الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كولونتاي ولينين: نحو شيوعية تحرر النساء

ليزا فيثيرستون

2024 / 3 / 4
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


Joseph Beuys | Hearts of the Revolutionaries: Passage of the Planets of the Future 1955
الكاتبة: ليزا فيثيرستون

نشر المقال في موقع مجلة L’Anticapitaliste التي تسيطر عليها مجموعة عفشت الحزب المناهض للرأسمالية في فرنسا بتاريخ كانون الثاني/يناير 2024.

يمكن قراءة إلى جانب هذا المقال الأوراق المنشورة في هذه المدونة، خاصة التالية: كيف ناضل ماركس وإنغلز من أجل تحرير النساء، خارج الظل: البلشفيات والاشتراكية الروسية للكاتبة جودي كوكس، التعاون والصراع بين البلاشفة والنسويات للكاتبة سومة ماريك، كولونتاي والبلاشفة وتحرر النساء: قراءة نقدية للكاتبة جاكلين هينين، روسيا 1917: الجندر، الطبقة والبلاشفة، من هي ألكسندرا كولونتاي؟ للكاتبة ساندرا بلودورث.



خلاف المفكرين البلشفيين لم يكن قليلاً. لكن مثلهما المشتركة كانت أكثر أهمية. في الذكرى المئوية على وفاة لينين، من المناسب تفحص الدور الذي لعبه في النقاشات الاشتراكية المبكرة، والتي ما زالت سائدة في أوساط اليسار اليوم. تكشف خلافات لينين مع الكاتبة والأيديولوجية والديبلوماسية البلشفية ألكسندرا كولونتاي على نحو خاص عن تفكيرها.

ربطت الزعيمين الشيوعيين صداقة عميقة، رغم أنها اتسمت بالنزاع والخلاف حول العديد من المسائل. وقد أدت هذه المناقشات إلى حصول انقسامات سياسية وشخصية عميقة ودائمة. مع ذلك، إن نقاط الاتفاق بينهما قد تكون أكثر أهمية للاشتراكيين اليوم. والأهم من ذلك، هو أن كولونتاي ولينين اتفقا على مركزية تحرير النساء بالنسبة للشيوعية، وسعيا معاً من أجل تحقيق هذه المثل العليا.

لقاء حاسم

ولدت ألكسندرا كولونتاي في ظل وسط أرستقراطي، وباتت أهم المنشقات الطبقيات في التاريخ بعد زيارتها لأحد المصانع حيث شاهدت خلالها الظروف الصعبة والخطيرة المفروضة على العاملات، ولاحظت وفاة أحد الأطفال في حضانة المصنع، الذي كان برعاية طفلة بلغ عمرها 6 سنوات. كتبت كولونتاي لاحقاً عن هذه التجربة: “لقد فهمت عميقاً في قلبي أننا لا نستطيع العيش كما فعلنا حتى الآن، في ظل ظروف معيشية رهيبة وفي ظل نظام غير إنساني”. وكتبت في مكان آخر: “لقد شغلتني النساء ومصيرهن طوال حياتي، وقادني القلق على مصيرهن إلى الاشتراكية”.

في السنوات السابقة على الثورة الروسية، أثبتت كولونتاي نفسها ليس فقط كمدافعة عن العاملات، ولكن كذلك كمنظمة وخطيبة ومفكرة. ضد النسويات البرجوازيات اللواتي ادعين النضال من أجل المساواة بين الرجال والنساء داخل النظام الرأسمالي، قالت إن الحركة النسائية الشيوعية، بقيادة الطبقة العاملة، وحدها من تستطيع تحقيق المساواة الاجتماعية. كما كتبت عن العاملات اللواتي يضربن وينظمن في شوارع روسيا لتحقيق الثورة “من خلال النضال من أجل تغيير الظروف المعيشية، فإنهن يعلمن أنهن يساعدن كذلك على تغيير العلاقات الجندرية”.

مع ذلك، أدركت كولونتاي أن تحقيق المساواة لن يتحقق مع تفكك الرأسمالية، لذلك اشتغلت على بناء شيوعية تعنى على نحو خاص بتحرير النساء، وناضلت في بعض الأوقات ضد الشيوعيين الذين لم يشاركوها هذا المسعى.

لم يكن لينين من الشيوعيين البطريركيين. فقد اتفق تماماً مع كولونتاي على أن العاملات هن في قلب الثورة الشيوعية ولديهن اهتمامات محددة لا يمكن معالجتها إلا بواسطة الشيوعية. وكتب لينين، أنه إضافة إلى تعرضهن للاستغلال من جانب الرأسمالية، فإن النساء هن “عبيد غرف النوم والحضانات والمطابخ”. كان يعتقد أن الشيوعية ستحرر النساء من التبعية البطريركية ورتابة الأعمال المنزلية، واعتبر أنها مضيعة لعمل النساء القيم وساهم ذلك في اضطهادها داخل البيت، الذي وصفه بـ “العبودية المنزلية”.

تأثر لينين بشدة بالشيوعيات المحيطات به، وكانت كولونتاي في أغلب الأحوال من هذه الحلقة. دعم لينين الحق بالإجهاض ومنع الحمل والطلاق، وهي نقطة سجالية على نحو خاص مع الاشتراكيين، حيث اعتبر البعض أن ذلك سيؤدي على المدى القصير إلى التسبب ببؤس النساء والأطفال لأنهم/ن سيكونون/ن فقراء للغاية، بحيث لا يمكنهم/ن الاستمرار من دون رجال. ورغم اعترافه بالمشكلة، أصر لينين على أنه طالما لم تتمكن النساء من اتخاذ القرارات المرتبطة بحياتهن، فإنهن لن يتمتعن بحقوقهن الديمقراطية الكاملة.

ولعب لينين وكولونتاي، إلى جانب رفيقتيهما كلارا زيتكن، دوراً فعالاً في تأسيس اليوم العالمي للنساء، الذي ما زلنا نحتفل به حتى اليوم (على الرغم من التعفيش الرأسمالي له). وبتأثير من كولونتاي، كتب لينين: “إذا لم نجتذب النساء إلى النضال العام، في الميليشيات، وفي الحياة السياسية- إذا لم نبعدهن عن الجو الخانق للمنزل والمطبخ- فسيكون مستحيلاً تحقيق الحرية الحقيقية. وسيكون مستحيلاً ضمان الديمقراطية، دون الحديث عن الاشتراكية”. في الواقع، إن تنظيم العاملات، اللواتي هن عرضة للاستغلال الشديد في العمل والمرهقات بفعل يوم العمل الثاني في المنزل، كان حاسماً في نجاح الثورة البلشفية.

لم يكن الأمر مجرد اتفاق فلسفي بين مفكرين فلسفيين، إنما كان التزاماً مؤسساتياً عميقاً: بعد الثورة، عين لينين كولونتاي على رأس مفوضية المساعدة العامة [ما يوازي وزارة الصحة]، وهو المنصب الذي عملت من خلاله على تشريع الإجهاض، والطلاق وتحديد النسل. كما طبقت المساواة في الراتب بين الرجال والنساء وأقرت إجازة مدفوعة الأجر للأمهات الجدد، واستبدل الزواج الديني بالزواج المدني. وألغي تجريم العمل الجنسي وألغيت وضعية “الطفل غير الشرعي” لمن ولد من والدين غير متزوجين [بموجب عقد رسمي].

كذلك ، أنشأت كولونتاي حضانات بإدارة الحكومة، حيث يمكن للأمهات الاستراحة مع أطفالهن بعد الولادة. ودعمت الرضاعة الطبيعية عن طريق السياسات الحكومية، وأنشئت مطابخ ومغاسل جماعية لتخفيف الأعمال المنزلية على العاملات (لم تكن هذه المبادرات ناجحة دائماً، بسبب النقص بالتمويل، وتدهور جودة الخدمات: كان الطعام سيئاً وتمزقت الثياب في الكثير من الأحيان في المغاسل).

خلال هذه الفترة الواعدة، أقر الاتحاد السوفياتي كذلك حق النساء بالتصويت، قبل الولايات المتحدة بسنوات قليلة. عام 1919، أسست كولونتاي وإيناس أرمان، رفيقة أخرى مقربة من لينين، الجينوتديل، قسم خاص لاحتياجات النساء متربط بقيادة الحزب الشيوعي.

لا حرب بين الشعوب، ولا سلام بين الطبقات!

وعلى نحو أقل براغماتية، ولكن على نفس المستوى من الأهمية بالنسبة لتاريخ الفكر المناهض للإمبريالية، كان المناضلان متحدين كذلك في إدانة الحرب العالمية الأولى. وفي حين انضم الاشتراكيون الأوروبيون إلى موقف حكوماتهم الداعم لسفك الدماء المأساوي، كان لينين وكولونتاي- الخصمان السياسيان غالباً في السنوات التي سبقت ثورة أكتوبر- متحدين في معارضة الحرب الامبريالية والأسباب التي بررت لها.

كانت كولونتاي عضوة في الفصيل المنشفي حتى عام 1914، عندما انضمت إلى البلاشفة بسبب موقفهم المناهض للحرب. عام 1916، كتبت أن سبب الحرب هو الرأسمالية، واعتبرت أنه على عمال العالم الاتحاد ضد الطبقة الحاكمة بدلاً من قتل بعضهم البعض. وقالت: “عدوي موجود في بلدي، وهذا ينطبق على كل عمال العالم”. تعاونت مع لينين بشكل وثيق في كتابة الأوراق والبيانات من هذا النوع، في محاولة لتعبئة الأحزاب الاشتراكية في الدول الأخرى لصالح هذا الموقف المناهض للحرب.

أدت مناقشات كولونتاي مع لينين حول كيفية صياغة الموقف الشيوعي المناهض للحرب إلى قيام لينين بتمييز هام، فقد رفض ما سماه السلامية “البرجوازية الصغيرة” و”المناطقية” التي تدين “الحرب بشكل عام”. وكما أوضح في رسالة كتبها عام 1915 إلى كولونتاي، حيث نقح فيها بياناً ماركسياً أممياً معارضاً للحرب العالمية الأولى لعرضه على المؤتمر الاشتراكي الأممية الأول: “إنها ليست ماركسية… أعتقد أنه من الخطأ نظرياً، والمضر من الناحية العملية، عدم التمييز بين أنواع مختلفة من الحروب. لا يمكننا أن نكون ضد حروب التحرير الوطني” (على سبيل المثال، النضالات المناهضة للكولونيالية في دول مثل الهند لتحريرها من الهيمنة البريطانية). كذلك، لم تكن كولونتاي من دعاة السلام، وشجعت دوماً: “دعونا نوجه بنادقنا ومسدساتنا ضد أعدائنا المشتركين الحقيقيين”، أي ضد الرأسماليين. وفي وقت لاحق، حوّل الشيوعيون هذه الفكرة إلى شعار لافت “لا حرب بين الشعوب، ولا سلام بين الطبقات!”.

الاختلافات

مع ذلك، كان لدى المفكرين كذلك اختلافات جذرية. بعد سنوات قليلة من الثورة، انضمت كولونتاي إلى تكتل المعارضة العمالية، الذي انتقد البيروقراطية داخل الحزب وشعر بالقلق من واقع أن العمال لم يعد لهم تمثيل. في كتيب نشر عام 1921، دعت إلى زيادة السلطة النقابية، وناهضت ما اعتبرته سلطة متنامية لمهنيي طبقة التكنوقراطيين داخل الحزب والحكومة. وفي العام التالي، تبنى لينين قراراً حزبياً قضى بحل التكتلات، ما أنهى عملياً المعارضة العمالية. وكان ذلك نهاية تأثيرها على لينين والبلاشفة.

في وقت لاحق، همشت كولونتاي داخل الحكومة والحزب الشيوعي، على الرغم من أنها عملت لفترة طويلة في السلك الديبلوماسي كممثلة مخلصة للاتحاد السوفياتي في النروج والمكسيك والسويد. بعد تهميش كولونتاي، بات القادة السوفيات أقل التزاماً بقضية المساواة، سواء بسبب النقص بالوسائل اللازمة لتحقيق ذلك أو من خلال استمرار المواقف البطريركية، لدرجة أنه، وبعد وفاة لينين، حلّ ستالين قسم الجينوتديل ومنع الإجهاض من جديد. (1)

اختلف لينين وكولونتاي كذلك حول الأخلاق الجنسية: ففي حين أكدت في كثير من الأحيان أن الشيوعية ستؤدي إلى نوع مختلف من الحب أقل تملكاً بين الرجال والنساء، بالإضافة إلى أخلاقيات جنسية أكثر حداثة، اعتبر لينين أن مثل هذه الأفكار تحللية وتافهة. لم تكن كولونتاي المرأة الوحيدة المقربة من لينين التي اختلفت معه حول هذه القضايا، إذ عارضته كذلك إيناس أرماند وكلارا زيتكين.

ونظراً لدعمه الحق بالإجهاض، وحتى عدم تجريم العمل الجنسي، لا يمكن القول إن لينين كان محافظاً، لكنه كان منزعجاً أحياناً من جذرية النساء من حوله. ولم يكن الوحيد في هذا الموقف: فأفكار كولونتاي حول الأخلاق الجنسية كانت في الكثير من الأحيان موضع استهزاء من قبل الرفاق الشيوعيين المحافظين اجتماعياً، وأحياناً عبروا عن ذلك بعبارات منحطة ومتحيزة جدرياً. وكما كتبت شيلا روبوثام عام 1971، تعرضت أفكار كولونتاي حول الحب الحر للانتقاد الشديد من قبل نساء الطبقة العاملة، نظراً لأن وسائل منع الحمل لم تكن متوفرة على نطاق واسع: “الفلاحات يعلمن جيداً” كما مازحت روبوثام، “إذا كنت تريد ممارسة التزلج، عليك أن تكون جاهزاً لتسلق التلة”. (2)

الاشتراكية والعائلة

ما زالت القضايا التي اختلف حولها لينين وكولونتاي موضع نقاش. في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، كثيراً ما تتعرض منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين وسواها من المنظمات الثورية للانتقاد لأن الكثير من أعضائها وقيادتها تنحدر مما أسمته باربرا وجون إيرينريتش (3) “الطبقة المحترفة والإدارية [طبقة الكوادر] بدلاً من انحدارها من الطبقة العاملة.

وعلى غرار كتيب كولونتاي الذي صدر عام 1921، بعنوان “المعارضة العمالية”، يؤكد العديد من هؤلاء النقاد أن النقابية القاعدية تشكل مساحة أكثر صلابة للتنظيم الاشتراكي من المشاركة في الانتخابات أو الحشد حول صراعات محصورة. ولكن الزوجين إيرينيتش أنفسهما أيدا أن بلترة المهن- ويمكن الإضافة، الصعوبة المتزايدة في تحقيق مستويات معيشية للطبقة الوسطى بسبب ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية والإسكان والتعليم الجامعي- قد خلقت وضعاً يريد فيه بعض ما يسمى بـ “طبقة الكوادر المهنيين” الاشتراكية بشكل فعلي ويستعملون تعليمهم وخبرتهم لصالح القضية (كما هو حال النقابوية مقابل الانتخابوية، والأخيرتان مهمتان، وليس هناك أي جدوى من الضغط من أجل المشاركة في الانتخابات: ففي السنوات الأخيرة، حقق الاشتراكيون انتصارات باستعمال التكتيكين).

يمكن كذلك أن تكون الأخلاق الجنسية عاملاً مثيراً للخلافات بين الاشتراكيين. ورغم أن أحداً لم يعد يجادل في أن “الحب الحر” سيكون عنصراً من عناصر المجتمع الشيوعي- فقد بات التابو الذي كان يعتبر التحرر الجنسي انحلالاً أخلاقياً من الماضي، وبدأت حركة إلغاء الاستعباد العائلي على نحو طفيف بين المثقفين الماركسيين. في حين يرحب البعض بالاشتراكية كوسيلة لتعزيز الأسرة النووية، ومنح الناس المزيد من الوقت للتخلص من عبودية الأجر لتربية أطفالهم والسماح لهم بالحصول على رعاية لأطفالهم وتعليم جامعي مجاني، يفضل البعض الآخر الاستمتاع بالمشروع الاشتراكي للتحرر من العلاقات الإلزامية، والذي يسمح لنا بالبقاء إقتصادياً خارج نطاق الزواج أو الأسرة النووية.

في الواقع، تهدف الاشتراكية إلى تحسين حياة الناس الحميمية بطرق مختلفة، وهما لا يتعارضان بالضرورة. شخصياً، أفضل تبني فكرة “التوسعية العائلية” التي طرحتها كريستين غودسي، (4) القائمة على أفكار كولونتاي حول أشركة/جمعنة المهام العائلية، وهو مفهوم يترك الأفق السياسي مفتوحاً بما خص كيفية اختيار الناس لتنظيم حياتهم الخاصة، لو توفر لهم قدر أكبر من الحرية الاقتصادية.

كولونتاي نفسها، كإنغلز قبلها وسيمون دو بوفوار بعدها، لم تقرر ما إذا كانت الأسرة يجب أن تختفي أم لا، لكنها كانت أكيدة- وأصرت على هذه النقطة- من أنها ستتحول عبر سلسلة من التغييرات العميقة في البنية الاجتماعية والظروف المادية للوجود. واعتبرت أنه بفضل تحسن الظروف المعيشية للنساء، ستتغير الحياة العائلية نحو الأفضل.

اليوم، لم تعد مسألة إلغاء العائلة تشكل إنقساماً نظرياً بحتاً، لأن كل الاشتراكيين متفقون على حقيقة أن الآباء يحتاجون إلى المزيد من المساعدة، وأن دور الحضانة ينبغي أن تكون مجانية، على سبيل المثال. لكن بعض القضايا الاجتماعية اليوم تستمر في تقسيم الاشتراكيين. ففي المكسيك، مثلاً، تبنى الرئيس لوبيز أوبرادو العديد من السياسات الاقتصادية اليسارية في حين طور خطابا مناهضاً للمثليين والعابرين، وينطبق الشيء نفسه على القادة الصينيين. في حين يتواجد محافظون اشتراكيون معادون لحقوق مجتمع الميم في الأوساط الفكرية الأنغلوسكسونية، وقد تبنوا أفكاراً اقتصادية اشتراكية ديمقراطية.

مع ذلك، يؤيد جزء كبير من اليسار العالمي حقوق الأقليات الجندرية وأمانها وحرياتها، سواء عن طريق التضامن أو كجزء من رؤية مناهضة للنظام البطريركي ويمكن اعتبارها استمراراً لإرث كولونتاي والتي قد تتعارض مع وجهة نظر لينين الأكثر تحفظاً.

الراهنية

على الرغم من أن الصراعات بينهما ما زال صداها يتردد حتى اليوم، لكن لحظات التقارب بين لينين وكولونتاي هي أكثر أهمية لتسليط الضوء عليها، حيث أن الحرب ووضع النساء هما مصدر قلق عميق في الأمور الراهنة.

مع عودة الفاشية البطريركية في العالم والغياب التام للإجابات التي تقدمها أحزاب الوسط، من المفيد التذكير بالالتزام المشترك للينين وكولونتاي لصالح حقوق النساء، من الحق بالإجهاض وصولاً إلى إجازة الأمومة المدفوعة. كذلك، علينا إعادة إحياء معارضتهما للحرب الإمبريالية، وهو الموقف الذي استمر قوياً في دول الجنوب، في حين ضعف لدرجة كبيرة في الولايات المتحدة وأوروبا في السنوات الأخيرة.

إن الإطلاع على أفكار هذين القياديين الشيوعيين ينبغي أن يشجعنا على إعادة المساواة الجندرية ومعاداة الإمبريالية إلى مركز الفكر اليساري. إن القضايا التي اختلف حولها لينين وكولونتاي مثيرة للاهتمام ولكن أهميتها قليلة اليوم: فنحن، كاشتراكيين، نصنع التاريخ حقاً عندما نكون قادرين على إيجاد أرضية مشتركة. على الرغم من أن لينين وكولونتاي لم يخلقا شيوعية تحرر النساء حقاً، لكنهما طبقا العديد من السياسات التقدمية التي بدلت حياة النساء السوفيتات، والتي، وبحسبما أوضحت كريستين غودسي، تضغط على الحكومات الرأسمالية في كل أنحاء العالم لفعل الشيء نفسه (كذا- الملاحظة من المدونة).

في آذار/مارس 1917، قبل أشهر من الثورة، كتب لينين إلى كولونتاي رسالة دافئة ومشجعة، ومليئة بالوعود عن العالم الذي كانا يبنياه. استعمل في الرسالة عبارات محترمة، ولكن مجاملة كذلك مثل: “أنتم- أطيب الأمنيات”، وحتى “أتمنى لكم كل التوفيق”. في ذلك الوقت، فكّر لينين في السلطة التي كانت تبنى داخل الطبقة العاملة من أجل نيل “الخبز والسلام والحرية”. اليوم، تعيد هذه الكلمات إحياء قوة الصداقة الحميمة والمثل العليا التي ما زال العالم في أشد الحاجة إليها.

الهوامش

1. منع الإجهاض عام 1936، ثم أعيد السماح بإجرائه عام 1955.

2. شيلا ربوثام (1943) مؤرخة إنكليزية اشتراكية ونسوية.

3. كانت إيرين إيرينيتش (1941-2020)، إلى جانب آخرين، شخصية مركزية في منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين الأميركية، عالمة وصحافية ومؤلفة وسياسية. كتبت العديد من الكتب إلى جانب زوجها السابق جون، عالم النفس السريري والناقد الاشتراكي الأميركي.

4. كريستين غودسي (1970)، إثنوغرافية أميركية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم


.. كلمات ادريس الراضي وخديجة الهلالي وعبد الإله بن عبد السلام.




.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين داعمين لغزة أمام متحف جا


.. الشرطة الأميركية تواجه المتظاهرين بدراجات هوائية




.. الشرطة الأميركية تعتقل متظاهرين مؤيدين لفلسطين وتفكك مخيما ت