الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهيمنة الغربية على الأدب: القانون والسنن، الكتب الأمهات، المدارس والتوجهات

حكمت الحاج

2024 / 3 / 5
الادب والفن


الهيمنة الغربية على الأدب: القانون والسنن، الكتب الأمهات، المدارس والتوجهات..

.. هارولد بلووم، الناقد الأدبي الأمريكي الكبير وأستاذ العلوم الإنسانية في جامعة ييل، يتم الاحتفاء به دوما، وبعديد اللغات، وذلك لتأثيره العميق في مجال النقد الأدبي. وكان كتابه "الشِّرعة الغربية: الأمهات والمدارس والتوجهات" الذي نُشر عام 1994 (وترجم إلى السويدية مؤخرا) من أكثر مساهماته تأثيرًا. ولم يشعل هذا العمل جدلاً محتدمًا داخل المجتمع الأكاديمي الأمريكي فحسب، بل ساهم أيضًا في تشكيل فهم الجمهور العام في العالم لما يمكن أن يشكله مفهوم "الثقافة الغربية".
يعد كتاب بلووم "الشرعة الغربية"، (وفي ترجمة أخرى ممكنة: "القانون الغربي")، نقدًا شاملاً واستكشافًا للتقاليد الأدبية الغربية. إنه عمل ضخم يدقق في طبيعة الأدب وقيمته، وهو عبارة عن فحص متعمق لـستة وعشرين مؤلفًا اعتبرهم بلووم ضروريين لهذا القانون أو تلك الشرعة. ومن بين هؤلاء المؤلفين، تم تسليط الضوء على أعمال جويس وبيكيت وكافكا باعتبارها أعمالًا محورية، حيث تجسد رواياتهم جوهر التعقيدات الجوهرية للشرعة الغربية.
"الشِّرعة الغربية" ليست مجرد قائمة من الكتب التي يعتبرها بلوم ضرورية. إنها إطار نظري يغامر في التضاريس المثيرة للجدل حول ما ينبغي احترامه من الأدب، ولماذا. إنه عمل مثير للتفكير ومؤثر في النقد الأدبي، يسعى إلى إعادة تعريف مفهوم القانون المهيمن للأدب الغربي. وفي هذا الكتاب، يناقش بلووم أهمية الحفاظ على الأعمال العظيمة للأدب الغربي ودراستها، مع الاعتراف أيضًا بالقيود والتحيزات الكامنة في مثل هذا القانون.
تتلخص حجة هارولد بلووم المركزية في أن القانون الأدبي الغربي، الذي يتكون من "الكتب العظيمة" التي استمرت عبر القرون، ضروري لفهم وتقدير عمق وثراء التجربة الإنسانية. ويقدم قائمة شاملة من الأعمال الأساسية، بدءًا من "الإلياذة" و"الأوديسة" لهوميروس إلى مسرحيات شكسبير وروايات مارسيل بروست وفيرجينيا وولف. وبحسب بلووم، تشكل هذه الأعمال أساس الثقافة الغربية وتحمل قيمة خالدة تتجاوز حدود الزمان والمكان. ووفقا لهارولد بلووم، يمكن تقسيم تطور الأدب في الغرب إلى أربعة "عصور" متميزة. إن مفهوم "العصور" في الأدب ليس فكرة جديدة؛ ومع ذلك، فإن تفسير بلووم وتصنيفه يقدمان منظورًا فريدًا. وعصوره الأربعة هي كما يلي:
1 العصر الثيوقراطي،
2 العصر الأرستقراطي،
3 العصر الديمقراطي،
4 العصر الفوضوي.
ويتميز كل عصر، وفقًا لبلووم، بمؤلفيه الفريدين، وأساليبهم الأدبية، وموضوعاتهم، وتأثيراتهم.
تقدم العصور الأربعة لبلوم إطارًا شاملاً لفهم تطور الأدب. إنها تقدم منظورًا زمنيًا، وتتتبع التحول من الروحي إلى الإنساني، والمجتمعي، وأخيرًا إلى الفوضوي. يعكس كل عصر، بخصائصه المميزة، السياقات الاجتماعية والثقافية والفكرية المتغيرة، مما يوفر للقراء رؤى قيمة وعميقة حول تنوع وثراء "القانون الغربي" في الكتابة الأدبية.
وفي الوقت نفسه، يدرك بلووم الانتقادات التي تم توجيهها ضد نظريته هذه حول الشرعة الغربية أو القانون الغربي، خاصة فيما يتعلق بافتقارها إلى التنوع والتمثيل. وهو يعترف بأن المؤلفين الذكور البيض يهيمنون على القانون تقليديًا، وأن هذا التحيز أدى إلى استبعاد العديد من الأعمال القيمة والمهمة للنساء والأشخاص الملونين والأصوات المهمشة. يعالج بلوم هذه القضية من خلال الدعوة إلى توسيع وتنويع القانون، والترحيب بالأصوات المهمشة سابقًا في حظيرة الأدب الغربي.
تعود جذور دفاع بلووم عن الشرعة الغربية إلى إيمانه بالقوة الدائمة للأدب العظيم في إثراء الروح الإنسانية وإلهامها. ويجادل بأن دراسة الأعمال العظمى هذه توفر للقراء فهمًا أعمق للطبيعة البشرية وللتاريخ والثقافة، وهي ضرورية للحفاظ على الحضارة نفسها. يقول بلووم إنه من خلال التعرف على الكلاسيكيات، يطور الأفراد إحساسًا بالأساس الفكري والأخلاقي الذي يمكن أن يرشدهم خلال تعقيدات الحياة.
عبر هذه النظرة الرائعة والمثيرة للجدل، يقدم هارولد بلووم كتابه هذا كواحد من أكثر الدراسات الأدبية تأثيرًا في عصرنا. إنه بحث في مجال الطبيعة الإنسانية ووجهة نظرها في سلطة أو شريعة أو قانون كلي للثقافة الأدبية الغربية يجمعها بمؤلفيها الست والعشرين الذين لا غنى عنهم: شكسبير، دانتي، تشوسر، سرفانتس، مونتاني، موليير، ميلتون، صاموئيل جونسون، غوته، وردزورث، أوستن، ويتمان، ديكينسون، ديكنز، جورج إليوت، تولستوي، إبسن، فرويد، بروست، جويس، وولف، كافكا، بورخيس، نيرودا، بيسوا، وبيكيت.
فعندما نقرأ هؤلاء المؤلفين، نصل إلى معرفة من نحن، يقول هارولد بلوم؛ فهم الذين جعلونا نكون ما نحن عليه اليوم، وعلينا أن نعطيهم اهتمامنا الكامل وليس ذلك لأية أغراض إيديولوجية أو سياسية أو من أجل المنفعة الأخلاقية، ولكن من أجل ترسيخ وتثبيت سلطة القانون الأدبي الغربي. فبتمثل وتمثيل "القانون" الغربي فقط، يمكن للأدب أن يقدم قيمة جمالية للعالم. انها دعوة للحياة من أجل أمهات الكتب العظيمة على مر التاريخ عوضا عن الطاقات التي يمكن إهدارها على الكتب الرديئة.
إن دفاع هارولد بلووم الشغوف عن القانون الأدبي الغربي، إلى جانب استعداده للاعتراف بقيوده وتحيزاته، يجعل هذا الكتاب قراءة أساسية لأي شخص مهتم بقوة الأدب في تشكيل حياتنا وإثرائها. وسواء اتفقنا مع حجج بلووم أم لم نتفق، فإن كتاب "الشرعة الغربية" يثير تفكيرًا عميقًا حول مكانة الأدب في المجتمع والقيمة الدائمة للأعمال الفنية العظيمة.
-----------------
* كتاب الناقد الأمريكي د. هارولد بلووم بعنوان:
"The Western Canon: The Books and School of the Ages"
* قام بترجمته إلى اللغة السويدية البروفيسور ستافان هولمغرين، وظهر بعنوان:
"Den västerländska kanon
Böcker och skola för eviga tider".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا