الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحليق في فضاء الخيال !

عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث

2024 / 2 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


تقول مصادر لها حضورها في الشبكة العنكبوتية، أن قرابة نصف مليون مستعمر اسرائيلي غادروا كيانهم اللقيط الشاذ، بعد الطوفان. معلومة نرى فيها رائزًا يروز مستوى إيمان محتلي فلسطين وحدود قناعتهم بما تسميه خرافاتهم "أرض الميعاد والسمن والعسل". وبالقدر ذاته، فإنها تعضد الرأي القائل بأن الكيان يعيش أزمة قلق وجودي لم يسبق أن ناخ مثلها بكلكله على أعصابه، منذ زرعه في فلسطين قبل خمسٍ وسبعينَ سنة. كيان يعيش هذا المأزق الوجودي رغم ما يتوفر له من أحدث أسلحة الفتك والدمار، أميركية الصنع. وماذا عن الدعم الأنجلوساكسوني المفتوح له بعد الطوفان، ليواصل جرائمه البشعة في غزة؟!
لكنه في المقابل، أخفق ويخفق في تحقيق أهدافه، كما أعلنها مع بدء عدوانه الهمجي المتواصل منذ أربعة اشهر ونيف. بالمعايير العسكرية والأخلاقية، يكفي المقاومة الشعبية الصمود في مواجهة عدو همجي متوحش، يتوفر على هذا الحجم من التسليح كمًّا ونوعًا، ناهيك بالدعم السياسي والحماية من المساءلة. وعندما تزيد المقاومة على الصمود، تكبيد العدو خسائر مؤلمة يضطر إلى إخفاء معظمها حفاظًا على ما تبقى من معنويات جنوده، فهذا انجاز تاريخي رغم الكلفة الباهظة، يسجله التاريخ لها.
تأسيسًا على ما تقدم، نسمح لأنفسنا بشطحة في أعالي فضاء الخيال، وهذا النوع من الشطح مشروع... ما إن اشتط العدو وغلا في نزوات جنونه الإجرامي، بعد الطوفان، حتى تلقى إنذارًا شديد اللهجة من سبعٍ وخمسين دولة عربية واسلامية، مفاده، أوقفوا جرائمكم وإلا... لكنه لم يلتفت لذلك، على جري عنجهيته وغروره الوقح، وواصل مقارفة جرائمه. في مفاجأة لم يتوقعها العدو وداعموه أذهلت معهم العالم، انفتحت عليه نار جهنم من الجبهات المصرية والأردنية والسورية (اللبنانية مشتعلة)، بدعم واسناد عربي اسلامي معلن ومترجم بأفعال على الأرض. أراهن أن أميركا ذاتها سترضخ حينها، وستجر الكيان اللقيط من أنفه ذليلًا مهزومًا إلى مفاوضات حقيقية هذه المرة، تفضي إلى تلبية حد مقبول ومعقول من الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني.
لا يمكن لأميركا مواجهة أمة مترامية الأطراف، ذات موارد بشرية وطبيعية ضخمة، ولها مصالح كبيرة معها. ومن المعروف عن التاجر الأميركي، أنه لا يُجامل عندما تكون مصالحه في خطر حقيقي، ولا مشكلة عنده في تغيير سياسياته بما يناسبها ويواتيها. في السياق أيضًا، يُجمع أهل الضلاعة في عقلية "العم سام" أنه لا يحسب حسابًا لأحد، ولا يستوقفه كثيرًا ما يُعرف بالرأي العام، ولا يكترث عن جد إلا في حالتين: الأولى، عندما يسيل دمه، والثانية، إذا نقصت الدولارات في جيبه.
أميركا لا يمكن أن تقدم على هذه المجازفة، حتى لو أرادت، لأسباب عدة أيضًا، يتصدرها أزمة اقتصادية خانقة. أميركا أكبر دولة مَدينةٍ على وجه الأرض، حيث تصل ديونها إلى 34 تريليون دولار. صحيح أن من طبيعي أمر النظام الرأسمالي اللجوء إلى الحروب "لحلحلة" أزماته، لكن الأزمة الاقتصادية تتعلق هذه المرة ببنية النظام الرأسمالي الأميركي ذاته. فلم تعد طباعة تريليونات الدولارات، التى لا تساوي قيمة مكوناتها من الحبر والورق، تجدي نفعًا. والمثال الأبرز على ما نقول، ارتداد الحرب في أوكرانيا وبالًا على أميركا وأتباعها الأوروبيين. وفي سياق متصل، أميركا منقسمة على ذاتها، وهناك من المراقبين، مثل المفكر الروسي الكسندر نزاروف، من يرى أنها دخلت مرحلة الحرب الأهلية الصامتة حتى الآن. ولهذا الرأي من يؤيده، في الداخل الأميركي، وبشكل خاص في الأوساط الاعلامية وبين المثقفين.
وليس يفوتنا التذكير بتحولات يشهدها عالم اليوم، لا تناسب رياحها أشرعة سفن اليانكي. للمرة الأولى في تاريخها، تواجه أميركا تحديًّا مزدوجًا اقتصاديًّا صينيًّا وعسكريًّا روسيًّا. ومن الواضح أنها خاسرة في مواجهة هذا التحدي، ودليلنا على ذلك هزيمتها وغربها الأطلسي في أوكرانيا.
والآن نستأذن قارئنا العزيز بالهبوط على الأرض، بعد الانتهاء من شطحتنا المومأ إليها فوق، ونتساءل: هل كانت أميركا ستدعم حملة الإبادة الوحشية في غزة، على رؤوس الأشهاد وفي وضح النهار، لولا "اطمئنانها" والكيان اللقيط إلى أن الموقف العربي الرسمي لن يتجاوز الأقوال؟! وحتى هذه، أي الأقوال، فتؤكد مصادر صهيونية وأميركية، أن ما يُقال للشعوب في العلن عكس ما يُقال في الغرف المغلقة.
ونختم بما نعتقد أنها عناوين ثلاثة لمواقف النظام الرسمي العربي، يطيب فيها البحث عن الداء والدواء لأسباب الشلل في مواجهة العدوان: العجز، والتخاذل، والتواطؤ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قرار أميري بحل مجلس الأمة الكويتي وتعليق العمل بعدد من مواد


.. تسلسل زمني لأبرز الاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله.. فما هي أ




.. دولة الإمارات ترفض تصريحات نتنياهو بشأن المشاركة في إدارة قط


.. عبر الخريطة التفاعلية.. لماذا قرر جيش الاحتلال الإسرائيلي ال




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في رفح جنوب قطاع غزة