الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لحكم الضفة وغزة.. تزكية السعودية للسلطة.. ليس مكافأة

سليم يونس الزريعي

2024 / 2 / 21
القضية الفلسطينية


يمكن القول إن شهادة وزير الخارجية السعودي بأن السلطة الفلسطينية قادرة على السيطرة على غزة والضفة، بمثابة تبني لدور السلطة الفلسطينية تولي مسؤولية غزة التي سبق أن طردتها حماس منها عام 2007 إضافة للضفة الغربية، معا في اليوم الذي يلي انتهاء الحرب على غزة
أهمية التأكيد السعودي حول قدرة حركة فتح التي تتولي مسؤولية السلطة في الضفة وتقود منظمة التحرير الفلسطينية، وتحظى بقبول واعتراف دولي بصفتها منظمة التحرير الفلسطينية والدولة الفلسطينية، هي رسالة للداخل الفلسطيني وللكيان الصهيوني وللأطراف الدولية المساندة للعدو.
هذا الموقف السعودي ينطلق من حاجته إلى طرف فلسطيني لا يستند إلى كونه وريث مرحلة عرفات وحسب، وإنما إلى كونها سلطة شرعية تحظى بالقبول الشعبي الفلسطيني، وتستطيع التعامل مع العالم الخارجي، وفي القدرة على القيام يدروها كحكومة لكل الفلسطينيين، لأن السلطة الحالية في رام الله لا تستطيع أن تقنع أحدا أنها تحظى بقبول فلسطيني يمكنها من تحمل مسؤولية غزة والضفة، بعد الحرب والدمار الذي لحق غزة وأهلها، ليس من ناحية مبدأ أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وأن الضفة وغزة هما معا إقليم الدولة الفلسطينية ، ولكن في كونها تعاني من مشكلة في الأدوات التي تسيطر على السلطة الآن، فهي إضافة إلى أنها لا تعبر عن الواقع السياسي في الضفة وغزة، فهي تعاني من فساد وترهل وعدم كفاءة، ومكايدة سياسية ضد المنافسين عندما تتعامل كطرف مع القوى الأخرى وليس مظلة للجميع.
وتكون سلطة رام الله واهمة إذا ظنت أن محاذير مشاركة حماس في قيادة المرحلة المقبلة بسبب الفيتو الأمريكي والصهيوني وكذلك لدى بعض الأطراف العربية الرسمية الفاعلة، قد تمكنها من تولي المسؤولية دون اتفاق فلسطيني فلسطيني ابتداء، كونها لن تستطيع العمل في بيئة مناهضة وترفضهاـ دون اتفاق فلسطيني وهو غير متاح حتى الآن بسبب تعنت كل من السلطة وحماس لحسابات حزبية بحتة وغياب تقدير كلا منهما لشرط العمل المشترك لضرورات وطنية تعلو مصالح الطرفين الذاتية ، وهذا حتى الآن.
ومن جانب آخر فإن على حماس أن تدرك أن البيت الفلسطيني هو حماية لها في ظل الهجمة التي تستهدفها، وأن تكف عن الخلط بين المرحلي والاستراتيجي ، لأن حسابات ما قبل 7 أكتوبر يجب أن تختلف عما بعدهاـ فيما يتعلق بمفهوم الوحدة الوطنية التي يجب أن تتجاوز مفهوم المحاصصة الحزبية البغيضة إلى البحث عن نظام فلسطيني كفؤ وقادر بصرف النظر عن الانتماء الحزبي أو الفكري أو الديني في ظل محاولات تصفية القضية الفلسطينية. وأن تقتنع حماس أنه ليس مهما أن تشارك في السلطة بشكل مباشر لأن هذه المشاركة ستكون عقبة أمام قيام أي سلطة فلسطينية بدورها الداخلي والخارجي
ولمواجهة تعقيدات الوضع الفلسطيني بما يسمح بتجاوز حالة العجز والتفرد لدي السلطة، وذهنية تضخيم الذات بشكل مبالغ فيه لدى حماس، من المهم البحث في إحياء الإطار القيادي الفلسطيني ليكون هو المرجعية حتى تجري إعادة بناء منظمة التحرير لتشمل الجميع ضمن برنامج سياسي وكفاحي متفق عليه ينحاز لمصالح الشعب الفلسطيني بعيدا عن السقوف السياسية التي تحددها واشنطن والكيان الصهيوني، ومغادرة فتح وحماس لذهنية فلسفة الاستحواذ، والتعامل مع الشعب على أنه شعب واع مدرك وله تجربة غنية ويستطيع الاختيار.
ونقدر أن مفتاح حل هذا التعقيد في المشهد الفلسطيني على الصعيد الوطني وفي علاقته الخارجية، هو في أن تستوعب الأطراف الفلسطينية طبيعة اللحظة الراهنة، ضمن مقاربات تحفظ للبوصلة الفلسطينية اتجاهها ، مع إدراك أن ما قاله وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، من إن السلطة الفلسطينية قادرة بدعم المجتمع الدولي، على السيطرة على جميع الأراضي الفلسطينية،ليس مكافأة للسلطة في مواجهة غيرها من القوى الفلسطينية ، وإنما هو عبء على كاهل السلطة التي يجب أن تكون ممثلا لكل القوى الفلسطينية حتى المختلفة معهاـ وعدم منح أي قوة خارجية ضوءا أخصر صريح أو صمني لاستهداف أي مجموعة فلسطينية لصالح المشروع الصهيوني الأمريكي في سباق تصفية الحسابات الذاتية.
إن وعي الأطراف الفلسطينية أن طبيعة شرط اللحظة في بعدها الجيو سياسي الذي سيعقب محرقة غزة، بحاجة لإعادة قراءة للأولويات وتحديد ما هو ممكن تاريخيا كمشروع نضال، والممكن مرحليا الذي يحب الاتفاق عليه بين مجموع القوى الفلسطينية، ليكون مشروع وطن وليس مشروع فريق سياسي بعينه.
إن أي تجاهل للمتغير الدولي والإقليمي والعربي الذي نتج عن محرقة غزة ، أو خطأ في قراءة المأساة الإنسانية التي حلت بالقطاع بكل الدمار المادي وتأثيره المعنوي على غزة عبر التعامل ما جرى بخفة سياسية، وبُعد قَدَري، وكأنه انتصار فلسطيني ضمن مفهوم الصمود، فيما هي مجزرة مستمرة تتكرر بشكل دائم منذ عام 2008، غير أن فداحة ما جرى فاق هذه المرة كل جرائم الكيان الصهيوني السابقة، سيكون هذا التجاهل هو تعامل يفتقد للنزاهة الفكرية والسياسية والأخلاقية، لأن ما جرى كان كبيرا وكبيرا جدا لا يجب أن يمر دون استخلاص الدروس ، التي من شأنها أن تجنب أهل غزة تكرار المحرقة، وهذا لا يعني أن تكف غزة عن دورها الكفاحي، وإنما في كيف تمارس هدا الدور بكفاءة واقتدار يجنب أهل غزة أن يواجهوا مصيرهم وحدهم في مواجهة أي حماقة صهيونية مستقبلية تستهدف القطاع.
فهل تستجيب السلطة وحماس مع كل القوى لمتطلبات ما بعد محرقة غزة، ويعيدون الاعتبار للكيانية الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير كقائدة للنضال الوطني الفلسطيني على طريق التحرير والعودة؟ ذلك هو السؤال..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها