الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
في الذكرى المئة لوفاة لينين : في جدال حول تطوير الماركسية
امال الحسين
كاتب وباحث.
(Lahoucine Amal)
2024 / 2 / 24
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
ليس من السهل تطوير مذهب لينين إلا في ذهن من لم يقرأه أصلا ناهيك عن دراسته، أما تطويره فمن المستحيل ملامسته إلا من طرف جهاز نظري لحزب ماركسي ـ لينيني، وأعتقد أنه من المستحيل تطوير أعمال لينين باعتباره فيلسوفا بلغ شأنا عظيما في النقد العلمي المادي، وباعتباره منظرا أنتج تصورات نظرية علمية في المستوى الاقتصادي والسياسي أعطت للدولة والثورة مفهوما علميا ماديا، باستطاعتها تحول المجتمعات البشرية إلى مستوى المرور إلى الشيوعية نظريا وعمليا، مما أحدث تقدم الصراع الطبقي في المجتمعات الرأسمالية وحدد بالملموس مفهوم القطبين المتصارعين على مستوى العلوم الحقة والسياسية والاقتصادية والاستراتيجية وبناء الدولة الاشتراكية، مما وضح طريق المرور من الاشتراكية إلى الشيوعية في العلاقة الجدلية بين الديالكتيك والبراكسيس.
إن دراسة وتطوير المنظور النطري والعملي لدى لينين ليس نزهة بين سطور مجلداته ال45 إنما هو امتحان عسير لكل من يغامر في نقد عمله العظيم، فلنكن في الموعد للصراع النظري الذي أحدثه هذا المنظور العلمي المادي واضعين أمام أعيننا تجاوز المواقف السياسوية التي لا تمت بصلة بالدراسات العلمية لهذا الفيلسوف الفريد من نوعه.
لينين لم يضع فقط نظرية بل بنى مجتمعات مناقضة للمجتمعات الرأسمالية أي المجتمعات الاضتراكية وغيّر بذلك مجرى تاريخ الصراعات الطبيقية، دون أن ننسى دور ستالين في تركيز هذا العمل التاريخي الجبار الذي حوّل مفهوم الثورة وأعطاها بعدا أدق وأشمل تجاوز مفهوم الثورة البرجوازية، ولا يمكن محوه هذا التاريخ بجرة قلم من التأمل الفكري البرجوازي الصغير الذي لا يتجاوز حدود خدمة الرأسمالية.
لقد حاول تروتسكي وغيره من المفكرين البرجوازيين نقد ونقض الماركسية اللينينية ولكنهم لم يستطيعوا تجاوز مستوى أفكارهم التأملية، التي لا يمكن أن ترقى إلى بناء مجتمعات مناقضة للرأسمالية بقدر ما هي خادمة لها، وتبقى أفكارهم دون تجربة ملموسة حيث لم يستطيعوا التخلص من أفكارهم التأملية المنبتقة من الواقع الملموس للرأسمالية المتسمة بالتناحر، ولم يستطيعوا التخلص من تبعات البرجوازية وبقوا حبيسي التصورات السياسوية المتسمة بالانتهازية.
وما لا يمكن أن يفهمه كل من يريد تجاوز الماركسية اللينينية أن التجربة الاشتراكية بالاتحاد السوفييتي لا يمكن القضاء على تأتيرها المادية التاريخية، وكل ما تروج له البرجوازية والانتهازية هو ما تقتات عليه الانتيلجانسيا بالجامعات البرجوازية، ليس فقط بعد لينين إنما انطلاقات من طرد ماركس من الجامعات الألمانية الرجعية، وتسخير عصابة من الأساتذة الجامعيين لبناء مفهوم النيوكانتية لمحاربة الماركسية منذ 1850 وليس بعد سقوط حائط برلين.
وكل من يريد تجاوز لينين بدعوى أنه يطور ماركس إنما يرجع إلى ما قبل ماركس بوعي أو عن غير وعي، ذلك ما ركزته الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية بأوروبا في خدمتها للرأسمالية بعد تفكيك الاتحاد السوفييتي حيث لم تفعل إلا إحياء النيوكانتية باسم الماركسية، وكان عملها الانتهازي خدمة للرأسمالية ليس تطويرا للاشتراكية كما يدعي منظروها إنما بإرجاع النازية والفاشية إلى أوروبا، ولما تمت مدة استعمالها بقيت تعوي خارج التاريخ لكون لم تع الصفة التناحرية للرأسمالية، ولم تقم في عملها الرجعي ذلك إلا بتغذية الأحزاب الشوفينية العنصرية.
ونحن لسنا في مستوى ما حققه لينين ماديا تاريخيا ومن يتنكر لذلك فهو غير واقعي، عن أي تحولات تتحدث؟ هل من منطلق الفكر المادي أم من منطلق الفكر المثالي الذاتي الذي تتسم به البرجوازية؟ وهل يمكن القطع مع لينين؟ طبعا لا يمكن كما تقول، وهل عدم القطع معه اختيار؟ لا لا ليس اختيارا بل فرضا ومفروضا بحكم تاريخ البناء الاشتراكي الأساس المادي للماركسية اللينينية. وهل يمكن تجاوز هذا الأساس؟ طبعا لا ثم لا لن التاريخ ليس فترات متقاطعة، ستالين لم يجتهد لأنه واكب لينين في جميع مراحل البناء الاشتراكي، وهو كذلك ساهم نظريا مع لينين في هذا البناء، وستالين لم يكن يوما تلميذ لينين بل هو أحد أذرعه الصلبة، تروتسكي خرج عن السياق التاريخي للبناء الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي.
هناك من يدعو للنقاش، أن نناقش نعم من حق كل واحد ولكن أن نقول نطور بدون بناء أو إعادة بناء الحزب الماركسي اللينيني فهذا ما لا يمكن تحقيقه، نعم نحن الآن نناقش ونحاول فهم تاريخ عظيم وكبير ولم ينته بعد وهو تطوير لماركسية ماركس، ولكن إلغاؤه والقول بتطوير ماركس فهذا خروج عن السياق التاريخي لتطوير الماركسية.
الماركسية اللينينية ليست مفهوما نسبة إلى لينين إنما هي نسبة لعصر لينين وامتداداته وهو عصر الإمبريالية والدولة الاحتكارية، فهل خرجنا من هذا العصر أم ما زلنا فيه؟طبعا نحن في عمق هذا العصر.
الماركسية اللينينية تطوير للماركسية معرفيا وفلسفيا وعلميا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وتنظيميا وأقصاه تطوير الدولة والثورة ماديا تاريخيا، لهذا لا يمكن للفرد أو مجموعة من الأفراد تطوير الماركسية اللينينية خارج الحزب الماركسي اللينيني قائد دولة تطوير الماركسية اللينينية، إذن لا بد من السيطرة على الدولة من أجل بناء مجتمعات اشتراكية للمرور إلى الشيوعية كما قال ماركسي، وهكذا في نظري أرى إمكانية تطوير الماركسية.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تصريح الأمين العام عقب المجلس الوطني الثاني لحزب النهج الديم
.. رسالة بيرني ساندرز لمعارضي هاريس بسبب موقفها حول غزة
.. نقاش فلسفي حول فيلم المعطي The Giver - نور شبيطة.
.. ندوة تحت عنوان: اليسار ومهام المرحلة
.. كلمة الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي الرفيق جمال