الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السويداء ، والخَيارات الأصعب!

نزار فجر بعريني

2024 / 3 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


وفقا لمتابعاتي الشخصية، أعتقد أنّ الوضع الراهن في السويداء لايمكن أن يستمر كما هو عليه، وقد وصلت التناقضات إلى الذروة، وباتت أمام مفترق طرق خطير ، وقد أصبحت أطراف وشخصيات وقوى وجمهور " الإنتفاضة" ، كما جميع أهل السويداء ، أمام التساؤل الأصعب :

في ضوء مجموعة مؤشِّرات قويّة،تحذّر من احتمال ذهاب النظام إلى حالة المواجهة وفقا لحساباته وأدواته ونهجه، ما هي الخَيارات المتاحة أمام القوى السياسية ونشطاء المجتمع الأهلي ، وتقاطعاتها في " المجموعات المسلّحة" ؟
اولا،
اوّد طرح مجموعة أفكار رئيسيّة، أعتقد أنّها قد تساعد جميع المعنيين بمصلحة السويداء بشكل خاص على الوصول إلى استنتاجات واقعية، لن يضعف من موضوعيتها تجاهلها من قبل بعض تعبيرات الوعي السياسي النخبوي المعارض :
النقطة الأولى،
أمريكا لن تدعم مشروع سلطة ذاتية في السويداء على غرار سلطة قسد ، وثمّة فارق نوعي في عوامل السياق . لا بل، هكذا سلوك يتناقض مع أهداف مشروع تسويتها السوريّة.. والتطبيع الإقليمي؛ وأقصى ما كان يمكن أن تقوم به- هي وقسد- هو استخدام الانتفاضة كورقة ضغط من أجل الوصول إلى تفاهمات صفقة مع السلطة في إطار تحقيق أهداف التسوية السياسية الأمريكية، وليس لأي هدف آخر ... ولم تنجح جهود قسد، كما لم تنجح جهود بعض قوى "الانتفاضة " في استجرار دعم أمريكي فعّال.
النقطة الثانية،
بناء على وعي الجميع لطبيعة مرحلة التسوية السياسية الأمريكية، لايوجد قوّة إقليمية أو دولية تتبنّى قيام سلطة ذاتية في السويداء، في مواجهة مع النظام السوري، وكلّ ما حصلت عليه "أطراف الانتفاضة" من دعم لن يصنع فارقا في مواجهة سلطة النظام، وكسر تلك القاعدة ! يؤكّد موضوعية هذا الاستنتاج إعادة فرض النظام سيطرته على درعا، رغم وجود محاذير أردنية "إسرائيلة"؛ لم تصل بالطبع الى درجة " الخط الأحمر " !
النقطة الثالثة،
لا تتوافق مصالح إسرائيل الأمنية مع حالة إضعاف سلطة النظام على تخومها، لصالح أيّة سلطة أخرى، أيّ تكن طبيعتها .
النقطة الرابعة،
ليس للنظام الأردني مصلحة ولا القدرة على الدفع بمشروع خاص في سوريا، خارج سياق العلاقات مع واشنطن، ولم تصل العلاقات الأردنية السورية إلى درجة العداء والمواجهات منذ أيلول، سبتمبر ، 1970؛ وغلب عليها دائما طابع التنسيق حتى في أكثر مراحل الخصومة مواجهة .
ثانيا ،
بناء على ماسبق، وفي ضوء حيثيات النقاط السابقة ، نستطيع تفسير أسباب ما نتج عن أبرز مراحل الحراك السلمي في السويداء:
1...فشل تحقيق أهداف مسار النضال السلمي الديمقراطي المشروع الذي ناد به، وتظاهر من أجل تحقيق أهدافه الإصلاحية الوطنية المشروعة طيف واسع من نخب السويداء، وجمهوره.
بالطبع لم يكن هذا الفشل مفاجئا، إذا أخذنا بعين الاعتبار حيثيات الحدث، المرتبطة بطبيعة السلطة السورية اوّلا، وبطبيعة المرحلة التي باتت عليها سوريا عند تفجّر الإنتفاضة في أواسط 2023 - نهاية حروب قوى الثورة المضادة للتغيير الديمقراطي منذ نهاية 2019، والعمل على تحقيق أهداف مشروع التسوية السياسية الشاملة ، التي تقوم على اعتراف الجميع بالحصص التي فرضتها موازين قوى الحرب بين 2015 2019، خاصة ما يرتبط بشرعية النظام وسيطرته المباشرة على "سوريا المفيدة"، دون أنّ يغيّر من طبيعة هذا السياق العام ما قامت به بعض القوى، خاصة النظامين السوري والتركي، من جهد سياسي وعسكري، في محاولة لتغيير الوقائع التي صنعتها الحرب قبل ربيع 2020، بما يوسّع نطاق سيطرتهما، على حساب سلطتي الأمر الواقع في شمال شرق سوريا، وفي إدلب.
2 فشل التعويل على دعم نوعي، خارجي ، فرنسي أو أمريكي ، بما يؤكّد نهاية مرحلة الحرب، وعدم وجود مصلحة للولايات المتّحدة بالخروج عن سياق التسوية، التي تعترف للنظام بسيطرته القائمة، وتعمل على دفعه للوصول إلى تفاهمات مع سلطة قسد، تتضمّن بالضرورة الوصول إلى صفقة مع تركيا حول مصير سلطتي الجولاني و"الجيش الوطني" ، في سياق صيرورة تسوية سياسية شاملة، يشكّل النظام مظلّتها الشرعية، وعرّاب "سلطاتها" المحلية، في إطار توافقات مع تركيا .
3 فشل التعويل على حصول حراك السويداء السلمي على حراك داعم في مناطق أخرى من سوريا ؛ وهي نتيجة طبيعية أيضا، طالما تمّ هزيمة الثورة خلال 2011 2012، وقد بات جميع السوريين تحت سيطرة سلطات أمر واقع، تتشابه في طبيعتها الاستبدادية، ورفضها لأدنى أشكال حراك السوريين المطلبي، وحرصها على استخدام شتّى وسائل القمع والتسويف لمنع تحوّل مطالب السورين إلى قوّة تغيير وطني ديمقراطي .
ثالثا ،
بناء على رؤيتنا السابقة ، وفي محاولة الإحاطة بجواب التساؤل الرئيسي، أعتقد أن الجميع في السويداء أمام خيَارين، لا ثالث لهما :
1 خوض معركة "انسحاب تكتيكي"، عبر مفاوضات مباشرة مع حكومة النظام، يتمّ خلالها تنظيم خطوات وإجراءات العودة إلى" الحالة الطبيعية " ، بأقلّ الخسائر، وأقصى ما يمكن انتزاعه من مكاسب، تضمن حماية الجميع .
مما لاشكّك فيه أنّ صعوبات السير على هذا الطريق كبيرة، وتزداد تعقيدا، مع تفاقم حدّة الصراع والمشاعر ، وما قد ينتج عنها من مواجهات عنيفة ، تستجرّ المزيد من العنف ، وتصعّب سبل التسويات السياسية!
تبيّن تجربة السوريين الباهظة الثمن أنّ سيطرة مزاج التطرّف الشعبوي يصعّب المهمّة على العُقلاء الكبار، الذين يدركون طبيعة المخاطر ويتطلّعون لسبل تجنّبها ؛ ويُسهّل المهمّة على أصحاب الأجندات الدموية ، الذين يتعيّشون على كلّ أشكال التدمير !
2 يبقى خوض معارك مواجهات عسكرية، في ظل موازين قوى غير متكافئة، على جميع الصعد، هو الخَيار المدمّر للجميع .
من نافل القول أنّ من مصلحة السويداء وأهلها ونخبها بالدرجة الأولى تجنّب عواقب هذا الخَيار العسكري، ومن واجب الجميع داخل الحكومة السورية ، وفي نشطاء الحراك ، وقادته الميدانيين، بذل قصارى الجهد للخروج من هذه المرحلة الأصعب التي تواجه "الحكومة السورية" وأهل السويداء ، على مرّ التاريخ !
في خلاصة القول ، وفي ضوء رؤيتنا لنتائج الخَيار العسكري في مواجهة حراك ربيع وصيف 2011، سيكون النظام الإيراني هو الرابح الوحيد ، وسيعمل على تحويل السويداء إلى قاعدة حرب جديدة ، تأتي بالويلات والدم والدمار ، على طريقة سيناريو جنوب لبنان ...وغزّة ... فهل يرتقي الجميع إلى مستوى التحدّيات، بعيدا عن أيّة اعتبارات أقل اهميّة، في هذه المرحلة الحرجة ؟ العدالة ...والسلام ، لنا جميعا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحلة نجاح علي طيفور: كيف تغيرت حياته وتحقق أحلامه في عالم صن


.. عودة المعارك إلى شمال ووسط قطاع غزة.. خلافات جديدة في إسرائي




.. القاهرة نفد صبرها.. وتعتزم الالتحاق بجنوب إفريقيا في دعواها


.. ما هي استراتيجية إسرائيل العسكرية بعد عودة المعارك إلى شمال




.. هل خسرت روسيا حرب الطاقة مع الغرب؟ #عالم_الطاقة