الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاجأنا الغزو ونحن نيام

كامل السعدون

2006 / 12 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


-1-
منذ عشرات السنين والغزو الإيراني يتمدد في الشام ... بدءا من الحرب العراقية الإيرانية عام 1980 ، بل قبل ذلك حين عاد الخميني من فرنسا على عجل ليدير مسار الثورة صوب حلمه العتيق في إقامة الجمهورية الإسلامية ... !
مع بواكير التغيير في إيران توجه الإيرانيون صوب الشام . لبنان من خلال حزب الله الذي اقيم على عجل على انقاض منظمة أمل ، وسوريا من خلال نظام الأسد الكبير الحالم بعودة كريمة للجولان ، ثم فلسطين من خلال فتح السفارة الفلسطينية على انقاض العلاقات المصلحية الواقعية الكبيرة بين إسرائيل وإيران الشاهنشاهية .
منذ ما يفوق الربع قرن ونحن نائمون في العسل .... عسل المظلة الأمريكية المهترئة المنافقة الهزيلة لأنظمة عربية عتيقة متخلفة متخشبة وعسل الحضور السوفيتي غير الفاعل وغير المؤثر .
حين فاجيء حزب الله الإيراني اللبناني إسرائيل ( أو هكذا يدعون ) كما وفاجئنا كعرب إسلاميون وعلمانيون ، حكام ومحكومون ، تباينت ردود افعالنا بين نجدة مليونية إقتصادية سعودية للبنان وتصفيق واسع النطاق لهذا الحزب ولمن وراءه من قبل الإسلاميين العرب من الشق الآخر للإسلام السياسي ، أما رد الفعل الامريكي الفرنسي الغربي عامة فكان مضطرباً منافقاً لا يعتد به ولا يعول عليه ولا يؤتمن ابدا بدليل الفعل الأمريكي الوسخ البشع في العراق وديموقراطية الغوغاء التي اوجدوها هناك وسببت لبؤساء العراق ما لا يقل عن نصف مليون ضحية .
الإيرانيون لا يلامون ابدا إذا ما حلموا بالتوسع والتمدد والإنتشار على اجنحة ما لديهم من آيديولوجيا ظلامية طائفية صفوية تضرب بجذورها في الحلم الفارسي العتيق بالعودة إلى مسرح الشرق والعالم كأمبراطورية مترامية الأطراف تعيش الملايين من العرب والمشرقيين تحت ظلال لغتها وثقافتها وتفسيرها الوثني ذو الجذور البابلية ، المجوسية واليهودية للإسلام السياسي ...!
الإيرانيون لا يلامون البتة ، فلكل امة الحق في الإنتشار والتمدد بل الهجوم كأفضل وسيلة للدفاع وإبتلاع الأراضي والثروات وولاء المستعبدين ( بفتح الباء ) للطعم الطائفي أو الآيديولوجي وبالذات بعد أن يكون منتصرا أو ينجح في تحقيق إختراق أو إنتصار هنا أو هناك كما حصل في الجبهة اللبنانية ...!
الذي يلام هو نحن حسب ... نحن العرب ... حكاما ومحكومين ... متحزبين ومستقلين ... عربا وأعراق اخرى ...!
الملامون هم نحن حسب ولا غير ...!
نحن أولا ثم الآخرين... الأمريكان والإسرائيليون وأمم الله المتحدة في منظمة بائسة هزيلة ... !

-2-


نحن أول من يلام لحصول هذا الخرق الكبير الخطير الذي ولد عام 1979 ، وصار عام 2005 بعبعا رهيبا يرعب الأمريكان والغرب كله فيحارون هل يقمعونه ويعيدوه إلى قفصه الوطني أم يتقاسمون الكعكعة معه ويتركوه يتمدد ويتوسع وينتشر حتى يبلغ يوما المبلغ الذي يصل فيه إلى التحكم بمصيرهم من خلال بترول الشرق كله ، بعد أن يكون قد ابتلع العرب وشركاءهم في ذلك الشرق البائس الراقد على بيضة الإسلام وقنبلة البترول الذي لم نحسن ولن نحسن التصرف فيه وللأسف ...!
نحن نلام لأننا لم نحصن انفسنا من الداخل بوجه الغزو الفكري القادم ليس من الإيرانيين حسب بل ومن الأمريكان بذات الآن .
نلام لأننا لم ننتج في الأساس ثقافتنا الخاصة ، بناءنا الفكري الخاص الذي يمكن أن يشكل القاعدة والخلفية والعمق لبناء مادي إجتماعي وسياسي إنساني مستقل وحر وقوي وقادر على المنافسة والتعايش مع الآخر سواء كان هذا الآخر حليف غربي أو صديق وأخ فارسي له طموحاته القومية وأحلامه الخاصة في التمدد على حسابنا ( وحساب غيرنا ) ... !
نلام لأن نظامنا العربي ، وطنيا كما قوميا على صعيد الشرق كله ، لم ينجح في تحديث نفسه ، في تقبل الآخر المقيم بين ظهرانينا والمختلف معنا ، نعني اقلياتنا الطائفية والقومية العرقية من كرد وشيعة ودروز وموارنة وأقباط وزنج وآخرون ....!
الخروقات العتيقة في نسيجنا الإجتماعي الوطني كما القومي كانت على مر التاريخ تتسع بفضل الآخر ... الأجنبي القادم من الغرب البعيد أو من الشرق القصي أو الأدنى .
خروقاتنا كان يفترض أن يعاد نسجها من قبلنا قبل أن تمتد ذراع الآخر للدخول من خلال تلك الخروقات .
وإذ نقول هذا فإننا قطعا لا نعني أننا يجب أن نرفض كل ما يأتي من الآخر مما يمكن أن يراه مثقفونا ومفكرونا نافعا في تعزيز النسيج وتقوية البناء الوطني والقومي ثم في وضعنا على ذات السكة المباركة التي تسير فيها الإنسانية المتحضرة المتقدمة في الغرب والعالم الحر عامة .
لكن ... أن نتقبل ما يأتي من الآخر ونحن أحرار لا مستعبدين للضرورة أو للعصا ، كما هو حاصل من قبل اخوتنا الشيعة في العراق وجنوب لبنان أو إخوتنا الإسلاميون الحماسيون في فلسطين .
مثل هؤلاء لو كانوا احرارا في اوطانهم ، ولو كانت كلمتهم مسموعة وحقوقهم محفوظة وإحترامهم ومحبتهم متواصلة مستمرة متدفقة من قبل اخوتهم العرب في البلدان الأخرى ولو إن الغرب كان متفهما لإحتياجاتهم ومظلومياتهم ، لما سهل على العجم الإيرانيون أن يغزوهم ويغزونا من خلالهم ... !
علتنا فينا والخرق قد اتسع ويعلم الله وحده إلى أين نحن واصلون في العقود القليلة القادمة ، خصوصا إذا ما وجد الغرب أن إيران وقوة إيران ليست ضد إسرائيل أوللغرب ومصالحه في المنطقة .

-3-

لو إن سوريا لم تترك دهرا لوحدها في الصراع مع إسرائيل ... !
لو إنها لم تعزل عن العرب بسبب ميولها القومية الوحدوية .. !
لو إنها تلقت من الأشقاء إنفتاحا اقتصاديا ودعما سياسيا واسعا ونصحا وتوجيها ومحاباة واسعة جادة لما لجأت إلى إيران باكرا ... !
لو إن حقوقها ومطالباتها العادلة في إستعادة الجولان وجدت إهتماما من قبل العرب ، وهم في الغالب اصدقاء للأمريكان ، ولو إن الجميع وقفوا معها بنفس طويل وقلوب صافية وفكر نير ، لما اضطرت لاحقا إلى ابتزاز اللبنانيين والإقامة قسرا بين ظهرانيهم ولأكثر من ثلاثون عاما ليتسع الخرق الطائفي في هذا البلد من خلال بناء حزب الله ليكون دولة في قلب الدولة اللبنانية مشاركا إياها في الدم واللحم وتاركا لحكومتها الشرعية المنتخبة وللطوائف الأخرى العظم وحده ...!
لو إن العرب تعاملوا بجدية مع هموم سوريا ولبنان والعراق ... هموم الشعوب .. الأعراق المختلفة والطوائف كما تعاملوا مع هموم الأنظمة الشقيقة لهم والقريبة في توجهاتها الطائفية والقبلية الإستحواذية المتخلفة ( كنظام صدام حسين مثلا ) ، لو إنهم فعلوا هذا لما اتسعت الشروخ بين الطوائف المختلفة للشعوب المذكورة آنفا ولما وصلنا لليوم الذي تبتلع فيه بعض العصابات والطوائف والأحزاب القرار والخيار والإرادة الوطنية لشعب لبنان أو الشعب العراقي ولما تحولت اغلب مفاتيح الإرادة الوطنية السورية من اليد البعثية العروبية القومية إلى يد المتطرفين الظلاميين في حكومة طهران ووليها الفقيه ... !
ولو إن ثقافتنا العربية تمكنت من تجديد نفسها ودماءها وإعادة تقييم مفاهيمها ومفرداتها وأولوياتها ، وبدلا من المسلمات المتخلفة الهزيلة المشكوك بمصداقيتها حول العداء مع اليهود وحول المجد السابق السامق بكل ما احتوته صفحاته من مظالم كبيرة وقسوة وبطش وإذلال للشقيق الآخر الشريك في هذه الأرض ، لو إنها فعلت ذلك لما وصلنا لهذا اليوم الذي يصفق فيه العرب عامة وفي المقدمة منهم إخوانيو العروبة وقوميوها بذات الآن لمغامر بائس هزيل الثقافة عقيم الفكر ظلامي الرأي والنظر متواطيء مع الأجنبي الإيراني على شعبه ووطنه وقوميته وأمته ومباديء العيش المشترك لشعوب هذا الشرق المبتلى ، رجل من فئة السيد نصر الله زعيم ما يسمى حزب الله .
إن مأساتنا اكبر من حقوق مهظومة من قبل الإسرائيليين في الأرض أو السيادة ....!
مأساتنا تكمن في ثقافتنا ... في مسلماتنا البائسة المشبوهة المشكوك فيها ...!
في إحترامنا لأنفسنا ... في حبنا لأنفسنا ولبعضنا ... في فلسفتنا السياسية والسيكولوجية ...في نظرتنا للحياة وللكون ... لأنفسنا و... للآخر ... !
الرصاصة التي لا تصيب تنبه .... ورصاصات حزب الله وصواريخه وصرخات الثأر المنطلقة من السيد احمدي نجاد ورصاص الإيرانيين ومفخخات السوريين في العراق والتي تقتل الشيعة والسنة كما المسيحيين والصابئة بذات الآن ... جميع هذا ينبغي أن يوقظنا من الإغفاءة الطويلة في حضن بن تيميه وابي الدرداء وابي هريرة واشياخ الصفوية الكبار اللاعبين في ساحتنا الثقافية على هامش افلاسنا وضعفنا وغياب إرادتنا الحضارية العقلانية النقدية .
___________________________________________________________________________________________________

النرويج في ال26 من ك1- 2006












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام