الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القانون الدولي الإنساني: أين حرمة الأبرياء؟

إلياس شتواني

2024 / 3 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


في كتابه "دروس من التاريخ"، يخبرنا ويل ديورانت أن تاريخ البشرية على امتداد 3421 سنة لم يشهد فقط سوى 268 سنة من السلم والاستقرار وانعدام الحروب. حقيقة بالفعل صادمة توحي لأول وهلة بأن البشر كائنات ليست فقط عبارة عن حيوانات سياسية (أرسطو) أو أيديولوجية (ألتوسير)، بل كائنات تدميرية بحكم طبيعة تطورية حتمية، وغريزة قتالية نوعية، وازدواجية سيكولوجية تقتضي أن قدرة الانسان على إتيان الخير تساوي قدرته على إتيان الشر(يونغ).

شهد تاريخ الإنسان العاقل سلسلة من الحروب والصراعات المسلحة الدامية والمكلفة، والتي نتجت بشكل أساسي عن لجوئه للعنف وأساليب الحرب من أجل حل أزمات ومشكلات معضلة أو من أجل تحقيق أهداف سياسية أو توسعية أو وجودية معينة على أرض الواقع. يستلزم حل الأزمات وتحقيق هذه الأهداف وجوبا تدمير القدرات العسكرية والمادية وحتى البشرية للعدو، إذ يعتبر أي إضرار لإمكانيات الطرف المحارَب مكسبا و انتصارا للطرف المحارب.

تقف كتب التاريخ شاهدة على تراجيدية الحرب ومآسيها. هذه المأساة غالبا ما يدفع ثمنها الأبرياء من الأطفال، والنساء، والشيوخ، والأناس العزل. لقد تعلم البشر بفضل تاريخ طويل ومستمر من المعاناة (ويا للعار!) أن يراكموا تجارب وخبرات مكنتهم أخيرا من شحذ معاييرهم الأخلاقية والإرتقاء بها نحو كل ما هو ضروري وأمثل، وذلك للأهمية التي أصبح العالم الحديث في شكله "الإنساني" النقي يوليها للنوع الانساني قاطبة.

للأسف، لم يجرّم البشر الحرب، ولكنهم نجحوا في صياغة جملة من الأفعال أدخلوها في إطار جرائم حرب ولا إنسانية.

نقرأ معا في مسودة القانون الدولي الإنساني ص 94-95 ما يلي:

"مـا هي جرائم الحرب؟
• القتـل المتعمـد لشـخص محمـي (مثـل المقاتـل الجريـح أو المريـض، وأسـير الحـرب، والشـخص المدنـي).
• تعذيب شخص محمي أو معاملته بلا إنسانية.
• تعمد إحداث آلام شديدة أو أذى خطير لجسم أو صحة شخص محمي.
• مهاجمة السكان المدنيين.
• الترحيل أو النقل القسري غير المشروع.
• استخدام أسلحة أو وسائل حرب محظورة.
• إسـاءة اسـتخدام شـارة الصليـب الأحمـر أو الهلال الأحمـر المميـزة أو أيـة إشـارات حمايـة أخـرى.
• بطريق الغدر إصابة أو قتل أفراد ينتمون إلى دولة معادية أو جيش معاد.
• سلب ممتلكات عامة أو خاصة."

"ما هي الجرائم ضد الإنسـانية والإبادة الجماعية؟
يقـر القانـون الدولـي أنواعـا أخـرى مـن الجريمـة مثـل الجرائـم ضـد الإنسـانية والإبـادة الجماعية. والجرائـم ضـد الإنسـانية هـي أساسـا الفظائع التي ارتكبت كجزء من هجوم واسـع النطـاق أو منهجـي موجـه ضـد مجموعـة من السـكان المدنييـن، وعن علـم بالهجوم. وأمثلـة هـذه الفظائـع تشـمل القتـل والإبـادة والاسـتعباد والترحيـل والسـجن والتعذيـب، الاغتصـاب، والاضطهـاد لأسـباب مختلفـة."

وبموجـب النظـام الأساسـي للمحكمـة الجنائيـة الدوليـة، تشـمل جريمـة الإبـادة الجماعيـة مختلـف "الأفعـال المرتكبـة بقصـد التدمير الكلـي أو الجزئي لجماعة إثنيـة وطنية أو عرقية أو دينيـة، بصفتهـا هـذه". والأفعـال المعنيـة هـي التالية: (أ) قتل أعضاء مـن الجماعة؛ (ب) إلحـاق أذى جسـدي أو عقلـي جسـيم لأعضاء الجماعة؛ (ج) إخضـاع جماعة عمدا لظروف معيشية يقصـد بهـا إهلاكها الفعلـي كليا أو جزئيا؛ (د) فرض تدابير تسـتهدف الحيلولة دون إنجـاب الأطفـال داخـل الجماعـة؛ (هــ) نقـل أطفال المجموعة قسـرا إلى مجموعة أخرى."

يلجأ البشر إلى الحرب لعدة أسباب وتنتهك حرمة الإنسانية أيضا لعدة أسباب لا يسعنا استقصائها هنا. لكن يبقى الضمير الإنساني حيا ونابضا من خلال التزامات الدول الفعلية بعدم انتهاك مبادئ حقوق الإنسان، والقوانين الدولية المتفق عليها، والقانون الدولي الإنساني، وبشكل أهم من خلال تفعيل جاد لدور المنظمات الإنسانية في توفير سبل الإغاثة والرعاية، ودور المحاكم الدولية في تقصي الحقائق ومحاكمة المسؤولين عن أي جرائم أو خروقات تطال المدنيين والأبرياء.

هنالك فقط يكمن أن نتحدث عن عالم عادل وأخلاقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رد فعل لا يصدق لزرافة إثر تقويم طبيب لعظام رقبتها


.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصفه بنى تحتية عسكرية لحزب الله في كفر




.. محاولات طفل جمع بقايا المساعدات الإنسانية في غزة


.. ما أهم ما تناوله الإعلام الإسرائيلي بشأن الحرب على غزة؟




.. 1.3 مليار دولار جائزة يانصيب أمريكية لمهاجر