الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأبادة أو المنفى

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2024 / 2 / 29
القضية الفلسطينية


لماذا لا نسمي الحادثات الدموية والتدميرية التي تتوالى على لبنان و سورية والعراق و مصر و اليمن بأسمائها دون ذكر "شهرتها" ؟ لماذا لا نشير إليها بهويتها الحقيقية ،فعلات ترتكبها إسرائيل الأميركية أو الأطلسية؟ هل يمكننا منطقيا أن ننكر معرفتنا بالدور الكبير الرئيسي الذي تؤديه الولايات المتحدة والدول الأوروبية التابعة لها في الحرب الإسرائيلية الدائرة على جبهات متعددة منذ خمسة أشهر ؟ هذا من ناحية ، أما من ناحية ثانية فكيف نتعامى عن كون "المدافعين عن أنفسهم " في هذه الحرب ،هم فصائل تحرير وطنية شعبية و ليسوا جيوشا تأتمر بأمر سلطات حاكمة ،في حين أن هذه الأخيرة ، لا سيما تلك التي تربطها بإسرائيل علاقات طبيعية تشارك بالتعاون مع الولايات المتحدة أو بتوكيل منها في ممارسة الضغوط لإقناع مقاتلي الدفاع عن النفس في " غيتو" قطاع غزة بقبول شروط إسرائيل الأميركية لكي لا تستخدم الولايات المتحدة الأميركية حق النقض ضد مشروع قرار من مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف إطلاق النار ؟
مجمل القول أن هناك معادلة أولى تضع السلطة في مصر ، الحاضرة في سيناء و على حدود فلسطين الجنوبية ،المرتبطة بمعاهدة سلام مع إسرائيل من جهة و بمصالح ماليه مع شبة الدولة النفطية الخليجية و مع الولايات المتحدة الأميركية من جهة ثانية ، في موقع الوسيط بين قادة الانتفاضة المسلحة و بين إسرائيل . إلى جانب معادلة ثانية تجعل من شبه الدولة القطرية ، النفطية الخليجية و سيطا أيضا بين إسرائيل و بين القادة المذكورين . نكتفي الآن بهذه التفاصيل فنقتضب بالقول في شأن هذه الوساطة بأنها ليست في ظاهر الأمر ، مجرّدة من المصالح و الغايات استنادا لنفوذ الولايات المتحدة الأميركية و إسرائيل في مصر و قطر من جهة ، و لتأثير الأخيرتين على سكان أهل غزة من جهة ثانية .
و في مجال آخر، ماذا يعني أن يبادر المقاومون المدافعون عن أهلهم إلى طلب وقف إطلاق النار ، بعد قيامهم بانتفاضة مسلحة جريئة و ناجحة ضد مواقع الدولة الاستعمارية الاستيطانية المحيطة بقطاع غزة ؟
لا نجازف بالكلام أن الدلالة الرئيسة للانتفاضة في 7 أ كتوبر تشرين أول الماضي تتلخص بأن قطاع غزة ليس كما زعم الإسرائيليون في سنة 2005 ، عندما قرروا الانسحاب الأحادي منه واعتباره ،كيانا معاد منفصلا عن فلسطين ، و انما هو جزء من التراب الوطني الفلسطيني و أن سكانه فلسطينيون .
الدلالة الثانية هي الإجراء التعسفي المتمثل بالفصل و الحصار ،إنسانيا و ثقافيا وخدماتيا و غذائيا ، و أمنيا ، و ما ينجم عنه من قلق وجودي مباشر حاضرا و مستقبلا .نرتجع هنا ما قاله بعض الذين زاروا قطاع غزة من الكتاب و الناشطين " الإنسانيين " ، ، عن الأوضاع في القطاع ، حيث و صفوه بالسجن ، و بالقدر على نار متقدة و بالغيتو
. ينبني عليه أن الفلسطينيين يريدون حلا يتساوون بموجبه مع "البشر الإنسانيين" وليس مع " الحيوانات اليشرية ". فمن حقنا هنا أن نسأل عن غاية الذين أنشأوا هذا السجن على مساحة 360 كلم² و حشروا فيه اكثر من مليوني نسمة .
من البديهي أنه لا يمكن اعتبار السجن ، موطنا دائما و بالتالي فأن هدف السجين هو استعادة الحرية بأي و سيلة تتوفر لدية . السجان يعرف ذلك و الجلاد أيضا و كذلك الأهل و الأقارب القريبون و البعيدون . لذا نقول استطرادا أن الإسرائيليين و الأوروبيين و الأميركيين ، أرادوا في الأصل ألا يكون قطاع غزة صالحا للعيش الطبيعي . فلا نجازف بالقول أنهم كانوا في أغلب الظن يبحثون عن حل لإفراغه ، و لا نتردد هنا في توسعة هذه الفرضية لتشمل إفراغ القطاع من سكانه ثم دفع فلسطينيين آخرين أليه لإفراغهم أيضا ، و هكذا حتى تتحقق " الدولة اليهودية " الصافية ، فتتخلص الدولة الإسرائيلية من المشكلة السكانية الأساسية ، من وصمة " التمييز العنصري " و سياسة الأبارتهايد ، التي تبررها جميع الدول الغربية إلا ما شذ منها .
لا بد هنا من الإشارة إلى ملاحظة عابرة بشأن و سائل و أساليب احتجاج و مقاومة الذين لم يترك لهم إلا خيار الرحيل بدل الموت ، قتلا أو جوعا أو عطشا و العيش في العراء .
لا نبالغ في القول أن العالم المتحضر ، في دول الغرب الأوروبي ، و العالم الأنجلوسكسوني ، ممثلا بسلطاته الحاكمة ، استساغ الحجج العنصرية التي اعتمدت عليها القيادة الصهيونية في صياغة سياسة العرقي التي تعمل على تطبيقها في قطاع غزة و التي يمكن أن نوجزها بترحيل الفلسطينيين من فلسطين أو قتلهم او تركهم يموتون جوعا و عطشا و مرضا ، كما تموت " الحيوانات البشرية " شعب الهيريرو في ناميبيا نموذجا. تناهي إلى العلم أنه لم يبق في قطاع غزة ، منازل سكنية و مستشفيات و مدارس ، و أنهم أوقفوا عمل و كالة غوث اللاجئين ، فاللاجئون ماتوا أو يموتون ..









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سودانيون يقتاتون أوراق الشجر في ظل انتشار الجوع وتفشي الملار


.. شمال إسرائيل.. منطقة خالية من سكانها • فرانس 24 / FRANCE 24




.. جامعة أمريكية ستراجع علاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل بعد ا


.. تهديد بعدم السماح برفع العلم التونسي خلال الألعاب الأولمبية




.. استمرار جهود التوصل لاتفاق للهدنة في غزة وسط أجواء إيجابية|