الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في صفقة التبادل... حدود المناورة بين الكيان الصهيوني وحماس

سليم يونس الزريعي

2024 / 2 / 19
القضية الفلسطينية


جاء قرار رئيس وزراء الكيان الصهيوني التراجع عن إرسال وفده إلى المحادثات الرباعية في القاهرة لمناقشة اتفاق التبادل مع حركة حماس في سياق موقف صهيوني يقول إن أي اتفاق لن يوقع دون الأخذ بشروط الكيان فيما يتعلق بالصفقة، وهو يعني رفض ورقة حماس التي سبق أن قدمتها كرد على اتفاق باريس في الوقت الذي تتحدث فيه المصادر الأمريكية عن أجواء إيجابية ومؤشرات على تقدم معين في المفاوضات.
لكن هذا الموقف من نتنياهو يشير إلى أنه قرر اتباع "تكتيك الضغط العسكري القوي بالترافق مع ما يسميها المفاوضات الحازمة للغاية" لحل مشكلة الرهائن، ويمكن التقدير أن تمكن جيش الاحتلال من إطلاق سراح اثنين من الأسرى في مدينة خانيونس. هو أحد العوامل المشجعة لنتنياهو على اللجوء لهذا التكتيك، في ظل مطالب حماس في عملية التبادل التي يعتبرها الكيان الصهيوني غير مقبولة.
لذلك اعتبر نتنياهو أن: "تكتيك الضغط المزدوج "هو المفتاح للإفراج عن معظم المختطفين: من خلال ما سماه "الضغط العسكري القوي والمفاوضات الحازمة للغاية". وشدد على ضرورة " أن تتخلى حماس عن مطالبها غير المعقولة (حد الهذيان) حسب زعمه، وعندما يتنازلون عن هذه المطالب يمكننا المضي قدما".
إن مشكلة الذهنية الصهيونية في هذه الحرب، تنطلق من تقدير أنها تمتلك المبادرة العسكرية الإيجابية ، وأن على حماس أن تكيف موقفها العسكري والسياسي وفق هذا التقدير الذاتي الصهيوني، وهو لذلك غير مستعد حتى الآن أن يستوعب، أن حماس والمقاومة يملكون أيضا مبادرتهم العسكرية الخاصة بهم سواء قي جوانبها الإيجابية الرد العسكري، أو السلبية وتتعلق بالرهائن. وأيضا ورقة العامل الإنساني الخارجي جراء مفاعيل المحرقة ضد أهالي غزة.
ومع ذلك فإن غطرسة الكيان الصهيوني جعلته ينطلق في رده على مقترح الصفقة من موقع أنه صاحب اليد الطولى في العمليات العسكرية الميدانية ـ فجاء رده على موقف حماس، فيما يتعلق بالإطار الزمني لتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق قد يصل إلى 42 يوما (6 أسابيع) على قاعدة 35 يوما + 7 أيام؛ بالإضافة إلى مرحلة ثانية تصل إلى 30 يوما، في حين لم يحدد إطارا زمنيا للمرحلة الثالثة. فيما رفض الانسحاب من الأماكن التي لا يوجد بها سكان في غزة. فيما كانت حماس قد شددت على انسحاب قوات الاحتلال من كامل قطاع غزة.
واستبدل في رده كلمة "المأهولة" بكلمة "المكتظة" بالسكان، في ما يتعلق بالمناطق التي سينسحب منها جيش الاحتلال، علما بأن حماس طالبت في ردها بـ"إعادة تمركز القوات بعيدًا خارج المناطق المأهولة في كل قطاع غزة".
وفيما يتعلق بطلب حماس إعادة إعمار المستشفيات نص الرد الإسرائيلي على "إعادة تأهيل" المستشفيات مع إدخال 500 شاحنة من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وإدخال منازل متنقلة (كرفانات/ كونتينارات) والخيام، بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي.
وحول طلب حماس "رفع أي قيود إسرائيلية على حركة المسافرين والمرضى والجرحى عبر معبر رفح"، قال الكيان إنه سيسمح فقط بمغادرة ما يصل إلى 50 جريحا يوميًا، على أن لا تقل أعمارهم عن 50 عاما.
وفي الوقت الذي تعتبر فيه حماس أن إطلاق سراح الأسرى هو الجائزة الكبرى ، ارتباطا بما سبق أن أعلنته من أن أحد أهداف عملية طوفان الأقصى هو تبييض السجون من كل الأسرى الفلسطينيين، بل إن مسؤوليها كانوا قد زفوا بشرى الحرية لكل معتقلي المقاومة في سجون الاحتلال مباشرة بعد عملية طوفان الأقصى 7 أكتوبر الماضي، وهي بذلك تريد أن تقول للأسرى وللشعب الفلسطيني إنها قد أوفت بما سبق أن وعدت به، غير أن ما تريده حماس ليس بالضرورة هو ما سيوافق عليه الكيان طالما أنه يرى أن المقاومة لا تملك شرط فرض ذلك عليه بالقوة المادية أو المعنوية، لذلك اقترح الكيان أن تجري عملية التبادل بأن يفرج عن 3 أسرى فلسطينيين مقابل كل أسير إسرائيلي، مع إضافة النساء المجندات مقابل بعض الأسرى من أصحاب الأحكام العالية.
وفي ما يتعلق بتنفيذ المرحلة الثانية، فإن إسرائيل تربط ذلك بمفاوضات بشأن الأعداد والنظر في عودة النازحين الغزيين لأماكن سكناهم مع عدم وجود انسحاب كامل لقوات الاحتلال من القطاع.
وفي الوقت الذي يعتبر نتنياهو أن مطالب حماس التي وصفها بـ"غير المعقولة"، وتتضمن بنودا حول المسجد الأقصى وإعادة إعمار غزة والأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، تعتبر "هزيمة لإسرائيل"، وأن حكومته لن توافق عليها بأي حال من الأحوال.
فقد واصل نتنياهو الحديث عن ما سماه تحقيق بـ"النصر الإسرائيلي المطلق" على حركة حماس، وتحقيق أهداف الحرب المتمثلة بـ"القضاء" على الحركة و"إزالة أي تهديد مستقبلي لإسرائيل من غزة"، لن يتحقق دون شن عملية عسكرية على رفح، جنوبي القطاع.
لكن في المقابل فإن المقاومة ليست في وارد التسليم بإملاءات الكيان ، كونها تملك مكنة الرد العسكري، وورقة المختطفين التي لها تأثير كبير سياسي ومعنوي على الكيان عبر تأجيج حالة الضغط من قبل ذويهم وإحداث هذا الشرخ في مناعة الكيان الذي يضغط باتجاه الموافقة على شروط المقاومة كونهم يعتبرون أن قضية الأسرى أهم من أجندة نتنياهو على الأقل طالما أن الأسرى في قبضة فصائل المقاومة .
ولهذا جاء رد حماس عبر إسماعيل هنية هو أن " المقاومة لن ترضى بأقل من الوقف الكامل للعدوان، وانسحاب جيش الاحتلال خارج القطاع، ورفع الحصار الظالم وتوفير المأوى الآمن والمناسب للنازحين والمشردين بسبب جرائم الاحتلال وعودة النازحين خاصة إلى شمال القطاع ووقف سياسة التجويع الهمجية والالتزام بإعادة الإعمار والإفراج عن الأسرى خصوصاً القدامى وذوي الأحكام العالية ".
رد حماس يكشف اتساع الهوة بين ما تريده المقاومة وما يسعى له الكيان ، وهذا يشير إلى أن سقف المناورة يبقى محدودا دون تدخل خارجي، وفي حال لم يتحقق ذلك، فمن المتوقع أن يستمر الكيان في المعركة ارتباطا بالأهداف العليا التي تتجاوز موضوع الرهائن ،إلى هزيمة حماس عسكريا وشطبها سياسيا، وهذا يؤكد أن مبادرة الكيان العسكرية لن تتوقف، دون ردعه عسكريا وإحباط مخططاته من قبل الفلسطينيين والضغط الخارجي والموقف الحازم من قبل الدول العربية الفاعلة ـ إضافة إلى الحراك من قبل ذوي المخطوفين داخل الكيان. فهل يتحقق ذلك، هذا هو لسؤال؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا