الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاث حالات غضب مُهدرة

رضي السماك

2024 / 3 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


السمّاك
الغضب من الأحاسيس الطبيعية التي يشعر بها الإنسان، وعلى الضد منه الارتياح والسعادة والرضا، وكلتا الحالتين لها مسبباتها التي تدفع الإنسان دفعاً إلى التعبير عنهما بالصوت أو بالكلام أو بالفعل،
والغضب نجد تعبيراته الأحتجاجية على الصعيدين الفردي والجماعي بدرجات متفاوتة الشدة،ولعل تفريغ شحناته مهمة للصحة النفسية للإنسان ويأتي بنتائج مفيدة، وقد يأتي بنتائج كارثية إلى ما لا يحمد عقباها، فتكون عندها شحنات الغضب مهدرة، سيما إذا ما كانت ترمي إلى غايات نبيلة. وفي الأيام الماضية تابعت بأسى شديد ثلاث حالات من شحنات الغضب المهدرة لأجل غايات نبيلة:
الحالة الأولى: تتمثل في إقدام الجندي في سلاح الجو الأميركي آرون بوشنل( 25 عاماً) على الانتحار حرقاً أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن؛ احتجاجا على حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة.وبقدر ما يثير الإرتياح نُبل الرسالة التي كان يبتغي توصيلها لهز ضمائر رفاقه في الجيش وعامة شعبه لإجبار حكومة بلادهم على التوقف عن مشاركتها إسرائيل في جريمة الإبادة-عسكرياً ومالياً وسياسياً- بقدر ما كان المرء يتمنى لو تحولت شحنة غضب ذلك الشاب العسكري إلى أشكال من الإحتجاجات الجماعية المدروسة بعيدة المدى، داخل المؤسسة العسكرية ومع جماعات الضغط وقوى المجتمع المؤثرة.
الحالة الثانية: وتتمثل بهجوم مجاميع غاضبة على امرأة باكستانية مهددين إياها بالقتل لأنها ترتدي فستاناً طُبع عليه كلمات عربية أشبه بالخط القرآني، وظنوا جهلاً منهم بأنها آيات قرآنية،ولولا نجدة الشرطة لها لكانت الآن في عداد الأموات، وهذا الحادث ليس الأول من نوعه يحدث في هذا البلد والبلدان الإسلامية المجاورة والذي غالباً ما يذهب ضحاياه من النساء جراء الفهم المغلوط للإسلام،لكن ماذا لو فُرغت مثل تلك الشحنات من الغضب العارم من أجل قضية إسلامية مشتركة كحماية مسجد الأقصى من دنس الأحتلال الإسرائيلي، أو لوقف حرب الإبادة الجماعية التي تُزهق فيها أرواح إخوتهم المسلمين في غزة،عوضاً عن تفريغها ضد تلك المرأة المسكينة؟
الحالة الثالثة: وهي حالة لطالما تكررت في السنوات الأخيرة وتتمثل في إقدام مجاميع شبابية من نشطاء الدفاع عن البيئة بانتهاك حُرمة قاعات المتاحف العالمية المخصصة للوحات الفنية من أعمال فنانين عالميين بهدف تخريبها إما بإلصاق أجسادهم باللوحات( لوحة الفنان فان جوخ نموذجاً)، أو بتلطيخها بزيوت سوداء، بغية الضغط على حكومة بلدانهم المتورطة في أعمال مضرة بالبيئة والمناخ!
فهل يُعقل أن تُعالج أفعالاً غير حضارية مضرة للبيئة بأفعال غير حضارية تمس فنون الحضارة البشرية؟ هل عدمت تلك المجاميع في دول يُفترض بأنها متحضرة وعريقة في الديمقراطية كل أشكال الاحتجاج المشروعة والمؤثرة وما أكثرها، ولم تجد سوى هذه الوسيلة المقيتة اللامتحضرة والتي من شأنها تنغّص أيضاً متعة سيّاح صادف حظهم العاثر وجودهم وقت الاحتجاج المقزز؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جلال عمارة يختبر نارين بيوتي في تحدي الثقة ???? سوشي ولا مصا


.. شرطي إسرائيلي يتعرض لعملية طعن في القدس على يد تركي قُتل إثر




.. بلافتة تحمل اسم الطفلة هند.. شاهد كيف اخترق طلاب مبنى بجامعة


.. تعرّف إلى قصة مضيفة الطيران التي أصبحت رئيسة الخطوط الجوية ا




.. أسترازنيكا.. سبب للجلطات الدموية