الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نزاع الصحراء الغربية والقضاء الأوروبي

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2024 / 2 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


قصة القضاء الأورو بي ، وبالضبط محكمة العدل الأوروبية ، قصة من نوع آخر ، ولا مثيل لها في تاريخ التقاضي في القضايا التي تكون المحاكم قد نظرت وفصلت فيها ، عبر جميع مراحل التقاضي من المرحلة الابتدائية ، الى مرحلة الاستئناف ، الى مرحلة النقض بالمحكمة العليا .. وهنا نود اثارة الانتباه ، ان مباشرة محكمة العدل الأوروبية لنزاع الصحراء الغربية ، تمركز في مرحلتين . مرحلة ابتدائية ، ومرحلة استئنافية ، ولم يرق ابدا الى درجة محكمة النقض ، وهي الدرجة الثالثة من محطات التقاضي المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية . فلأول مرة في تاريخ القضاء ، تبحث محكمة العدل الأوروبية في نزاع الصحراء الغربية ،رغم ان حكم درجة الاستئناف يكون قد حاز على قوة الشيء المقضي به . أي ان الحكم اصبح متحصنا من أي طعن او درجة طعن ، بعد ان حاز على قوة الشيء المقضي به ..
لكن أوجه الغرابة في مسلسل المعالجة القضائية لمحكمة العدل الأوروبية ، لنزاع الصحراء الغربية ، ان الحكم الذي عبرت عنه محكمة الاستئناف ، بحيث اصبح متحصنا من أي طعن ، لان محكمة العدل الأوروبية ، بها درجتين للتقاضي ، درجة ابتدائية ودرجة استئنافية ، ولا توجد مرحلة النقض ، او مرحلة الدرجة الثالثة ، فان المحكمة المذكورة ، ومن دون رفض ، قبلت من جديد النظر في اصل الدعوى التي سبق وعالجتها على المستوى الابتدائي ، محكمة الدرجة الأولى ، وعالجتها في محكمة الدرجة الثانية ، التي هي الاستئناف ، ومع مرور المدة الزمنية دون ان يبادر احد اطراف النزاع بطرح وعرض من الحجج والاذلة الجديدة التي لم تطرح في المرحلة الابتدائية ، ولم تطرح في المرحلة او الدرجة الاستئنافية ، مما يعني ان الحكم الاستئنافي يكون قد حاز على قوة الشيء المقضي به ، فان المحكمة قبلت النظر من جديد في نفس الدعوى التي سبق وان عالجتها ابتدائيا واستئنافيا ، فقط لان الطرف في النزاع صاحب الدعوى ، أي " الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب " ، وجد في غياب درجة الطعن بالنقض ، فرصة لإعادة طرح نفس الدعوى ، التي حسمت فيها المحكمة من خلال درجات التقاضي ، طبعا مع تكرار عرض نفس الحجج والاذلة التي قدمتها الجبهة الى نفس المحكمة . وربما أنّ الجبهة اعتبرت هذه المحاولة تأكيدا لدعم ملف النزاع سياسيا من بوابة القضاء الأوروبي ، الذي سيصدر حكما جديدا ، لكن لن يختلف عن الحكمين الاولين الابتدائي والاستئنافي . وهنا نطرح بدورنا تساؤل . بما ان محكمة العدل الاوربية سبق ونظرت ابتدائيا واستئنافيا في موضوع الدعوى ، بحيث ابطلت العلاقات المبرمة بين النظام المزاجي البوليسي ، وبين الاتحاد الأوربي ، وهنا تكون قرارات المحكمة في درجتيها لا تزيغ عن قرار محكمة العدل الدولية / الرأي الاستشاري لمحكمة " لهايْ " الهولندية La Haye ، قد رفضت مغربية الصحراء ، لأنها لا تزال بيد مجلس الامن ، يعالجها مرتين او حتى ثلاث مرات في السنة مع توفر معطيات جديدة ، و لاتزال بيد الجمعية العامة للأمم المتحدة ، التي تبحث النزاع ضمن اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار .. فرغم هذه المواقف المعبر عنها ، وهي إبطال الاتفاقيات التجارية ، واتفاقية الفلاحة ، واتفاقية الصيد البحري ، بحيث لا تشمل المياه والاراضي موضوع النزاع .. فان الحكم الجديد المرتقب صدوره في اخر شهر مارس القادم ، سيكون تكرارا للحكمين السابقين ، الدرجة الابتدائية والدرجة الاستئنافية ، لكن خصائص الحكم الجديد المنتظر ، وطبعا سيكون كالحكمين السابقين ، من حيث الشكل ، لان الاتحاد الاوروبي تجاوز احكام محكمة العدل الاوروبية ، حين بادر بتجديد الاتفاقيات المبرمة مع النظام البوليسي المزاجي ، ودون ان يكون لهذا الخرق لأحكام المحكمة ، اي تأثير على طبيعة العلاقات بين الاتحاد الاوروبي ، وبين جبهة البوليساريو. والسبب من جهة ان العلاقات المصلحية بين النظام المزاجي البوليسي ، وبين الاتحاد الأوروبي ، خاصة العلاقات مع فرنسا واسبانيا كانت جيدة .. ومن جهة ان قرار محكمة العدل الأوربية في درجتيه ، يفتقر الى سلطة الضبط والقهر عندما يكون احد اطراف الدعوى ليس أوروبيا الأصل ، او ليس متجنسا بالجنسية الأوروبية لاحد دول الاتحاد الأوروبي .. لكن سلبيات تجديد اتفاقيات الصيد البحري ، واتفاقية التجارة ، واتفاقية الفلاحة ، كانت أخلاقية ، وكانت إساءة لدولة الحق والقانون التي تعرف بها دول الاتحاد الأوروبي .. وبتفسير اخر ، كانت دول الاتحاد الأوروبي هنا ، تجتهد في إيجاد مصوغة التعارض ، والتحلل من احكام القضاء الأوروبي ، عندما تكون المصالح تقتضي ذلك . لذا فحين تم تجديد الاتفاقيات التي ابطلها القضاء الأوروبي ، كانت دول الاتحاد مُحْجبة من اية سلطة او دولة ، تجبر تطبيق الاحكام ، لأنها صادرة عن القضاء الأوروبي الذي وزنه ، اقوى من حكومات الاتحاد الأوربي او البرلمان الأوروبي .
لكن الجديد في حالة انتظار الحكم القادم في اخر شهر مارس ، هو ان العلاقات بين الاتحاد الأوروبي خاصة فرنسا ، واسبانية التي دخلت في سجال سياسي عقيم ، هي علاقات متدهورة . وكلنا يتذكر بادرة الاتحاد الأوروبي كاتحاد ، وليس كدولة من دوله ، برفض تجديد اتفاقية الصيد البحري ، واتفاقية الفلاحة ، واتفاقية التجارة .. متضرعا بحجج لم تكن كذلك ، قبل توتر العلاقات بين الطرفين المتعاقدين ، من أهمها انّ الاتحاد الأوروبي ، لا يمكنه تجديد الاتفاقيات مع النظام المزاجي البوليسي ، لأنه تقنيا مستحيلة ، ومن جهة فان ديمقراطية الاتحاد الأوروبي ، تجعله يتمسك بالقرارات وبالأحكام التي تصدرها محاكمه ، فبالأحرى التعارض مع احكام محكمة العدل الأوروبية .. بل انه اذا تعارض قرار لدولة من دول الاتحاد ، مع قرار الاتحاد ، فالأسبقية والاولوية تكون لقرارات الاتحاد ، على قرارات الدولة المتعارض قرارها مع قرار الاتحاد ..
هنا ونتيجة هذا التغيير في مواقف الاتحاد الأوروبي ، وبسبب تأزيم العلاقة بين الاتحاد وبين النظام المزاجي البوليسي ، خاصة بسبب جريمة Pegasus ، وجريمة Morocco Gate التي يقف وراءها البوليس السياسي ( صديق ومستشار الملك ) فؤاد الهمة ، مدير البوليس السياسي المدعو عبداللطيف الحموشي ، ووزير الداخلية المدعو عبدالوافي لفتيت .. ، فالقرار المقبل لمحكمة العدل الأوروبية ، سيكون نسخة لقرار المحكمة في الدرجتين الابتدائية والاستئنافية . لكن أوجه الاختلاف بين القرارات القضائية بالأمس ، والقرار المنتظر ، جاء ضمن علاقات متوترة مع النظام المزاجي البوليسي ، والمستفيد الأول من القرار ستكون " الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب " . وطبعا القرار وفي هذه الحالة ، لن يوضع في الرفوف ، بل سيكون حاضرا كسند وحجج دامغة ، من قبل القضاء الأوروبي ، ومن قبل الاتحاد الأوروبي ، على عدم الاعتراف بمغربية الصحراء ، لكن في المقابل ومثل القرارات السابقة لمحكمة العدل الأوروبية ، فان القرار القادم لن يعترف بالجمهورية العربية الصحراوية ، لان قرارات مجلس الامن ، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، التي تبحث نزاع الصحراء الغربية ضمن اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ، يعترفون بالاستفتاء وتقرير المصير ، وخلو المشروعية الدولية من الإشارة او التأكيد على دولة ، أيا كانت الدولة الصحراوية الحالية ، او كانت الدولة التي سيحدثها الاستفتاء وتقرير المصير .. مما يعني ان الاتحاد الأوروبي ، والبرلمان الأوروبي من خلال قرارات محكمة العدل الأوروبية ، يأخذون نفس المسافة من اطراف النزاع ، النظام المزاجي البوليسي ، وجبهة البوليساريو التي يعترف الجميع بها كحركة تحرير وكفاح مسلح ( أمريكا ) .. وصدور الحكم المنتظر في اخر شهر مارس ، سيفيد البوليساريو كثيرا من حيث الحجج والأدلة التي ستعتمدها الأمم المتحدة عند شروعها في بحث مصير الصحراء الغربية . والحلول المرتقبة للنزاع عن طريق الاستفتاء وتقرير المصير ، ونتيجته وحدها من سيتحكم في إعطاء جنسية الطرف الذي تكون نتيجة الاستفتاء في صالحه ..
اذن . القرار المنتظر في اخر شهر مارس القادم ، من قبل محكمة العدل الأوروبية ، سيكون قرارا بإبطال الاتفاقيات المبرمة بين الاتحاد الأوروبي ، وبين النظام المزاجي البوليسي ، بالنسبة للمياه وللأراضي المتنازع عليها .. والخطورة هنا . كيف للنظام ان يشرح للعالم ، وللمجتمع الدولي ، ولدول الفيتو بمجلس الامن ، وللجمعية العامة للأمم المتحدة ، بقاء " الگويرة " تحت سلطة النظام الموريتاني ، الذي ظل يستعمرها رغم خروجه من وادي الذهب في سنة 1979 ، التي كانت " الکويرة " جزءا منه .. ثم كيف للنظام المزاجي البوليسي ان يقنع مجلس الامن ، بالدخول الثاني لجيشه الى الأراضي التي انسحبت منها موريتانية بعد تقديمها نقدا ذاتيا اعتبرت فيه اتفاقية مدريد تكرس احتلا واستعمار الصحراء الغربية ، وبقاء " الگويرة " تحت الاحتلال الموريتاني .. بل كيف سيصف وضعه المهتز من ثلث الأراضي التي لا تزال فارغة ، ولا تخضع لأي سلطة ، مع تسميتها بالأراضي العازلة التي يجب ان تكون خالية من السلاح ومن المليشيات المسلحة ، والحال ان جبهة البوليساريو تتحكم في مداخلها وفي مخارجها .. بل كيف سيشرح النظام للعالم قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ، القرار الذي خرجت به الجمعية العامة في سنة 1979 ، تصف فيه جبهة البوليساريو بالممثل الشرعي الوحيد للشعب الصحراوي ، القرار 34/37 الذي جاء مباشرة بعد خروج موريتانية من وادي الذهب ، ودخول جيش النظام اليه ، وتركه الگويرة التي هي جزء منه بيد الاحتلال الموريتاني .. بل كذلك . كيف سيفسر النظام المزاجي البوليسي للعالم وللأعضاء أصحاب الفيتو ، تقدمه بحل الحكم الذاتي في ابريل2007 ، وبعد تجاهله من قبل الأمم المتحدة ، سيقدم على خطوة مزاجية ، لم تكن متوقعة بسبب المزاج ، هي اعترافه الصريح بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار ، واصدر ظهيرا وقعه محمد السادس بخط يده ، يوثق فيه لهذا الاعتراف الذي نشره في الجريدة الرسمية عدد 6539 / يناير 2017 .. ؟
ان هذا الجزء القليل من الحجج ، على سبيل المثال لا الحصر ، سيكون قرار محكمة العدل الأوروبية الذي سيحكم بإبطال الاتفاقيات المبرمة مع النظام المزاجي البوليسي ، الذي يرأس مجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة ، والتي الغاها الاتحاد الأوروبي من جانبه ، ورفض تجديدها لأسباب ، مثل الالتزام بقرارات واحكام محكمة العدل الأوروبية ، مثل محكمة العدل الدولية ، وصعوبة التقنيات في تجديد الاتفاقيات ... الخ .. ضربة للنظام المزاجي البوليسي ، لأنها ستؤكد هذه الاحكام رفض الأوروبيين الاعتراف بمغربية الصحراء ، ورغم عدم اعترافهم بالجمهورية الصحراوية ، فاعترافهم بالجبهة كحركة تحرير وكفاح مسلح ، لا يختلف عن اعترافهم بالدولة الصحراوية التي تنتظر حل تيمور الشرقية .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل