الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من المجتمع الى الشخصية وهذا خلاف ما ذهب اليه علي الوردي- من سلسلة دفاعا عن التنوير ح 23

ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)

2024 / 2 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لاحداث هذه التعرية والتي تقود الى التنوير ينبغي دراسة المجتمع دراسة شاملة لا تقوم على اساس الشخصية كان تكون الشخصية العراقية تدرسها لتنطلق بحكمك على المجتمع العراقي كما فعل الوردي ، فانا لا اتفق مع الوردي لدراسة الشخصية العراقية والانطلاق منها لقراءة المجتمع العراقي والسبب : ان الثقافة تعني تحول الكائن من مجرد الوجود الطبيعي الى الوعي بهذا الوجود وهو وعي يفصله عن الموجودات الطبيعية الاخرى غير الواعية ويسمح له بالسيطرة عليها وقد تتفاوت مستويات هذا الوعي من مرحلة الى اخرى زمانيا او مكانيا space-time (الزمكان) وقد تتفاوت بين جماعة واخرى بل قد تتفاوت بين الاخر او في المجموعة البشرية الواحدة وهذا يسمح للباحث بالحديث عن التعدد الثقافي في البنية الثقافية الخاصة بمجتمع ما او بمجموعة بشرية معينة كما يعبر نصر ابو زيد. اذن الانطلاقة يجب ان تكون من دراسة المجتمع ومنه الى الشخصية وليس كما فعل الوردي على الرغم من ان دراسة العالم الوردي كانت رائعة وكشفت الكثير من الحقائق ، وبالتالي عند دراسة المجتمع سنتمكن حينئذ من دراسة الشخصية واحداث التنوير المطلوب عبر كشف مشاكل رجل الدين ورجل العشيرة والسياسي الكذاب .
واذا كانت الثقافة هي تصور العالم لدى مجموعة بشرية بعينها مع تعدد المستويات فان اللغة هي النظام المعبر عن هذا التصور ومعنى ذلك اننا امام ثلاث حقائق بالامكان النظرة اليها وفق مستوى افقي وبالشكل التالي

المنظور الانطولوجي (البدء بالوجود كمفهوم وليس كماهية ) ــــــــ اللغة اولا ــــــ الثقافة ثانياــــــ العالم ـــــــــ المنظور الابستمولوجي
العالمــــــ الثقافة ـــــــــ اللغة ( حسب المنظور الانطولوجي
وبالنتيجة سيكون لدينا مجموعات بشرية وليس شخصية واحدة ، فالعالم حسب الرسم تنتهي اليه الثقافة وتبدأ منه حلقة التواصل منتهية الى اللغة . والمنظور الابستمولوجي ينطلق ايضا اليه.
واللغة ترتبط مع المعنى ارتباطا كبيرا حيث يرى فتغنشتاين ان اللغة لا تستطيع التعبير عما يتناقض مع المنطق، لان ما لانفهمه او ما لا نعقله لا يمكننا التحدث عنه، لذلك فان الميتافيزيقا هي مالايمكن قوله ، بل يتجلى بنفسه، ولذلك فقضاياها لا يمكن ان تكون داخل حدود اللغة والعالم، ولا يمكن التعبير عنها، لانها تقع خارج الوقائع والحداث ، واية محاولة للقول عنها بشيء ذي معنى ، هي محاولة فاشلة ، والحديث عنها يقتضي القيام بمهمة مستحيلة كما يراها، لانها تستوجب الحديث عن العالم من الخارج ، والحقيقة ان فتغنشتاين ربط نظريته بما يمكن التعبير عنه وبما لا يمكن التعبير عنه، بنظريته في المعنى واللامعنى ، وذلك عندما حاول ان يرسم حدود المعنى في اللغة ، وبالتالي يعد مالايرسم في اللغة بمثابة اللامعنى ، وخلاصة القول :ان موقفه من الميتافيزيق في فلسفته المبكرة يتمث في عدم امكان صياغة قضاياها بالصورة المنطقية الصحيحة ، وهنا يلتقي مع رسل من خلال تأكيد الاخير ان القضايا تكون صحيحة عندما يوجد فيما يوافقها في عالم الواقع ،وهذا الراي اتخذه رسل في مرحلة متأخرة من تفكيره الفلسفي "فلاح حسن، اللغة والمعنى ، دراسة في فلسفة فتغنشتاين، دار المأمون للترجمة ، بغداد، 2011، ص168-169" من هنا امكننا القول بأن أي حديث يحاول تفسير القضايا الدينية ، انما يدخل في مالايمكن التعبير عنه او تخيله حتى . فهو اذن في دائرة اللامعنى ، واتجاهات اللامعنى تصب في مصلحة الخرافة والاسطورة ومفاهيمها الميتافيزيقية ، بالتالي يبرز لنا مفهوم جديد وفق هذه الفلسفة وهو : ان الايمان هو رؤية ميتافيزيق ، بالتالي هو لا معنى ولايمكن التعبير عنه، لانه يقع خارج الوقائع والاحداث، ومن هنا نجد هذه الرؤية الفلسفية للميتفيزيق ، استخدمها النص الديني للهروب من المعنى الحقيقي للشيء الذي يسأل عنه حيث عبر عن هذه الاسئلة في منطقة اللامعنى ، اللامتوقع ، خارج اللغة ، خارج المعنى " ويسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي " فالروح مفهوم ميتافيزيقي ليس له معنى في النص الديني نفسه ، ناهيك عن النصوص الاخرى ، بالتالي فان حدود المعنى في اللغة هوحدود المعقول المعبر عنه، المفهوم واللامعنى هو مفهوم ميتافيزيقي لا يمكن التعبير عنه لغويا، لذلك فان اية محاولة يتبناها رجال الدين للتعبير عن قضايا غير محسوسة هي قضية فاشلة بحكم ارتباطها بالميتافيزيقية "مالايمكن قوله" مالا نفهمه ، التناقض مع المنطق خارج حدود اللغة لايمكن التعبير عنه، خارج الوقائع والاحداث ، الحديث عن العالم من الخارج ، اللامعنى ، مالايرسم في اللغة بالتالي فان كل هذه الاوصاف التي وصفها فتغنشتاين تعبر عن القضايا الدينية تعبيرا دقيقا كونها تتبع وتنبع من الميتافيزيقيا .


ملحوظتان:

1- التنوير هو الاساس الذي نطمح اليه وليس شيء اخر لان التنوير يناسب المشاكل التي يعانيها مجتمعنا فمن غير الممكن ان نشتغل على الحداثة وما بعدها ونحن في مجتمع ما قبل حداثي.
2- الاشكاليات الكبيرة التي يعانيها المجتمع بسبب رجال الدين والسياسة المرتبطين بهم ورجال العشائر هي اشكالية كبيرة يجب ان يقوم حلها على تفكيك المنظومات التي يشتغل عليها هؤلاء لفضح اساليبهم الملتوية في ايذاء المجتمع في سبيل مصالحهم ، وبالتالي الثورة الحقيقية عليهم ستقود الى التنوير المجتمعي الذي نطمح اليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب