الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عملية نقد الحكومات والشخصيات بين الحرية الصحفية والمسؤولية الوطنية

رياض سعد

2024 / 2 / 27
الصحافة والاعلام


ان انتقاد الساسة والشخصيات , والطعن بالمسؤولين والحكومات , ومعارضة الانظمة والسياسيات ؛ أمرٌ واقعٌ لا محالة بين الناس فضلا عن العراقيين المولعين بالخلاف والنقد والمعارضة والتحدي ؛ فهم احيانا يعترضون لأجل الاعتراض لا لشيء اخر ...!! .
وانا هنا لست بصدد بيان انواع الخصومات والمعارضات او تقييم كافة التصرفات والسلوكيات , انما بصدد تشخيص ظاهرة النقد الهدام وتداعياتها ومخرجاتها ... ؛ فمن قال : ان معارضة الحكومات بالحق والباطل صحيحة ؟
ومن قال : ان وظيفة المثقف الوطني التركيز على المثالب والسلبيات واهمال الانجازات والايجابيات وغض الطرف عنها وعدم تسليط الاضواء عليها وتشجيع القائمين عليها ودفعهم للمزيد من النجاحات والمشاريع والانجازات ؟
فقد يكون الكاتب المستقل والاعلامي الوطني مطية للأعداء من حيث لا يشعر , اذ ان المفروض بالوطني الواعي ان يراعي الظروف الخارجية والتحديات الداخلية التي تمر بها بلاده ؛ فأن كانت تصريحاته ونتاجاته وكتاباته واعماله تصب في خدمة الوطن والمواطن ؛ فبها ونعمت , واما اذا كانت نتائجها تؤول لصالح تنفيذ مخططات الاعداء واجندات الاجانب والغرباء المشبوهة , والتي قد تلحق افدح الاضرار بالأغلبية والامة العراقية ؛ فلا ( حبا ولا كرامة ) , فالأمور تأخذ ب عواقبها , ومن لا يحسب عواقب الامور ولا يعرف مداخلها ومخارجها ؛ فهو اما احمق , او قليل الخبرة والمعرفة , او عديم الوعي والبصيرة , او امعة , او اناني انتهازي , او من صنف الهمج الرعاع الذين ينعقون مع كل ناعق , او عميل مرتزق او خائن ذليل ... ؛ فقد يضطر المرء الحكيم الى القبول بالسيء مخافة الاسوء , وقد يقبل المواطن الواعي بالواقع الاقل شرا وضررا لمعرفته بالبديل الاخطر ... الخ ... ؛ وهذا لا يعني عدم السعي للوصول الى الحالة الصحية والحكومة المثالية الا ان التغييرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الكبرى قد تحتاج الى عقود من الزمن- (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)) - ؛ وعليه قد تكون الحكومة الاقل فسادا والاكثر انجازا مقارنة بما قبلها ؛ هي الخطوة الاولى والمتعثرة لبداية مشوار الالف ميل فيما بعد .
فمن اولى اوليات المسؤول والسياسي الوطني والمواطن الواعي والغيور ؛ الحفاظ على الامن العام والسلم الاهلي والاستقرار وحماية المجتمع من الفتن والقلاقل والمؤامرات الخارجية والداخلية ... ؛ ومن الواضح ان الاعلام يمثل السلطة الرابعة ؛ والذي قد يلعب دورا خطيرا في تأجيج الخلافات والخصومات والاضطرابات او صناعة النزاعات والمسرحيات والازمات او تغييب الحقائق وقلب الوقائع رأسا على عقب , وتزوير الاحداث والتلاعب بالمعلومات , والضحك على عقول المشاهدين والمستمعين ومحاولات التغرير بهم وخداعهم بشتى الطرق والسيناريوهات ؛ وصولا للأهداف المنكوسة والمشبوهة وتحقيقا للاجندات الخارجية التي قد تحرق الاخضر واليابس و تدع الديار بلاقع ... ؛ وعليه لو خير السياسي الوطني والمواطن الواعي بين رفع شعار حرية الرأي والتعبير ؛ الذي قد يمرر من خلاله دعوات وافكار و اراء و اطروحات تستهدف امن وسلامة المواطن و سيادة و وحدة وكرامة وعزة الوطن ؛ وبين مراقبة الاقلام المأجورة ورصد تحركات الفضائيات ومراكز الثقافة والاعلام والصحافة المشبوهة والمرتبطة بالدوائر المعادية والمخابرات الخارجية ؛ والمحافظة على الوطن والمواطن , فمما لاشك فيه انه سوف يختار الخيار الثاني , الى حين استتباب الامن والاستقرار وخلو الساحة من العملاء والمرتزقة والمخربين والمرتبطين بالدوائر الاجنبية المعادية .
وبعد السنوات العجاف المريرة , والعقود الثمانية السوداء الطويلة , وايام الجمر والنار المأساوية , وسياسات تكميم الافواه و وأد الحريات العامة والشخصية والمضايقات التي عاشها العراقيون في ظل الحكومات الهجينة والطائفية المتعاقبة - 1920 / 2003 - ؛ انعم الله على العراقيين بالتجربة الديمقراطية والعملية السياسية الجديدة والتي شابها الكثير من السلبيات والتحديات الداخلية والخارجية , وهي كأية مرحلة انتقالية في العالم , لابد من تعرضها للكثير من الصعاب والمطبات والاشكاليات والتحديات والمؤامرات , وفيها مارس العراقيون حقهم في التعبير عن آرائهم وعقائدهم وافكارهم , وفعلوا ما يحلوا لهم وما هم مقتنعين به , وأنشؤوا مئات الصحف والمجلات والمحطات الاذاعية والفضائيات ؛ فضلا عن الاف المواقع الالكترونية الاعلامية والثقافية ؛ وشكلوا مئات الاحزاب والتجمعات السياسية ... ؛ الا ان البعض تمادى في انتهاك الخصوصيات والتشهير بالحكومات والمسؤولين والشخصيات بحجة حرية الرأي والصحافة والاعلام , بينما ارتمى البعض الاخر في احضان اجهزة المخابرات الدولية والدوائر المشبوهة والجهات المعادية وراح ينفذ مخططات الاعداء ويعرقل مسيرة التجربة الديمقراطية ويمارس شتى الادوار السلبية للإخلال بالأمن والسلم الاهلي , والبعض الثالث امتهن الكذب والدجل والتدليس بصورة مبتذلة وحقيرة ؛ بذريعة نقل الاحداث او التحليل السياسي او العمل الاعلامي , اذ وصل الدجل الى درجة لا تقبل ولا تطاق , وبدأ المواطنون يشكون من تهويل الاعلاميين وكذب الصحفيين وسلبية وسوداوية المحللين وافتعال الفضائيات والمواقع الالكترونية في وسائل التواصل الاجتماعي للأكاذيب والمسرحيات واختلاق التهم والادعاءات ونشر الدعايات والاشاعات ... الخ .
نعم انتقد واعترض وعارض لكن من دون طائفية او عنصرية او تناحر او تنافر او عمالة او خيانة ؛ وبصدق وشرف وحيادية وموضوعية ؛ وليكن مبدأنا الاساسي في عراقنا الجديد : خاصم واعترض وانتقد بشرف و صدق و وطنية وانسانية ... ؛ فللعداوة والخصومة شرفا كما ان للصداقة والاخوة شرفا .
و للبعض الحق في انتقاد الشخصيات والانظمة والحكومات والجماعات ؛ بشرط اتصاف النقد بالموضوعية والصدق والحيادية , وان يمتلك الناقد الادلة والمستندات والوثائق والمعلومات الحقيقية التي تؤيد دعواه , وان يندرج النقد ضمن خانة الاصلاح والمهنية والوطنية , وان يخرج من عباءة الدوائر الطائفية والعنصرية والارهابية والعميلة والفاسدة والمشبوهة ... ؛ فالأحرار والاصلاء يطمحون في العراق الجديد الى الالتزام بمبدأ شرف الخصومة وصدق الكلمة , فللخصومة مواثيق شرف لا يعرفها إلا الفرسان وأصحاب القيم والأخلاق والوطنية والانسانية كما قيل , فإذا خاصمت فخاصم بشرف , اذ من العار ان تتدعي ان الشخص الذي قتل لأسباب جنائية , مات شهيدا في سبيل الاصلاح ومقارعة الفاسدين , او عندما يتعرض الشخص الفلاني لحادث سير عرضي , فتقوم ابواق الجهات المشبوهة بتهويل الحدث على انه حادثة اغتيال دبرت بليل , بل وصلت المهزلة الى ان من تشتكي عليه زوجته وتطالبه بالنفقة ويسجن بسبب الدعوى ؛ يستنجد بمنظمات حقوق الانسان والمجتمع المدني , مدعيا تعرضه للسجن بسبب حرية التعبير ونقد السلطات والشخصيات , او عندما يصدر القضاء العراقي حكما بحق هذا او ذاك ؛ تقوم الدنيا ولا تقعد , وتبدأ حملات التشكيك بدوافع القرار القضائي وبحجة الطائفية او الحرية او غيرهما , يعمل هؤلاء المشبوهون والمنكوسون على تخليص المتهمين والفاسدين والارهابيين والعملاء والمرتزقة من القصاص العادل ...!! .
فالبعض لا يميز بين الحرية المسؤولة وحق التعبير وبين الاستهتار والانحطاط الاخلاقي ومخالفة القوانين والاعراف العامة ... , اذ لا يكتفي بالإفك والافتراء والدجل ؛ حتى يصل الى مرحلة شاذة تدفعه للاعتداء على رجال الامن والمسؤولين والممتلكات العامة , واغلبنا رأى بأم العين مشاهد الاعتداء على الشرطة ورمي القنابل الحارقة عليهم بحجة التظاهرات , او التجاوز على رجال الامن والقانون والمرور من قبل بعض الاعلاميات و الفاشينيستات ومشاهير مواقع التواصل الاجتماعي ... الخ .
فمن غير المقبول ان يقوم البعض بالتدخل في الشؤون الخاصة او ان يتجسس على الناس او يقوم بتشويه سمعة الشخصيات , او ان ينعت الجماعات والاشخاص بأبشع الالفاظ والصفات وتلفيق الاتهامات الكيدية ضد هذا وذاك ؛ لأجل الابتزاز والمساومة او لتشويه سمعة العراق والاغلبية والامة العراقية ... الخ ؛ بذريعة السلطة الرابعة وحرية التعبير والاعلام ؛ اذ يستخدم البعض الادوات الخبيثة والاساليب الهابطة للنيل من العراقيين الاصلاء ؛ والتي تتسبب بالإيذاء النفسي والضغط الاجتماعي , اذ يعمد بعض المحسوبين على السلطة الرابعة الى بث الإشاعات وتشويه السمعة ، والحط من الكرامة وتوزيع الاتهامات جزافاً والترويج لها وغيرها من الاساليب الشوارعية المنحطة والتي تأنف منها النفوس الكريمة والضمائر الحية ...؛ - والشيء بالشيء يذكر : توفى الشاعر الشعبي علي الفريدواي متأثرا بالكلام الجارح الذي صدر بحقه من قبل المدعو احمد بشير في برنامجه ( البشير شو ) بحسب ما شهد به اهله والمقربون منه ... والامثلة على ضحايا هذه الظاهرة الخطيرة ؛ كثيرة - ؛ بحيث اصبحت هذه الفضائيات والمواقع والبرامج والصفحات ظاهرة مدمرة تهدد المجتمع العراقي والجماعات والشخصيات وتجر عليها الويلات ... ؛ و إذا نظرنا الى واقعنا العراقي الحالي ؛ نلاحظ تزاحم العداوات والخصومات فيه ، و نادراً ما نرى من يخاصم بشرف ونُبل ومروءة، فما إن تبدأ الخصومة والمعارضة ؛ وتأخذ جذوة الخلاف في الاشتعال، حتى يكون الفُجر في الخصومة، والتجاوز على الأعراض، واستباحة الكذب والبهتان، لإظهار قبح الآخرين... ؛ اذ ان عديمي الشرف والوطنية والانسانية غالبا ما يكونوا ألد الخصام في الخصومة , بحيث يلفقون التهم الجزاف ويروجون الأكاذيب ولا يلتزمون بخلق ولا يفون بعهد ولا يؤمنون بمبدأ ... ؛ فالفجور في الخصومة والتجرد من قيم نزاهة الاختلاف والمعارضة والتضليل والتدليس ؛ آفة بشرية تعتري كل إنسان يتخلى عن إنسانيته ويستسلم للغرائز الحيوانية والبدائية في التشفي والانتقام والتسقيط ... ؛ وهي آفة نفسية تعتري المصابين بنزعات السادية والتلذذ بإيذاء الآخرين ... ؛ وجناية أخلاقية ودينية وإنسانية يرفضها الدين والقانون والأخلاق الإنسانية، وتمجها الأعراف الاجتماعية النبيلة.
فأن تم اهمال ملف تلك المنظمات والصفحات والفضائيات والشخصيات الاعلامية ومرتزقة المخابرات والسفارات , وترك لهم الحبل على الغارب ؛ فأنهم سوف يقودون المجتمع والناس بل والحكومات احيانا نحو الهاوية ... ؛ وأغلب الذين ينخرطون في الخصومات والمعارضات السياسية والاعلامية لا يدركون أنهم يدمرون ثقافتهم، ومجتمعاتهم، و يهددون النظام الديمقراطي الجديد ويمهدون الطريق لعودة الحكومات الطائفية والعنصرية والدموية والدكتاتورية ورجوع التنظيمات الحزبية الفاشية والغاشمة والمنكوسة ... ؛ فهم ضحايا تأثير تلك الدوائر الاعلامية المشبوهة .
لقد تجاوزات هذه البرامج والصفحات والفضائيات والشخصيات وتلك السلوكيات الهابطة والتصرفات المنحطة كل الضوابط الاعلامية والقوانين الوضعية والقيم الاخلاقية والحدود المعقولة ؛ وبدأت تأخذ أشكالاً هستيرية متعددة , فالنقد الهدام والحملات المسعورة الصفراء طالت الشهداء وذوي الضحايا والرموز الدينية والوطنية والمقدسات , ولم يسلم احد من القذف والافتراء والشتم والاستهزاء والسخرية والاتهام من دون دليل , والاستعانة بالأساليب الشيطانية واللاأخلاقية والتي يندى لها جبين الامة العراقية والانسانية ... ؛ واصبح وجود هؤلاء المرضى في المجتمع يشكل خطرا كبيرا وشرا مستطيرا يهدد الامن والسلم بل والسيادة الوطنية احيانا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الرياض.. إلى أين وصل مسار التطبيع بين إسرائيل والس


.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين يرفضون إخلاء خيمهم في جامعة كولومبيا




.. واشنطن تحذر من -مذبحة- وشيكة في مدينة الفاشر السودانية


.. مصر: -خليها تعفن-.. حملة لمقاطعة شراء الأسماك في بور سعيد




.. مصر متفائلة وتنتظر الرد على النسخة المعدلة لاقتراح الهدنة في