الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام الكولونيالي و الحماية الإمبريالية

كوسلا ابشن

2024 / 2 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


لا يجادل المؤرخون و العارفون بتاريخ شمال إفريقيا بأن العروبة المزعومة لتامازغا (بلاد الأمازيغ), وهم خارج عن التاريخ, و أن الأنظمة الكولونيالية المتحكمة حاليا في مصير بلاد الأمازيغ, من صنع الإمبريالية العاليمة. النظام الإمبريالي العالمي لم يتخلى عن حماية صنيعته, ما دامت هذه الأخيرة متشبثة بتبعيتها السياسية و الإقتصادية للقوى الإمبريالية.
في الآونة الأخيرة ساد الجمود و التوتر في العلاقات السياسية بين الأم فرنسا و الإبن الغير الشرعي, البيدق العلوي. و رغم الصراع الظاهري الذي روجه الإعلام الأصفر, فإن العلاقات التبعية و الزابونية لم تنقطع بين الإمبريالية الفرنسية و النظام الكولونيالي في بلاد الأمازيغ, على المستوى الإقتصادي أو التعاون العسكري, على عكس الأحداث و المواقف المتناقضة. حماية النظام الكولونيالي ما زالت مهمة الإمبريالية العالمية و لذا فهذه الأخيرة تحرص على مراقبة كل صغيرة و كبيرة في شمال إفريقيا, و جمع كل المعلومات الإستخباراتية تخص المنطقة و النظام الكولونيالي و حركة التحرر الأمازيغية, لبناء إستراتيجية متوافقة مع الأحداث الواقعية. في المدة الأخيرة تهافتت الإمبريالية و بيدقها الكولونيالي على إجراء التداريب و المناورات العسكرية, تحسبا لحدث غير معلن و قد يهدد الوجود الكولونيالي و الإمبريالي العالمي في المنطقة على حد السواء. كما هو معلوم, في كل سنة تنطلق فوق التراب الأمازيغي مناورات عسكرية بإسم الأسد الإفريقي, مشتركة بين الدول الإمبريالية بقيادة القيادة الإفريقية للجيش الأمريكي (أفريكوم) والجيش العلوي, و مؤخرا إنضم الى المشاركين في المناورات ضباط من الجيش الإسرائيلي, تتويجا لإستئناف العلاقات العلوية الإسرائيلية و إستمرارا للتعاون العسكري المشترك ( الآمن و الدفاع). في الإتجاه الإستعدادات العسكرية كذلك لحرب إفتراضية, أجرت القوات الفرنسية و العلوية مناورات عسكرية برية و جوية في منطقة الراشدية تحت إسم "الشرقي", كما شاركت القوات البحرية العلوية في مناورات عسكرية في البحر المتوسط أشرف عليها الناتو, و كل هذه التداريب و المناورات هدفها تعزيز القدرات القتالية للجيش العلوي. ما يثير أكثر من سؤال هو التدريب العسكري الذي خاضته القوات الفرنسية مع الجيش العلوي في جبال الأطلس بإشراف فرقة " مطاردي جبال الألب" القتالية في الجيش الفرنسي التخصصة في القتال في الأماكن الوعرة و تركزت التداريب على التعرف عن الطرق القتالية في الجبال, و كيفية التدخل في هذه المناطق الوعرة و إجراء العمليات القتالية أو إنقاذ المصابين.
تكثيف التعاون العسكري الإمبريالي العلوي في هذه المدة الآخيرة يأكد من جهة مبدئية الموقف الإمبريالي من صنيعته, فرغم الجمود الدبلوماسي و التوتر في العلاقات السياسية, فالنظام الإمبريالي حريص على حماية النظام الكولونيالي و على تقوية القدرات القتالية للجيش العلوي, كيفما كانت الظروف السياسية بين الطرفين. و من جهة آخرى, قد يكون هناك معلومات تهدد الوجود الكولونيالي, و إحتمالية الحرب الشعبية ضد النظام, نتيجة غطرسة هذا النظام الإستبدادي و تفاقم أزماته الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية و تصاعد تبعيته للنظام الإمبريالي العالمي المتحكم بثروات الشعب المقهور. التداريب في جبال الأطلس لا تفهم إلا في سياق تفاقم الإضطهاد الإجتماعي و القومي, فالإستغلال الفاحش لجني الأرباح و تفاقم حجم البطالة و تدهور المستوى المعيشي, و إتساع الهوة بين القاهرين و المقهورين و تصاعد و تيرة إنتهاكات حقوق الإنسان و خاصة الإنتهاكات الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية و الثقافية و اللغوية للشعب الأمازيغي الذي يعيش أوضاعا مأساوية خاصة بأريف. النظام يدرك جيدا أن الواقع الموضوعي و نمو الوعي السياسي و القومي لدى الأمازيغ و إرادتهم على الفعل الثوري من أجل التغيير, سيأجج نيران الثورة في معاقلها الطبيعية جبال أريف و جبال الأطلس. خوف النظام الكولونيالي بحدوث ثورة مسلحة عاجلا أم أجلا, ما دفع بالتدريبات و المناورات العسكرية بجبال الأطلس, للتعلم من خبرة الجيش الإمبريالي كيفية مواجعة الثورة الأمازيغية في معاقلها التاريخية. المناورات العسكرية في الجبال لا يستفيد منها الجيش في حربه الإفتراضية ضد ما يسمى البوليساريو, فمواقع هذه الأخيرة هي أرضي صحراوية, و أن حدثت ستكون في الصحراء الواسعة. المعطيات الواقعية تدل على أن التداريب في الأطلس الأمازيغي, هي حالة إستعداد الجيش العلوي لمواجهة ثورة الشعب الأمازيغي المقهور و خاصة بأريف الذي شهد الثورة المسلحة الفاشلة (1958-1959), و عرف إنتفاضات سلمية عديدة قمعت بوحشية و آخيرها إنتفاضة (2016-2017), و التي مازال أبطالها في سجون النظام الكولونيالي. أريف الذي يعاني أكثر من سياسة التمييز القومي و الإستبداد الممنهج, ففي ظل الأزمة الهيكلية و أستفحال ظاهرة البطالة و إستهداف القوت اليومي للكادحين, و نمو الوعي السياسي و القومي التحرري, فالنظام الإمبريالي و صنيعته العلوي يتوقعان إحتمالية إنفجار بركان جبال أريف عاجلا أم آجلا, فاليستعد النظام الكولونيالي تحت إشراف الإمبريالية لثورة الجبال القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو