الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط –18

حسام علي

2024 / 2 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


السياسة الفرنسية تجاه القضية الفلسطينية.
يستطيع كل متتبع لتاريخ القضية الفلسطينية أن يرى بوضوح دور الاستكبار الفرنسي الفاعل فيها، وجهده المبذول لإيجاد الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، ودعمه المميز له. كما يمكن القول بأن سياسة الاستكبار الفرنسي تجاه قضية فلسطين، تمثلت تخطيطا وتنفيذا ضمن مستويين اثنين، هما: المستوى الاول: علاقة الاستكبار الفرنسي بالكيان الصهيوني وقد تمثل هذا المستوى في مراحل ثلاثة؛ المرحلة الاولى وهي مرحلة الإعداد لإنشاء الكيان الصهيوني وتمتد ما بين سنة 1917 وسنة 1948. المرحلة الثانية وهي مرحلة تكوين وإنشاء الكيان الصهيوني وتثبيت وجوده. وتمتد ما بين سنة 1948 وسنة 1967م. والمرحلة الثالثة وهي مرحلة التوسع الصهيوني وتنقسم الى فترتين هما، فترة التوسع الصهيوني العسكري وتمتد ما بين سنة 1967 وسنة 1973م، وفترة ترويض الأنظمة العربية للاعتراف بالكيان الصهيوني وتبدأ من سنة 1973. وأما المستوى الثاني فقد تمثل بـــ : سياسة الاستكبار الفرنسي تجاه حركة التحرر الفلسطينية.
يتصف الاوروبيون ومنهم الفرنسيون، بالنفس الاستعلائي الاستكباري، والاتجاه التسلطي الاستبدادي خاصة تجاه المسلمين، وتتجلى هذه الحقيقة بوضوح من خلال تتبع وقائع التاريخ واستجواب أحداثه. ولعل الحروب الصليبية من أبرز الشواهد على ذلك. وقد تجسدت تلك النظرة وترجمت تلك الاتجاهات بشكل صريح وسافر بعد ما يسمى بـــ "الثورة الصناعية"، حيث انطلقوا بقوة وعنف للبحث عن مراكز نفوذ، ومناطق للسيطرة والاستعباد، فكانت بلاد المسلمين هي المحط، وكان المسلمين هم الهدف.
أما اليهود، فأن حقدهم على المسلمين قديم قدم الاسلام، وأن التاريخ ملئ بالمواقف اليهودية الهدامة، تجاه المسلمين والاسلام. فقد حاربوا الاسلام بكل ما يملكون من قوة وفن، وعلى جميع المستويات، فحاولوا أن يبثوا بين أفكاره المتينة وتعاليمه السمحة، سما قاتلا ويزرعوا انحرافات خطيرة، فكانت الاسرائيليات اللاتي ما ادخرن جهدا في سبيل ترويجها وتثبيتها، ولعل التفكير اليهودي التوسعي، وتطلعاتهم القديمة للعودة الى أرض الآباء والأجداد، وعملهم الدؤوب في تحقيق الآمال، كلها كانت بمثابة مظاهر حقد دفين وتعابير عن اساليب للانتقام.
لذلك عملت قوى الاستكبار العالمي على إيجاد الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، باتساق تام، فكان لكل منها دورها المرسوم في تنفيذ الخطة وتسيير العمل، وقد تميز هذا الجهد المبذول للاعداد لإنشاء الكيان الصهيوني ما بين سنة 1917 وسنة 1948م. وقد ساهمت فرنسا باعتبارها احدى الدول الاستكبارية العالمية، في إيجاد هذا الكيان، وشاركت في ولادته، وقد تجسد الدور الفرنسي هذا، في شكلين:
أحدهما: بالاشتراك مع الدول الاستكبارية الاخرى، كروسيا القيصرية وبريطانيا.
ثانيهما: دور مستقل خاص، وتأثيرات مباشرة.
وقد نضجت الفكرة الصهيونية، وطرحت بقوة وفعالية، عند قيام الثورة الفرنسية والفترة التي تلتها. وعندما قامت الثورة الفرنسية التي لعبت اليهودية الفرنسية فيها دورا خطيرا، قامت اليهودية العالمية بخدمات جليلة لحساب نابليون بونابرت، حيث تحول اليهود في أوروبا وفي الشرق العربي الى طابور خامس يعمل لحساب جيوش بونابرت، وتقديرا لتلك الخدمات التي تبلغ مرتبة الخيانة العظمى لشعوب دول روسيا القيصرية، أعلن نابليون تكوين هيئة السنهدريون، وكون فرقة من اليهود للذهاب بهم الى فلسطين، إلا أن المشروع لم يتحقق لظروف لم تكن مواتية.
ويظهر من هذا، بأن عملية تكوين فرقة يهودية، إنما كانت عبارة عن رد الجميل للصهاينة، وفاء للشروط غير المعلنة التي أبرمت بينهم وبين القادة الفرنسيين وقتذاك. والمتتبع لأحداث فرنسا، يرى أن جميع الحكام الذين اعتلوا دفة الحكم بعد الثورة الفرنسية، قد ساروا على النهج ذاته.
ويظهر أيضا، بأن الظروف هي العائق الوحيد الذي وقف أمام تحقيق المشروع ونجاحه، وهذا يؤكد ما ذكره المؤرخ ايلي ليفي ابوالعسل بأن فكرة بعث بني اسرائيل الى فلسطين طفقت تزداد سعيرا في ذهن نابليون، وكانت شغلا شاغلا له لأجل تغيير مجرى الامور في الشرق، ولم تكن حملة مصر إلا وسيلة لبلوغ هذه الغاية.
// السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط، من إصدارات المركز الاسلامي للأبحاث السياسية/1986م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شيرو وشهد مع فراس وراند.. مين بيحب التاني أكتر؟ | خلينا نحكي


.. الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟ • فرانس 24 / FRA




.. تكثيف الضغوط على حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النا


.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل يقترب إعلان نهاية الحرب في غزة مع عودة المفاوضات في القاه