الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يحضر من مخططات ومشاريع للنظام المغربي ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2024 / 3 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


ما أقدمت عليه الجزائر بفتح مكتب للجمهورية الريفية بعاصمتها ، ينذر بأيام صعبة ، وتبقى المنطقة معرضة لحرب لن ينجو منها احد بسلام .. فمن يقف وراء التصعيد بالمنطقة ، واكاد اشم رائحة قصر الاليزيه ، Le palais de l’Elysée وتل ابيب ، والاتحاد الأوربي الذي عزل نظام الملك محمد الساس ، للإجهاز عليه ، لانهم لا يريدونه ، ويحضرون الاستمرارية مع ملك اخر اكثر محبا للثقافة الغربية واكثر حداث وديمقراطية .
ما حصل بالجزائر لم يكن بالأمر العادي ، بل جاء وقته ، وشروطه متوافرة بكثرة ، من بينها الازمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة بالمغرب ، التي ستسمح بمثل هذه الخرجات الخطيرة ، خاصة وان المؤشرات الرائجة ، تنبئ بحصول نزول مفاجئ شروطه متوافر ، للمواطن المقهور الى الشارع ، وتحويل النزول الى هبّة شعبية قد تتطور الى الانتقال الى درجة ثورة ، عندما ستشتغل بهذا الحدث جماعات الإسلام السياسي ، والجماعات الماركسية ، طبعا مع تحفيز الانزال وتثويره بنوع الشعارات التي ستتردد ، والمادة الخام لهذا النزول ، وتحويل وجهته من المطالبة بالعيش الكريم ، الى المطالبة بالنظام وبرأس النظام .. ومن مؤشراته ان النظام المغربي بلغ من الضعف حده الأقصى ، وبالنسبة للنظام الجزائري العليم بهذا التقييم ، فان الظرف مواتي الآن ، ويجب استغلاله ، من جهة لإسقاط النظام ، ومن جهة لإضعاف المغرب الذي سيصبح قطرا صغيرا ، بخروج الجمهورية الريفية ، وتوظيف نضال الريفيين العنصريين ، في تسهيل خروج الجمهورية الصحراوية ، التي اعترف بها نظام محمد السادس شخصيا ، ومن ثم حسم الصراع الأيديولوجي والعقائدي بين النظامين المغربي والجزائري ، لصالح النظام الجزائري ، ( القوي ) بأسلحته بالمنطقة .
لقد تأكد تحليلنا لطبيعة الصراع بين النظامين المتعارضين ، في ان الصراع الذي يدور بالمنطقة ، منذ سنة 1962 ، هو صراع ليس من اجل الحدود ، بل هو صراع من اجل الوجود ، أي نكون او لا نكون .. واستغلال الجزائر لكل هذه العناصر الخطيرة ، في مواجهة المغرب الأيديولوجي الامبراطوري ، دليل ساطع على نوعية الصراع الذي يبقى صراع وجود ، وطبعا من سيحسم صراع الوجود ، يكون قد حسم صراع الحدود ..
ان ما اقدم عليه النظام الجزائري ، وبالملموس ، لأنه تحرك من الأرض ، يكون قد وجه ضربة لدعاة الجمهورية القبائلية ، وتكون تصريحات عمر هلال بالاعتراف الصريح بجمهورية القبايل ، ودراعها العسكري والسياسي " الماك " ، قد فقد بريقه ووزنه ، عندما ظلت شعارات مساندة الجمهورية القبائلية ، ومساندة " الماك " ، مجرد شعارات فارغة من أي مضمون تنظيمي ، ومضمون أيديولوجي وحضاري ، لان هنا يحصل التلاعب بالتاريخ للاستهلاك السياسي ، دون ان ينجح عمر هلال في تنزيل دعوة الاعتراف بجمهورية القبايل الجزائرية ، والاعتراف ب " الماك " على الأرض . فالتهديد بالشعارات ، ليس هو تنزيل الشعارات على الأرض . والنظام الجزائري الذي يخوض حرب الوجود ، يكون بفعلته هذه ، قد عرى عن صراع الحضارات ، وصراع الأيديولوجيات ، ويكون المدخل طبعا من بوابة الصحراء ، ومن بوابة الريف مناصرة للجمهورية الريفية كجمهورية انفصالية في خدمة المخططات الامبريالية . واني لا اكاد أصدق ، تورط يد قصر الاليزيه Le palais de l’Elysée ، في هذا المخطط انتقاما للرئيس Emanuel Macron ، من محمد السادس الذي شعر بالإهانة من زرع البوليس السياسي المغربي ، لنظام Pegasus في هاتفه ، وفي هواتف مسؤولين فرنسيين . وهو نفسه البرنامج الذي تم زرعه في هاتف Pedro Sanchez ، وهواتف مسؤولين اسبان كبار .. من درجة وزير الدفاع ، ووزيرة الخارجية ...
ففرنسا وبالضبط قصر الاليزيه ، Le palais de l’Elysée ، ومنذ غضبة الرئيس Emanuel Macron ، وقطع العلاقات الشخصية مع محمد السادس ، والتزامه لإسرائيل بعدم معاقبة الشخص او الجهة التي تقف وراء غرس نظام Pegasus ، وهو يتحرك رويدا رويدا ، بطريقة انتقامية من الملك محمد الساس ، وهذا الانتقام ظهر في محطات كثيرة ، وموضعه ، الموقف الفرنسي من نزاع الصحراء الغربية في حضيرة الاتحاد الأوروبي ، او بالأمم المتحدة ، حيث فرنسا دولة تتمتع بحق الفيتو ، مما يسمح لها ومن داخل مجلس الامن ، بالتصرف الانتقامي من محمد السادس ، ومن نظامه الذي تراهن على تغييره .
ومثل فرنسا العميقة التي تكون قد تصرفت بواع أيديولوجي ، وبوعي مصلحي ، تصطف تل ابيب الذي يهمها من نظام محمد السادس ربط علاقات معه ، دون ان تتعدى ذلك الى نوع النظام القائم . فمثل فرنسا العميقة ، التي تبحث عن تجاوز نظام محمد السادس ، وتجاوز محمد السادس شخصيا ، تذهب إسرائيل الى ابعد من ذلك ، حين تفرش لإمكانية اشعال حرب بالمنطقة ، بين النظام المغربي والنظام الجزائري ، على طريقة الحرب العراقية الإيرانية التي دامت ثماني سنوات خسرها الجميع ، واصبح الجميع مرتهنا للشركات العابرة للقارات ، لإعادة البناء من جديد .. فإسرائيل تبحث عن اسقاط كل الجزائر وليس فقط نظامها ، وفرنسا العميقة تبحث عن اسقاط محمد السادس واسقاط نظامه . وفي كلا المشروعين ، فأسقاط الجزائر يريح الدولة العبرية ، وسقوط محمد السادس يريح الدولة الوصية فرنسا .. فهل ما قام به النظام الجزائري ، هو تصرف جزائري الذي يخوض حرب الوجود ، ام انّ يدي فرنسا تبقى ثابتة ، سواء حصل اتفاق مع الجزائر او لم يحصل قط . ام ان التقاء المواقف من النظام المغربي ، هي التي سمحت بالقول باليد الفرنسية ، فرنسا العميقة فيما حصل ..
ان تعويل النظام الجزائري على موقف فرنسا العميقة ، لربح حرب الوجود ، لا اعتقد وجود عمل قاعدي بين الجزائر العاصمة وبين باريس ، لكن التقاء مصالح الدولتين من النظام المغربي ، سهل التكهن بمثل هكذا تنسيق ، وانْ لم يرق فعلا الى مستوى التنسيق ومستوى التنظيم . وهنا لابد من الاخذ بعين الاعتبار موقف تل ابيب ، من نزاع الصحراء الغربية ، وهو موقف غامض ، لان الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء الغربية ، لم يحصل رسميا ، فهو لم يكن ثمرة مجلس الوزراء الإسرائيلي ، لكنه اعتراف احادي الجانب ، ليس فيه ما يدل على اعتراف تل ابيب بمغربية الصحراء . فالموقف الإسرائيلي كان شبيها بموقف Trump من الاعتراف بمغربية الصحراء ، في المدة الزمنية القليلة من مغادرته البيت الأبيض . وقد جاء الرئيس John Biden ، عندما الغى اعتراف Trump الغير دستوري ، ويرجع الى الانطلاقة الأولى لحرب الصحراء في سنة 1975 ، مركزا على تعيين مبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة بملف الصحراء ، طبعا لقد تم تعيين Staffan de Mistura الذي أصبحت مكانته تشبه مكانة Christopher Rous ، أي الفشل في انجاز المهمة التي انيطت به عند التعيين .
ان اقدام النظام الجزائري الذي يخوض حرب الوجود ، على فتح مكتب باسم الجمهورية الريفية ، مع ترديد النشيد الوطني الريفي ، ورفع راية الجمهورية الريفية ، ليس بالعمل العادي ، بل نه عمل خطير سيساهم في ضرب عروبة المغرب ، وعروبة الجزائر ، لصالح المشروع الصهيوني الامبريالي ، الذي يشتغل من طلوع الفجر والى غياب الشمس ، للتسبب في حرب بين النظامين ، المغربي والجزائري ، لتدمير القطرين ، وارتهان المنطقة بالكامل ، بالمخططات الجهنمية لحفدة Shayks et Picot ، لتجزئة المجزئ ، تقسيم المقسم ، كما حصل في الشرق سورية ، العراق ، ليبيا ، السودان ، اليمين ... الخ .. فتغليف هذا المشروع الامبريالي والصهيوني ، بطابع الوطنية ، والانتصار الى العرق والاثنية ، سيصاب بالفشل ، مثل الفشل الذي أصاب تجارب ومحاولات سابقة .. " الظهير البربري " .
ورغم الاختباء وراء تنظيم سياسي ، باسم " الحزب الوطني الريفي " ، فان مصير الحزب المتصهين ، و مصير المجلس الوطني الريفي ، سيكون هو مصير حركة 18 شتنبر الجمهورية لسعيد شباعتو ، التي ابانت عن خيانتها ، خلال اوج حراك الريف الذي رفعت فيه رايات الجمهورية الريفية بالألاف ، الى جانب راية العميل الصهيوني Jaque benêt ، الذي رسم راية ( الامازيغ والبرابرة ) ب La fourchette ، و " المدْرَة " التي يستعملها الفلاح التقليدي في تصفية الزرع من التبن ..
ان فرنسا العميقة التي تحتضن جمهورية القبايل ، وتحتضن " الماك " ، فشلت في اختراق المجتمع الجزائري ، عندما ظل القبائليون مرتبطين بالمجتمع الجزائري وبالدولة الجزائرية ، مثل ان دعوات فرنسا العميقة ، لنصرة التجزئة بتدعيم الأقليات ، وتشجيع الاثنيات ، تكون قد فشلت ، عندما ظل مستجابا لمثل هذا الدعوات ، العنصريين من كلا الفريقين المغربي والجزائري ..
فهل ستنجح هذه الحماقة التي حصلت بقلب الجزائر ، باسم الجمهورية الريفية ، في شق صف الشعب المغربي ، كما فشلت مخططات القابيل الجزائرية ، وفشل " الماك " في تحقيق ما عجز الاستعمار تحقيقه ، وهو وحدة الشعوب ووحدة الأرض ؟
في سنة 1986 ، كنت بباريس بمعهد الإدارة الترابية . ونظرا لحاجتي عن أشياء نسيتها ، قالت لي المسؤولة عن وجودي ، وهي اطار عالي في الوظيفة العمومية الفرنسية : لماذا لا تثورون على العرب المحتلين لبلادكم ؟ . وتبين انّ الدعوة لحرب أهلية مغربية / مغربية ، كانت منظمة على مستوى المعهد ، وليس نزوة طائشة لبعض الفرنسيين بالمعهد ..
في فرنسا يكفي ثلاثة اشخاص لخلق اطار بربري ، فيبدأ بتحصيل الدعم ، وكل ما تحتاجه الجماعة ، فيكفي فقط الصراخ بالانفصال عن العرب ، واستقلال المناطق البربرية ، كالريف مثلا ..
ان فرنسا تحتضن " جمهورية القبايل " و " الماك " . ومن قلب فرنسا يكون فتح مكتب لجمهورية الريف ، بالعاصمة الجزائرية ، والاعتراف الجزائري الفرنسي بالجمهورية الريفية ، عملا مخابراتي اشتغلت عليه الأجهزة ، سواء نسقت بينها ، او حصل التصرف صدفة ، ليبقى سلوكات واطروحات الفرنسيين ، ليس هي سلوكات واطروحات الجزائريين .
وللإشارة فكندا سبق وان طالبت بالاعتراف بالجمهورية القبائلية الجزائرية ، ب " الماك " ، والاتحاد الأوروبي غدا اذا نجحت المبادرة الفرنسية في التأثير في المجتمع الجزائري ، فان الاتحاد سيعترف بالجمهورية القبايلية و" الماك " صراحة .. ونفس الشيء بالنسبة للجمهورية الريفية ، وبالنسبة لحركة 18 نونبر التي تلقى الدعم من الدولة الهولنية ..
ان فتح التراب الجزائري ، لإعلان الاعتراف بالجمهورية الريفية الانفصالية ، هو عمل صبياني غير مسؤول .. وتبقى نهايته الفشل الذريع ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكافآت خيالية للمنتخب العراقي بعد التأهل للأولمبياد... | هاش


.. تحدي القوة والتحمل: مصعب الكيومي Vs. عيسى المعلمي - نقطة الن




.. ألعاب باريس 2024: وصول الشعلة الأولمبية إلى ميناء مرسيليا قا


.. تحقيق استقصائي من موريتانيا يكشف كيف يتم حرمان أطفال نساء ضح




.. كيف يشق رواد الأعمال طريقهم نحو النجاح؟ #بزنس_مع_لبنى