الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تصير في هذه الأيام، أديبا مرموقا، وبأقل جهد ؟!

سليمان جبران

2024 / 2 / 19
الادب والفن



[مادة ساخرة]
تريد أن تصبح اديبا؟ شاعرا مثلا؟ كاتب قِصص؟ المسألة في غاية البساطة، لا تحتاج إلا إلى قليل من الوقت، وكثير من المال طبعا. ليس من الضروري أنْ تعرف اللغة العربية. ما لك ولوجع الرأس الزائد؟ مهما خربطت ومهما طرفشت، يمكنك إعطاء نتاجك إلى أحد الأصدقاء، معلم للعربية في مدرسة ثانوية، مثلا، والمعلم المذكور يُصلح لك الأخطاء، مشكورا ، أو مشكورا ومأجورا طبعا !
على كل حال، أسهل عليك في الواقع أن تصير شاعرا: النص أصغر، والجهد أقلّ، والشهرة أوسع وأسرع. إذا كنت تعرف أوزان الشعر، يكفي الوافر مثلا، فالأمر في غاية البساطة: تكتب في أيّ موضوع؛ القصيدة الوطنية أفضل بطبيعة الحال، وتجعل القصيدة طويلة ما أمكن! لا يبهر القارئ العربي شيء مثل خمسين ستين بيتا من الشعر بقافية واحدة! نهر طويل أبيض، وعلى ضفّتيه كفتان من الكلام متساويتان مختومتان بحرف واحد. المعنى غير مهم، واللغة غير مهمة. لا أحد، اطمئن، سيقرأ القصيدة حتى النهاية. المهمّ المنظر، وهل العالَم من حولنا كلّه إلا مناظر ومظاهر ؟!
إذا لم تعرف الأوزان الكلاسيكيّة فلا مدعاة إلى التردّد والإحباط! الشعر التفعيلي، صدقني، أرقى وأنقى. كل شعر درويش في الفترة الأخيرة كان تفعيليًا! تقول إنك لا عهد لك بالوزن أصلا؟ لا يهم، المهم أن تكتب النص في سطور قصيرة، لا تصل إلى نهايتها بأي شكل !! الأفضل أيضا أن تكون قصيدتك طويلة ما استطعت إلى ذلك سبيلا ! لا أحد سيقرؤها حتى النهاية طبعا، لكنّ الطول ضروري، ما في ذلك شك: هل الفتاة الطويلة الممشوقة مثل فتاة قصيرة طول شبر؟!
هذا بالنسبة إلى القصيدة. تكتبها وفق المواصفات أعلاه. لكنّ المشروع لا ينتهي عند هذا الحد طبعا. في كل ندوة شعرية لا بدّ لك من المشاركة البارزة. تقف أمام الجمهور، وتصرخ بأعلى صوتك. في المواضع الوطنية من القصيدة والأعلام التاريخية، بشكل خاص. طبعا سيرتفع التصفيق إلى عنان السماء. تتوقف هنيهة، ثم تعيد قراءة المقطع ذاته. هكذا يفعل كل الشعراء الكبار، صدقني!
طبعا العمل يحتاج أخيرا إلى المثابرة، وإلى كثير من المال أيضا: ملابس جديدة برّاقة، وسيّارة طويلة وبرّاقة أيضا. المسألة مُكلفة كما ترى، وهل بغير المال تُكتسب المعالي؟ لا شيء ببلاش إلا العمى والطراش!!


ملاحظة: هكذا تصبح صديقي، شاعرا مرموقا، يشار إليه بكل الأصابع. أمّا إذا رغبتَ في أن تصير كاتب قِصص قصيرة أو كاتب روايات، فالمسألة أصعب قليلا. لكنَ ما من شيء مستحيل، وفي مقالنا القادم، ستجد الوصفة الناجعة، في الوصول إلى هذه القمم الرائعة!!

[ كتاب " غبار الطريق " 2015، ص. 87 – 91. ]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا