الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزعيم مداحا

علاء الزيدي

2006 / 11 / 30
الادب والفن


إكتسب الفنان الكوميدي المصري عادل إمام شهرته من أمرين :
الأول : مواصفاته الكوميدية الفطرية وقدرته الفائقة على الإضحاك ، حتى بمجرد الصمت والتحديق في الآخر ، مستفيدا ً في ذلك من الدمامة النسبية التي يتميز بها ، والتي لاتعد شينا ً عليه بطبيعة الحال ، إن لم تضف له المزيد من دواعي الاحترام ، بعد أن نقلها بخفة دمه وعذوبة روحه من حيز السلب إلى فضاء الإيجاب .
والثاني : جرأته في توجيه النقد إلى أعلى المستويات الرسمية في الدولة ، عموم الدولة ودون هوية محددة ، سواء ً في أفلامه الكثيرة ، أو في مسرحياته الشهيرة ، وعلى وجه الخصوص " شاهد مشافش حاجة " و " الزعيم " .
إنما لهذا الفنان الكبير، الذي نهرع إلى أعماله الفنية الخالدة ، كلما ادلهمـّت سماء نفوسنا بسحب الاكتئاب والاغتمام ، عيوبه ونواقصه بالطبع. فهو إنسان يخطىء ويصيب كغيره ، وإن تعيـّن عليه كشخصية اجتماعية أن يلتفت إلى عيوبه ونقائصه ويصلحها أكثر وأسرع من غيره . وربما كان أبرز مايشينه - في نظري – استغراقه في التعبير عن الجوع الجنسي الغريزي ، في جميع أعماله الفنية على وجه التقريب ، ما دعاني إلى الاعتقاد بأنه إما أرمل أو مطلـّق أو منفصل ( وهو أمر لم يحدث ) أو يعاني من مرض نفسي ذي علاقة بالجنس ، أو من حرمان لأسباب جسدية ، والأمران الأخيران يمكن علاجهما ، خاصة وأن الفنان المحبوب من أصحاب الملايين ( ماشاء الله لاقوة إلا بالله ) .
خلال اللقاء الذي أجرته معه الإعلامية المصرية هالة سرحان ، في سياق برنامجها التلفزيوني المعروف " هالة شو " ، والذي تبثه هذه الأيام قناة " روتانا سينما " ، وقيل أن القناة أعطته لقاءه عشرة ملايين دولار فقط ، يتمنى الفلاسفة والأدباء والكتـّاب الكبار في العالم ربعها أو ثلثها لقاء الحديث عن تجاربهم الغنية و نظرياتهم التي قلبت وجه التاريخ ، والتي لاتشكل إزاءها " نظريات " فناننا الرائع التي عبـّر عنها في البرنامج إلا خربشات طفل في حضرة فان كوخ ، في هذا اللقاء أقول : أضاف فناننا البارز " نقيصة " أخرى إلى ماذكرت ، لكنها أكثر خطرا ً وأشد ّ تأثيرا ً ، على وعي الناس ومصائرهم ومستقبلهم ، وسمعة الفنان وتاريخه على حد ٍّّ سواء .
توجـّه الفنان عادل إمام ، على حين غرّة ومن دون أن تطلب منه الدكتورة هالة سرحان ذلك ، بمديح مبالغ فيه ، للرئيس المصري حسني مبارك ، مبرراً ذلك بأنه تدخـّل أكثر من مرة لإجازة بعض أعماله والترخيص لها ، رغم الممانعة المبدئية لرقابة المصنفات الفنية في ذلك . وضرب لذلك مثلا ً أحد أفلامه الأخيرة " السفارة في العمارة " ، مشيرا ً إلى أن الرقابة كانت في صدد حذف الكثير من مشاهد الفلم أو منعه ، لكن لجوءه إلى الرئيس حسني ( وقد رفض الإجابة على سؤال لهالة حول كيفية اتصاله بالرئيس ) وموافقة الرئيس على الفلم كما هو ، اضطرا وزير الداخلية إلى التوقيع بالحبر الأحمر على الفلم بكلمة " موافق " كبيرة جدا ً ، رسمها إمام بيده في الهواء بحركة كوميدية مميزة ، ثم أردف بأن الوزير يؤشر عادة ً بعلامة ( صح ) أو ( خطأ ) لإجازة الفلم أو منعه !
الفنان عادل إمام ، ليس الأول ولن يكون الأخير ، في جوقة المصفقين والمداحين للرئيس والزعيم ، أي رئيس وأي زعيم ، لكن الجديد في الأمر أننا في صدد الاقتناع بما تبثه المعارضات المختلفة للزعامات والرئاسات المختلفة في البلدان المختلفة ، من أن الأعمال الفنية الناقدة للدولة وسياساتها ، إنما تأتي من باب توفير صمام أمان يجنـّب الدولة والزعامة انفجار أبناء الشعب الناقمين في وجهيهما ، وأن هذه الأعمال الفنية تجاز بكل تفاصيلها من أعلى المستويات ، وخاصة في سورية ( تجربة الفنان دريد لحـّام ) ومصر ( تجربة الفنان عادل إمام على وجه التحديد وكذلك تجارب آخرين )وهي ليست عفوية وبنت ساعتها أبدا ً .
وعلى كل حال ، فليس الرئيس مبارك الأول من بين الرؤساء العرب ممن يسنـّون القوانين ويمنعون أويجيزون في لحظة واحدة ماتجيزه أو تمنعه المؤسسات الرسمية التي يفترض احترامها كراعية لمصالح المجتمع . فقد سبقه إلى ذلك وسيلحقه كثيرون ، أبرزهم على الإطلاق الرئيس العراقي الأسبق والمدان صدام ، الذي كان عندما يطلب منه شخص إجراء ً عاجلا ً لحل مشكلة إدارية أو رسمية تعترض معاملته ، مهما كانت هذه المعاملة غير قانونية ، يلتفت إلى مرافقه الأقدم صباح مرزة قائلا ً له عبارته الشهيرة " صباح .. سوّي له قانون " !
وكذلك ، ليس الفنان عادل إمام أول ولا آخر " زعيم " يخذل من اختاروه للزعامة ، فيضطرهم لإعادة النظر في قناعاتهم !


عيون الكلام : الشيخ إمام عيسى : الحكومة تود أن تطبق شبه ديمقراطية تفاديا ً لانفجار تراكمات نتيجة لمواقفها الصعبة ، وعلى الرغم من ذلك ، فهذا الهامش من الديمقراطية ماهو إلا سلوك ديمقراطي صوري .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رواية جديدة حول مكان السنوار


.. عوام في بحر الكلام -ليه نظلم شفيقة.. الشاعر جمال بخيت يحكي ق




.. عوام في بحر الكلام - صاحب أشهر سيرة شعبية في القرن العشرين..


.. عوام في بحر الكلام - الصعايدة هما أساس الجناس.. الشاعر جمال




.. قبل الامتحانات.. خلاصة مادة اللغة الإنجليزية لطلاب الثانوية