الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا يوجد ما هو مميز في انتخابات السلطات المحلية بالداخل الـ48!

محمد قعدان

2024 / 2 / 29
القضية الفلسطينية


تخدم هذه الملاحظات التساؤل، بماذا ننشغل اليوم، في ظلّ كلّ ما يحدث أمامنا من أهوال.

أتعلمون على ماذا المنافسة هنا، كما نجدها في الخطاب والحملات الإعلامية والرأي العام عند فلسطينيي الداخل، بامكاني تلخيصها في ثلاث محاور:

أولًا، الفساد والمحسوبية:
هي عامل مكوّن للثقافة السياسيّة المحليّة بالداخل، وجزء من معيار انتخاب الرئيس أو قوائم العضويّة، حيثُ أننا ما زلنا في غالبِ المرات نفكّر ضمن معايير عائليّة، "لندعم إبن العيلة" والسؤال لماذا؟ كي يسهّل عليك عمليّات وأمور يوميّة مثل أوراق الضرائب في البلديّة، شوارع، منع مصادرات لبضع الأمتار من الأراضي لفتحِ شارع من أجل "الصالح العامّ" وطبعًا أصبحت فكرة الصالح العامّ هي شعار مهمّ في الحملات الانتخابيّة وفي كلّ بلد وقرية، حتى أنّ صديقي سألني مرّة، بسخرية، "هل ممكن أن يكون صالح عام رجلٌ يتحكم في جميع الحملات الإعلاميّة، والجميع أصبح في خدمتهِ؟" هي فعلًا نكتة بايخة ولكنها تدلّنا على مدى تفاهة استخدام الشعار في ظلّ الاستعمار والإبادة والقصف والتجويع والحصار وهدم البيوت، هل فعلًا ستحافظون على الصالح العام؟ مِن مَن؟ وهذا طبعًا شعار القوائم الشبابيّة التي ترفض العائليّة، وكأن الصراع الوحيد أمامها هو "العائلة" أنا لا أطرح في هذا المنشور مواقف، إنما شبكة مفاهيميّة لثقافة السلطة المحليّة. والشعار مطروح ضدّ فساد "العائلة" ولكننا نعلم الآن أنّ الفرق بين التنظيم العائليّ أو الشبابيّ المهنيّ ليس فرقًا قيميًا لأنك قد تجد بعضًا من المهنيّة في "العائليّ" وبعضًا من العائليّة في "المهنيّ".

بالتالي الفرق إذًا في سؤال ما هو الناظم الأخلاقيّ الوطنيّ الذي يكوّن هذهِ القائمة/ الرئيس، وأنا صراحةً أصبحَ يكفيني مرّات أن أصوت فقط على أساس لمن أنا متيقن أنه لن يجلب مشاكل أكثر للبلدة... كما من المهمّ الفصل بينَ فساد شخصيّ وبين فساد لصالحِ العائلة، إذ أن الأولى فقط هي مكروهة بالاجماع. أما الثانية قد تعتبر تنافس شريف بين العائلات.

ثم العلاقات ("كشاريم" بالعبرية):
ونقطة أخرى في اعتبارات السلطة المحليّة، هي مدى قدرة المرشّح على بناء "علاقات" ويقصد بها علاقة مع السلطة الحاكمة، وتعتبر هذه النقطة أفضليّة، أنّ المرشّح إكس، لديهِ علاقة مع الوزير الفلاني وهكذا، أو حضرَ عُرس إبن خالة رئيس مكتب الوزراء وهكذا. هذا العامل هو مؤثر طبعًا في أحيان كثيرة، تذويت قِيم الحكم العسكريّ هي داخلنا وتنبع وتترعرع، لأن الحاكم العسكريّ في كل بلدة وقرية عربيّة بالداخل علّمنا أن طعامنا وكسوتنا وعملنا وتعليمنا هو مربوطٌ في سلوكنا السياسيّ ومدى محافظتنا على الحياد الايجابيّ، وهذا مكوّن في القيادة الوطنيّة إلى القيادة المحليّة وحتى المواطنين، كأننا مجبولين على أنّ مسألة شقّ الشارع وترميمه هي متعلقة في مدى حنكة وشخصيّة المرشّح الرئاسي في بناء علاقات مع وزير أو رئيس والتعاون السياسيّ مع السلطة، شعار الأحزاب العربيّة في الكنيست على أننا تخطينا مسألة "الرعايا"، ونحن الآن مواطنين أو أقرب أن نكون مواطنين، هي أكذوبة كبيرة، أتعلمون لماذا لأن علاج هذا الملّف هو أكبر من يومِ الأرض، وأكبر من الحزب الشيوعي ونضاله وأكبر من التجمّع وبرافر، وأكبر من الهبّات والانتفاضات، هذا ملّف وطن بأكمله والقضيّة الفلسطينيّة في عرضها وطولها، نحنُ ما زلنا نفكّر هكذا لأن الدولة فعليًا هي تتعامل معنا على هذا الأساس.

وأخيرًا ميزانيات:
السؤال المطروح "من أين نجلب الميزانيات؟"، متعلّق في ممارسات وتعامل الدولة تجاهنا. هي فعلًا تمرّر الميزانيّات الجزرة ولكن مع العصا. والناس هنا فعلًا تفكّر في هذهِ المسألة بجدية أكثر من القيادة طبعًا، لأن القيادة هي تتحوّل لجزء من أجهزة ومؤسسات الدولة، ولم تعد تفكّر ضمن ضوابط الناس ومعاييرهم، بل أحيانًا يترفعون عنهم أو يقللون منهم، ويستسهلون الألقاب، مثل الناس اختارت فلانًا إذًا هي مع الفساد أو المحسوبيّة، أصبحت اللعبة الانتخابيّة والمنافسة، مع أحكام أخلاقيّة جاهزة، وبـ"الجُملة" للجميع للآلاف، لأن هذهِ القيادة لا يفهمون عقليّة الناس، التاريخ السياسيّ للحكم العسكري، الثنائيّات السياسيّة التي تربينا عليها، اللغة والمفاهيم. الميزانيّات والضغط الذي تمارسه السلطة علينا، هو يحجب عنّا التفكير والمخيال والأفق، في مقابلةٍ مع الحاكم العسكريّ لباقة الغربيّة مثلًا، في إجابتهِ على سؤال "لماذا الحكم العسكريّ، لماذا القمع، هل كنتم فعلًا بحاجة إليهِ؟" أجابَ إجابةً لن أنساها وتدلّنا على البنية التحتيّة للنظامِ الإسرائيليّ، قالَ "نحنُ كنا بحاجة إلى إعطاء تأشيرة، تصريح، في الحركة، البناء، المصادرات، المعاملات اليوميّة، هذا ضروريّ، لأنهم يكروهننا، وكيف نحلّ الكراهيّة نجعلهم بحاجةٍ إلينا وهذا يخفف ويقلل من الحقد، أو يجعل الكراهيّة أمرًا هامشيًا متروكًا على الرفّ، ويجعل العرب معتمدين علينا في كلّ حياتهم اليوميّة"، هذا الجواب أعتبرهُ تاريخيّ من حيثُ أنّ منظومة العلاقات الإسرائيليّة - الفلسطينيّة سواء في الداخل الـ48 أو الضفّة وغزّة هي أيضًا تعتمد على ذاتِ الفكرة ولكن بدرجاتٍ مختلفة بالتأكيد.

ختاما كتبت هذا المنشور، لطرح ثلاثة مفاهيم تصف الثقافة السياسيّة المحليّة بالداخل الـ48، بشكلٍ أوليّ للتفكير بجديّة في مسألة السلطات المحليّة بعيدًا عن التهليل والحملات الاعلاميّة البهلوانيّة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم