الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-مجلة أنفاس: من المنتدى الأدبي إلى المنتدى السياسي--3

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2024 / 2 / 16
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


عندما ظهرت المجلة لأول مرة، كان المقصود منها أن تكون غير رسمية. وعلى مدار القضايا ظل يتطور التصميم والمحتوى عملا بمبدأ المرونة. لم يتم تحديد عدد الصفحات مسبقًا وسرعان ما فسح الغلاف الأبيض والأسود المجال للتلوين. إنه في دائرة الضوء من العدد الثالث: تبرز ساحة soufflesالآن على خلفية بسيطة ذات ألوان زاهية، والتي تتغير من إصدار إلى آخر. العنوان الفرعي للمجلة تغير أيضًا. ومن العدد الثالث، نزل مصطلح "شعري" إلى الخلفية لإبراز الجانب الثقافي والبعد العابر للحدود والثقافية المغاربية" (أو "المراجعة الأدبية والثقافية المغاربية")
ويمكن ملاحظة نفس المرونة فيما يتعلق بالمحررين وتقسيم المحتوى لأن المجلة تؤكد على حريتها في المضمون كما في الشكل. إن انفاس برزت بين المراجع الصحفية، ولا يتم تحديد موعد: الملخص ليس هو نفسه أبدًا (على الأقل حتى العدد 9)، واختلف المتعاونون والاقسام باستمرار، وإذا كان تخطيط الملخص يميز الأقسام الفرعية؛ مصطلح "القسم" لا يستخدم أبدا. وسرعان ما أضيف الموقعون العاديون إلى الفريق الأولي: مالك علولة، أحمد البوعناني، عبد الكبير الخطيبي، عبد الله ستوكي، برنار جاكوبياك-1 Bernard Jakobiak ، عبد العزيز منصوري، عبد القادر لقطع، وطوني مريني Toni Maraïni -. وتم إضافة قسم السفر والمتحدثين في جميع مناحي الحياة إلى القائمة. ويمكننا أن نستشهد بمتعاونين عرضيين مثل، على سبيل المثال، الشاعر الفرنسي أندريه لود- André Laude -، والشاعر الهايتي رينيه ديسبيستر- René Despestre -، أو الكاتب المسرحي المارتينيكي دانييل بوكمان - Daniel Boukman. -.
---------------------------------
1 - امتهن التدريس لمدة 6 سنوات في المغرب قبل الرجوع الى فرنسا. وبينما بدا كل شيء متجهًا إلى التقاعد المجتهد في الكتابة، كان عليه أن يصبح كاهنًا للكنيسة الأرثوذكسية في فرنسا، وهو مسؤول عن أبرشية تيوفاني في مونبلييه وأيضًا دورات اللاهوت في باريس.منذ الطفولة، اهتم بالشعر- كشخص بالغ- أصبح الشعر ضرورة في محاولة العيش. وقيل انه عاش الشعر في تعصب بروميثوسي في مجلة "souffles" في المغرب مع عبد اللطيف اللعبي ورفاقه.
---------------------------------
تنظيم المحتوى
في البداية، كان المحتوى مطابقًا لما تم الإعلان عنه في "البيان التمهيدي" لأنه على الرغم من أن تقسيم المحتوى يتغير باستمرار، إلا أن هناك محورين رئيسيين يعطيان الخطوط التوجيهية: المجلة هي في نفس الوقت، مساحة للإبداع ومساحة للإبداع ومساحة للتأمل. وبالتالي فإن الإبداعات الأدبية والنصوص الجدلية تشترك في المحتوى.
من ناحية أخرى، كانت المجلة تسعى إلى "أن صبح مركزًا وبؤرة للمناقشات حول مشاكل الثقافة"2: وبالتالي فإن النصوص التي تحتوي على مواقف تحتل مكانًا مهمًا في المجلة (حوالي ثلثي الصفحات). وهي مقسمة على النحو التالي:
* الافتتاحيات
* مجلدات خاصة
* "سجالات"
*" فعل "- action
*"تحليلات"
* "مواقف"
إلى هذه الأقسام المنتظمة، يتم أحيانًا إضافة أقسام أخرى: السير الذاتية على سبيل المثال، أو في إصدارات
"التسلسل الزمني" (للشعر المغربي ما بعد الاستقلال) وكذلك "معجم" المصطلحات لمساعدة القارئ على الفهم.
-----------------------------------
2 - souffles، رقم 1، الربع الأول 1966، “المقدمة”، ص 6.
------------------------------------------------------

تطور المجلة
منذ البداية، كان لأنفاس هدف مزدوج: أن تكون مجلة شعرية وأدبية ولكن أيضًا أن تشكل منتدى وفضاء للنقاش حول القضايا الثقافية. في الواقع، سوف تتطور تحت هذه القبعة المزدوجة خلال العامين الأولين. وبسرعة كبيرة، وسعت آفاقها وتطلعت إلى مجالات ثقافية متعددة. ظل الشعر والأدب يظهران ولكن لم تعد لهما خصوصية: فأصبح أيضًا الاهتمام بالسينما والثقافة الشعبية والمسرح والفنون التشكيلية. واصبحت المجلة تقدم نفسها كمنتدى مفتوح، فهي تعطي صوتًا للمؤلفين وصانعي الأفلام والفنانين التشكيليين المثيرين للجدل. و تنشر المزيد من التحليلات حول الوضعية الثقافية في المغرب، وهي تحليلات تذكر توجهاتها بتوجهات فرانز فانون: إنها مسألة "ثقافة متحررة من الاستعمار"، وإعادة تأهيل التراث الشعبي، وتنوير الثقافة الوطنية ودورها, ومسؤوليات مثقف العالم الثالث أمام كل هذه الأسئلة. وفي نهاية 1967، أعادت المراجعة الشعرية توجيه نفسها تدريجيًا إلى المراجعة الثقافية.
وشكلل عام 1968 نقطة تحول. أولاً، لأن المجلة أصبحت ثنائية اللغة العربية والفرنسية- الأعداد 10-11، و12، و13-14 - ولكن قبل كل شيء، العدد 9 (نُشر في بداية عام 68) حمل بدايات التعديل -الملف المخصص لـ "مؤتمر هافانا الثقافي" يملأ المجلة بخطاب ذي إيحاءات ثورية، وهو الخطاب الذي سيفرض نفسه فيما بعد. وفي العدد 12 يظهر توقيع جديد وهو توقيع ابراهام السرفاتي. هذا الناشط الشيوعي داخل حزب PLS ("حزب التحرير والاشتراكية") - PLS -، معروف لدى القراء كعضو اسابق في ("الحزب الشيوعي ") والذي بعد الاستقلال، واصل نضاله من أجل بناء البلاد، ثم شيئا فشيئا كمعارض يساري. 3
----------------------------------------------
3 - ك. الصفريوي، مجلة souffles، 1966-1973، آمال ثورة ثقافية في المغرب، الدار البيضاء، طبعات سيروكو، 2012، مقابلة ص 316.
---------------------------------------------------

كانت سنة 1969 نقطة التحول الحاسمة. لقد أصبحت الانتقادات أكثر حدة وشراسة: لم تعد هيئة التحرير مهتمة بشكل خاص بالمغرب العربي، فهي تهاجم النظام الرأسمالي، وتتحدث عن النضال ضد الإمبريالية وتحرير الشعوب. ومن الواضح أن الخطاب أضحى أكثر حزماً وأكثر تسيساً. ولا بد من القول إن الصراع الإسرائيلي العربي هز هذا الجيل الذي تابعه عن كثب. في أعقاب النكبة- هزيمة 67- وتساءل أعضاء الفريق عن أدوارهم ومسؤولياتهم، وواجبهم في إسماع صوت الاحتجاج. وخصصت انفاس –العدد 15 - للقضية الفلسطينية[4]. سيكون هذا العدد "خاص بالثورة الفلسطينية" في الافتتاحية بوضوح تغير اتجاه المجلة:
«(...) أصبح واضحًا لنا منذ عدة أشهر أن المراجعة الأدبية في الأساس يمكن أن تصبح، في نهاية المطاف، نوعًا من «الترف» (...) علاوة على ذلك، فهي تستجيب لرغبات غالبية القراء والأصدقاء الذين أقنعوا أنفسهم تدريجيًا وأن مجلتنا يمكن وينبغي أن تصبح أداة مناسبة للعمل والتواصل والقتال مفتوحة لجميع التخصصات. «
-----------------------------------------------------
4 -"القضية الفلسطينية، ومسألة الثقافة العربية المتأصلة في جذورنا لا يمكن إلا أن تستدعينا... لقد قمنا بالرحلة إلى الشرق بطريقة أخرى"، م. إلنيسابوري، انظر ك. الصفريوي، مجلة souffles، 1966- 1973- آمال. من أجل ثورة ثقافية في المغرب، الدار البيضاء، طبعات سيروكو، 2012، مقابلة ص 303.
------------------------------------------------
وتجسد التزام عبد اللطيف اللعبي بشكل متزايد، كتابيًا، وأيضًا سياسيا. وكان ينتمي إلى نفس الحزب الذي ينتمي إليه أبراهام السرفاتي، ويشهد الطاهر بنجلون:
"اللحظة الأكثر حسما كانت وصول إبراهيم السرفاتي...الأمور كانت سريعة. يمكننا أن نرى أن المناقشات داخل انفاس كانت أيديولوجية للغاية. كانت تعمل كاللجان السياسية، صارمة جداً..." (...) أنا والنيسابوري، على سبيل المثال، كنا مترددين قليلاً في السماح للالتزام السياسي الصارم بغزو المستوى الأدبي، مستوى الكتابة الشعرية»5.
--------------------------------------------------
5 – المصدر السابق
-------------------------------------------------

هذا التغيير في الاتجاه، والذي تبلور مع وصول السرفاتي، أحدث انقسامًا حقيقيًا داخل هيئة التحرير وشيئًا فشيئًا قرر العديد من الأعضاء الانسحاب من المشروع. البعض لم يعد يجد مكانه هناك، مثل الطاهر بنجلون ("لم تعد المجلة مكانا للتعبير الأدبي وأصبحت مكانا للصراع السياسي والأيديولوجي"6) أو مصطفى النيسابوري الذي قال
"(...) بالنسبة لي، كان على مجلة انفاس أن تظل مستقلة وأن تستمر في جمع التعبيرات المتنوعة وألا تعاني من تسلل مجموعات صغيرة"7).
-----------------------------
6 - 7 – المصدر السابق
---------------------------------------
ويرى آخرون، مثل برنارد جاكوبياك8 - Bernard Jakobiak، أنه انتعاش ماركسي، واغتراب للفكر:
«يمكننا القول إنني شاركت في مجلة souffles حتى المنعطف السياسي الماركسي اللينيني والسرفاتي الماوي. وفي رأيي أن السرفاتي كان يحاول بناء فكر ماركسي لينيني للعالم الثالث. وأنا، الماركسية اللينينية، تم تطعيمها..." 9.
-----------------------------------------------------
8 - امتهن التدريس لمدة 6 سنوات في المغرب قبل الرجوع الى فرنسا. وبينما بدا كل شيء متجهًا إلى التقاعد المجتهد في الكتابة، كان عليه أن يصبح كاهنًا للكنيسة الأرثوذكسية في فرنسا، وهو مسؤول عن أبرشية تيوفاني في مونبلييه وأيضًا دورات اللاهوت في باريس. منذ الطفولة، كان الاهتمام هو تعلم كيفية النظر. والشعر، كشخص بالغ، أصبح ضرورة في محاولة العيش. لقد كانت، منذ البداية، "الأكثر اطلاعاً على الأمر". وقيل انه عاش الشعر في تعصب بروميثوسي في مجلة "souffles" مع عبد اللطيف اللعبي، ثم في مجلة "باربار" حيث كانت "القصائد الكيلومترية" تنتظر التعامل معها كاللكمات.
9 – المصدر السابق
----------------------------------------------
ومنذ عام 1970، رحبت انفاس بالمتعاونين الجدد، وغيرت تصميمها وشكلها (تخلت عن الشكل والحجم واتجهت إلى الشكل المربع) وأصبحت تصدر مرتين في الشهر. وحتلت السياسة فيها مكانة متزايدة الأهمية من العدد 16-17: "العمل الأيديولوجي"، و"الأمة العربية"، و"نضالات العمال". وقد انفصل اللعبي والسرفاتي، ، عن احزب التحرر والاشتراكية. في عام 1971، أطلقت souffles مجلة أنفاس، وهي النسختة الشهرية باللغة العربية لمجلة souffles، وأصبحت المجلتان أداة للتعبير عن الاتجاهات المنشقة الجديدة في أقصى اليسار. وأصبح العديد من المحررين نشطاء، استخدم معظمهم أسماء مستعارة. وأصبحت المجلة مثيرة للقلق أكثر فأكثر وتقلق القائمين على الامور في البلاد، ولا سيما أنفاس، التي من الواضح أنها اجتذبت عددًا أكبر من القراء أكثر من souffles. وسيؤدي تسييس المجلة إلى اقتراب النهاية: ففي 27 يناير 1972، تم اعتقال اللعبي والسرفاتي وتعذيبهما واتهامهما بـ الإخلال بالنظام العام" 10.
-----------------------------------------
10 -. عبد اللعبي، سجلات قلعة المنفى، رسائل من السجن، باريس، طبعات دينويل، 1983، ص17.
A.Laâbi, Chroniques de la citadelle d’exil, Lettres de prison, Paris, éditions Denoël, 1983, p.17.

في الحلقة الموالية سيتم التركيز على الأعداد الـ 12 الأولى، التي نشرت بين عامي 1966 و1968.
_____________________ يتبع __________








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تأخذ استراحة بشكل صحيح؟ | صحتك بين يديك


.. صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة




.. أمام منزلها وداخل سيارتها.. مسلح يقتل بلوغر عراقية ويسرق هات


.. وقفة أمام جامعة لويولا بمدينة شيكاغو الأمريكية دعما لغزة ورف




.. طلاب جامعة تافتس في ولاية ماساتشوستس الأمريكية ينظمون مسيرة