الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحقيقة عارية... العدوان سيتواصل لكن الطريق مسدود!

عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث

2024 / 2 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


لا نهاية قريبة للعدون على غزة، وهذا ما يجب علينا تهيئة أنفسنا للتعامل معه. قد تخف وتائر القصف، وتقل مجازر العدو وأعداد ضحاياها الأبرياء، ولربما تُعلن هدنة خلال شهر رمضان، لكن العدوان لن يتوقف قريبًا. ينطلق رأينا هذا من معطيات عدة، تعيدنا إلى السابع من أكتوبر. في ذلك اليوم التاريخي، أيقظ طوفان الأقصى عُقَدَ نقصٍ ممتدة في أعماق أزمنة غَبَرت ما تزال كامنة في الوعي الجمعي لمستعمري فلسطين المحتلة، أولها "الغيتو". هذا المصطلح، أُطلق على اسم الحي الذي أقامته سلطات مدينة البندقية الإيطالية سنة 1516 وأجبرت اليهود على الإقامة فيه. أما العقدة الثانية، فهي الشتات. للتذكير، وفي التذكير قصدٌ، عندما زار أنتوني بلينكن المفترض أنه وزير خارجية أميركا، الكيان اللقيط بعد الطوفان، تساءل وهو يشهر "يهوديته": "إلى أين سنذهب من هنا؟!!!". هذا التساؤل الاستنكاري، يستدعي الشتات ويستبطنه، إذ يمتح مقصود السائل بسؤاله من عقدة الشتات الثاوية في أعماق اللاشعور خاصته، ومؤداها: إذا انهارت "دولتنا" في فلسطين، فسنعود نحن اليهود إلى الشتات كما كنا قبل 1948 . أما العقدة الثالثة، وهي الأخطر، فهي الهولوكوست. وقد عبَّر عن هذه العقدة أكثر من مسؤول في الكيان اللقيط. ومنهم من قال بصراحة:"لم يحصل لليهود ما حصل يوم السابع من أكتوبر، منذ الهولوكوست".
على أرضية هذه العُقد، بكل ما تعنيه وتستدعيه في العقلية الصهيونية، كان رد العدو دمويًّا عنيفًا في غزة، وما يزال. هنا، تأكد المؤكد أيضًا بخصوص حقيقة الكيان اللقيط، ونعني أنه في الأصل مشروع استعماري عنصري غربي بوجه عام، وأنجلوساكسوني بوجه خاص. وليس يفوتنا التذكير بصفة "إحلالي"، بالإضافة إلى صفتي استعماري عنصري. أي أن ترحيل صاحب الأرض بغض النظر إلى أين، في صميم استراتيجيته. لماذا؟! في الإجابة، نستحضر الشرط الأول والأهم لنجاح أي احتلال في التاريخ، وأفقع أمثلته أميركا واستراليا، ونعني الفصل بين التاريخ(الإنسان) والجغرافيا(الأرض). هذا يعني أن الاحتلال يستحيل نجاحه في تكريس وجوده على الأرض المحتلة واستمراره، إلا بإلتخلص من صاحب الحق في أرضه، بالإبادة أو التهجير. المشروع الصهيوني أخفق في هذا الجانب، وقد بدأ يدفع ثمن اخفاقه. فالشعب العربي الفلسطيني في وطنه التاريخي فلسطين يفوق التجمع الصهيوني في عدد النفوس، فضلًا عن أنه يبدو اليوم أكثر تصميمًا من أي وقت مضى على التخلص من الاحتلال وإقامة دولته المستقلة. هنا، نعتقد أننا أضأنا على الطريق المفضي عاجلًا أم آجلًا لانهيار الكيان اللقيط لا محالة. كيف وعلى أي أساس؟
لا خيار أمام الكيان إلا مواصلة العدوان، كما يهذي النتن كل يوم في تعبيره عن حقيقتهم الإجرامية، وبأنهم زُرِعوا في فلسطين بالسيف وبه سوف يزولون. الكيان لا يمكن أن يقبل باستمرار وجود مقاومة في فلسطين، سددت له ضربة قاسية استقرت في ذاكرته إلى جانب الهولوكوست، مقاومة على درجة عالية من التنظيم تكبده خسائر في الأرواح والمعدات كل يوم في ملحمة صمود أسطوري رغم الكلفة العالية. في المقابل، لنفرض في أسوأ الاحتمالات لا سمح الله، أن الكيان بسط سيطرته على غزة، وقضى على المقاومة، فهل انتهى الأمر بالنسبة له ولاح فجر استقراره في فلسطين واطمئنانه وراحة باله؟! قطعًا، لا. فأينما يكون الاحتلال، ثمة مقاومة، وخاصة في فلسطين كما تأكد خلال خمسة وسبعين سنة هي عمر الاحتلال الصهيوني غير المديد. هذه الحقيقة يهرب الكيان اللقيط من مواجهتها، ويتأبى على الاعتراف بها، مع أنها أكثر ما يضغط على أعصابه ويفاقم مأزقه الوجودي. وفي حال إعادة احتلال غزة، فهل بمقدور الكيان تحمل مسؤولية أكثر من مليونين وثلاثمائة ألف فلسطيني؟! وهل يتوقع أن يمكث هناك بهدوء وأمان، خاصة بعد الجرائم التي قارفها وما يزال؟! ما الحل إذن، في ضوء حقائق فاقعة الوضوح، نبسطها تاليًا بايجاز؟ المقاومة ضد الوجود الصهيوني مشتعلة منذ زرعه في فلسطين، وتزداد قوة وفاعلية، و"الصغار لم ينسوا بعد موت الكبار" كما قَدَّرَ العدو. الشعب الفلسطيني أحبط مشروعات تهجيره من أرضه، وآخرها ترحيل أهل غزة، رغم تحويل القطاع إلى مكان غير صالح للعيش. وهناك تحول في الرأي العام العالمي ضد الكيان لفظاعة ارتكاباته ووحشيته. الكيان لا يمكنه بأي حال القضاء على فكرة المقاومة. والمقاومة، رغم الحصار، ليست معزولة. فهي جزء من محور على صعيد المنطقة. هذا المحور لديه امكاناته على مختلف المستويات، وله علاقاته الدولية. والراعي الأكبر للكيان، أي أميركا، يتراجع نفوذها في العالم وتخسر هيبتها بسبب انحيازها السافر الأعمى لكيان لقيط شاذ يرتكب جرائم بشعة فوق طاقة الضمير الانساني على التحمل. وتواجه تحديًّا غير مسبوق، من قبل قوى دولية صاعدة، تتصدرها روسيا والصين.
يبدو أن المنطق يأخذنا في الإجابة على سؤال ما الحل، المومأ إليه فوق، إلى استئناف مفاوضات "حل الدولتين"، والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. ولكن هل يقبل الكيان ورعاته الأنجلوساكسون خاصة بهذا الحل؟! لا مؤشرات تلوح في الأفق على ذلك، لأسباب كثيرة نوجزها في واحد يحتويها كلها، مفاده أن إقامة دولة فلسطينية حقيقية ذات سيادة فعلية على الأرض غربي نهر الأردن، تعني بداية نهاية اسرائيل. وعليه، لن يرضخ الكيان اللقيط الشاذ ورعاته لمنطق الحق والعدل إلا مرغمين.
مقصود القول تأسيسًا على ما سبق، الطرق أمام الكيان مسدودة كلها كما رأينا، باستثناء مواصلة العدوان. هذا النوع من النهايات لن يؤدي في المحصلى إلا إلى نهاية واحدة: الانهيار، أي انهيار المحتل.
يعلمنا التاريخ، خير معلم، أن من يَعِش بالسيف سوف ينتهي به، والبوادر بدأت تظهر بخصوص مصير الكيان. حتى قادته السابقون، ومنهم ايهود باراك، بدأوا يتحدثون عن "لعنة العقد الثامن". مقصودهم بذلك، أن أي دولة لليهود، قياسًا على تجربتي مملكة داود ودولة الحشمونائيم، انهارت في العقد الثامن من عمرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمير الكويت يأمر بحل البرلمان وتعليق العمل بعدد من مواد الدس


.. كاميرا مراقبة توثق غارات للطيران الحربي الإسرائيلي على شمال




.. مراسلة الجزيرة: طلاب كامبريدج يضغطون على إدارة الجامعة لقطع


.. تشييع شهداء سقطوا في قصف إسرائيلي على رفح جنوبي قطاع غزة




.. مظاهرة حاشدة في مدينة نيويورك الأمريكية إحياء لذكرى النكبة