الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يكره-الشمشونيون الأسطوريون- غزة ؟!

احمد الحاج

2024 / 2 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


لاغرو أن ما ترتكبه دولة الاحتلال من مجازر يندى لها جبين الإنسانية طالت البشر والشجر والحجر في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 لتضاف الى سلسلة لا حصر لها من جرائم حرب أرتكبت على مدار أكثر من 75 عاما،لم تكن وليدة ساعتها، فمن يقلب الطرف بتفاصيلها ،ويُعمِل الذهن بحيثياتها سرعان ما يكتشف جذورها ودوافعها وجلها مستوحاة من نسج خيال،وبنات أفكار من احتكروا شرح وتفسير- التناخ- التي تمثل بمجموعها الكتب المقدسة عندهم،زيادة على التلمود بنسختيه البابلية الاورشليمية وكتاب الزوهار.. شروح وتفسيرات ذات أبعاد أثنية وسياسية وعنصرية تمخض عنها مسخ متفرد بغرابته سيكولوجيا وانتروبولوجيا وأيديولوجيا غير معروف ولا مألوف وبما يصدق في توصيفه بيت أرطأة بن سهية:
لقد رأيتك عريانا ومؤتزرا...فما عرفت أأنثى أنت أم ذكر

مسخ يستدعي الماضي البعيد والقريب وإن كان أسطوريا وبما يكتنفه من أحقاد وضغائن ليسقطها إسقاطا معاصرا يسوغ من خلاله تهجير وتجويع شعب بأسره بجريرة ما اقترفه أسلافه في - زمكان ما - من وجهة نظر صهيونية بحتة مع تبرئة ساحتهم من المقدمات والنتائج ،ليستجدوا بتلكم الأساطير والمظلوميات تعاطفا دوليا، وحصانة أممية،وأموالا طائلة، ودعما عسكريا وسياسيا ولوجستيا لا محدود، زيادة على تبرير ما يقترفونه من جرائم نكراء بحق المظلومين والمدنيين العزل.



أسطورة شمشون

قد يبدو العنوان لوهلة مجرد دعابة لا علاقة لها بالواقع المعاش إلا أنك لو أمعنت النظر بعديد الافلام ورسالتها التي صفقنا لأبطالها المفترضين طويلا أيام مراهقتنا أو بالأحرى سذاجتنا داخل صالات العرض السينمائية المكيفة داعين لهم بالنصر والتمكين، وعلى أعدائهم بالخذلان والتهوين، وهي تستعرض أمامنا شخصية "شمشون" وهو اسم عبري معناه "شمس"وفقا لقاموس الكتاب المقدس، إنما كانت مخاض مفاهيم مغلوطة نجحوا بتنميطها في العقل الجمعي لشعوب العالمين الثالث واللاهث على حد سواء ،ولاسيما وأن بطل الأمس– شمشون -هو أيقونة اسرائيل التاريخي اليوم، فيما يمثل أعداؤه بحسب السيناريو أسلاف شعب غزة، ولو أننا أستوعبنا الدرس وإن كان متأخرا لأضاء لنا جانبا معتما منها، ولوضع السبابة والإبهام على بعض ما أبهم منها، وأولها الفيلم النمساوي الصامت "شمشون ودليلة "انتاج عام 1922، أما أشهرها فهو الفيلم الامريكي وبذات العنوان "شمشون ودليلة"انتاج عام 1949، وأخيرها وليس آخرها فيلم "شمشون" وهو انتاج أمريكي - جنوب أفريقي مشترك انتاج عام 2018،أفلام حققت شهرة طاغية وكلها مستلهمة من ميثولوجيا "شمشون الجبار" المذكورة في سفر القضاة (13: 2-24) وتفاصيل صراعه من الفلسطينيين في مدينة غزة التاريخية تحديدا،أما "دليلة"وبحسب العهد القديم فهي امرأة فلسطينية غزاوية أحبها شمشون بعد مصرع زوجته الأولى فاحتالت عليه وتوصلت الى سر قوته الكامن في شعره الطويل لتذيع سره الى قومها الذين سارعوا بأسره بعد حلق شعره قبل أن تعود قوته ثانية فعمد الى هدم عامودي المعبد فوق رؤوس أعدائه، ليصبح بذلك بطلا أسطوريا يحاول معظم قادة دولة الاحتلال استنساخه وتسويقه، وبما لايختلف عن نظيره "أخيل" في الأساطير الاغريقية مع الفارق بأن الأخير كانت نقطة ضعفه في كعب قدمه بدلا من شعر رأسه !





خرافات وأوهام

وهكذا بين رأس يمثل أعلى الهرم، وكعب يجسد قاعدته تذبذبت دولة الاحتلال منذ نشأتها بوعد بلفور المشؤوم عام 1917 بين شعارات قومية علمانية مظهرا،وبين نظيرات لها تلمودية زوهارية كابالانية كولونيالية جوهرا إذ وبرغم إلحاد الآلاف من أتباعها ولا دينيتهم المعلنة ، إلا أنهم يؤمنون إيمانا جازما بأسطورة البقرات الحمر، وإعادة بناء الهيكل على انقاض الاقصى، ومحاربة العماليق، و نبوءة أشعيا، ولعنة بابل، والإله "مولوخ"، وظهور "المشيح " أو "المسيا " ليقود "معركة هرمجدون " ويخلصهم من أعدائهم بعد تجمع الاشكناز،والسفارديم ،والفلاشا ،والمزراحي في أرض الميعاد أو ما يسمى بدولة اسرائيل من النيل الى الفرات ،إن لم يكن "جيو- سياسيا"بالمعنى الحرفي،فمن خلال التجويع أو التطبيع أو التركيع أو كلها مجتمعة ،خرافات جاهزة للاستدعاء تمهيدا للاستعداء في أية لحظة.




غزة هي العقبة

ولاشك أن استشراف الحلم الصهيوني المبني على المخططات الحالية،والاساطير الغابرة لن يتحقق من وجهة نظرهم إلا بزوال غزة من الخريطة أو تركيعها،وقد استعرض المؤرخ ايلان بابيه ،جانبا منها في كتابه "عشر اساطير عن اسرائيل "الصادر عام 2017، سبقه روجيه غارودي،في " الأساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية " وتأسيسا على ما تقدم بات يسارهم قبل يمينهم يتحرك لإزالة تلك العقبة الكؤود التي تمنعهم من تحقيق ما يطمحون حتى صاروا يجاهرون بسحق القطاع ،وتدمير كامل بناه التحتية، وتجويع أهله و ترهيبهم، تمهيدا لتهجير كل أو جل سكانه الى سيناء أو الى إحدى دول أفريقيا ، بالتزامن مع قضم المزيد من أراضي الضفة الغربية ، ومواصلة تجريف الأراضي ومصادرتها ،والمضي قدما في بناء المستعمرات، ومنع عودة اللاجئين ، والإمعان بسياسة الفصل العنصري "الأبارتايد "ليقدم الجميع فروض الطاعة والولاء الى منظومة الأساطير"الدينية - اللادينية " وينصاعوا لسياسة الأمر الواقع مقابل وعود كمواعيد عرقوب،تارة بـ" حل الدولتين " وأخرى بـ" حل الدولة الواحدة " أو بصفقة القرن،ولا عبرة بالاسماء والعناوين بقدر المعاني والمضامين ، وكيف لاتكون غزة التي احتلت عام 1967 قبل أن تنسحب قوات الاحتلال منها عام 2005 الصخرة التي تحطمت عليها مخططاته ،ومنها انطلقت شرارة الانتفاضة الاولى عام1987ولم تتوقف الا بعد اتفاقية أوسلو 1993، ومن غزة انطلقت الانتفاضة الثانية عام2000 لتستمر حتى عام 2005 بعد اتفاق شرم الشيخ، لتتوالى العمليات العسكرية ضدها منذ عام 2006 تخللها حصار خانق استخدمت خلالها كل الأسلحة المحرمة وارتكبت أنواع المجازر والفظائع ، وما تزال حكومة الاحتلال تسوق نفسها على أنها "شمشون الجبار"الذي يضحى بمستقبله، مقابل التفنن بقتل أعدائه لأجل إرساء السلام الدولي،وتحقيق الإزدهار والرخاء العالمي ولو على دماء وأشلاء وجماجم الملايين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار


.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟




.. يديعوت أحرونوت: إسرائيل ناشدت رئيس الكونغرس وأعضاء بالشيوخ ا


.. آثار قصف الاحتلال على بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان




.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض