الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تآكل المعارضة السورية.. وتحولها إلى الممارضة السورية..

سيلفان سايدو
حقوقي وكاتب صحافي

(Silvan Saydo)

2006 / 11 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


من الواضح أنّ السواد الأعظم من قوى المعارضة في المنطقة مرت.. وتمر بأزمات صعبة وخانقة، وبالتالي فلا يمكن بأي حال إرجاع هذه الوضعية المعقدة إلى قمعية نظم حكوماتها الديكتاتورية وانكماشها فحسب، بل لأن هناك اعتبار أن نتاج وجود هذه القوى كانت وليدة ماولدتها الساحة السياسية للمنطقة، حيث تعاملت مع هذه الحالة وأضحت نسخة مستنسخة منها. وبالتالي فأن الأحزاب الوطنية، التي تولدت عن حركات التحرر والمقاومة انهارت في الغالب، كما أن زخم التشكيلات الأيديولوجية التعبوية التي ظهرت في حقبة المد القومي واليساري تراجعت وانحسر ، وإن كانت ثمة بعض بقاياها التي تحاول تنعيش نفسها عبثاً بجرعات مسكنة.. وتلك تشكل استثناء لها.. حتى وإن كانت بعض المقاربات تركز على اثر انحسار العامل الأيديولوجي على تركيبة وأداء الأحزاب السياسية، غير أن هذا العامل ليس إلا عنصر واحد من المعادلة التي تتجاوز أبعادها الإطار الإقليمي الضيق.
-2-
ويبدو للمتتبع للشـأن السوري بحكومته المنحسرة سياسياً.. التي كانت تنتظر انتظار الشاة قبل أن تساق إلى الذبح لفترة، سيما بعد سقوط نظيرتها وشقيقتها في بغداد. مع قوى معارضتها المختلفة المتهالكة (إعلان دمشق، جبهة الإنقاذ، قوى وتيارات كردية، وأخرى..) ، قد يعتقد المراقب للوهلة الأولى أنه يستطيع تكوين فكرة عامة عن المعارضة السورية "المريضة" وعن طبيعة عملها، وكذلك عن هوية ممثليها .. لكن سرعان ما سيضطر إلى الأخذ بتكتيك آخر... بعد أن تتلاشى كافة الخيوط التي توصل إليها.. وهي بطبيعة الحال مرتبطة بتكويناتها وأختلافاتها وحساباها وارتباطاتها..
يقول مثل يهودي (بحكم علاقتهم بالمال والسياسة): "إنّ المال والسياسة يحولان الإنسان إلى حيوان". لكن في واقع لا وجود.. لا العقلية السياسية ولا الأموال.. ولا هم يحزنون.. فماذا يصبح الإنسان حينذاك وهو أمام استحقاقات؟ وهي الحالة التي فيها المعارضة السورية بكافة أطيافها وتوجهاتها ومشاربها..!
-3-
هكذا وبينما توجه السلطات السورية الأمنية أنظار وأهتمامات الغرب وتشغلها بالأوضاع المأساوية في العراق بدعم المد الإرهابي فيه، وإلى الدعم السياسي للأصولية الإسلامية حركة (الحماس) في الأراضي الفلسطينية لتكون حجرة العثرة أمام كل المحاولات اليائسة للرئيس أبو مازن، لبنان بالطبع. فضلاً عن أنها لم تتوان ولو (للحظة) في الاستمرار بسياستها في احتواء عمل أجنحة المعارضة السورية في الداخل (التي تحت رحمتها) وفي الخارج في نزف محاولتها ما أمكن.. من خلال تسويات وصفقات من وراء الكواليس مع الدول الغربية.
في المقابل وبينما تتحرك على قدم وساق، بعض أجنحة "الممارضة السورية" بين الدول الأوروبية (وإن كانت حركاتها بلا بركة) تساير بعض القوى التي تدرج نفسها في خانقة "المعارضة" بمحاولاتها بسحب البساط من تحت أقدام نظيراتها.. سيما العربية منها.
أما الأطراف الكردية، فلا ندري موقعها بالضبط من خارطة كل هذه التحركات، هذا إن كانوا على دراية عما يجري أما..؟ فقط أن لا تجاوبنا، بأنها غير معنية بها، حتى نحكم بسذاجة عقليتهم السياسية، المنغمسة فيها على امتداد تاريخهم الغير المشرّف. لأنها دائماً رغم شرذمتها، كانت في دأبها الحثيث البحث عن إجهاض محاولات أخواتها..
ومن سخريات الزمن وعمل "الممارضة السورية".. بات الذي نقل سوريا من مرحلة تاريخية دموية (بتفاهم مع أخيه الجلاد) إلى مرحلة أكثر دموية ووحشية و.. يتحدث اليوم عن مستقبل سوريا المشرق، ويخطط لعقد مؤتمر شامل للتجمع القومي الموحد الذي يقوده لمناقشة الأمور المستجدة علي الساحة السورية ومستقبل سورية ووضع آليات التحرك للمرحلة المقبلة، بينما يعكف بنقل مكتبه إلى لندن نظراً للثقل السياسي الذي تتمتع به، على حد تعبير متحدثه.. فسبحان الذي يغير الأحوال!!
-4-
وبينما كان من المؤمل أن تخرج "جبهة الإنقاذ" إلى الساحة بفاعلية أكثر وأنجع.. قياساً للدعم والتأييد الواسعين الذيّن نالهما غداة نجاح مؤتمرها في حزيران الماضي.. بيد أنّها انضمت هي الأخرى إلى صف الممارضة السورية التي تتحف الشعب السوري (المغبون به) بمزيد من خواء مشاريعها السياسية.. ربما بسبب هزالة برامجها وعطب ديناميتها، وعجزها عن تشكيل بديل فاعل يقود عملية التغيير... وبطبيعة الحال هذا ما يفعّل من ازدياد روح السلبية واللامبالاة في الأوساط الشعبية وانكماشها عن المشاركة في الشأن العام وتراجع اهتمامها بقضايا الإصلاح في البلاد.
لذا فعرض الأسباب الموضوعية لا يعفي أحد عن مسؤولياتها ودورها فيما وصل إليه «الممارضة السورية» بعجزها عن التحول إلى مركز استقطاب سياسي والى قائد لعملية التغيير الديموقراطي، خاصة وأنّ ثلة "اعلان دمشق" الذي ربما ما يميزه عن بقية نظرائه هو جامع لخليط سلبيات "الممارضة السورية" بامتياز، وفيه من مظاهر ذلك.. حدث ولا حرج..
-5-
ويبدو لناظره أنه لا يمكن "للممارضة السورية" أن تتخطى ضعفها واعتلالها المزمن، وتنجح في استقطاب الجمهور، لتظهر نفسها كقوة متميزة. كون حضورها على مستوى السياسي والشعبي في البلاد لا تزال تعاني من الإشكالات السياسية والتنظيمية الحادة، وهي ما تمنع من استنبات النموذج الفاعل للمعارضة الفاعلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال