الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجار الحشيش وشيوخ النفط

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2024 / 2 / 28
القضية الفلسطينية


في بداية النكبة الثانية التي حلت بغزة، كتبنا أشياء كثيرة لمساندة الفلسطينيين الذين يموتون بالمئات يوميا جراء قنابل الجيش الإسرائيلي، كتبنا وساهمنا مثل غيرنا في نشر هذا الكم الهائل من النصوص التي تساند وتدعم وتندد وتشرح وتحلل الكارثة التي حلت بغزة بدون فائدة تذكر في إيقاف المجزرة. كتبنا على سبيل المثال " أن الغرب لا يسمع ولا يرى سوى إسرائيل، ولا شك في وجود طرق أخرى لإثارة إنتباه الغرب لعدالة القضية الفلسطينية، وبالغرب نعني الحكومات الأوروبية وكلاب حراستها من المثقفين والفنانين والصحفيين ورجال السياسة. الحل الوحيد المنطقي والذي يمكن أن يقترحه حتى طفل في العاشرة من عمره هو وقف ضخ البترول إلى أوروبا فورا. فلو أوقفت السعودية وقطر والكويت والإمارات والعراق وليبيا والجزائر ضخ البترول لتوقفت المجزرة منذ اليوم الثاني أو الثالث. غير أن هذا الحل البسيط، يبدو مستحيلا في نظر قطيع الأمراء والملوك والرؤساء والشيوخ الذين يتمتمون بدون إنقطاع : الله يكون معاهم .. الله يكون معاهم. فلماذا لم يتخذ العرب هذا الإجراء البسيط، علما بأنهم جميعا بدون إستثناء أدانوا الغارات الإسرائيلية على غزة ؟
أفيدونا إذا كانت لديكم إجابة على هذا اللغز المحير."
ولم يفدنا أحد بتفسير هذا الغياب وهذا الخمول وهذا الغرق في نوم سرمدي عميق، رغم وجود العديد من التجمعات والمنظمات الإجتماعية والغير حكومية على مستوى أوروبا والعالم تنادي وتمارس مقاطعة إسرائيل والدول والشركات المساندة لها منذ سنوات عديدة وليس فقط منذ نكبة اكتوبر، ولكن أيضا دون فائدة تذكر. إسرائيل يبدو وكأنها تعيش في عالم آخر غير عالمنا، والحكومة الإسرائيلية لا تري ولا تسمع ولا تهتم إلا بمصلحة اليهود، ولو أحترق العالم بأسره,
ورغم ذلك فقد انطلقت في الآونة الأخيرة حملات عدة على مواقع التواصل الاجتماعي داعية إلى مقاطعة شركات عالمية تدعم إسرائيل، وانتشرت عدة مواقع في دول عربية مثل الكويت ومصر والأردن والمغرب وتونس والجزائر تدعو إلى مقاطعة بعض المطاعم والمقاهي والمنتجات التي تدعم إسرائيل. وتداول ناشطون فيديوهات وصوراً لمنتجات محلية الصنع بديلة عن المنتجات التابعة للشركات الأجنبية التي طالبوا بمقاطعتها. ومع اشتداد وطأة الحرب وشراسة الغارات المتواصلة في قطاع غزة وسقوط المزيد من الضحايا بشكل يومي برزت إلى السطح دعوات لمقاطعة البضائع والمنتجات الإسرائيلية والشركات العالمية التي تدعم جيش إسرائيل والحكومة الإسرائيلية العنصرية. سلاح المقاطعة ليس بالجديد في العالم العربي والإسلامي والأوروبي، إذ دار كثير من النقاش منذ سنوات عديدة حول فعالية هذا السلاح السلمي في مواجهة الإستعمار الصهيوني لأرض فلسطين من الناحيتين الاقتصادية والسياسية.
وكانت هناك دعوات أيضا لمقاطعة جميع المنتجات الأمريكية بسبب دعم الولايات المتحدة السياسي والعسكري لإسرائيل، وكذلك منتجات كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا نظرا لزيارة زعماء تلك الدول لإسرائيل وإعرابهم عن دعمهم لها في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر الماضي. بل إن هناك أيضا دعوات لمقاطعة الكثير من منصات التواصل الاجتماعي نظرا لمسانتها لسياسة التهجير والتدمير والإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل وتقييد أو حذف المحتوى المؤيد للفلسطينيين. وتوجد حاليا تطبيقات للهاتف المحمول تضم قائمة بأسماء المنتجات المستهدفة من المقاطعة لمساعدة المتسوقين على التعرف عليها. كما يتداول مستخدموا منصات التواصل المؤيدون للمقاطعة قوائم لمنتجات بديلة.
أما الدعوات السياسية الأكثر جدية والتي تستاء منها إسرائيل لمقاطعة الشركات العالمية التي تساند إسرائيل في إرتكاب جرائمها ضد الفلسطينيين فلها جذور فيما يعرف باسم "حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" المعروفة اختصارا بـ "بي دي إس BDS"، والتي أطلقها في عام 2005 نحو 170 هيئة من هيئات المجتمع المدني الفلسطيني بغرض "ممارسة الضغط على إسرائيل بطرق غير عنيفة حتى تلتزم بالقانون الدولي من خلال إنهاء احتلالها لكافة الأراضي العربية، منح الفلسطينيين الذين يعيشون داخل دولة إسرائيل حقوقا متساوية واحترام حقوقهم الأساسية، واحترام وحماية حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى منازلهم وممتلكاتهم بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 194"، بحسب ما جاء على موقع الحملة.
ورغم أن بي دي إس تشجع مقاطعة أي شركات تُعتبر داعمة لإسرائيل في الحرب التي تدعي إنها تستهدف حركة حماس في غزة، فإن بي دي إس تدعو في الوقت ذاته إلى أن تركز المقاطعة على بضع شركات تعتبرها الأكثر دعما لإسرائيل "لمضاعفة الأثر"، وهي شركات، بحسب موقع بي دي إس، لها فروع في مستوطنات مقامة على أراض فلسطينية، أو تستثمر في بنوك إسرائيلية وتمول مشروعات تخدم تلك المستوطنات، كما أن من بينها شركة ملابس وأحذية رياضية شهيرة Puma ترعى اتحاد كرة القدم الإسرائيلي الذي تقول الحملة إنه يضم فرقا في مستوطنات مقامة على أراض فلسطينية محتلة.
وقد أعلنت الولايات المتحدة أن حركة "بي دي إس" التي تدعو إلى مقاطعة إسرائيل، بسبب معاملتها للفلسطينيين جماعة معادية للسامية. وشبّه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في مؤتمر صحفي عقده مؤخراً في القدس بحضور رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الحركة بـ "السرطان"، مضيفًا أن الولايات المتحدة ستوقف تمويل الجماعات المرتبطة بها، وأضاف قائلا "كما أوضحنا ، فإن معاداة الصهيونية هي معاداة للسامية. وبالتالي ، فإن الولايات المتحدة ملتزمة بمواجهة حملة المقاطعة العالمية باعتبارها أحد مظاهر معاداة السامية". . ووصف نتنياهو هذه الخطوة بـ "الرائعة". وتقول إسرائيل أن هذه الحركة " تعارض وجود الدولة بحد ذاتها بدافع معاداة السامية. وترفض بشدة مقارنتها بنظام الآبارتايد أو الفصل العنصري - التمييز العنصري ضد السود خلال حكم الأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا - كتكتيك لتشويه سمعة إسرائيل". وقال بومبيو: "سنتخذ على الفور خطوات لتحديد المنظمات التي تنخرط في سلوك المقاطعة البغيض وسحب دعم الحكومة الأمريكية لمثل هذه الجماعات". وأضاف: "نريد أن نقف مع جميع الدول الأخرى التي ترى حركة المقاطعة كسرطان في الجسم".
وبالطبع فإن حركة المقاطعة ترفض هذه الإتهامات المزورة وتقول في بيان ردا على تلفيقات أمريكا وإسرائيل : "مع شركائنا العديدين، سنقاوم هذه المحاولات المكارثية لترهيب المدافعين الفلسطينيين والإسرائيليين والدوليين عن حقوق الإنسان والضغط عليهم لإنهاء الفصل العنصري الإسرائيلي والاستعمار الاستيطاني، وإن حركة المقاطعة من أجل الحرية والعدالة والمساواة للفلسطينيين تقف إلى جانب كل أولئك الذين يكافحون من أجل عالم أكثر كرامة وعدالة وجمالاً".
وفي إطار هذه المقاطعة، أفادت تقارير إعلامية إسرائيلية، بأن تجار الحشيش المغاربة من كتامة وبعض المدن الأخرى في منطقة الريف يرفضون بيع القنّب الهندي، للموردين الإسرائيليين احتجاجا على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. ونقل موقع "ماكو" العبري عن أحد تجار المخدرات الإسرائيليين، إلى أنه تم حرمانهم من التعامل مع التجار المغاربة بشكل مباشر أو عبر الوسطاء، بسبب الحرب الجارية في غزة. وعلى الجانب الآخر يقول أحد تجار الحشيش المغاربة لـ "ماكو"، إن التجار في الريف وفي المغرب عموما اتخذوا قرارا جماعيا بحظر التعامل مع الإسرائيليين، مضيفا: "لماذا نسمح للإسرائيليين بكسب لقمة عيشهم من بيع الحشيش المغربي بينما يعاني إخواننا الفلسطينيين من الجوع والعطش.
وهكذا يبدو واضحا لكل من يريد أن يعرف الجواب على سؤالنا الذي بدأنا به هذا المقال " لماذا لم يقف ضخ النفط في بداية الحرب"، ذلك أن تجار الحشيش المغاربة أكثر إنسانية ووطنية من تجار البترول.
ومن هذه الشركات التي تساند إسرائيل وتمولها:
‏Coca Cola, Danone, Evian, Nestlé, Crunch, Frigor, Friskies, Kit Kat, Maggi, Mousline, Nescafé, Intel, Pentium, L oréal, Marks & Spencers, Carrefour, Auchan, Levi Straus Jeans, Disney Land, Nokia, Mc Donald s, Caterpillar, Accord Hotel, Ibis, Mercure, Novotel, Sofitel, Domino Pizza, Pizza Hut, Häagen Daaz, Burger King, Cigarettes Morris, Marlboro ...

والقائمة طويلة يمكن للقارئ الإطلاع عليها كاملة في موقع الـ BDS

‏https://bdsmovement.net/get-involved/what-to-boycott
‏https://bdsmovement.net/ar/get-involved/what-to-boycott








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل