الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مزْمارُ أيّوب

محمد هادي لطيف

2024 / 2 / 25
الادب والفن


حذِريْنِ كنّا، نمْشي بين الأيامِ
على أطْرافِ أصابِعِنا
مثل فراشاتٍ تراوغُ النّدى
وبُخارَ الْعائدينَ من غاراتٍ سريعةٍ
ومثلَ رعاةِ الإوزّ الْهائجينَ
اسْتبقْنا مطرَ الأمّهاتِ
إلى مخيلةِ الْودْيانِ
حتّى إذا بلغْنا زهْرة الْبُركانِ
"أوْقَفني بين يديّ"
ودلّنا على أعالي الْكلامِ!

كانَ مثْلي
راعيَ أدْخنةٍ، وغبارٍ
يُقشّر الرّيحَ، والْوقتَ، وأقْفالَ الْغيابِ
يُقشّر صُدأةَ الليلِ في قبْضتي
وأُرمّم عزلتَهُ
يحْرسُ بابي من قُبْلاتٍ مبْهمةٍ
وأسْرحُ بشَعْرهِ الطّويلِ
بين الْعرباتِ الْمجْرورةِ
إلى ثأرٍ بعيدٍ

كان مثلي
حمّالَ ملحٍ، وقصائدَ
ومهرّبَ أذْكارٍ
منْ ذوي الْقرْبى الْيابسينَ
إلى سهْلٍ ضامرٍ في حواشِي الْبلادِ

خائفيْنِ، كنّا
من نداوةِ الحيطانِ، وفئْرانِ البيْتِ
من خفّةِ الهواءِ في مخابئِ الموْتى
ومن ظلّ الغريبِ المحاذي
حبقَ الْعائدينَ إلى طفولتِهمْ
ضجِرِينَ من سَكْراتِ الرّيحِ
في ليْلِ الذّئابِ

خائفيْنِ كنّا
منَ الرّبّ، وحرّاسِ الرّبّ
وضوضاءِ الدّمِ الْمهْملِ
بين طياتِ معاطفهمْ
ومن صُرّةِ الغريبِ إذا مالتْ بها
ريحُ المساءِ إلى شجرٍ قليلِ الْكلامِ
أو نباحٍ صدئٍ في خلاءٍ الْمدينةِ
لم نُدْعَ إلى حُروبِ الْكبارِ
وأعْيادِ الْكبارِ
لمْ نُشْركْ في جنازةٍ، أو زرْعٍ
ولمْ نضْجرْ من سهْوِ الْكمنْجاتِ
في ليْلِ الذّئابِ
وحيديْن كنّا، في الْحكايةِ
نحْرسُ النّهارَ من طيبةِ الْعابرينَ
مضافةَ القلبِ، وشُبْهاتِ اللسانِ
ندفعُ الْغبارَ إلى الأعْلى قليلاً
كي تعودَ العواصفُ آمنةً
إلى سُرّةِ الزّلزالِ
ونصرخُ: يا حاملَ النّدى
منْ عُرْسٍ إلى عُرْسٍ
ومنْ سنْبلةٍ إلى أخرى
يا مرْضعَ الْواحاتِ، والْمقابرِ
هبْنا حذرَ الصّيادِ من رفْرفةِ الطّيرِ
بين عناقيدِ الدّوالِي
هبْنا طيْشَ الصّغارِ الْبعيدينَ
و مرْكبًا، وريحًا لَينةً
فإنّا أتْعبَنا الشّهيقُ السّائلُ
من غُيوبِ الأبْدانِ
وإنّا ضجرْنا من همْهمات الْقرابينِ
وشَكّةِ الإبْرةِ في الذّراعِ المعْلولِ
وإنّا اسْتدرْنا إلى الْوراءِ مرارًا
فَما دلّنا الرّماةُ على موتٍ سريعٍ
وما شيّعَنا رفاقُ الحيّ إلى آخرِ الْحيّ
ورائحةِ الخزامَى في مطرِ الأمّهاتِ!

كان على قميصِهِ أثرٌ من رُعافٍ
وشَتْلاتُ قَرَنْفُلٍ
كان على قميصي أثرٌ من رُعافٍ
وبضْعُ موْجاتٍ من غرقٍ قديمٍ
ومثلَ ماضٍ إلى قلقِ الآخَرينَ
تفرّقتْ منّا الْمواويلُ، والشّعابُ
حتى إذا فارَ الصّغارُ
من غَياباتِ النّسْيانِ
وضجّتْ عصافيرُ الْخلاءِ
من أسفِ الرّماةِ على قُبلٍ عائمةٍ
بين نافذتيْنِ، وبسْتانٍ
"أوْقَفني بين يديّ"
ودلّنِي على الْيابسِ من يقينِ الرّعاةِ
فأعْليْناهُ
مثلَ رشّةِ برْقٍ
في كفّ
عاصفةٍ نيئّةٍ!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??


.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??




.. فيلم -لا غزة تعيش بالأمل- رشيد مشهراوي مع منى الشاذلي


.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط




.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش