الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية الخدعة 22: يمكن أن نعيش أيضا من أجل الوطن

إلياس شتواني

2024 / 2 / 29
الادب والفن


الخدعة 22 هي رواية حربية ساخرة من تأليف الروائي الأمريكي جوزيف هيلر. شارك هيلر في الحرب العالمية الثانية كمدفعي طائرات وبدأ في تأليف روايته سنة 1953. نشرت الرواية لأول مرة سنة 1961 وشهدت نجاحا وإقبالا كبيرين.

القصة

تدور أحداث القصة خلال فترة الحرب العالمية الثانية بجزيرة بيانوسا الايطالية التي تقع في البحر الأبيض المتوسط. النقيب الشاب في الجيش الأمريكي يوساريان، بطل القصة ذي الثماني والعشرين سنة، ضاق ذرعا بالمهمات الجوية الخطيرة التي لا تنتهي والتي لا تنفك أن تزيد وتتراكم. فهو يحاول جاهدا أن يتمرد على الخدعة 22-"الخدعة المثالية" بكل الوسائل والطرق. تُفهم الخدعة 22 من عدة جوانب. في أوضح تجلي لها، توجب الخدعة على الجيش الأمريكي أو "النقابة"، لقب هيلر الساخر، إرسال أي شخص جن جنونه إلى الوطن. لكن "أي شخص يريد الانسحاب من الخدمة العسكرية لا يكون مجنونا بالفعل". فعناية المرء بسلامته الشخصية في مواجهة الأخطار المحدقة يعد مؤشرا قويا على سلامة العقل. كل ما على الشخص أن يفعله إن أراد إرساله إلى الوطن أن يطلب ذلك، لكن بمجرد أن يفعل ذلك لن يكون مجنونا وسيكون عليه الذهاب في المزيد من المهام الجوية المفحمة بالمخاطر الوشيكة والهلاك اليقين. إنها المعضلة المثالية!

أموت أو لا أموت، هذا هو السؤال

يكتب هيلر على لسان الكولونيل المنتفخ ذو الشارب الضخم، كأنه يلخص مفهوم الحرب العادلة برمته:

"سوف أخبرك ما العدالة، العدالة هي ضربة في الأحشاء، طعنة غادرة توجهها لعدوك على متن سفينة حربية محملة بأكياس الرمل في الظلام دون كلمة تحذير واحدة. الإعدام بالطوق الحديدي. هذه هي العدالة حينما علينا أن نكون أقوياء بما فيه الكفاية لمحاربة أعدائنا. هل فهمت؟"
"أن ندعي أننا فخورون بشيء ينبغي أن نخجل منه. إن تلك هي الخدعة التي لا تفشل قط".

الخدعة 22 هي أيضا علاقة قوة وصراع، علاقة هرمية تحكم القوي والضعيف في إطار سلسلة متشابكة من القوانين والأوامر والنواهي. الأمر المضحك هو أنه لا وجود فعلي للخدعة 22. لا يوجد نص يمكن نقده أو دحضه أو تعديله أو حتى عصيانه. إن ما يعطي وجودا ومصداقية للخدعة هو إيمان الجميع بها:

"من حقهم القيام بأي شيء لا نستطيع منعهم من القيام به"

ما هو الحل إذن؟

يجيب هيلر على لسان المقدم كورن: "أن تحبنا".

تحاول "النقابة" أن تبرم اتفاقية مع النقيب يوساريان. فهم سيسمحون له بالعودة إلى الوطن كبطل مغوار إن قال أشياءا لطيفة وإيجابية عنها ولم يقم بانتقادها، وذلك لتشجيع باقي الرجال وجعلهم يقومون بمزيد من المهام من أجل القضية العادلة. يقبل يوساريان بالعرض في البدء، لكنه سرعان ما يغير رأيه ويقرر الهروب إلى السويد حيث يوجد أور، الضابط المدفعي القبيح والساذج الذي سقطت طائرته في البحر خلال إحدى المهام. يتضح أن أور لم يمت، بل نجح بشكل مبهر ولافت في خداع "النقابة" والوصول إلى السويد عبر قارب تجديف.

نستنبط من الرواية أن الحرب شيء كارثي ومأساوي لأبعد الحدود والتصورات. الكل إما يموت فيها أو يصبح شخصا آخر. الحرب لا يمكن أن تكون فقط من أجل الوطن أو من أجل مبدأ أخلاقي نسبي وغامض. يمكن أن تكون الحرب أيضا، في عمق معانيها، صراعا من أجل النفس البشرية، من أجل الحق في العيش والحياة. فبالفعل، "ليس كل البلاد تستحق الموت من أجلها"، لكن حتما كل البلاد تستحق العيش من أجلها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب