الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القومية عار على البشرية فعلاً!

فارس محمود

2024 / 2 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


في أوضاع "الهرج والمرج" التي تضرب في المنطقة، أوضاع القصف والقصف المقابل بين القوى المليشياتية وأمريكا واسرائيل و... قصفت ايران باكستان، زعمت باكستان ان مدنيين وأطفال ذهبوا ضحية هذا القصف، وردّت بقصف مقابل على ايران التي صرحت باستخفاف وتهكم بان من اصيب هم "من جنسيات اخرى"! أي ليس ثمة مشكلة في ذلك! أناس اخرين، أناس "غير ايرانيين"! اي طالما هم كذلك، فلا يوجد ما يعكر مزاج السلطة.
يتجلى في هذا الرد عمق وبشاعة النظرة القومية والتعامل والاستعلاء القومي. دماء "شعبنا" "عزيزة" و"مهمة"، بيد ان دماء "الاخرين" هي عديمة القيمة. ولكن حتى هنا ثمة كذبة كبيرة: علو قيمة "الدم الايراني" مقارنة بـ"الدم الأجنبي"!! ان هذه كذبة صلفة. فنظام الجمهورية الاسلامية في ايران نظام الاعدامات والقتل الجماعي، نظام الحروب والاغتيالات والقتل، نظام مصادرة ابسط الحقوق المدنية والسياسية، نظام "مفاتيح الجنة"* وإغتصاب السجينات الباكرات قبل إعدامهن**. ولكن، وكما بينت التجربة لقرون مديدة، ان من ترخص عليه دماء "الجنسيات الاخرى" كان قد حسم أمره مقدماً برخص دماء "شعبه"!
انها نظرة فاشية صرف. نظرة "تفوق" و"تميّز" و"أفضلية" و"إستعلاء" قسم من البشر على اخر. أفضلية ليست معلومة مبررها ولا أساس واقعي لها. ان هذا هو الخيط المشترك الذي يجمع كل الهويات سواء أكانت قومية أم دينية أم طائفية أم عشائرية أم عرقية. فانا لا أعرف ما هو فضل عشيرة في هذه المدينة أو تلك من مدن العراق على البشرية مثلاً؟! علمها؟! فهمها؟ّ! ابتكاراتها؟! علومها؟ ان لم يكن إشاعة أحط المشاعر والقيم والأخلاقيات والتقاليد! ان هذه المدن، كسائر مدن العالم، مفعمة بتاريخ وشخصيات ومنجزات ومكاسب فكرية واجتماعية قيّمة، ولكن ليس للعشيرة أو الدين أو القومية ربط بهذه المنجزات!
ان الهويات، سائر الهويات الدينية والقومية والطائفية والعشائرية، تستند الى اساس وجذر واحد، أفضلية قسم من البشر على الاخرين. لدى "السني"، أفضلية وتقدم "السني" على "الشيعي"، ولدى القومي التركي، افضلية "الترك" على "غير الترك"، ولدى العشائري أفضلية عشيرته الخاصة على سائر العشائر وقس على هذا. ان الهويات هي ذات النظرة التي روجت لـ"شعب الله المختار" و"كنتم خير أمة" و"تفوق العرق الالماني" و...غيرها. ولا تعيش الهوية دون "خلق عدو وهمي" لها. لا تعيش دون "اعداء متربصين لها" في الخارج أو على الحدود او... ان الهويات هي نزعة معادية للبشر ومقسّمة للبشر على أساس الهويات المعنية الزائفة والمختلقة لأناس لهم مصلحة من وراء ذلك.
الهوية توحد جماعة من البشر من أجل أهداف هي بالضد من الأغلبية الساحقة لهذه الجماعة. إنها مهمة من أجل الحروب و"الغزو" و"الصراعات" والسيطرة والهيمنة، من أجل توسيع سلطة وثروة قسم، الطبقات والهيئات البرجوازية الحاكمة، على حساب حياة ودماء الاغلبية الساحقة. والهويات مهمة كلحمة لاصقة لهذا الحشد الجمعي. أ لم نرى الى مَ أدت شعارات "ظلم الشيعة" و"الشيعة هي الاغلبية" والخ في العراق من هيمنة جماعات تحت وبحجة هذه اليافطة المغرضة والمخادعة على المجتمع ونهبها لثرواته وإغراقه في حمامات دم من أجل تلك المصالح؟!

*مفتاح الجنة: إبان الحرب العراقية الايرانية (1980-1988)، لجأت الجمهورية الاسلامية الى تكتيك غسل دماغ الاطفال الفقراء، بالاخص في القرى والارياف، بوضع "مفاتيح الجنة" على رقابهم وإقحامهم لحقول الالغام وتفجيرها باجسادهم الطرية كوسيلة "مجانية" لتفجير الالغام، وهذه المفاتيح هي مفاتيح دخول الجنة. اشرف على عملية تجييش الاطفال هذه وزار القرى من أجلها هو علي خامنئي نفسه.
** هناك نظرية "فقهية" اجرامية لانظمة قمع الجمهورية الاسلامية في ايران تقضي باغتصاب "العذراوات" المحكومات بالاعدام لان بقائهن "عذراوات" تدخلهن للجنة المزعومة!! وهي مكافئة "جنسية" لرجالات الدين والمجرمين والقتلة من القوات القمعية الامنية!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - القومية عار على البشرية فعلاً!
ازاد حسين ( 2024 / 2 / 23 - 11:50 )
اذا القومية عار على البشرية فعلاً! سيدي
سؤال لماذا كنتم مصقثين لاستفتاء البرزاني؟؟؟؟
كنتم ملكين اكثر من الملك البرزاني


2 - الفكر القومي غطاء للقمع للديكتاتوريات
د. لبيب سلطان ( 2024 / 2 / 23 - 19:33 )
تحية للاخ الكاتب
مقالة محقة وجميلة..
لم يعرف التاريخ المعاصر حركة قومية او سلطة قومجية الا وادت للقمع والديكتاتورية ...الامثلة القريبة صدام وبوتين وقبلهما هتلر وموسوليني
حركات تتلاعب بالمشاعر الوطنية وتوظفها لغرض السيطرة السياسية واقامة نظم القمع والحزب الواحد والقائد المبجل الواحد ..اي النظم الديكتاتورية
شكرا للاخ الكاتب