الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تدعم فرنسا واسبانيا حل الحكم الذاتي في نزاع الصحراء المغربية ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2024 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


سؤال وجيه ، لأنه سيعري على حقيقة موقف الجمهورية الفرنسية ، وموقف الدولة الاسبانية ، من نزاع الصحراء الغربية الذي يخضع للمساومة وللابتزاز .. سيما وان النظامين المغربي والجزائري يُكيّفان أي تحرك بالمنطقة ، بالتجاوب او بالتعبير الصريح في دعم مواقفه ، مما جعل نزاع الصراع الغربية ، صراع نظامين متعارضين ، وصراع كل من يؤيد احد النظامين المغربي اوالجزائري . فتفسير تحركات فرنسية او اسبانية ، متناقضة ، وتحصل ضمن حسابات دقيقة ، للضغط على النظامين ، من اجل الابتزاز ، وفي نفس الوقت استغلال هذه المواقف في المزيد من تركيع النظامين ، وفي المزيد من النهب الاقتصادي لثروات شعوب المنطقة المفقرة .. ، يعني ان الستاتيكو المخيم منذ سنة 1991 ، سيستمر ، وكأن الصراع تفجر بالأمس القريب . فهل تؤيد الجمهورية الفرنسية ، والدولة الاسبانية حل الحكم الذاتي الذي اقترحه النظام المغربي في ابريل 2007 ، ام ان لكل نظام ( فرنسي واسباني ) مصالحه الخاصة التي تنتهي بالإعراب عن مواقف متناقضة ، لكنها في صلبها هي مواقف واحدة ، تعارض بالكل أطروحة مغربية الصحراء ؟
عندما تغضب الجزائر من زيارة رئيس الحكومة الاسبانية للمغرب ، ويغضب المغرب من لقاء لرئيس الحكومة الاسبانية مع الجزائر ، وبالضبط مع الرئيس عبدالمجيد تبون ، او عند الادلاء بتصريح هنا وهناك ، من دون النظر الى القضية من زاوية أيديولوجية ، يكون مصير الصراع قد توضح ، ليس بصراع الحدود ، بل تكشّف انه صراع وجود ، أي صراع حضاري ينطلق من الإرث الأيديولوجي لكلا النظامين المتصارعين . فهل تؤيد فرنسا أطروحة مغربية الصحراء ، وهل فعلا ان تصريح ومواقف Pedro Sanchez ، هو مع مغربية الصحراء ، من خلال ( تدعيمه ) حل الحكم الذاتي لنزاع منذ سنة 1975 ؟ .
وبالرجوع الى ميكانيزمات تصريف الصراع بالمنطقة ، وتحليل مواقف الأطراف الداخلة في هذا الصراع بصور مختلفة ، سنخرج بخلاصة ونتيجة ، ان لا فرنسا ، ولا رئيس الحكومة الاسبانية ، يؤيدون أطروحة مغربية الصحراء . وانّ المواقف المعبر عنها لا تعدو ان تكون فقط مواقف للتجميل ، من جهة للحفاظ على المصالح العليا للنظامين الفرنسي والاسباني ، ومن جهة لاستمرار النزيف في اقتصاديات كل من المغرب والجزائر ، بما يجعل النظامين المغربي الجزائري ، رهينة بيد الدولتين الفرنسية والاسبانية .
ان الجمهورية الفرنسية ، والدولة الاسبانية ، لن يعترفا ابدا بمغربية الصحراء ، لان الاعتراف بها سينهي ويغلق بابا للتسوق والارتزاق ، والاستمرار في نهب ثروات البلدين ، بدعوى موقفهما مع مغربية الصحراء ، او بدعوى معارضتهما لمغربيتها ، من خلال تصريحات هنا هناك .
فعندما يكون الرئيس Emanuel Macron مثلا ، او احد السياسيين من وزن وزير الخارجية الفرنسي بالرباط ، يعطي من خلال تصريح للأعلام ، وطبيعي ان التصريح يحمل إشارات قبول ، وأكرر قبول حل الحكم الذاتي لنزاع الصحراء ، تغضب الجزائر ، لأنها فهمت التصريح بالمعادي لأطروحتها ، ويفرح النظام المغربي لان التصريح اعترف بأطروحة مغربية الصحراء ، من خلال الاعتراف بحل الحكم الذاتي . في حين التصريح الفرنسي في الرباط او بالجزائر العاصمة ، هو مع المصالح الاستراتيجية لفرنسا ، وليس مع مواقف النظام المغربي ، ومواقف النظام الجزائري .. وطبعا فالتصريح يأتي ضمن سياسة الاتحاد الأوروبي ، الذي يصوغ قرارات تستجيب لفلسفة الثقافة الغربية ، التي تعتبر كل ما هو ليس أوروبي او غربي ، هو معادي للفلسفة الغربية ، خاصة عندما تكون الأنظمة تلوح بالحضارة وبالإرث الأيديولوجي الذي يخيف الحضارة الغربية ، كاثوليكية كانت او بروتستانية ، او حضارة ملحدة او لا دينية ، تتعارض مع الحضارة التي يلوح بها نظام من الأنظمة السياسية .
اذن . هل الدولة الفرنسية ، وهنا نشير الى الحضارة الغربية في صورها المختلفة ، هي مع أطروحة مغربية الصحراء ؟ . وهل يمكن انتظار يوم ما ، تخرج فيه فرنسا الحضارة من جبتها ووصايتها ، وتعترف بمغربية الصحراء ؟ . وطبعا انه نفس السؤال نطرحه من الموقف الاسباني الحقيقي من نزاع الصحراء الغربية . فهل اسبانيا الدولة والحضارة والارث الأيديولوجي الثقيل ، تعترف او ستعترف بمغربية الصحراء ؟ . وهنا المقصود الدولة الاسبانية الكاثوليكية ، ولا نقصد تصريح Pedro Sanchez ، او Jose Louis Zapatero ، بالاعتراف الميكيافيلي بمغربية الصحراء .
ومثل ان السياسة الفرنسية في القضايا الجيو استراتيجية ، والجيوبوليتيكية ، هي من اختصاص المحافظين بقصر الاليزيه Le palais de l’Elysée ، فكذلك ان التقرير في القضايا الجيو استراتيجية ، والجيوبوليتيكية ، هي من اختصاص المحافظين الاسبان ، بالقصر الملكي الاسباني ، الذي يرأسه الملك Phillip 6 ، الذي يعطيه الدستور ، وتعطيه الثقافة الاسبانية في ارثها الأيديولوجي ، سلطات تعلو على سلطات الحكومة المنتخبة .. وهذا يدفع بنا كمحللين ، ان نطرح السؤال او نتساءل . هل في فرنسا وفي اسبانية ما يسمى عندنا بحكومة الظل ، او " البنية السرية " التي تحكم خارج نصوص ومنطوق الدستور ؟ . وهنا نصل الى السؤال او التساؤل . هل مواقف الرئيس الفرنسي ، حتى قبل تأزم العلاقة بينه وبين الملك محمد السادس من ملف الصحراء ، منبعها الرئيس الفرنسي ، او ان منبعها ومصدرها فرنسا العميقة ، خاصة عندما رفض الرئيس Emanuel Macron ، الاعتراف بمغربية الصحراء ، وتجاهل التجاهل المطلق حل الحكم الذاتي الذي خرج به الملك في ابريل 2007 ؟ . ومثل فرنسا العميقة . هل كان للملك محمد السادس ان يخرج من تلقاء نفسه بحل الحكم الذاتي ، وبعده الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار في يناير 2017 ، واصدر ظهيرا وقع فيه بخط يده على هذا الاعتراف الذي نشره بالجريدة الرسمية عدد 6539 / يناير 2017 ؟ ام ان الواقف وراء جميع خرجات الملك ، تبقى الدولة العميقة ، او ما سماها بعضهم ب " البنية السرية " ؟ . ففرنسا تتصرف في القضايا الاستراتيجية ، من خلال اللوبي الفرنسي ، وليس من قبل الشعب الفرنسي ، مثل ان تصرف الملك محمد السادس ، يأتي ضمن دولة المخزن ، دولة الطقوس والأصول العلوية .
كذلك فتصرف رئيس الوزراء الاسباني ، الأحادي الجانب ، رغم انه جاء من خارج الحكومة المنتخبة ، فموقفه ما كان ان يحصل ، من دون تضمين القرار ، بالاعتراف بحل الحكم الذاتي ، في جدول اعمال المجالس الدستورية الحكومية .. لكن رئيس الحكومة الاسبانية ، التي هي حكومة أحزاب صوت عليها الشعب ، لجأ لتبرير قراره ، بالرجوع الى اكبر سلطة دستورية ، وطقوسية ، هي قصر الملك الاسباني Phillip 6 ، الذي يعطيه الدستور ، وتعطيه الطقوس سلطات غير متوفرة ، مصدرها القصر ، والكنسية الكاثوليكية ، وهي شخصية ثقافية تحرص على الثقافة الاسبانية الاصيلة ، عند البث في القضايا الجيواستراتيجية ، والجيوبوليتيكية ، وهنا لعب الإرث الطقوسي الحضاري الاسباني ، ومن خلال الملك طبعا ، الدور الأساسي الذي اجهض انفصال إقليم " كتالونية " La Catalogne ، رغم ان مشروع انفصال إقليم " كتالونية " ، كان وراءه انتخاب عبر استفتاء شعبي جماهيري .. فشخص الملك الممثل للطقوس الثقافية الاسبانية ، اجهض انفصال إقليم " كتالونية " ، والانتصار لصالح وحدة الدولة / الاتحادات الاسبانية ، ووحدة شعوبها .. وطبعا فان تصرف القصر الاسباني ، ادخل أوربة في سبات من النوم / التضامن ، لان التضامن ليس تضامن الشعوب الغربية التي تُستعمل في الحركية السياسية ، وبواسطة الاستفتاءات . لكنه كان تضامن اللوبي الخفي الذي يمارس الحكم والسلطة ، رغم ان فريق الحكم مصوت عليه من قبل الشعب .. فاللوبي والثقافة والحضارة الغربية ، هي التي تحكم ، وهي الحاكم الحقيقي والدولة الحقيقية ، لن يقبل باستقلال كاتالونية ، ليصبح غدا إقليم من الأقاليم في دولة غربية ما يهدد بالانفصال ..
أذن . ان تصرف Pedro Sanchez عندما توجه الى القصر الاسباني الطقوسي ، كان تصرفا دستوريا ، وتصرفا طقوسيا ثقافيا ، والاّ لكان لأحزاب الحكومة موقف اخر ، ينتهي بالانسحاب من الحكومة ، وبتنظيم انتخابات سابقة لأوانها . وقد ظهر هذا الإرث الأيديولوجي للدولة العميقة الاسبانية ، عندما فاز Sanchez ، في الانتخابات التشريعية الأخيرة ، وطبعا كان Sanchez رئيس الحكومة ، وبقي بعد الانتخابات رئيس ثاني مرة أخرى للحكومة ..
ولنذهب بعيدا في التحليل والتفسير . هل يعقل ان يتخذ Sanchez ، قرار الاعتراف بحل الحكم الذاتي ، لوحده ، ومن دون المرور من مجلس الحكومة ، لو لم يكن من قدم التغطية السياسية لتصرف Sanchez ، الملك Phillip6 ، المحاط بالمحافظين الاسبان ذوي الثقافة والأصول الاسبانية الكاثوليكية ؟
لكن اللغز المحير ، هو في نوع الحجج التي يكون Sanchez ، قد تجادلها مع الملك ومع المحافظين بالقصر الملكي ، واقنعت الملك الذي لم يتردد في القبول بها ، ومساندتها من وراء الظل .. فالصراحة في النقاش او التحاور بين Sanchez والملك والمحافظين بالقصر ، سيكون صريحا ، في تقييم النتائج التي ستسفر على هكذا خطوة ، قد تكون محل انتقاد من قبل الاتحاد الأوروبي ، ومن قبل الولايات المتحدة الامريكية ، ومن قبل مجلس الامن ، ومن القضاء الأوروبي الذي حكم مرات بعدم مغربية الصحراء ..
الرئيس الفرنسي Emanuel Macron ، وفي تصرفه ، ينافق الملك محمد السادس ، حين يرمي إشارات لخلط الأوضاع ، تخفي نوايا فرنسا الحقيقية . لكنه عندما يقوم بفتح دكان لحزبه بمدينة الداخلية ، واعتبار هذا الدكان بمثابة اعتراف بمغربية الصحراء ، ويعارض اعتراف Trump بمغربية الصحراء .. هنا تكون السياسة الفرنسية ، والدهاء السياسي الفرنسي ، قد افتضح وتعرى ، امام المثقفين والكتاب المغاربة ، وامام المشتغلين بالشأن العام المغربي ، والمشتغلين بالشأن العام للأنظمة السياسية التي تحكم جغرافية شمال افريقيا . ففرنسا لا تعترف ولن تعترف ابدا بأطروحة مغربية الصحراء ، لكنها ومن خلال اعتمادها لجبهة البوليساريو كحركة كفاح مسلح ، وحركة تحرير ، حيث للبوليساريو مكاتب بباريس وبالمدن الفرنسية ، ونفس الشيء بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي .. ، وحين استقبال إبراهيم غالي رئيس الجمهورية الصحراوية في العديد من المحطات ، كاستقباله كرئيس بعاصمة الاتحاد الأوروبي Bruxelles .. ، هنا تظهر المواقف الحقيقية للاتحاد الأوروبية ، وتظهر المواقف الحقيقية لفرنسا الطقوس وليس لفرنسا المدنية .. في انها لا ولن تعترف ابدا لا بحل الحكم الذاتي ، ولا بمغربية الصحراء ..
بل سنجد فرنسا العضو الدائم بمجلس الامن ، وصاحبة حق النقض / الفيتو ، تصوت على القرارات التي يخرج بها مجلس الامن ، الداعية الى الاستفتاء وتقرير المصير . فما تقوم به فرنسا بعد قرار مجلس الامن ، هي تعطيل تنزيل القرار ، اذا كان سيضر علاقاتها مع النظام المغربي ، او ان تكون القرارات مصوغة بالذهاب الى عزل الصحراء الذي سيسبب في سقوط النظام الملكي .. ففرق بين الاعتراف بمغربية الصحراء ، وبين عدم الاعتراف بها ، حين تصوت على قرار يدعو الى تقرير المصير، والاستفتاء لتحديد الوضع القانوني للصحراء .. وتعطيل تنزيل تلك القرارات لإظهار حب الصداقة والامتنان الذي تكنه فرنسا للنظام المغربي ، وليس للشعب المغربي .. ويعلم الله كيف سيكون موقف فرنسا ، بعد تأزيم العلاقة بين الرئيس Emanuel Macron ، وبين الملك محمد السادس .. فالدورة المقبلة لمجلس الامن في ابريل القادم ، قد تحمل في طياتها بعض المفاجئات ، وقد تكون مثل سابقاتها من القرارات المُتّخدة ، مكرسة للستاتيكو .. الى اجل غير مسمى .
ومثل فرنسا التي لا تعترف بمغربية الصحراء ، وتختبئ وراء مجلس الامن ، ووراء الجمعية العامة للأمم المتحدة ، التي تبحث النزاع ضمن اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ، فكذلك الرئيس Pedro Sanchez في قرارة نفسه وفي دواخله ، لا يعترف بمغربية الصحراء . وهو اذْ اعترف بحل الحكم الذاتي ، فله اليقين ، بان هذا الاعتراف لن يشكل قيمة مضافة لمغربية الصحراء ، ولن يؤثر على موقف الدولة الاسبانية من نزاع الصحراء الغربية ، وهو عدم الاعتراف بمغربيتها ، ولن يؤثر على مواقف مجلس الامن ، ومواقف اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ، كما لن يؤثر على موقف قضاء الاتحاد الأوروبي ، محكمة العدل الأوروبية التي بها قضاة ومحامون اسبان ، ولن يؤثر على موقف الاتحاد الأوروبي الذي لا يعترف بمغربية الصحراء . فذكاء Sanchez ثعلب المفاوضات ، هو مع موقف المجتمع الدولي ، أي المشروعية الدولية ، التي لا تعترف بمغربية الصحراء ، لكنه حقق مكاسب لإسبانيا بالاتفاقيات في مجال الاستثمارات ، وفي مجال الحدود المهددة بالغزو البشري من المغرب .
وبما ان اسبانية تتخذ قراراتها الجيواستراتيجية ، والجيوبوليتيكية ، بالتقيد بنصوص وبثقافة الاتحاد الأوروبي الغربية ، فاعتراف Sanchez الأحادي يصبح خارج المعادلة ، عندما تنتصر دول الاتحاد لقرارات الاتحاد ، على قرارات دول الاتحاد . وبما ان الاتحاد الأوروبي هو ضد مغربية الصحراء ، ويدعو في قراراته الى التمسك بالمشروعية الدولية .. وبما ان قرار Sanchez ، لا يمكن ان يعلو على قرار الاتحاد الأوروبي ، فرئيس الحكومة الاسبانية ، هو ضد مغربية الصحراء ، ومع طقوس والارث الأيديولوجي المسيحي للدولة الحضارية الطقوسية الاسبانية ، الذي لن تعترف ابدا بمغربية الصحراء ، طالما ان الاعتراف سيكون في صالح نظام طقوسي تقليداني ، امبراطوري .. لعابه لا يزال يجري لاستعادة سبتة ومليلية ، والجزر الجعفرية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فخر المطعم اليوناني.. هذه أسرار لفة الجيرو ! | يوروماكس


.. السليمانية.. قتلى ومصابين في الهجوم على حقل كورمور الغازي




.. طالب يؤدي الصلاة مكبل اليدين في كاليفورنيا


.. غارات إسرائيلية شمال وشرق مخيم النصيرات




.. نائب بالكونغرس ينضم للحراك الطلابي المؤيد لغزة