الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق ليس اذربيجان يا اسلاميين

محمد رضا عباس

2024 / 3 / 4
السياسة والعلاقات الدولية


الإسلاميون خائفون من انحياز العراق الى إسرائيل . نظريتهم تقول ان ايران شيعية وأذربيجان شيعية , الا ان النظام الإيراني الذي ينافس أمريكا في المنطقة ترفض وجود إسرائيل , فيما ان أذربيجان العلمانية وذات التوجهات الامريكية لها علاقات متينة مع إسرائيل . وهكذا فان الإسلاميون لا يريدون ان تكون " دولة شيعية " أخرى منفتحة على إسرائيل . لقد وضعت كلمة دولة شيعية بين هلالين , لأني اعتقد ان النظام السياسي في العراق ليس شيعيا ولا يقوده الشيعة وحدهم وانما جميع مكونات الشعب العراقي.
نعم ,هناك تشابه كبير بين النظام الاقتصادي في العراق و أذربيجان . الاقتصاد الازري مثل الاقتصاد العراقي , حيث ان حصة قطاع النفط في مجمل الإنتاج المحلي هي الأعلى , دخل الفرد الأزري يساوي 7736دولارا سنويا (2022), فيما ان دخل المواطن العراقي السنوي يساوى 6545 دولار (2023), قطاع الزراعي يعادل 6% من اجمالي الإنتاج المحلي الازري وهو مقارب الى النسبة في العراق , حتى ان نسبة العاملين في القطاع الزراعي حوالي متساوية في كلا البلدين.
ولكن ليس هناك تشابه في النظام السياسي بين البلدين ,العراق وأذربيجان, حتى وان كان كلا النظامين محسوبين على المخيم الأمريكي. النظام في أذربيجان جمهوري , ولكن محتكر بعائلة واحدة وهي عائلة علييف , الهام علييف والذي استلم السلطة بعد وفاة والده حيدر عام 2003. ومنذ ذلك الوقت ظل الهام رئيسا لجمهورية أذربيجان , بعد ان استطاع تغيير احد مواد الدستور وتمديد سلطة رئيس الجمهورية اكثر من فترتين , ومن ثم تعين زوجته مهربان نائبة أولى للرئيس . هذا وذهب ابعد من ذلك عندما غير مادة دستورية أخرى وهو تخفيض عمر المرشح لرئاسة الجمهورية مما دعا بعض المراقبين التحدث بان الهام يهيئ ولده ليكون الرئيس القادم للبلاد. الصحافة والاعلام ليس حرا في البلاد وانما كلاهما يسيران وفق إرادة النظام . كما ويمنع النظام المعارضة السياسية او التظاهر او تشكيل حزب معارض للسلطة . النظام هو طبق الأصل لنظام حزب البعث في العراق , حيث هو الاخر لم يسمح لأعلام مستقل عن الخط الحكومي ولم يسمح للمعارضة , ولو بقى صدام حسين لمئة عام لكان هو الرئيس في العراق , ومن ثم أولاده.
اذن, النظام في أذربيجان يختلف أساسا مع النظام السياسي في العراق الجديد. النظام الجديد سمح بتشكيل الأحزاب السياسية حتى وصل عددها اكثر من 250 حزبا , وسمح بالأعلام الحر حتى اصبح العراق من اكبر دول العالم في عدد الفضائيات ومحطات الراديو, واصبح رئيس الوزراء , صاحب السلطة في البلاد , لا يستطع انهاء خدمة وزير بدون موافقة البرلمان العراقي . يضاف الى ذلك , ان أعضاء البرلمان لم يعين بعضهم من قبل الحكومة , وانما اختارهم الناخبون ليمثلوا احزابهم والمجتمع في البرلمان.
وعلى طريقة النظم الديكتاتورية , فان حضرت الرئيس هو الذي يقرر مصير العباد والبلاد . فعندما استقلت أذربيجان من الاتحاد السوفيتي بعد انهياره , كانت إسرائيل من الأوائل الدول التي اعترفت بها , وردا للجميل فان الرئيس علييف جعل إسرائيل الشريك الاقتصادي والعسكري الرئيسي له. إسرائيل تستورد ما يقارب 40% من حاجاتها النفطية من أذربيجان , فيما أصبحت إسرائيل المصدر الرئيسي للسلاح الى الاذربيجاني, 69% من حاجتها . بل أصبحت أذربيجان قاعدة للاستخبارات الإسرائيلية لمراقبة المخابرات الإيرانية . أذربيجان أصبحت مواخرا سوقا للسلاح الإسرائيل و شريكا اقتصاديا قويا مع إسرائيل . لقد توغلت الشركات الإسرائيلية في الأسواق الأذربيجانية منذ التسعينيات القرن الماضي .
هل من المحتمل ان تتغلغل إسرائيل الى العراق في ظل النظام السياسي الجديد ؟ ليس حتى 20% . نعم هناك قوى سياسية داخل العراق تعتقد ان التعاون مع إسرائيل يحمي ظهرها و يعزز موقفها ويساعدها الوصول الى السلطة ولكن هذا وعد ابليس بالجنة , لان بالمقابل هناك 80% من أبناء المكونات العراقية ترفض رفضا قاطعا حتى الجلوس في قاعة مؤتمر يحضر فيه ممثل للكيان الصهيوني. أبناء العراق مازالوا ينظرون الى الكيان الصهيوني على انه كيان مصطنع غير قابل للحياة . ومع الحملة الإرهابية التي قادتها ضد أبناء فلسطين مؤخرا, اصبح العراقي الأكثر تحمسا للمشاركة في قتالهم .
أمريكا تعتبر حليفة للدولة العراقية , ولكنها لا تستطع فرض ارادتها على الحكومة والتي تعرف جيدا انها ترفض بناء علاقة مع إسرائيل. بالحقيقة , أي سياسي في العراق يتحدث عن التطبيع يعني موته السياسي , حيث جرب بعض السياسيون هذا التوجه ولكنهم اختفوا عن الرادار , ولم يعد احد يسمع لهم .
كما ذكرنا , وان كان رئيس الوزراء في العراق هو المسؤول عن قيادة البلاد اقتصاديا وسياسيا و ثقافيا , الا ان هذا الرئيس يتحدد بموجب فقرات الدستور , ولا يستطع تنفيذ أي إرادة شخصية بدون موافقة البرلمان العراقي والذي يتكون من ممثلين جميع مكونات الشعب . وحتى ان ظهر مسؤول سياسي يتحدث عن التطبيع مع إسرائيل فان مصيره الفشل ومن ثم السقوط .
في العراق توجد مرجعيات سياسية محترمة , ولكن فوق هذه المرجعيات هناك مرجعيات دينية بكل دياناتها و مذاهبها ترفض التطبيع مع إسرائيل . ولهذا السبب ان سكت عن سياسي يدعوا الى التطبيع فان المرجعيات الدينية لا تسكت عنه حتى اسقاطه.
أذربيجان دولة إسلامية يشكل المذهب الشيعي ما يقارب 95% , في العراق يمثل المذهب الشيعي حوالي 65% , كلا النظامين السياسيين محسوبين على العلمانية , ولكن لا محمد شياع السوادني يشبه الهام علييف , ولا نظام باكو يشبه نظام بغداد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تناور.. «فرصة أخيرة» للهدنة أو غزو رفح


.. فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على صحفي عند باب الأس




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات القصف الإسرائيلي في جميع مدن ق


.. حماس: تسلمنا المقترح الإسرائيلي وندرسه




.. طالب يؤدي صلاته وهو مكبل اليدين بعدما اعتقلته الشرطة الأميرك