الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أغلقي الباب يا فاطمة

ميساء شهاب
كاتبة

(Maysaa Shehab)

2024 / 3 / 5
كتابات ساخرة


مذ أدركت أن طغاة الحبٌ كطغاة الشعوب،جبابرة على النساء ،وصغاراً أمام من يفوقهم جبروتاً.
وأن سيدك له سيَده،وطاغيتك له من يخشاه، صغٌر السادة في أعينها،وغدت سيدة نفسها.
لا تخافِ غير الله ،ولا تنبهر سوى بأصغر كائناته . أحلام مستغانمي

يختلف الإيقاع هذه المرة والترنيمة الوحيدة التي يرددها الأب والأم هي زواج يفرح قلبهما ويسعد ولدهما المغلوب على أمره .
الساعة العاشرة صباحاً تاريخ 22/6/2014 يدق باب أم محمود فاليوم موعد زفاف ابنتها فاطمة التي لم تتجاوز الرابعة عشر من عمرها لكن ذلك لا يهم طالما أن العريس يملك من المال ما يجعل ابنتها بألف خير،ويجعل من أبنها شريكاً لصهره في المعمل .
التحضيرعلى قدم وساق وفاطمة متهلهلة سعيدة بزواجها رغم أن عريسها يكبرها سبعة عشرعاماً .
أما في بيت العريس عمر فخيمة العرس تنصب وجرن القهوة يطرق والجميع يستعد لليلة حافلة بالطعام والرقص والهدايا.
والدة العريس أم عمر لا تعطي فرحتها لأحد وهاهي ترتدي فستان طويل مقصب وتضع على جبهتها طوق من ليرات الذهب فالعادة إن ترتدي أم العريس كل ذهبها الذي جاد به زوجها عليها كي تتغاوى أمام الآخريات .
بعد ان تقدم سفرة الغداء للضيوف تبدأ مراسم العرس
فيبدأ الرقص والغناء والآويها والجميع ملتفون حول العروسة يغنون .
فتح ورد الجناين بهالقرنة تتهني يا أم محمود بهالكنة
آويها وع العلعي ع العلعي آويها ويا صبايا تجمعي
آويها واليوم عرسك يا فاطمة آويها يا شمس لا تطلعي
أصوات الزغاريد والأغاني تملأ الدار العروسة
أما دار العريس فالشباب تف الى كتف يدبكون ويرقصون ويحملون العريس على الأكتاف ويديرون فيه في الساحة .
بعد ساعات من الرقص والغناء يتوجه العريس مع أهله وهم يغنون
وسعوا المرجة وهالمرجة إلنا
وجينا الدار العالية .....
يصل الموكب إلى بيت العروسة ليستقبله أهل العروسة بالغناء والدربكة والزلاغيط
تلك اللحظات الحاسمة في حياة فاطمة ستقلب حياتها للأبد
وسط كل هذا الغناء والفرح من حولها لا تسمعه بل تسمع صوت يناديها
فاطمة ....فاطمة ....فاطمة صوت تتلفت لا ترى أحد
يعاود الصوت فاطمة ...فاطمة إلى أين إلى أين ويعلو نحيب تسمعه ولا تراه
ترتجف خائفة وتبكي فتجتمع أخوتها حولها يمسحن دمعها ويخففن عنها
يصل عريسها يقبل جبهتها يلبسها الخاتم والمجوهرات ، الزغاريد تعلو وصوت النحيب برأسها يعلو
ينظر إليها تخشى أن ترفع رأسها لتراها انقبض قلبها وتساؤل هل من عودة ؟
تقبض يده على يدها ويمضي بها الى مستقبل ما
آويها ...عريسنا عريس العز يا غالي آويها ... وملبوسك الجوخ ولو كان الحرير غالي
آويها ... وحق النبي ومريم العدرا وإبنها الغالي آويها ... خالي ياعريس من العيب ومن العار ياغالي.
ومضت الأيام يوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر فاطمة أنجبت وطفلها الصغير لم يتخطى عمره الثلاثة أشهر وهي في أسوا حالاتها وأسوأ أيام حياتها
يا بابا ...آه يا بابا ياريت الأرض انشقت وبلعتني هداك اليوم ، ليش ما خبرتني بأن الزواج مقبرة إلي ؟
ليش رحلت في عز ما احتجتك
ليش يا امي ما خبرتيني
ع شو هللتو وزغرتوا ورقصتوا على موتي ؟
ياتي الصوت كالصاعقة فاطمة تترك ما بيدها من صحون وتهرول لزوجها
يستقبلها بكف على وجهها ما قلتلك تكوي لي القميص ،وقبل أن تجيب يناولها الآخر يا حمارة يشدها من شعرها ويلصق رأسها قرب رأس طفلها المستغرق بالنوم ، ثاني مرة بتعملي يلي بقلك عليه ويدفعها الى الأرض ويخرج
وحيدة هناك تبكي وعمرها لم يتخطى الثامنة عشر رحل والدها بعد أن أطمأن بأنها بأيد أمينة
و والدتها لا حول لها ولا قوة تصبرها بكلمات بظل زوجك وأبو إبنك وأخاها يخاف على مكانته بالمعمل
باكية تحضن وسادتها وتغني
آويها ..إيش هاد وإيش منوا آويها ..إيش هاد وإيش فنوا
آويها ... هيدا فرحك يا فاطمة آويها و إنشاء لله بفرحة ....تختنق الكلمات بفمها وصوت بعيد يردد
فاطمة .....فاطمة ..... فاطمة لوين رايحة يا فاطمة.
الساعة تقارب الثانية من بعد منتصف الليل ،الهدوء يعم المكان وفاطمة تترقب عودته بفزع ،تنهض تذرع أرض غرفتها خوفاً تسمع صوت الباب يغلق فيقف قلبها ، ترتعب اوصالها بحركة لا إرادية تخرج من غرفة نومها وكأنها تهرب من سجنها ،يلتقيها في بهو الصالون ، عيناها لا ترتفعان إليه وبصوت مرتجف تقول هل أجهز لك العشاء ، يبعدها من امامه ويذهب الى غرفة النوم ، تتنهد بعمق لربما اليوم تنجو من ضرباته ،ياتي صوته مجلجلاً فاطمة ،يقفز قلبها من مكانه تخور قواها فيكرر ندائه فاطمة ،تجر اقدامها الى الغرفة جراً ، تقف قرب الباب ، يشير إليها ان تاتي قائلاً وبصوت سكير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل