الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم نبشتُ عميقا في قبر الأحزان!!

كريمة مكي

2024 / 2 / 22
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


و أنا عائدة إلى الكاف في نهاية الأسبوع الماضي، أوقفت السيارة بجانب الطريق و وقفت طويلا أمام مقبرة ʺالكومنولثʺ بمجاز الباب...
سرحت بعيدا...
و تذكّرت هذه الحروب العبثية التي يتسلّى بها القادة و الرّؤساء لإطفاء لهب جراحهم و عقدهم النفسية العميقة غير عابئين بمصائر الأبرياء.
ما آخر هذا العبث...ما آخر حرب الإنسان على الإنسان؟؟؟
هؤلاء الجنود الذين جاؤوا يومها إلى تونس من بقاع بعيدة ليتقاتلوا فيها، هل كانوا مؤمنين بجدوى هذه الحرب التي قد تُكلّفهم حياتهم أو بعض أعضائهم بعد أن كلّفتهم وغثاء السّفر و وجع الانفصال عن الأهل و الوطن؟؟؟
هل كان أولئك القادة الذين أرسلوهم بأمر عسكري ليُريقوا دماء بعضهم في أرض ليست أرضهم، يَعْلَمُونَ كَمْ قلبا آلموا... و كم أُمّا أوجعوا... و كم أحِبّة فرّقوا...؟؟؟
إلى أيّ مدى يستسهل القادة إصدار الأمر بالحرب و بإزهاق النّفوس قبل الأجساد؟!
وقفتُ عند قبر لا أعرف صاحبه و لكنني أحببتُ أن أعرف على أيّ حال ، في تلك الساعة، يكون قد مات: أمات بجسد كامل أم دُفِنَ على أجزاء؟!
كم قَتل، قبل أن يُقتل، من الأعداء؟؟ و هل كان مؤمنا حقّا بأنّهم... حقّا أعداء! أم كان فقط مسايرا لما يقوله لهم القادة و الرّؤساء!!
ومع من تراه كان يقف يوم المعركة؟
هل كان من محور هتلر أم كان من جند الحلفاء؟
ترى هل مات مقهورا من أمر قائدهِ أم مات راضيا بنهايته؟!
و قبل ذلك:
أمات جائعا أم مات فقط... في منتهى الجوع و الإذلال؟!
ترى أي أكلة كان يحبّها أكثر من يدي أمّه؟
و هل كان مثلا يأمل أن تُسعفه الحرب فيأكلها يوما... إذا عاد إلى أمّهِ سالما من القتال؟؟؟
تصوّرته و هو يجيبني بإجابات صادقة من وحي لغة الحياة الأخرى التي لا تشبه ما هو سائد في هذه الدّنيا من منطق المخادعة و الرّياء!
ما أصدق اللّغة الأخرى...ما أصدق لغة السّماء!
عدتُ أتأمّل في القبور...
التفت لقبرٍ بجانبه و سألت نفسي عنه:
و هذا المجهول الآخر ترى كم ترك بعده من قلب أحبّه؟؟؟
كيف ترك، يوم الوداع، أمّه و أبوه و كلّ من أحبّه؟
هل وجد الوقت مثلا ليودّع قصّته مع قطته أو حتى مع الأشجار في شارع البيت أو في حديقته؟
و يوم اشتدّت عليه المعركة هنا في تونس، فيمن تراه يكون قد فكّر أوّلا: أفي دمع أمّه و أبيه أم في عيني حبيبته!؟
و الآن هل تراه سعيدا بموته و بدفنه بعيدا عن أهله و مدينته؟
ترى هل سيشكو لله العادل، جَوْرَ من كان مسؤولا عنه و ما اتّقى الله فيه و لا في فرقته؟
في هذه اللحظة فقط انتبهت إلى أني قد أقلقتُ راحة القتلى و نبشتُ كثيرا في الأحزان!!
تركت ضحايا حرب العالم على أرضنا يُكملون نومتهم و ركبت سيارتي باتجاه مدينتي و أنا أفكّر في إخوتنا اليوم في أرض فلسطين من ضحايا ذلك القائد العنيد و كلّ من كان في إطالة هذه الحرب... معه و على شَاكِلَتِهِ!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!