الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الفقهاء العدسيون

محمد انعيسى

2006 / 12 / 1
كتابات ساخرة


يحكى أنه في قرية من بين قرى المسلمين،أقبل أهل القرية على تعيين امام لمسجدهم،ليعلمهم الدين ،ويقيم بهم الشعائر الدينية، خاصة يوم الجمعة ،اذ أن خطبة الجمعة تستدعي ذلك، بالاضافة الى مسائل أخرى لا تقل أهمية عن الأولى كتعليم القرآن لأطفال القرية.
.وكان من بين أعراف القرية أن يتناوب السكان على اطعام امام المسجد، ويسمى هذا العرف بالنوبة (التناوب في اطعام الامام)ومازال هذا العرف قائما الى يومنا هذا في جل القرى المغربية.وبعد ابرام الاتفاق بين الامام وسكان القرية ،دخل أهل القرية عمليا في اتفاقهم مع الامام،فبدأ السكان كعادتهم في احضار وجبة الغذاء للامام،فكانت أول وجبة غذاء تلقاها الامام هي العدس،وفي اليوم التالي تلقى الامام نفس الوجبة أي العدس ،وكان الاسبوع الأول بالنسبة للامام عبارة عن مهرجان للعدس ،اذ ان جميع السكان أحضروا نفس الوجبة للامام.وبدأ الامام يكره الوجبة ،لأنه لا يعقل أن يتناول الانسان نفس الوجبة يوميا ولمدة طويلة.وبعد استمرار نفس العادة، فكر الامام في استغلال نفوذه الديني،والتجأ الى حيلة مفادها أن يؤكد للسكان أن وجبة العدس حرام مطلق .
في يوم الجمعة وكالعادة اجتمع اهل القرية في المسجد لاقامة صلاة الجمعة، وبعد أن حان وقت خطبة يوم الجمعة صعد الامام العدسي الى منبر المسجد ،وقال بكل جرأة للقوم أن وجبة العدس حرام مطلق في الاسلام ،وكان رد فعل أهل القرية عنيفا ،اذ لم يترددوا في طرده من المسجد أولا ثم طرده من القرية ثانيا،طبعا لان أهل القرية يعلمون أن العدس ليس محرما في الاسلام.
واجتمع أهل القرية لايجاد امام جديد لمسجدهم،وهكذا اتفقوا مع امام آخر بعيد عن قريتهم.
وكان من بين الشروط الأولى التي اشترطها السكان على الامام هوأن يبدي الامام رأيه في مسألة تحريم العدس،اذ أكدوا للامام الجديد ان سبب طردهم للامام السابق هو تحريم هذا الاخير لوجبة العدس، فاجابهم الامام الجديد بكل ثقة في النفس أن العدس حلال مطلق؟.وهكذا تم الاتفاق، وبدا السكان من جديد في احضار وجبات الغذاء يوميا ،وكانت الوجبة عبارة عن عدس كسابقاتها من الوجبات ،فاستغرب الامام الجديد ،وتوصل الى ان الامام السابق قد التجأ الى حيلة تحريم العدس لسبب مبالغة أهل القرية في تقديم العدس كوجبة يومية.وبعد أخذ ورد في تفكير الامام الجديد ،فكر في نفس الحيلة التي التجأ اليها الامام السابق.وفي يوم الجمعة الموالي صعد الامام على منبره ليؤكد للسكان أن العدس حرام مطلق في الاسلام،واستغرب الجمع من قول الامام الجديد، خاصة وأنه كان قد أكد لهم أن العدس حلال في الاسلام قبل أن يتفق معهم ويبرم معهم عقد عمل.وكعادة أهل القرية اجتمعوا وتوصلوا الى أن الامام الجديد يجب طرده ،لكن قبل ذلك لا بأس أن يستفسروه عن سبب تحريمه للعدس،وبعد استفسارهم عن ذلك ،أكد لهم الامام الجديدأنه لم يغير رأيه ،بل ان اجتهاده هو الذي أوصله الى تحريم العدس،كما أن الامام السابق قد توصل الى نفس النتيجة نظرا لأنه كان مجتهدا، وتوصل الى تحريم العدس قبله ، وهكذا اقتنع أهل القرية بأن العدس حرام ،وتخلص الامام الجديد بذكائه من وجبة العدس المملة.
انها قصة طريفة ومضحكة، وهي قصة معروفة لدينا .لكن ما أريد أن اؤكد عليه هو أن هذه القصة ،توحي الى مجموعة من المعطيات التي نكاد نعيشها في القرن الواحد والعشرون.
فكما نعلم جميعا ان فقهاء التكفير أغلبهم يعيش في المهجر ، خاصة أوروبا،فكان هؤلاء يكفرون الأنظمة التي وفرت لهم العيش الكريم،بل لم يكونوا مترددين في تكفير العامة من غير المسلمين، وكانت الأدعية الارهابية ترفع يوميا في معظم المساجد،مما يثير حقدا وكراهية ضد الآخر ،وهكذا تأثر من فقهاء الارهاب والدمار مجموعة من الناس خاصة أولئك الذين يحسون بالدونية وفقدان الهوية،ولعل اغتيال المخرج الهولندي بان خوخ على يد مسلم مغربي لخير دليل على ما نقول.
وبعد وقوع مجموعة من العمليات الارهابية في العالم ،كاحداث 11 شتنبر،وأحداث مدريد،وأحداث لندن، اصبح من الضروري على الدول الاوروبية أن تعيد النظر في مفهوم الديموقراطية والتعايش، ااذ كيف يعقل أن يقتل الأبرياء باسم الدين ،وأن يعبر فقهاء التكفير عن أفكار ارهابية باسم حرية التعبير؟
وهكذا أقدمت فرنسا مثلا على منع الرموز الدينية في المؤسسات العمومية،كما أقدمت هولندا في اتخاذ اجراءات صارمة لمن يود الهجرة اليها.ولا نغفل الاجراءات التي قامت بها بعض الدول لمراقبة خطب الفقهاء في المساجد كبلجيكا مثلا،فاصبح من اللازم على فقهاء الارهاب والتكفير أن يتراجعوا على افكارهم وسمومهم ضد الآخر.والطريف حقا في كل هذا أن ينسب هؤلاء افكارهم التكفيرية الى الاسلام،وتراجعهم عن افكارهم بعد ذلك الى الاسلام نفسه،والحقيقة أن الاسلام كدين بريء كل البراءة من هؤلاء.وهكذا يمكن أن نشبه هؤلاء الفقهاء بامام العدس الذي تحدثنا عنه في القصة الطريفة،اذ ان فقهاء النفط والارهاب يغيرون مواقفهم ومبادئهم حسب ما تمليه عليهم مصالحهم ،كما فعل الامام العدسي حين حرم العدس بكل جراة وبرر موقفه بالاجتهاد.
حقا انهم فقهاء عدسيون ،يحللون ويحرمون حسب شهواتهم ،وربما لأن العدس يحتوي على مادة الحديد جعل من فقهائنا العدسيون رجالا من حديد ،لينتجوا سيوفا لقتل الأبرياء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل


.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا