الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 149 – مقابلة صحفية مع المؤرخ اليهودي بيني موريس تفضح تطرفه وعنصريته - الجزء الأول 1-2

زياد الزبيدي

2024 / 3 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع

تحدثنا عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مع المؤرخ بيني موريس، الذي أخبر الإسرائيليين في الثمانينيات عن "الخطيئة الأصلية" التي ارتكبتها بلادهم، ألا وهي طرد الفلسطينيين. الآن يعتقد أن الأمر كان مبررًا – ميدوزا

أجرى المقابلة إيليا كراسيلشيك
محرر وناشر روسي يعيش في برلين
بوابة ميدوزا الإخبارية تصدر من لاتفيا

21 ديسمبر 2023

حاشية من الناشر 1
بيني موريس هو مؤرخ إسرائيلي، وهو الزعيم غير الرسمي لما يسمى بالمؤرخين الجدد الذين شرعوا في الثمانينيات في مراجعة النظرة الصهيونية التقليدية لتشكيل دولة إسرائيل. لقد كان لفترة طويلة معبودًا لليسار الإسرائيلي – مؤيدًا لإنشاء دولة فلسطينية أو المساواة المدنية بين اليهود والعرب داخل دولة واحدة. وموريس نفسه، رغم استمراره في التمسك بصيغة "دولتين لشعبين"، ينأى بنفسه عن الاستنتاجات الأكثر تطرفا التي استخلصها آخرون من بحثه. وقد انجرف موقفه بشكل كبير نحو اليمين: فإذا كان قد أخبر الإسرائيليين في الثمانينيات عن "الخطيئة الأصلية" التي ارتكبتها بلادهم ــ طرد الفلسطينيين ــ فإنه يعتقد الآن أن هذا كان مبرراً. ناشر ميدوزا السابق إيليا كراسيلشيك، بعد أن ناقش مع الصحفي الأمريكي ناثان ثرال النهج اليساري تجاه المشكلة الفلسطينية الإسرائيلية، تحول إلى موريس من أجل وجهة نظر يمينية معتدلة.

أجريت المقابلة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، قبل الهدنة وإطلاق سراح بعض الرهائن الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين.

إن أهم مبدأ في النظرة الإسرائيلية التقليدية لتاريخ بلادهم هو أن حوالي 700 ألف عربي فلسطيني أصبحوا 1لاجئين خلال حرب الاستقلال الإسرائيلية في الفترة 1947-1949 تركوا منازلهم طوعاً أو بتوجيه من قادتهم. وحتى يومنا هذا، بعد مرور 75 عامًا، يحتفظ أحفادهم بوضع اللاجئ.

أثبت المؤرخ بيني موريس، استنادا إلى مواد رفعت عنها السرية من أرشيفات الجيش والحكومة الإسرائيلية، أن الإسرائيليين طردوا عمدا العديد من العرب. وتحدث أيضًا عن التعذيب والعنف الجنسي وجرائم الحرب الأخرى التي يرتكبها الإسرائيليون. هذا هو موضوع كتابه الصادر عام 1987 بعنوان "ولادة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين".

وفي الطبعة الموسعة والمنقحة من كتاب ولادة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، التي نُشرت في عام 2004، يوضح موريس بعناية أن إسرائيل يجب أن تظل دولة قومية يهودية، على الرغم من ارتكاب جرائم حرب من أجل إنشائها والحفاظ عليها.


عن الحرب الحالية

سؤال – ماذا شعرت في 7 أكتوبر؟

جواب – صدمة كبيرة، سواء من حقيقة أن المخابرات أخطأت الهدف، أو من رد الفعل البطيء والضعيف للغاية من قبل الجيش.

وبعد أن رأيت ما فعلته حماس، شعرت برغبة في الانتقام، والكثير من الناس، بالطبع، لا يعترفون بذلك. هذا لا يمكن أن يبقى دون إجابة. لكن فكرة الانتقام من المهم أن نفهمها. وهذه ليست مجرد مسألة رغبة شخصية في الرد، وهو أمر طبيعي للغاية. يعد الانتقام في الشرق الأوسط جزءًا من الثقافة. وإذا كان العرب من حولنا - في حزب الله، في مصر - أو إذا كانوا في إيران لا يرون أن هناك انتقاما، فإنهم يعتبرونك ضعيفا وينقضون عليك مرة أخرى. تصبح فريسة.

لذلك، كان من المهم جدًا أن يرد الجيش الإسرائيلي بقصف مكثف لأهداف حماس في غضون يومين. ونتيجة لذلك، مات العديد من المدنيين بالطبع، لكن هذا أمر لا مفر منه. لأنهم، أولا، دعموا حماس، وثانيا، حماس اخترقت حياتهم، وخبأت صواريخها تحت الأسرة، في المساجد والمستشفيات.

كان ذلك ضرورياً نفسياً للإسرائيليين وسياسياً وعسكرياً حتى لا ينظر إلينا العالم العربي على أننا ضعفاء. وإلا فإنه سوف يؤدي إلى هجمات جديدة.

سؤال – اتضح أنه لا يمكنك إلا الإجابة، ولكن من المستحيل تحقيق أي شيء بهذه الإجابة.

جواب – لا هذا ليس صحيحا. انظر، حسنًا، يعتمد الأمر على ما إذا كان هذا سينتهي الآن أم سيستمر. يرغب الجيش الإسرائيلي في استمرار الحرب. أعتقد أن أغلبية الجمهور الإسرائيلي تؤيد استمرار الهجمات حتى يتم تدمير حماس، وهو بالضبط هدف الحكومة.

إذا توقفت العملية العسكرية في المنتصف، فلن تحقق شيئاً. وفي غضون أشهر أو سنوات قليلة، ستعود حماس إلى الظهور في قطاع غزة وتهاجمنا متى أرادت، بالصواريخ أو بالطريقة التي فعلت بها في 7 تشرين الأول (أكتوبر).

ولكن إذا تم تدميرها، فسيؤدي ذلك إلى تغيير الجغرافيا السياسية للمنطقة. على الأقل لن يكون لدينا عدو رئيسي في الجنوب. وستكون هذه إشارة إلى حزب الله في الشمال، وإلى الإيرانيين، وإلى الحوثيين، بضرورة توخي الحذر.

وأعتقد أيضًا أننا يجب أن نواصل الحرب ضد حزب الله. وأيضا ضرب إيران، لأن إيران هي البادئة بهذا العنف، الذي يهدف بشكل رئيسي إلى تدمير إسرائيل. ولطالما قالت إيران إن هذا هو هدفها. إنهم يبنون قدرة نووية تسمح لهم بتدمير إسرائيل، وأعتقد أن إسرائيل، بمجرد الانتهاء من [مع حماس]، يجب أن تغتنم هذه الفرصة لتدمير المشروع النووي الإيراني.

سيكون من الأفضل القيام بذلك مع أمريكا. أمريكا، بطبيعة الحال، أقوى بكثير وأمامها فرص كبيرة. ولكن ربما يستطيع الإسرائيليون أن يفعلوا ذلك بأنفسهم.

سؤال – لنفترض أن إسرائيل دمرت حماس. لقد فعلت إسرائيل شيئاً مماثلاً في لبنان مرتين. ونتيجة الحرب الأولى ظهر هناك حزب الله، ونتيجة الحرب الثانية أصبح أقوى. إذا تم تدمير حماس، فقد يحدث شيء أسوأ في غزة، أليس كذلك؟

جواب – حماس لا يمكن أن تكون أكثر شرا. أعتقد أنهم وصلوا إلى قمة الشر. أقترح أنه على سكان غزة، على الأقل جزء منهم، أن يطرحوا السؤال التالي: لماذا كل هذا الدمار؟ إذا مات 1200 إسرائيلي نتيجة هجومنا، ربما لا ينبغي لنا أن نكرر ذلك؟ ربما لا ينبغي لنا أن ندعم حماس مرة أخرى؟.. لا أعرف. ربما سيكون الأمر على العكس من ذلك.

ربما سيشتد الشعور بالانتقام. ومن المرجح أن يكون هناك ردتا فعل: الرغبة في الانتقام لما فعلته إسرائيل الآن، فضلاً عن الرغبة في منع حماس من الاستيقاظ من جديد في وسطهم. لا أعرف.

حاشية من الناشر 2
وفقاً لاستطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية خلال الفترة من 22 نوفمبر وحتى 2 ديسمبر، فإن 57% من سكان قطاع غزة و82% من سكان الضفة الغربية يعتقدون أن قرار حماس بمهاجمة إسرائيل في 7 أكتوبر كان صحيحاً. قال 52% من سكان غزة إنهم راضون عن أداء حماس خلال الحرب الحالية، فيما يفضل 38% بقاء القطاع تحت سيطرة حماس بعد انتهاء الحرب. (تم نشر مقال حول هذا الاستفتاء في مقابلة مع د. خليل الشقاقي يمكن العودة إليه على الرابط https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=819311 - المترجم)
وقال 42% من سكان غزة أنهم يؤيدون حماس، و18% قالوا إنهم يؤيدون فتح، و23% قالوا إنهم يؤيدون فصائل أخرى. في الوقت نفسه، فإن 35% يؤيدون صيغة “دولتين لشعبين”، أي إقامة دولة فلسطينية مجاورة لإسرائيل. وهذا يتعارض مع هدف حماس البرنامجي المتمثل في تدمير إسرائيل وإنشاء دولة عربية إسلامية في كامل أراضي فلسطين التاريخية، بما في ذلك أراضي إسرائيل الحالية.
56% يعتقدون أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية يمكن تحقيقه من خلال الكفاح المسلح، و19% من خلال الاحتجاجات السلمية، و24% من خلال المفاوضات الدبلوماسية.

ولو أجريت انتخابات رئاسية فلسطينية الآن وشارك فيها فقط رئيس الحكم الذاتي الحالي محمود عباس وزعيم حماس إسماعيل هنية، لفاز الأخير في غزة بنسبة 71% من الأصوات. ولو كان هنية ومروان البرغوثي مرشحين (فهو، مثل عباس، يمثل فتح؛ وهو يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في أحد السجون الإسرائيلية بتهمة الإرهاب)، لكان هنية قد فاز بنسبة 52% من الأصوات.(هذا يغاير الحقيقة: مروان البرغوثي حسب الاستطلاعات سيفوز في الانتخابات ضد أي مرشح فتحاوي او حمساوي - المترجم).

سؤال – إسرائيل لديها حكومة يمينية متطرفة. لقد انتقدتها كثيرًا. هل تثق في أن هذه الحكومة ستصحح الأمور، حتى مع الاستراتيجية الصارمة التي تقترحها؟ هل هؤلاء هم الأشخاص الذين يجب عليهم الانتقام؟

جواب – أنت على حق، أنا لا أحب الحكومة. هذه الحكومة رهيبة. رئيس الوزراء محتال ولا ينبغي أن يكون في السلطة. وهو أيضًا انتهازي وضعيف.

لكن لدي شعور بأن الجمهور سيضغط على الحكومة. أن الجنرالات سوف يمارسون الضغط على الحكومة. وسوف يحصلون على ما يريدون حتى مع هذه الحكومة السيئة. لأن الحكومة لا تدير الجيش فعلياً. يديره إلى حد كبير مجلس الحرب او الكابنيت الذي يضم نتنياهو والعديد من الجنرالات الحاليين أو السابقين.

أود أن أرى نتنياهو يُطرد. ونأمل أن يحدث هذا في الأشهر المقبلة. رغم أن هذا يمثل إشكالية: فهو يتمتع بأغلبية في الكنيست وستظل هذه الأغلبية تدعمه. ونتنياهو نفسه لا ضمير له، لذا فهو لن يستقيل. ولعل رد الفعل الشعبي على استمراره في رئاسة الوزراء سيجبره على التنحي. على أية حال، آمل أن يحدث ذلك في وقت واحد أو في غضون أشهر قليلة بعد انتهاء الحرب في غزة.


حول أصول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

سؤال — ربما نقضي الكثير من الوقت في مناقشة ماضي هذا الصراع، ونتيجة لذلك ليس لدينا الوقت الكافي لمناقشة المستقبل؟

جواب – حسنًا، لن أضع الأمر على هذا النحو. ولكن هناك بالفعل روايتان مختلفتان عن الماضي.

هناك رواية صهيونية أساسية: لقد عاد اليهود إلى أرضهم القديمة لإعادة بناء دولتهم. في أوروبا، أمريكا، والإمبراطورية الروسية كانت هناك معاداة للسامية، وكانت هناك مذابح – لم يتمكنوا من العيش هناك. وأخيرًا أثبت الألمان ذلك من خلال المحرقة. لذلك، كان على اليهود إنشاء دولتهم الخاصة.

في البداية أراد الصهاينة فلسطين كلها. قاوم العرب في فلسطين، وفي النهاية خفف اليهود مطالبهم إلى مبدأ "دولتين لشعبين". وعندما اقترحت لجنة بيل حل الدولتين عام 1937، قبل اليهود الفكرة ورفضها العرب. وعندما اقترحت الأمم المتحدة حل الدولتين في عام 1947، رفضه الفلسطينيون مرة أخرى وقبله اليهود. لقد بدأ الفلسطينيون الحرب وانضمت إليهم الدول العربية.

لقد ظلت إسرائيل تحت الحصار منذ قيامها. تسبب العرب بحرب 1967. لقد احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة ـ ليس بسبب التوسع، بل لأن العرب فرضوا هذه التوسعات على إسرائيل.

معظم إسرائيل ترغب في التخلص من المناطق، لكن الفلسطينيين استمروا في رفض مبدأ الدولتين، واضطرت إسرائيل إلى مواصلة احتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة.

وانسحبت إسرائيل من قطاع غزة عام 2005. وواصل الفلسطينيون إطلاق الصواريخ على إسرائيل، وكانت هناك اشتباكات مستمرة بين العرب واليهود.

ونتيجة لذلك، فقد الإسرائيليون أيضاً ثقتهم في فكرة الدولتين، معتقدين أن الفلسطينيين لا يريدون صنع السلام مع إسرائيل.

أما الرواية الفلسطينية فهي مختلفة تماما. بدأ اليهود بالاستقرار هنا في ثمانينيات القرن 19. في الأساس، كانوا مستعمرين أوروبيين. وسمحت الإمبراطورية العثمانية لليهود بمد جذورهم هنا. تم طرد العثمانيين من قبل البريطانيين خلال الحرب العالمية الأولى. لكن البريطانيين دعموا المشروع الاستعماري الصهيوني. وظل هذا صحيحاً لمدة 20 عاماً تقريباً، من عام 1917 إلى عام 1937، وبعدها أصبح البريطانيون أيضاً مناهضين للصهيونية، لكن العرب لا يتذكرون ذلك.

إن رواية حماس هي أنه يجب تدمير إسرائيل. ويعتقد أعضاء فتح أيضًا أنه يجب تدمير إسرائيل، لكنهم لا يتحدثون عن ذلك علنًا. إنهم يتحدثون عن الدولتين كنقطة انطلاق لتدمير إسرائيل في نهاية المطاف. فقط السكان الأصليون الفلسطينيون، كما يسمونهم، لهم الحق في هذه الأرض.

ومن الجدير بالذكر أن العرب فتحوا فلسطين في القرن السابع. يقول اليهود أنهم كانوا هنا قبل ذلك بألف أو ألف وخمسمائة سنة، أما الفلسطينيون فهم ببساطة غزاة.

والفلسطينيون لا يوافقون على ذلك. اسأل أي فلسطيني في الشارع: هل المشروع الصهيوني مشروع وأخلاقي؟ من المحتمل أن يجيب: لا، إنهم غزاة، ولا ينبغي أن يكونوا هنا.

إذا سألت أي يهودي في الشارع، سيكون هناك إجابتين محتملتين. يمكن للمرء أن يقول لا، ليس للفلسطينيين أي حقوق هنا، لكن اليهود الآخرين، على الأقل نصف السكان، سيقولون نعم، لديهم حقوق هنا أيضًا.

سؤال – هناك اعتقاد شائع بأن الفلسطينيين كأمة لم يكونوا موجودين قبل عام 1948. وأن الأمة الفلسطينية ولدت نتيجة النكبة.

جواب – هذا ما يقوله عادةً أولئك الذين يعتقدون أن هناك جهة فاعلة واحدة فقط في هذا الصراع: الصهاينة. العرب لا حول لهم ولا قوة، لا يتحكمون في مصيرهم، ولا يفكرون فيما يفعلون. إن قادتهم يقودونهم إلى الطريق الخاطئ، لكن في جوهر الأمر ليس لهم رأي، وبالتالي فهم مجرد ضحايا أبرياء.
هذا محض هراء. أولاً، بدأت الحركة الوطنية الفلسطينية في عشرينيات القرن العشرين. صحيح أن الفلسطينيين كانوا فلاحين فقراء بدائيين، وأغلبهم أميون في ذلك الوقت. لكن نخبة المجتمع الفلسطيني بدأت تفكر بمصطلحات قومية، وبالتدريج بدأت فكرة الأمة والقومية وإنشاء الدولة القومية العربية الفلسطينية تشغل عقول الفلسطينيين.

أود أن أقول إنه بحلول عام 1947، كان معظم الفلسطينيين قد فهموا ما كان يحدث. ربما لم يكونوا يريدون الحرب مع اليهود، لكنهم دعموا قادتهم الذين أرادوا الحرب مع اليهود. ولا يمكن إعفاؤهم في ذلك من ارتكابهم الذنب. لم يكن لهم حق التصويت، لكنهم أيدوا الحرب. لقد كانوا مقاتلين سيئين، وسيئي التنظيم للغاية، وقد خسروا الحرب.

ثم انضمت إليهم الدول العربية. كان عام 1948 علامة فارقة مهمة في إنشاء الدولة الفلسطينية، سواء من حيث الوعي السياسي أو الرغبة في العودة وإقامة دولة فلسطينية. بالطبع، بعد عام 1948 يمكننا أن نتحدث عن شعب فلسطيني يريد إقامة دولته. وبطبيعة الحال، تسارع هذا الأمر عندما بدأ الإرهاب الذي تمارسه منظمة التحرير الفلسطينية في ستينيات القرن العشرين.

على أية حال، يعتقد معظم الفلسطينيين أنه لا ينبغي لليهود أن يكونوا هنا، وأنه ليس لديهم أي حق قانوني في أي جزء من فلسطين.

وهم متدينون أيضًا. في الغرب، وربما حتى في روسيا، لا يفهمون من هم العرب. العرب مؤمنون بالأساس. ليس كما هو الحال في الغرب، حيث معظم الناس غير متدينين وحيث حتى المؤمنين لا يسمحون لله بأن يملي عليهم كيفية التصرف في السياسة. في العالم العربي لا يوجد فصل حقيقي بين السياسة والدين. كل شيء مُسيّس، وكل شيء ديني. وحماس هي مظهر من مظاهر ذلك بشكل حاد. ولكن هذا صحيح حتى بالنسبة للفلسطينيين الذين يطلقون على أنفسهم أنصار فتح. إنهم ليسوا علمانيين بالمعنى الذي تعنيه هذه الكلمة في الغرب. وكان الانتحاريون من حماس وفتح، وجميعهم قالوا إنهم يريدون مقابلة الـ 72 عذراء في الجنة. وأعتقد أن هذا ينطبق على معظم المجتمعات العربية. وهم يعتقدون أن الله أعطاهم هذه الأرض ويريدهم أن يقاتلوا اليهود.


سؤال – وعلى الجانب الاخر، هناك أيضًا أناس متدينون جدًا.

جواب – خلال الفترة من ثمانينيات القرن 19 إلى عام 1948، كانت الحركة الصهيونية علمانية. الأشخاص الذين تحولوا إلى الصهيونية كانوا يتمردون على الدين وعلى مكانتهم السابقة: العائلات المتدينة، والحاخامات، والغيتو اليهودي، وكل شيء آخر. في عام 1948، كان من بين 630 ألف يهودي في فلسطين، أقل من 100 ألف متدين.

لكن العنصر الديني نما تدريجيًا بسبب ارتفاع معدل المواليد لديهم. وكان اليهود الشرقيون الذين قدموا إلى إسرائيل من الدول العربية أكثر تديناً من اليهود الأشكناز الذين بادروا إلى الصهيونية وأسسوا الدولة.

يوجد اليوم العديد من اليهود المتدينين الذين يفكرون أيضًا في سياسة المنطقة ومستقبل إسرائيل من الناحية الدينية. لكن المجتمع اليهودي الإسرائيلي لا يزال علمانيًا إلى حد كبير. و30% منهم فقط متدينون، لكن أعدادهم آخذة في التزايد. إنهم يميلون إلى الترويج للخطاب اليميني والسياسات اليمينية. وقد أصبحوا مؤثرين بشكل متزايد في النظام السياسي الإسرائيلي.

سؤال – قلت إن الفلسطينيين ينكرون حق اليهود في هذه الأرض. ماذا تعتقد انت؟

جواب – حسنًا، هذه مسألة شخصية للجميع. أعتقد أن معظم الإسرائيليين يعتقدون أن لليهود الحق في هذه الأرض لأنهم عاشوا عليها لمدة ألف عام بين عامي 1000 قبل الميلاد و100 عام بعد الميلاد. كان لدى اليهود دائمًا فكرة العودة إلى صهيون. لم تكن الصهيونية موجودة بعد، لكنهم كانوا يقولون في صلواتهم دائمًا: «العام المقبل في القدس».

في القرن 19، كانت هناك موجة من التفكير القومي في أوروبا. أصبحت إيطاليا وألمانيا دولتين [في عامي 1861 و1871، على التوالي). أراد التشيك والسلوفاك والبولنديون وغيرهم أن تكون لهم دولهم الخاصة. كما أثرت فكرة تقرير المصير على اليهود. وفي الوقت نفسه، أدت هذه القومية الأوروبية إلى ظهور معاداة السامية، مما دفع العديد منهم إلى الفرار من الإمبراطورية الروسية إلى أمريكا.
ولكن تم إقناع أقلية صغيرة بأن تصبح صهيونية وتستقر في فلسطين، مرة أخرى، بعد ألفي عام، لإنشاء دولة يهودية هناك. وهذا وضع فريد من نوعه في تاريخ العالم. كثير من الناس خارج إسرائيل لا يفهمون ببساطة فكرة استعادة أمتهم ودولتهم على أرض قديمة. ولكن هذا هو بالضبط ما يشعر به اليهود: إنهم شعب يستحق، مثل كل شعب في العالم، دولته الخاصة. العرب لديهم عشرين دولة. اليهود يستحقون واحدة على الأقل.

ويعتقد معظم اليهود أيضًا أن قطعة الأرض الصغيرة هذه ليست ثمنًا باهظًا بالنسبة للعرب. يمكنهم بسهولة أن يمنحوا اليهود هذه الـ 20 ألف كيلومتر مربع على طول البحر الأبيض المتوسط، والتي كانت مملوكة لهم ذات يوم، لأن العرب لا يزال لديهم ملايين الكيلومترات المربعة من المحيط الأطلسي إلى الخليج الفارسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يلف أسباب تحطم مروحية الرئيس الإيراني؟ • فرانس 24


.. التغير المناخي في الشرق الأوسط: إلى أي مدى مرتبط باستثمارات




.. كيف يسمح لمروحية الرئيس الإيراني بالإقلاع ضمن ظروف مناخية صع


.. تحقيق لـCNN يكشف هوية أشخاص هاجموا مخيما داعما للفلسطينيين ف




.. ردود الفعل تتوالى.. تعازى إقليمية ودولية على وفاة الرئيس الإ