الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس في الثقافة مقتطفات 60

آرام كربيت

2024 / 2 / 17
الادب والفن


التكيف
مأساة أغلب الروائيين والشعراء، أنهم يكيفون أعمالهم على مقاس جائزة نوبل ورغبات الحداثة الحديثة المبتذلة.
كم كنت اتمنى لو أن سليم بركات حاول أن يكتب عن المجتمع، هموم الناس، بيد أن طلاسمه نفرتني مرات كثيرة عن قراءة أعماله.
شهرته جاءت من قربه من محمود درويش، ومجلة الكرمل في قبرص أيام كان النضال بالدولارات والحب والتضحية والانبهار.
هؤلاء المجانين أمثال سليم بركات، لو يتخلون قليلًا عن عقدهم وأمراضهم، لو تواضعوا قليلا لربما كسبوا أنفسهم.

لم يعد الدين قادرًا على إنتاج نفسه في عصر الحداثة، بل أصبح نافلًا
الدين لم يعد صالحًا لقراءة العصر. كلما أعدنا إنتاجه كلما تأخرنا أكثر في ركب التطور أكثر.
والدين في زمن الحداثة ليس كما كان دين محمد، البون شاسع بين ماضي هذا الدين، والدين في عصرنا.
والنصوص التي كانت سائدة قبل 1400 عاشت وأعيد إنتاجها آلاف المرات، فالأفضل أن نتركها لعصرها الأول حتى لا نشوهها. أكثر مما هي عليه.
نحن في عصر الرأسمالية، نحن محشورين في نفقها، أنها تأكلنا.
هي ليست حضارة ولا اخلاق ولا مبادئ. إنها سوق وسيدة قانون السوق، الدين أي دين ليس سدًا في وجهها، ليس لديه المفاهيم أو الأفكار يستطيع أن يوقف طوفانها وبراكينها.
جميع الناس في الخندق ذاته، خندق الرأسمالية التي تأكل الناس كلهم، تأكلهم، تهضمهم، تخرجهم سلع مصنعة، وتتبرزهم كقطع مصنعة.
الدين اذا اشتغل سياسة سيصبح مثل تجارة الخميني والأخوان المسلمين، مجرد سوق للعرض والطلب، وتسويق بضاعة سياسية لتحريك السوق. أنا لا أكتب لاسيء للدين، لكني أرى أننا في حالة ضياع.
قلت وسأقول:
علينا أن لا ننجب المزيد من الأطفال، لأنهم سيكونون مجرد وقود للمصانع وللتكنولوجية والذكاء الصناعي، ولأن الرأسمالية لم تعد تريد الأطفال لهذا فإن قتلهم المعنوي قادم لا محالة.
ربما في العصر السابق كان يستطيع ضبط العلاقات الاجتماعية، لكن عصر الرأسمالية قلب المعادلة وترك السوق يغزو كل شيء والمعيار الأول له هو التوحش دون قيود.
النص الذي ولد في الماضي، قبل آلاف السنين، مات قبل آلاف السنين، وقتها كان له الله الخاص به.
النص الميت يتناغم مع الميت، أنه في القبر، ولا رحمة عليه.
النصوص الميتة لا زالت تولد كمسخ في أماكن كثيرة من العالم، يتم احياءها من قبل الموتى.
الموتى الأحياء، المسخ ينتعشون في ظل هذه النصوص، لأنه يمنحهم السعادة والراحة النفسية، ويبعد عنهم عذاب التفكير وإشغال العقل.
النصوص الميتة مرغوبة جدًا ومطلوبة جدًا، تتناغم وتتناسب مع الشعوب الميتة في قارات كثيرة.
ونطرح السؤال على أنفسنا وعلى غيرنا:
هل غيرنا خياراتنا القائمة منذ عشرات القرون في مواجهة مصائرنا القادمة. هل خرجنا من عباءة الماضي؟
ماذا استفدنا من تلك الخيارات، وتلك العباءة القديمة؟
هل استدلينا على خيار جديد نواجه به مصائرنا القادمة؟
أم أننا لا زلنا ندور في المكان ذاته منذ آلاف السنين؟
ألم يحن الوقت للقطع المعرفي مع ذلك الصنم,، والربط مع عصرنا؟
هل نطرح هذه الاسئلة على أنفسنا:
إلى أين نحن ذاهبون؟

الإثارة الأولى في زمن الطفولة
أول مرة أرى شيئًا مثيرًا في حياتي كان في الخامسة من عمري، كرة قدم بلاستيك لها خطوط ونقاط ولونها أقرب للبيج.
جلبها والدي من حلب، وكان حاملًا بالإضافة إلى الكرة كيسين ورقيين مملوءين، رمان وتفاح وبرتقال وموز وبندورة وخيار وبقدونس وخبز.
بمجرد أن أعطاني الكرة طرت من الفرح، نسيت والدي وكل شيء وتعلقت بها.
كان المكان قاحلًا، ضيعة صغيرة اسمها المناجير انتقلنا اليها بحكم عمل والدي. وفي بداية أيامنا لم يكن هناك تلفزيون أو أية وسيلة ترفيهية أخرى.
مسكت الكرة وبدأت ألعب فيها وحدي، أرميها في الهواء الطلق بكل قوة وأكرر الرمي ثم بدأن أعمل فنيات كثيرة وأضحك، وأبقى النهار كله ألعب وحدي.
فالمناجير قليلة السكان، وعدد الأطفال لا يتجاوز عدد أصابع اليد، ولم يكن الأهل يسمحون لنا الاقتراب من الخابور أو الابتعاد عن البيت.
لقد ملكت الكرة عقلي وقلبي، بل سيطرت علي، أدمنت عليها كالعاشق، وبمجرد أن انتقلنا إلى الحسكة رأيت عددًا كبيرًا من الأطفال يلعبون الكرة فأنخرطت معهم، وبدأت لي حياة جديدة ممتعة.
تمنيت أن أبقى ألعب طوال حياتي، ولكن الحياة هي التي تخط طريقنا وتغير رغباتنا وتوجهاتنا.

زمن الشبيبة الشيوعية في سوريا
في اتحاد الشباب الشيوعي، في زمن نهوض الجسد وغرائزه وهياجه تم اخصاءنا بالعفة القذرة، بالمنع المعنوي القبيح، أن نمارس العادة السرية في الخفاء ثم نقدم أنفسنا أبرياء، أنقياء من الخارج.
كان الشيوعيون دين آخر، دين بطربوش أحمر أو أخضر لا فرق، ربطوا العلاقة العاطفية، الحب الجميل بين الشاب والبنت بالزواج من أجل عفة الجسد دون القلب، ثم تدخل الأهل لتأميم العفة والعلاقات الاجتماعية المريضة.
القمع المعنوي أشد قسوة من القمع المباشر:
لا تنظر لبنت الجيران، عندك أخوات، سمعة بنت الجيران والبنات من سمعة أخواتك.
والقمع المعنوي الآخر، على الشاب أن يحمل البيت على أكتافه، الاهتمام بالىخرين ونسيان نفسه، ثم السجن.
عندما خرجت من السجن، في عمر 42 سنة، لم أكن أعرف نجوم السماء من طيز الدجاجة.
ونسيت أن أقول أنني كنت أهتم بالوطن والإنسان والنضال والعدالة والحرية، أي أصبحت ساعي بريد، كائن آلة دون حاجات، ودون عواطف أو رغبات، بل نسيان حاجاتي الانسانية.
وبعد عمر 42 أصبحت كائن نكرة، لا مكان لي في المجتمع، رحت أفكر في البحث عن عمل، عن بيت وتجهيزه.
وهناك الأمن أو المخابرات، إنسان مجرد من كل شيء ومحجور عليه وتحت المراقبة، تحت الحصار، ثم الغربة. وكلما نضجت تجربة حب يجري تحول في الواقع.
ودون مال وعمل لا يوجد امرأة إلا نادرًا، فالرأة في بلادنا جارية.
ثم السويد، نحتاج إلى اللغة وتحتاج أن ترمم جسدك المنهك وأمراضك الجسدية والنفسية وحياتك ووجودك ومستقبلك، في هذه الحالة تكون قد وصلت إلى الخمسين كشاب أو عجوز ناضج تماما، خيرك تبخر منك.
هذه هي الحال باختصار شديد.
عندما ارتحنا من عناء النضال أصبحنا كبار في السن، لهذا نفرغ أمراضنا وعقدنا النفسية في الكتاب، فأعذرونا.
كنّا نظن أننا جئنا إلى النضال من أجل أن نغير هذا العالم، فأصبح لدينا فكر خلوصي طهوري، وإنسان ناكر للذات من أجل العام.
هذا التحضير النفسي المرضي بدأ عندما عملنا في السياسة في الفترة الأولى من العمر، بداية في عمر الرابعة عشرة، وامتلأ عقلنا بحب النضال والتغيير الكامل، بناء العالم لنخلصه من الفقر والقهر، وبناء عالم نقي، خالي من النزاعات والأمراض والرغبات والغرائز، أن نقتل الإنسان الطبيعي في الإنسان، أي قيم الشر والخير والحب والكره .
وأول شيء قمنا به أننا قتلنا المرأة في ذاكرتنا الطبيعية بالابتعاد عنها جسديًا ونفسيًا وعاطفيًا والتفرغ لبناء عالم من الوهم، أن نتطهر من المرأة، أن لا نقترب منها، سمعة الفتاة من سمعة النضال النقي النظيف كاللبلور.
وكنّا نظن أن الرغبات كامنة فينا فقط، أما المرأة فهي ضحية ولا يجوز أن نقترب منها، لأنها ستخرب نقاءنا النفسي والعقلي باتصالنا الجنسي أو العاطفي معها، فخرجنا حمير في معرفة المرأة، وما زلنا نظن أن ممارسة الجنس، الدنس معها هو اعتداء عليها.
ولا ننسى تربية البيت وتدخل الثقافة الدينية في هذه المهزلة.
نحن ضحية أحزاب شرموطة تافهة واباء أوصياء وكذبة وسياسيين عجزة.

الكذب صفة نبيلة في المازوخيين والساديين
أغلب الذين يعيشون خارج سوريا حياتهم مقبولة، خاصة في أوروبا.
فائض التضامن مع الذين في سوريا لا يغير من حياتهم شيئًا، يسافرون ويعيشون حياتهم الطبيعية، يشربون الكحول، ويمارسون الجنس، وينامون نومًا طبيعيًا.
بقى لا أحد يزاود على أحد.
بدك تقف إلى جانب الناس المشردين هذا حقك، لكن لا تزاود، وعليك أن تعري من أوصل الوضع إلى هنا، من دول، وأحزاب وشخصيات لا مسؤولة في المعارضة.
يستطيع أي واحد منّا أن يملأ صفحات الفيس بوك بكاء، وصراخ ومزاودة، وكذب كمان.
أريد القول:
اتركوا كل واحد يحزن بطريقته، لا تكونوا أوصياء على غيركم، هذا قمع وأسلوب فوقي
رجاء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منصة بحرينية عالمية لتعليم تلاوة القرآن الكريم واللغة العربي


.. -الفن ضربة حظ-... هذا ما قاله الفنان علي جاسم عن -المشاهدات




.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة


.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها




.. الممثلة ستورمي دانييلز تدعو إلى تحويل ترمب لـ-كيس ملاكمة-