الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فنانة على طريق النضال - محسنة توفيق-

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2024 / 3 / 5
الادب والفن


في سبعينيات القرن الماضي شاهدت (فيلم العصفور ) للمخرج يوسف شاهين في سينما بابل الذي خرج الى النور عام 1974، الذي قامت ببطولته ( محسنة توفيق) الى جانب مجموعة من الممثلين منهم ، محمود المليجي ، علي الشريف ، سيف عبد الرحمن ، وصلاح قابيل ، الفيلم قصة وسيناريو وحوار( لطفي الخولي) ومن أخراج العبقري ( يوسف شاهين) ، كان الفيلم يبشر بالحرب والانتصار فيها بمشاركة كل الشعب المصري ليفاجأ بالهزيمة وبعده إعلان الرئيس تنحيه عن منصبه، فخرج الشعب غاضباً ورافضا الهزيمة ويتمسك بالصمود والحرب حتى التحرير . وأصبحت (بهية) الذي جسدته الراحلة محسنة توفيق رمزا للوطنية ورمزا لمصر ،وتعبر في نهاية الفيلم بصرختها ( لأ ، ح نحارب لأ، ح نحارب) رغبة الشعب المصري في النضال . الجملة التي ارتجلتها محسنة ولم تكن مكتوبة نصًا في السيناريو كانت بمثابة الشرارة التي أدت لزجها بالسجن ، منع الفيلم لثلاث سنوات، وكان المبرر حينها الحفاظ على الجبهة الداخلية ومنع إحباط المواطنين، فيما شنت الصحافة الحكومية هجوماً عنيفاً على المخرج يوسف شاهين واتهمته بالحصول على تمويل أجنبي للنيل من القيادة والحديث عن الفساد الداخلي بما يخدم العدو، واتهموه النقاد بالهجوم على تراث الرئيس عبدالناصر والتجني على حقبة يوليو، هذا العمل المثير بقي حتى اللحظة غير مرغوب في الشاشات المصرية،
لازمها اسم "بهية" فهي بهية الفن، بهية" في السينما و"أم المصريين" في التليفزيون.. "أستاذة الأداء والأحساس الصادق ، حيث كانت بموهبتها وإبداعها المتميز تقدر وتحترم عقلية المشاهد، وبذلك كسرت الحاجز بينها وبين جمهورها في جميع أعمالها التي ستبقى خالدة في ذاكرة الفني العربي والمشاهدين". رفضت محسنة توفيق مرارًا وتكرارًا تغيير مواقفها السياسية وعدم الإفصاح عن رأسها، ومنذ نعومة أظافرها كانت محسنة مهمومة بالشأن السياسي، فكانت عندما ترى مشاهد مظاهرات طلاب وعمال وتتساءل عن الأسباب تكون الإجابة “ضغط وكبت وسوء معيشة”، فنما بداخلها روح المناضلة، ولم يتوقف نضال محسنة توفيق داخل الحدود المصرية فقط، بل كانت من أبرز المهتمين بالقضية الفلسطينية، حيث سافرت للأراضي الفلسطينية وشاركت أهالي المخيمات تجربة السكن معهم لفترة " . المناضلة، محسنة توفيق عبد العزيز وُلدت في 29 ديسمبر عام 1939م بمحافظة الجيزة لأسرة متوسطة الدخل، وهى الأخت الكبرى لشقيقتان، الإذاعية فضيلة توفيق المعروفة بلقب "أبلة فضيلة"،ويسرا توفيق مطربة بدار الأوبرا، توفيت والدتها في سن مبكر، وحصلت على بكالوريوس من كلية الزراعة عام 1968، بدأت حياتها الفنية بمدرسة غمرة الابتدائية وهي طفلة في التاسعة من عمرها ك"دوبلير" لبطلة أحد العروض المسرحية بتشجيع من مدرس اللغة العربية، الذي اقترح عليها التمثيل بدلاً من الغناء، وحصلت على جائزة عن دورها، ثم اكتشفها الفنان الكبير عبد الرحمن الشرقاوي، وقدمها لأول عرض على خشبة المسرح في مسرحية "مأساة جميلة" عام 1962م .انطلقت بدايتها عن دور"حبيبة زيوس" في مسرحية "أجاممنون" عام 1966م على مسرح الجيب، وأصبحت من أهم أعضاء المسرح، ثم مسرحية "المسيح يصلب من جديد"، وانضمت للمسرح القومي، وتعددت أدوارها في السينما والتليفزيون والمسرح من أبرزها فيلم "العصفور" عام 1974م للمخرج يوسف شاهين، واشتهرت بدور "بهية" وأصبحت من بعده رمز للوطنية، واحتل الفيلم المركز الـ45 بقائمة أفضل 100 فيلم مصري، وتعاونت مع "يوسف شاهين" في أكثر من عمل، زاد رصيدها السينمائي عن 20 فيلماً منها "حادثة شرف، البؤساء، ديل السمكة، قلب الليل" . وقدمت بالتلفزيون ما يقرب من 35 مسلسلاً من أشهرها ليالي الحلمية، آخر أعمالها الفنية مسلسل "المرسى والبحار" عام 2005م، وشاركت في مسلسل "أهل إسكندرية" عام 2014 لكنه لم يتم عرضه حتى الآن، و لها بالإذاعة 12 مسلسلا منها:"أنا وانت وسنوات العمر، قلب امرأة، وآخرها بيتك بيتك" .اعتقلت في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لمدة عام ونصف وعُرفت بمواقفها السياسية منذ أيام عهده وحتى مشاركتها في ثورة 25 يناير عام 2011 . وحافظت في أعمالها على الشخصية الوقورة التي تحافظ على كرامتها وحصلت على أكثر من جائزة تكريم عن أعمالها الفنية المتميزة والناجحة، ووسام العلوم والفنون من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في فبراير 1967 ، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون 2012 ، وجائزة الدولة التقديرية عن مجمل أعمالها عام 2013 ، وشهادات تقدير عن فيلمي "العصفور وبيت القاصرات"، والجائزة الأولى في التمثيل في مهرجان بغداد للمسرح العربي عام 1985 ، آخر تكريم لها كان في مهرجان أسوان الدولي عام 2018 ، تعرضت لأزمة صحية حادة في أخر أيامها وتوفيت في 7مايو 2019 . موقفها القوي المشرف حين رفضت السفر مع وفد الفنانين تحت رئاسة "جمال مبارك" إلى لبنان عقب الحرب الإسرائيلية، وقالت: "مش ممكن.. هسافر مع شوية طبالين" . تجاوزت مواقفها الوطنية حدود بلدها، فأعربت مراراً عن دعمها النضال الفلسطيني ضد المحتل الإسرائيلي "المجرم" وفخرها بـ"المقاومة الفلسطينية"، مشددةً على أن الاحتلال "سيزول مهما طال الأمد". كما استنكرت إغلاق المعابر في وجه الفلسطينيين إثر حصار غزة .
مواقفها الحره واراءها الثوريه كانت سبب فى استبعادها من الأعمال ولكن تلك الأعمال فى طي النسيان الأن اما مواقفها فهى فى ذاكرة كل وطني وكل مؤمن برسالة الفنان تجاه وطنه ، وقالت في إحدى الندوات التي أقامها مهرجان أسوان : "إنها استبعدت من المشاركات في الأعمال التلفزيونية بسبب مواقفها السياسية ". وأضافت : "طُلب مني تغيير مواقفي السياسية، لكنني لم أفعل، فقد كنت دائماً أسأل نفسي عن سبب تظاهر العمال والطلبة منذ أن كنت صغيرة، وعرفت أنهم عانوا من الضغط والكبت وسوء المعيشة، وظلت حكايات كتلك تلازمني في حياتي ودائما أنظر إلى الظروف والأوضاع وآخذ بالأسباب ". وفي إحدى مقابلاتها قالت: "قررت أن أعيش وسط الناس، وذهبت للمخيمات الفلسطينية، وتعلمت منهم الإصرار والتحدي ".

لروح الفنانة البهية النقية المناضلة الثائرة “محسنة توفيق” النموذج والمثال للفنان الملتزم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟