الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتصاد المافيوي وعلاقاته الرأسمالية

غالب المسعودي
(Galb Masudi)

2024 / 3 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الاقتصاد المافيوي يشير إلى اقتصاديات تنظيمات إجرامية سرية في صقلية خلال القرن التاسع عشر والقرن العشرين، تاريخ المافيا يعود إلى الفترة التي كانت فيها صقلية تحت الحكم الإقطاعي، حيث كانت هناك حاجة لتنظيمات غير قانونية لحماية المصالح الشخصية والسياسية للإقطاعيين. تطورت هذه التنظيمات بمرور الوقت لتشكل ما نعرفه اليوم بأنه المافيا. تُعتبر مدينة(كورليوني) في صقلية من أوائل المناطق التي نشأت فيها المافيا الإيطالية. ومن هناك انتشرت المافيا إلى مدن أخرى في إيطاليا ومن ثم امتدت إلى أنحاء العالم وقد تطورت تنظيمات مشابهة في أماكن أخرى من العالم، مثل اليابان،وروسيا،والولايات المتحدة وغيرها. تختلف تلك التنظيمات في أصولها وأساليبها، ولكن لها صلة بمفهوم المافيا الأصلي. المافيا لها تأثير اقتصادي كبير في الأماكن التي تنشط فيها. يمكن وصف المافيا بأنها تنظيم إجرامي غير قانوني يشترك في مجموعة متنوعة من الأنشطة الاقتصادية غير المشروعة. وتتضمن هذه الأنشطة الاتجار في المخدرات، والقمار، والاتجار بالبشر، والرشوة، والابتزاز، والتهرب الضريبي، والاحتكار، والسطو، والتهديد، وغيرها. تتعامل المافيا بشكل رئيسي مع الأنشطة غير القانونية لتحقيق مكاسب مالية كبيرة، وتسعى للسيطرة على السوق وتحقيق الارباح القصوى. يتم توليد إيرادات المافيا من خلال فرض رسوم وحماية مجبرة على الأفراد والشركات، واستغلال الأعمال القانونية لغسيل الأموال، وتهريب السلع والمخدرات، وتجارة الأسلحة، وتتعاون مع شبكات تهريب المهاجرين غير الشرعيين. بالإضافة إلى ذلك، التأثير السلبي على الاقتصاد المحلي. فهي تستغل الموردين والتجار والشركات المحلية من خلال فرض رسوم وشروط قاسية، مما يؤدي إلى تشويه المنافسة العادلة وتقويض النمو الاقتصادي. كما تؤثر المافيا على الاستثمارات والتطوير الاقتصادي في المنطقة، حيث يكون الأفراد والشركات غير راغبة في الاستثمار في بيئة تسودها الفساد والعنف. بشكل عام، يمكن القول إن المافيا تعمل خارج النظام الاقتصادي القانوني وتهدد الاستقرار الاقتصادي للمجتمعات التي تنشط فيها. يمكن أن يؤثر الأصل اللغوي لكلمة "مافيا" ومعناها المتعلق بالتكبر والتعجرف على سلوك التنظيمات المافوية. يُعتبر التكبر والتعجرف جزءًا أساسيًا من ثقافة المافيا، حيث تسعى التنظيمات المافوية إلى تعزيز سلطتها وتحقيق السيطرة والتفوق على الآخرين. وفي ضوء هذا السلوك، تتبع المنظمات المافوية أنماطًا سلوكية تتسم بالعنف والترهيب والابتزاز لتحقيق أهدافها الاقتصادية والسياسية. تُستخدم التهديدات والاضطهاد والعنف كوسائل للسيطرة على الأنشطة الاقتصادية غير القانونية والتأثير على القرارات السياسية والاجتماعية.
أن هذه السمات ليست صفات ثابتة لجميع التنظيمات المافيوية. فهناك تنوع كبير في سلوك وأساليب التنظيمات المافوية في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن يتأثر سلوكها بالعديد من العوامل الأخرى مثل الثقافة والتاريخ والظروف الاجتماعية. قد تستخدم التنظيمات المافوية التكنولوجيا المتقدمة لتنظيم وتحسين أنشطتها. على سبيل المثال، قد تستخدم تقنيات التشفير والاتصالات الآمنة للتواصل بين أعضائها وتفادي الرصد الأمني. قد تقوم التنظيمات المافوية بتطوير هياكل هرمية تسمح بتنظيم وتنسيق الأنشطة بشكل أفضل. تكون هذه الهياكل تحت قيادة زعيم أو مجموعة صغيرة من القادة الذين يديرون الأعضاء ويوجهون الأنشطة بطريقة فعالة. قد تسعى التنظيمات المافوية لتحقيق التنوع الاقتصادي من خلال التوسع في أنشطتها وتنويع مصادر الدخل. يمكن للتنظيمات المافوية أن تتوسع في قطاعات مختلفة مثل تهريب المخدرات، والاتجار بالأسلحة، والاتجار بالبشر، وغيرها، بهدف تحقيق المزيد من الأرباح وتقوية وجودها. قد تعمل التنظيمات المافوية على توسيع شبكاتها وتطوير علاقاتها الدولية. يمكنها بناء تحالفات مع منظمات مماثلة في دول أخرى وتبادل المعلومات والموارد والتكتيكات. هذا يمكن أن يمنحها قوة إضافية ويساعدها على البقاء في مقدمة الجريمة المنظمة على الصعيد العالمي. قد تطور التنظيمات المافوية أساليب جديدة لاستخدام العنف والترهيب للسيطرة على الأنشطة غير القانونية وتحقيق أهدافها. يمكن لهذه التحسينات أن تشمل استخدام تكتيكات متطورة مثل الاغتيالات الموجهة واستخدام التكنولوجيا لتنفيذ هذه الأعمال. قد تعتمد بعض التنظيمات المافوية على هياكل أفقية بدلاً من الهياكل الهرمية التقليدية. هذا يعني أن القرارات والمسؤوليات يتم توزيعها بشكل أكثر تفوقًا بين الأعضاء، مما يجعل الهيكل أكثر مرونة وصعوبة في التعقب.
في اقتصاديات المافيات غالبًا ما تغيب الاخلاق وتحل محلها أعمال غير قانونية وأخلاق مشوهة في المجتمع والمؤسسات.أما الرأسمالية بمثابة نظام اقتصادي يشجع على الابتكار والاستثمار شكليا، وبالتالي يحقق النمو الاقتصادي لكن في هذا السياق، يتم استغلال فائض القيمة في ناتج العمل من قبل الرأسمالية الذي يشيرالى استغلال غير عادل وغير اخلاقي، حيث يمكن للشركات والأفراد الأثرياء الاستفادة من تكوين الثروة على حساب العمال والطبقات الأقل حظًا. هناك وجهة نظر تروج لفكرة أن استغلال فائض القيمة في نتاج العمل قد يكون مقبولًا طالما يتم توفير ظروف عمل عادلة وإجراءات تعويض مناسبة للعمال. على سبيل المثال، يمكن تحقيق ذلك عن طريق دفع أجور عادلة وتوفير فرص لتقدم الموظفين ومشاركتهم في الربح،لكن الرأسمالية هي نظام اقتصادي يعتمد على الملكية الخاصة وحرية الاقتصاد وتبادل السلع والخدمات بناءً على العرض والطلب و تعتبر الرأسمالية الشكل الاقتصادي الرئيسي في العديد من الدول حول العالم، لذا يمكن أن يحدث استغلال أو انتهاك للأخلاق في سياق النظام الرأسمالي بواسطة بعض الشركات أو الأفراد. على سبيل المثال، يمكن للشركات أن تستغل العمال بدفع أجور غير عادلة أو تجاوز سلامتهم وحقوقهم. يعتبر هذا النوع من السلوك غير أخلاقي وقد يستدعي تدخلا من المجتمع المدني لحماية حقوق العمال بصفة عامة، يمكن للرأسمالية أن تكون مصدرًا للفوائد الاقتصادية والتنمية والابتكار, التي تصب في مصلحة مجموعة افراد او شخصيات على حساب شريحة واسعة من العاملين وهذا يتطلب ضمان المسؤولية الاجتماعية والحفاظ على قواعد اللعب العادلة لضمان ألا يحدث استغلال أو انتهاك للأخلاق في سياق النظام الرأسمالي وهذا مستحيل في الهيكلة الاقتصادية لرأس المال(الملكية الخاصة مهما كانت صغيرة فهي مستغلة), كما ان تُعزيز الممارسات الأخلاقية والقوانين النظامية التي تحمي حقوق العمال والمستهلكين وتعزز المساواة والعدالة في المجتمع تصطدم بالشراهة الكبيرة للرأسمالية لتحقيق نسب عالية من الأرباح لتمويل مشاريعها العسكرية الضرورية لاستمرارية التفوق الرأسمالي عالميا بحجة حماية الاقتصاد العالمي,لذا تلجأ الى اثارة الازمات والاستثمار في مشاريع زعزعة استقرار الشعوب و في حروب بينية وداخلية للسيطرة على الثروات والمساعدة في تنصيب حكومات مافيوية من العناصر الإجرامية تعمل خارج القانون وتنتهك القوانين والأخلاق, والتي تعتمد على أساليب غير قانونية للحصول على الأموال وتمويل أنشطتهاالتي تعتبر القرصنة والابتزاز والتهريب والاحتيال والتجارة غير الشرعية وغيرها من الأنشطة الإجرامية المصادر المحتملة للتمويل التشغيلي للمافيا وبالتالي هي قيمة تشغيلية للرأسماليةالمتوحشة باعتبارها النظام الحامي لهذه الحكومات بشكل عام.
تعتمد القيم والأخلاق في الرأسمالية على السياق الثقافي والقانوني الذي ينشأ فيه النظام الاقتصادي. قد تكون هناك قواعد قانونية تنظم سلوك الأفراد والشركات فيما يتعلق بالتعامل مع الأموال والعقود والملكية الفكرية وحقوق العمل والبيئة وغيرها من المسائل ذات الصلة. على الجانب الآخر، يرى آخرون بأن الهدف الرئيسي للشركات هو تحقيق الربح وتلبية احتياجات المساهمين والمستثمرين، وبالتالي يعتبرون حركة السوق والتنافسية غير المشروعة هي المنظم الأساسي للسلوك الاقتصادي. وهذ يحمل بين طياته الأسس الاقتصادية للعمل الاقتصادي المافيوي وهنا تتبلور المشتركات مع الرأسمالية المتوحشةلان تحقيق القيم الاجتماعية ينبغي أن يتم بطرق غير استغلالية واحترام الحقوق والكرامة البشرية. لا ينبغي للنظام الاقتصادي، سواء كان الرأسمالية أو أي نظام آخر، أن يسمح أو يشجع على استغلال الآخرين.ان التنمية المستدامة والعدل الاجتماعي يجب أن تكون أهدافًا أساسية لأي نظام اقتصادي يسعى لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة على المدى الطويل. يجب أن يتم توجيه النظم الاقتصادية بواسطة القوانين واللوائح الأخلاقية التي تحمي الحقوق وتعزز المساواة وتحد من الاستغلال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة