الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقامة الغزّاوية ( 2 )

علي فضيل العربي

2024 / 2 / 16
الادب والفن


حدّث أيّوب بن أيّوب الغزّاوي ، قال : و أمّا ما جرى في السابع من أكتوبر 2023 لميلاد المسيح عليه السلام ، و للسنة السبعين عن النكبة الكبرى و فضيحة التقسيم ، فأمر عجيب ، لم يكن ينتظره عدوّ و لا صديق ، و لم نقرأ عنه في كتب اليونان و صحائف الرومان ، و لا فلسفة أرسطو و سقراط و أفلاطون و لا في قصص الف ليلة و ليلة ، و لا في إلياذة هوميروس و لا في كوميديا أليغري دانتي و لا في حكايات ( بقديدش و الغولة ) * . فقد أصاب قوم الصهاينة العمى في الأبصار و البصائر ، و تحقّق فيهم قوله تعالى : " و جعلنا من بين أيديهم سدّا و من خلفهم سدّا فأغشيناهم فهم لا يبصرون " ( يس / 9 ) **. فكان مثلهم كمثل كفار قريش في مكّة في ليلة الهجرة المباركة . فقد حلّق شباب غزة فوق غلاف غزّة كطيور الأبابيل و رمت الصهاينة الغزاة ( بحجارة من سجيل ، فجعلتهم كعصف مأكول ) *** . لقد غزا شباب غزّة العزّة غزوتهم الكبرى ، فعبروا جدارهم الأسمنتي ، الشائك ، المكهرب ، المرصّع بعيون كاميرات المراقبة و الجوسسة ، فوجدوا قوما ظالمين ، و في لهوهم غارقين ، فآسروا منهم خلقا كثيرا ؛ من الذكور و الإناث ، و الكبار و الصغار ، و ساقوهم إلى قلب غزّة صاغرين . و أخبروهم ، أنّهم ضيوفهم إلى حين ، و ما ضربوهم و لا أهانوهم و لا عذّبوهم و لا نكلوا بهم ، بل آووهم و أطعموهم و عالجوا جراحهم و أمّنوهم ، كما أمّنوا أنفسهم ، و دعوهم إلى الإسلام ، دين المحبّة و السلام .
أمّا ، و قد ادّعى كبراء قومهم ، من الساسة السفهاء و العسكريين الرعان ، بأن شباب غزّة العزّة ، قد عذّبوا و نكّلوا و قتلوا و قطعوا رؤوس الأطفال من قوم الصهاينة ، فهو محض كذب و افتراء و تلفيق و بكاء تماسيحي على حائط من سراب ، و هو ممّا عُرف به الصهاينة ، و تعوّد عليه اليهود منذ خليقتهم الأولى . غرضه استجلاب تعاطف الغرب الصليبي و الشرق المجوسي و عطاياهم و مساعداتهم العسكريّة و ولائهم السياسي الإعلامي . و قد حقّقوا مرادهم في ذلك ، و وقف الغرب - المتخفّي وراء ستار الديمقراطيّة ، و المتدثّر بغطاء حقوق الإنسان – مناصرا للظالم على المظلوم ، و داعما للطغاة على المستضعفين ، و ظهيرا للصوص الحريّة و الأرض على أبناء الوطن . و ها نحن فريسة للإبادة الجماعيّة الفظيعة أمام أعين لا تبصر و آذان لا تسمع و ألسنة معقودة ، بكماء . أمّا الأعراب العاربة و المستعربة من أبناء العمومة و الخؤولة ، فقد سُقط بأيديهم ، و تواروا عن الأنظار من وراء جدران الصمت تارة ، و التنديد و الاحتجاج في السرّ و العلن . كأنّهم أصيبوا في عقولهم أو مسّهم سحر بني رزيق في بئر ذروان . أو كبّلهم سحرة فرعون و سحر هاروت و ماروت . و ها نحن في غزّة يتضوّر أهلنا جوعا و عطشا و بردا . و لم نر في هذا الزمن الصليبي الديمقراطي جيشا ، يسمّي نفسه " جيش الدفاع " يطلق نيران أسلحته الفتّاكة على الرضّع و الخدّج و الأطفال و النساء و المرضى و الجرحى و المسنّين ، و كأنّه يمارس هواية الرماية على أهداف من حجر أو خشب . إنّهم عصابات فاشيّة ، سليلة أولئك الصليبيين الذين أبادوا( الهنود الحمر ) ( 4 ) في أمريكا و ( الأبورجيّون ) ( 5 ) في أستراليا و ( خوي خوي ) ( 6 ) في إفريقيا عن بكرة أبيهم ، دون رحمة أو شفقة أو ذرّة إنسانيّة .
بينا الأعراب قد استلذّوا النوم ، فهم في سبات كسبات أهل الكهف . و أضاف أيّوب بن أيوب الغزّاوي : و لم توقظ أنّات الأطفال و لا صرخات النساء ضمائر الأعراب ، و لم تحرّك لهم طائرة أو دبابة أو مدفعا أو بندقيّة عمريّة مختاريّة أو رشّاشا أوراسيّا أو خنجرا كخنجر سليمان الحلبي أو سيفا مسلولا خالديّا أو أيّوبيّا أو معتصميّا أو عصا موسويّة ، فكأنّ دماء الغزّاويين و دموعهم و جراحهم و آلامهم لا شرف مراقا لهم فيها . و قد نسوا أو تناسوا أنّ الشرف لا يسلم من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم . لقد عرّت غزوة غزّة الأبيّة سوءات الأعراب العاربة و المستعربة ، المطبّعة و الممانِعة على حدّ سواء . و فضحت خطبهم العصماء و أبطلت أقوالهم الجرداء و سياساتهم العرجاء . و كم في بلاد الأعراب من المضحكات ، و لكنّه ضحك كالبكاء . لقد سمع أهل غزّة أحدهم يرفع عقيرته على أحد منابر الخطابة – و الأعراب جهابذة في الخطابة و فنّ اللغو - قائلا : نحن معك يا فسطلين . فابتسم للحنه اللغوي صبيّ من غزّة ، و قال : بل فلسطين ، يا أيّها المطبّع الأبله .
و ختم أيّوب بن أيّوب الغزّاوي منظومة الكلام الوجيع في انتظار مولد الفجر الموعود و الصباح المشهود ، و حكمة أبي عبيدة الغزّاوي : و إنّه لجهاد ، نصر أو استشهاد .


هامش :
1/ الغولة و بقديدش : حكاية شعبيّة شهيرة متداولة في منطقة الظهرة بالجزائر .
2/ الآية 9 من سورة يس .
3 / الآيتان 4 /5 سورة الفيل
4 / سكان أمريكا الأصليين
5 / سكان أستراليا الأصليين
6 / سكان إفريقيا الأصليين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل