لشعور الآخرين!
كروكستيد : بما انه لديكِ الكثير من الاصدقاء الاعزاء، الذين اخبروني بكل شيء عنكِ، كما
ترين، فان شعوركِ يهمني جداً.
ألن : (تبدو عليها علامات الغضب، لكن تحافظ على هدوئها وتكبت غضبها) حقاً؟
كروكستيد : على سبيل المثال، اعلم ان هذه هي تاسع خطوبة لكِ.
ألن : (تعض على مروحتها) انكَ على اِطلاع كافٍ.
كروكستيد : لقد تم اِخباري بذلك، ثلاث مرات، في هذه الليـــلة، من قِبل الشابات الحسناوات
اللواتي اُقسم انهن يحبونكِ. بينما انا هنا ليس لي أصـــدقاء، فمن غير المحتمل ان
تسمعي من احد أي شيء يتعلق بي. ولهذا يُفترض بي تنويركِ.
ألن : (بسخرية) كم هي مثيرة.. قصة حياتك!
كروكستيد : انا على يقين انكِ تجدينها هكذا. (يجلس. ويتوقف عن الكلام لحظة، ثم يبدأ الكلام
ثانية، وبشكل هادئ جداً) ايتها السيدة ألن، انا رجل عصامي، ويمكن للشيطان ان
يتحدث الكثير عن فترة الحمــــاقة.. فان أي رجل يقضي سنوات من عمره المبكر
بالطيش والحماقة. انا كنتُ فقيراً، ووحـــــــيداً، لاثنان وثلاثون سنة؛ وكنت غنياً،
ووحيداً، لعشر سنوات. ملاييني كسبتها بالعمل الشريف بما فيه الكفاية. لكن البؤس
والحرمان تركا أثــراً عليّ، وانــــتِ ستجدين اني لدي القليل من الاصدقاء، ولكنهم
غير راضين عني كثيراً. ولم يتم صـــــقل معارفي، او ثقافتـــــي وذوقي. وان الفن
والادب قراءتها تدفعاني الى النوم.
ألن : حينما تتحدث عن ما ينقصك، يا سيد كروكستيد، رجاءً تذكر بانه بإمكاني
ملاحظتها بما فيه الكفاية.
كروكستيد : (بدون أي اثر للانزعاج) ذلك صحيــــح. اذن، سأنتقل للحديث عن الأمور الأكثر
أهمية. عصري الذهبي كان في مدينة صـــغيرة مرعبة في استراليا.. قابلتُ امرأة
واحببتها. وهي كانت مـعروفة على انها امرأة سيئة. هربَتْ مع رجل آخر. تعقّبتها
الى مدينة تكساس، ووجدـتهما في مجمّع للتعدين فضربتُ الرجل. وأردت استرجاع
المرأة، لكنها رفضـت. وكان ذلك هو حــبي الوحــــــيد؛ ولم ولن أُحب امرأة اخرى
سواها. أعتقد ان هذا هو كل ما لدي لأخبركِ به. والآن.. هل ستتزوجينني، يا سيدة
ألن؟
ألن : (بثبات صلب، تواجهه) ليس اذا كنتَ آخر رجل في العالم، يا سيد كروكستيد.
كروكستيد : (مع ابتسامة لطيفة) على الاقل ذلك هو تأكيد جيد.
ألن : أترى، سأمنحك ثقة فوق ثقتكَ. كما اِفترضتَ، هذه هي تاسع خطوبة لي. العيش في
بيئة سخيفة، تعتبر ان اهم هــــدف في الحياة هو الزواج من رجل غني. وانا خلال
الاسابيع القليلة الماضية عملتُ بكل ما في وسعي ان تكون مبادرة الخطوبة هي منكَ
انت.
كروكستيد : انا اُثمّن موقفكِ هذا.
ألن : ربما المعرفة بالنساء الأخـــــــريات تعطيك هذا الاندفاع، ولو لا هذه المعرفة لكنتَ
كئيباً في خطوبتكَ؛ واصارحكَ بأن شخصيتك لم تجذبني.
كروكستيد : (بمرح) شكراً جزيلاً.
ألن : على الرحب والسعة. حقاُ، ان هذه الغرفة هي قصر الاعتراف بالحقيقة، فسأكون
صريحة بانه كان مجرد التفـــــــكير بملايينكَ الثلاثة يلغي المعاناة التي تلقيتها من
الاجتــــــماع بك. والآن هل ستتزوجني، يا سيد كروكستيد؟
كروكستيد : (بصفاء) هذا ما أعتقد انه سبب وجودنا هنا، أليس كذلك؟
ألن : (تدقّ بقدمها على الارض) بالطبع، لدي كره للعلاقات الغرامية المخزية التي تمتد
الى فترات طويلة؛ لكني أحببت جندياً وهو ابن عم لي، وكدتُ ان أهرب معه وامي
وقفت حائلاً بيننا. فذهب هو الى الهــــند، وانا بقيتُ هنا؛ لكنه هو كان حبي الوحيد
وسيبقى. بالإضافة الى ذلك، دعني اخبــــــرك بأني الآن في الثامنة والعشرين من
العمر؛ وعشتُ دائـماً فقيرة.. فأكره الفقر، وان تأثير الفقر عليّ ليس أقل من تأثيره
عليكَ. وقد أفسدني. المـــــلابس هي أكثر ما أهتم به في الحياة، وفي هذا انا كثيرة
التسوّق بشكل فضيع. ولأكن صريحة معكَ أكثر، اني اعتبركَ اكثر شخص فظاظة
عرفته في حياتي. هل لازلت تريد الزواج مني، يا سيد كروكستيد؟
كروكستيد : (بانتهاج ثابت) ولِمَ لا؟
ألن : هذه اِهانة. هل تعتقد، اني حصان، او راقصة باليه؟ هل تتصور أني ابيع نفسي لكَ
من اجل ملايينك الثلاثة؟
كروكستيد : من المنطقي والواضح، يا عزيزتي ألن، انه ليس لديك ميزة خاصة تتميزين بها.
انتِ كنتِ ستقبلين بي دون أن أُمهّد لذلك، أليس كذلك؟
ألن : (مُحرَجة) أنا أنا..
كروكستيد : هل كنتِ ستقبلين بي، لو جئتُ بشكل خجول وقلتُ لكِ: "يا سيد ألن، انا احبكِ، وانا
شخص بسيط وفقير؛ وهل كنتِ ستقولين: " نعم، يا سيد كروكستيد، انا اقبلكَ ".
ألن : انها رحمة اِن هربت من الزواج برجل مثلكَ، أسمه في المسيحية يدعى هاريسون
كروكستيد.
كروكستيد : من الغريب ان اسمي نادر جداً كما تعرفين. ولكنه متداول في عائلتنا منذ أجيال.
ألن : هذا لا يفاجئني؛ فهو اسم غير مُحبّب.
كروكستيد : يا سيدة ألن، ان امــــــــتلاك الملايين، يضع صاحبه في محجر صحي الى الابد.
الامتلاك نوع من الحمّى الصفراء، على خلاف أولئك الناس الذين يشكون الفقر
بعضهم لبعض دائماً. لقد استطردنا في الحـــــديث. نعود للسؤال عن زواجنا..
ألن : عذراً لكَ.
كروكستيد : افترض بانه.. رُتّب الزواج؟
ألن : (بغطرسة) دعني اُذكّـــــركَ، يا سيد كروكستيد، ان الصراحة لها حدود؛ وعندما
تتجاوز حدودها تصبح صلافة. حان الأوان ان تصحبني الى صالة الرقص (تتجه
نحو الباب).
كروكستيد : أعتقد، انه لديكِ خمس أخــــوات، يا سيدة ألن؟ (تتوقف ألن لوهلة) جميعهن أصغر
منكِ، وكلهن في سن الـــــزواج، وهنّ غير متزوجات؟ (تطأطأ ألن رأسها وتبقى صـــــامتة).
كروكستيد : ووالدكِ..
ألن : لا تتفوه بكلمة عن والدي!
كروكستيد : والدكِ رجل محترم. وهو من النادرين، ومن الفخر ان يكون لكِ أب مثله. لكنه فقير
جداً ومُعدم. الناس في هذه الأيــــــام يتزوجون الفتاة من اجل المال؛ وأمك ستحزن
كثيراً جداً اِن فشلنا نحــــــن في الاتفاق على الزواج.
ألن : (تتجه نحوه خطوة) هل هي مسؤولية امــي، اِن كنتَ انتَ راغب في زواج مني؟
كروكستيد : حسناُ، كلا. لكن كما ترين انه يتوجب عليّ ان اتزوج امرأة ما، لمجرد الحاجة الى
ذلك؛ وللأمانة، اعتقد انكِ على الاقل أصلح من غيركِ. (تنفجر ألن بالضحك)
كلامي هذا يجعلك تضحكين؟
ألن : لو كان لديكَ أدنى شعور، لعرفتَ انه لا يمكن لرجل محترم ان يُكلّم امرأة كما
كلمتني انتَ.. (تتوقف عن الكلام).
كروكستيد : نعم؟
ألن : سأدعكَ تنهي حديثك.
كروكستيد : شكراً لكِ. سأنهيه أنا بطريقتي. انا أقول بان امرأة تحاول ان تُجبر رجلاً على
خطبتها دون ان تحبه هي، تستحق ان يكون الكلام معها كما تكلمتُ انا معكِ، يا
سيدة ألن.
ألن : (باحتقار) حب! وما علاقة الحب بالزواج؟
كروكستيد : عبارتكِ هذه لها صدى كبير. من الجيد انكِ اخبرتني بما فيه الكفاية عن ابن عمكِ،
ذلك الذي أحببته..
ألن : نعم؟
كروكستيد : مع مَن كنتِ الآن هاربة معه، لو لم تمنعكِ أمك.
ألن : بكل تأكيد كنت سأهرب معه.
كروكستيد : اذن ترين ان التفكير يختلف من فترة الى أخرى.. هل انتِ مولعة به جداً؟
ألن : سبق ان أخبرتكَ.
كروكستيد : (يتأمل) لو كنتُ أنا في مكانهِ هو، سواء كانت موجودة أمك أم غير موجودة، سواء
كان هناك مال أم لم يكن، لكنتُ قد حملتكِ على الهرب. اتمنى لو كنتُ لطيفاً لأكون
محبوباً من قبلكِ، يا سيدة ألن.
ألن : (تخفض راسها بأدب وهمي، تجلس على الأريكة) هذا لطف منكَ.
كروكستيد : (مازال يفكر بتأمل، يتنقل في الغرفة) لو كنتَ ملكاً، فمن الجيد ان تصنع الملوك.
اين هو ابن عمكِ الآن؟
ألن : في امريكا. لكني أعتقد اننا قد انتهينا من هذا الموضوع؟
كروكستيد : هل تتذكرين " الف ليلة وليلة" يا سيدة ألن؟
ألن : شيئاً قليلاً جداً.
كروكستيد : على الأقل، لابد انكِ تتذكرين الخليفة هارون الرشيد؟
ألن : أوه، لا.. لكن لِمَ هذا السؤال؟
كروكستيد : المليونيريون هم الخلفاء هذا اليوم؛ ونحن نطلب ان يكونوا اكثر فائدة للغير من أي
وقت مضـــــى لكي ننحني لهم. ومثل ذلك الوغد الكبير السن هارون، الذي نسمح
لأنفسنا أن نجلّه بعض الاحيان. ما هو عنوان ابن عمّك؟
ألن : أتسأل للمرة الثانية.. لماذا؟
كروكستيد : سأجعله قادراً على ان يتزوجكِ.
ألن : (متفاجئة جداً) ماذا! (تنهض).
كروكستيد : آوه، لا تقلقي، انا سأتصرّف وبكل سرور. سأجعله مديراً في واحدة من شركاتي،
وسأمنحه اِكراميات، وحصّة في الارباح. اُخمّن ان دخله السنوي سيصل الى أربعة
الاف. بإمكانكما ان تعتاشا على ذلك.
ألن : لا يمكن ان تكون جاداً؟
كروكستيد : أوه، نعم؛ ومع ذلك قد لا يحبني الرجال، أما انتِ فقد تثقي بكلامي دائماً.
ألن : ولماذا انتَ تفعل ذلك؟
كروكستيد : سمّيها نزوة.. سمّيها رغبة فظّة في ان أرى الاندهاش في عينيكِ. على الأقل سمّيها
رغبة فظّة في ان أرى المال الذي لدي جعلكِ سعيدة مع الرجل الذي أحببته.
ألن : ذلك كرم منك.
كروكستيد : أتذكر قصيدة قديمة تعلمتها في المدرسة.. والتي مضمونها هو ان فريدريك العظيم
اراد شراء طاحونة مجــاورة لأرضه المفضّلة لديه؛ لكن الطحان رفض البيع. كان
بإمكان فريدريك ان يطرده مــــنها، بالطبع.. في ذلك الوقت لم يكن هناك راي عام
مؤثر.. لكنه احــترم رغبة الطــــــــحان، وترك ملكه له. في الوقت نفسه وفي ذلك
الزمان، سرق مقاطعة سليسيا، وضمّها الى مقاطعاته.
ألن : آه..
كروكستيد : (ينتقل الى قرب الموقد، " يغني اغنية باللغة الفرنسية ". تتوقف الموسيقى).
ألن : هل تتكلم اللغة الفرنسية؟
كروكستيد : انا مولع بهذه الاغنية انها تمثل الصدق والاخلاص في اللغة الفرنسية.
ألن : ورغم ذلك يبدو عليكَ الإخلاص لها.
كروكستيد : اسمح لنفسي ببعض الترف في الليل، فأغني هذه الاغنية. ولنقل، افتح لي قنينة
واحدة من النبيذ المعتّق الموجود لديّ في القبو.
ألن : ربما، انك لا تُنصف نفسك.
كروكستيد : لا تدعي موقفي الجديد من ابن عمكِ يغير رأيكِ بي. فقد أعلنتُ قراري، وانتهى.
ألن : أي قرار؟
كروكستيد : انا كنتُ أقل الاشخاص، قبولاً لديكِ، من جميع الذين التقيتِ بهم.
ألن : كانت تلك مبالغة.
كروكستيد : بل كنتُ الاكثر بغضاً.
ألن : انا لم أقل ذلك.
كروكستيد : والذي يتباهى من انه مرفوض. هذا حقيقي جداً، وصحيح الآن ايضاً! تعود ثروتي
الى العشر سنين الماضية فقط؛ وقبل ذلك عرفت الجوع، وكل أنواع الحزن واليأس.
وبسطت ذراعين طويلين نحـــــو العالم، لكن لا قلب فُتح لي. وعندما تذوقت قسوة
الحياة في فمي، نزوة تملّك الثروة انتشلتني من الفاقة البائسة ومنحتني هوس الثروة.
انا كنتُ احرث الحقول القاحلة، وازيح الصخور. وحينها ابتدأتُ بالخطوات العنيدة.
وساعدت بعض الاصــــدقاء، وهم قِلّة.. ثم ابتعدوا عني مزمجرين لأنني لم اعطهم
أكثر. امطرت كل من أراد مني المال.. فلعنوني لأنه كان لدي المزيد. في حالة الفقر
كانت هناك رابطة الحزن المشترك تجمعنا بالأصدقاء، وفي الغنى عاداني الجميع
ويريدون كل ما في يدي.
ألن : (بلطف) ولماذا تخبرني بكل هذا؟
كروكستيد : لأني لن أطلب منكِ بعد الآن ان تتزوجيني لأنكِ اول شخص يتحدث معي بصراحة
وصدق طوال هذه السنوات. وربما، لآنه في السعادة التي ستتحقق، انا صادق معكِ،
واريد ان تأخذي فكرة جيدة عنّي. (تأخذ ألن بيده) والآن، ألا نعود الى صالة الرقص؟
توقفت الموسيقى ولابد انهم ذاهبون الى العشاء.
ألن : ما الذي سأقوله الى المركيزة أمي، والى الدوقة عمّتي؟
كروكستيد : ستحيطين أولئك السيدات النبيلات علماً بانكِ قد رفضتني.
(ينهضان كلاهما، ويصعدان الى الغرفة سوية)
ألن : ستكون ايامي في غاية السعادة. لكن كيف ستتصرف لتنفيذ مخططكَ؟
كروكستيد : سأحجز على رِحلة يوم السبت.. وانتِ ستعطيني رسالة الى ابن عمكِ. أليس من
الافضل ان أوضح له كل شيء؟
ألن : انه التصرف السليم.
كروكستيد : وسأخبرك ما الذي عليكِ ان تفعلينه لي في المقابل. ان تجدي لي زوجة.
ألن : أنا؟
كروكستيد : نعم، انتِ. واركع على قدميّ واطلب منكِ ذلك. واعطيكِ الصلاحية المطلقة. اعدكِ
ان اقبل أي زوجة تختارينها انتِ لي، وعيناي مغلقتان.
ألن : ألا تناقش الامور معها كما ناقشتها معي؟
كروكستيد : لا. ناقشتُ تلك الأمور معكِ لأني أحببتكِ.
الن : ألا تنوي ان تحبها؟
كروكستيد : انا سأتزوجها فلا علاقة الحب بذلك، انا واثق انه بإمكانكِ ان تجدي لي امرأة مُحبّة
وذكية.
الن : من هذا الوسط الاجتماعي؟
كروكستيد : ذلك أفضل. فهي ستكون اعلم بصرف الاموال من ابنة الريف الجاهلة.
ألن : لكن لماذا هذا الاندفاع للزواج؟
كروكستيد : يا سيدة ألن، انا مضطهَد وقلق ومتضايَق ومطارَد. اِن لم تساعديني انتِ، فأن امرأة
لعوبة ستأسرني.. انا اتوقع ذلك.. وستنغّص علىّ بقية حياتي. اتوسّل اليكِ جدي لي
زوجة.
ألن : هل ترغب بمواصفات خاصة للمرأة؟
كروكستيد : لا.. سيدة بمواصفات محلية عادية. ومع ذلك، هناك شيء واحد، عليّ ان أحبها لكي
تكون.. رحيمة.
ألن : انا لا أفهمكَ.
كروكستيد : لدي رغبة مبهمة ان تتصرف بأموالي كما اتمنى: ان تساعدني زوجتي. أحبها ان
تكون رحيمة وشفوقة.
ألن : شفوقة؟
كروكستيد : ان تعتدل في صرف ثروتها واتمنى ان تشفق على الفقراء.
ألن : نعم. وبالنسبة للبقية من المواصفات..
كروكستيد : البقية أتركها لكِ، لثقتي الكبيرة بكِ. فهل ستساعدينني؟
ألن : سأحاول. هل سيكون خياري الوحيد؟
كروكستيد : بالتأكيد.
ألن : لدي صديقة مقرّبة مني جداً.. اتساءل اِن كانت ستوافق؟
كروكستيد : اِخبريني عنها.
ألن : كنا أنا وهي في نفس الصف. وهي مثلي لديها أم يائسة من تزويجها.
كروكستيد : لأنها لحد الآن لم..
الن : تتزوج.. نعم. أوه، لو ان الرجال يعرفون مدى قلّة حظها ونصيبها، تلك التي عليها
ان تجلس وتبتسم وتنتظر بقلب خاوٍ جداً.. وربما من الممكن انهم يفكرون بها بسوء
ربما.. (تبتسم) لكني اسهبت بالحديث، أيضاً.
كروكستيد : اِخبريني اكثر عن صديقتكِ.
ألن : هي قاسية في ظاهرها، وجوهرها كالشمعة، لكني أحب ان يذيبها شروق الشمس.
ولم تكن سعيدة في حياتها.
كروكستيد : هل يمكنها ان تتزوج رجلاً لا تحبه؟
ألن : واِن فعلت ذلك يمكن ان لا تحترمها؟
كروكستيد : انا لم أقل ذلك. فهي ستكون خياركِ؛ فإنها ستستحق الثقة. هل هي جميلة؟
ألن : حسناً.. لا.
كروكستيد : (مع لمحة سريعة اليها) شيء مؤسف. لكن لا يمكننا ان نحصل على كل شيء.
ألن : كلا. هناك حادث صغير في حياتها اعتقد انها تحب ان تعرفها..
كروكستيد : ان كنتِ تقولين الصدق ولم تخوني الثقة التي أوليتكِ اِياها..
الن : (تنظر للأسفل) لا. انها أحـــــبت رجلاً قبل سنوات كثيرة. ولم يتمكنا من الزواج
لحاجتهما المادية، لكنهما تعاهدا على انتظار أحدهما الآخر. وبعد ستة أشهر عَلِمَت
انه قد تزوج.
كروكستيد : آه!
ألن : تزوج ارملة غنية وسمينة..
كروكستيد : القصة الكلاسيكية القديمة.
ألن : هي كانت في جولة في الهند. فاختارته.
كروكستيد : الهند؟ (يتجه نحوها).
الن : نعم.
كروكستيد : لدي فكرة هي اني سأحب صديقتكِ هذه. (يأخذ كفيها بين كفيه).
ألن : سأخبرها بكل التفاصيل التي قلتها لي .. منذ البداية..
كروكستيد : من المحتمل ان ليس كل كلامي ينطبق عليها.
ألن : لكني أعتقد من خلال معرفتي بكما انتما الاثنين بانها – اِن تزوجَتكَ – سوف لن
تكونا – متطابقين – بما يخص أموالكَ.
كروكستيد : انظري، يا ألن.. انهما يلعبان لعبة " الله يحفظ الملك " هل ستكونين زوجة لي، يا
ألن؟
ألن : نعم.. يا هاريسون كروكستيد.
(يمسك يداها ويُقبّلها)

ســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا