الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة العربية بين مجتمع ذكوري متخلف ووضع اجتماعي مزري

عزالدين مبارك

2024 / 3 / 6
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي 2024 - أوضاع المرأة في الحروب والصراعات وكيفية حمايتها، والتحديات التي تواجهها


مازال وضع المرأة العربية صعبا وفي بعض البلدان مزريا رغم وجود تشريعات وقوانين جاءت لصالحها تحت إلحاح منظومة حقوق الإنسان الأممية وتهدف إلى غاية من شأنها تمكين المرأة من تحقيق كيان خاص بها ومستقل عن إرادة الرجل والقطع مع تبعيتها له وذلك من خلال التعليم والخروج للعمل في بيئة تحقق لها المساواة التامة والناجزة. لكن رغم وجود هذه التشريعات القانونية واللوائح الأممية فمازالت المرأة العربية بعيدة عن المساواة الحقيقية والفعلية عن الرجل وهناك تفاوت كبير وجلي بين البلدان العربية في تحقيق ذلك بحيث بعد الاستقلال وبتأثير من المستعمر الغربي الذي يتبع سياسة علمانية في الحكم والمجتمع انبثقت عنه نخب متعلمة ومتشبعة بالفكر الحقوقي الغربي تنادي بتحرير المرأة كقاسم أمين في مصر والطاهر الحداد في تونس مما نتج عنه إصدار دساتير ومدونات للأسرة متطورة تراعي ظروف المرآة كتحديد سن الزواج وتدوين ذلك بعقد والطلاق عن طريق المحاكم والاختيار الحر للشريك وتمكينها من النفقة والخروج للتعلم والعمل دون عوائق لكن في بعض البلدان تمسكت بما جاءت به الشريعة حرفيا دون اجتهاد وتفكير فكان زواج القاصرات في سن مبكرة ودون أخذ رأيها واختيار منها ودون توثيق للزواج ويكون الطلاق بكلمة يتفوه بها الرجل ووجود أنواع عديدة من الزواج كزواج المتعة كما يمنع خروجها من البيت وسفرها بدون وجود رجل محرم معها وفرض لباس خاص بها والتضييق عليها في التعلم والخروج للعمل. وقد كان تأثير المنظومة الدينية على سلوك المجتمع إزاء المرأة كبيرا جدا مقارنة بما حدث مثلا في دول شمال إفريقيا وخاصة تونس التي منعت تعدد الزوجات منذ 1956. ورغم تقدم ملموس على مستوى القوانين والتشريعات فلا زالت سطوة المنظومة الدينية والتي لا ترى في المرأة إلا كيانا تابعا للرجل بدليل ما جاء بالنصوص "نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ" و "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للب الرجل الحازم من إحداكن" و" وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا" و" يَقْطَعُ الصَّلاَةَ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ ، وَيَقِي ذَلِكَ مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ" لأن هذه المنظومة والتي لها بيئة صحراوية معينة ونواميس وعادات متجذرة ومرتبطة بزمكان خاص بها لم تستطع كنصوص تدعي القدسية مسايرة التطور الإنساني فبقيت محافظة على جمودها لأنها تحقق امتيازات وشهوات وحاجيات الرجل الذكر على حساب الأنثى لتأبيد مجتمع ذكوري تراتبي متخلف يكرس عبودية معاصرة ويحدد دور المرأة في الإنجاب وتمتيع الرجل جنسيا. وبما أن أغلب اقتصاديات الدول العربية باستثناء دول الخليج الثرية والتي مازالت تتبع سياسة اجتماعية جد محافظة تمر بصعوبات هيكلية كبيرة نظرا لتبعيتها للدول الغربية التي استعمرتها وظهور طبقات طفيلية فاسدة تستهلك ولا تنتج في ظل هيمنة غربية على التكنولوجيا والعلوم المتقدمة وأدوات الإنتاج مما نتج عنه فقر وتخلف اجتماعي صلب هذه الدول النامية الغارقة في الديون وطفرة في الولادات فكان أثر ذلك كبيرا على المرأة التي أصابتها لعنة ضعف في مستوى التعليم وقلة في فرص العمل في بيئة يهيمن عليها المجتمع الذكوري ومبدأ البقاء للأقوى وليس للأكفأ والأجدر. وللخروج من مأزق اللامساواة بأبعاده وجذوره التاريخية بين الرجل والمرأة فلا مفر من القطع مع المجتمع الذكوري بتغيير السلوك عن طريق التربية والتعليم والتركيز على العنصر الأنثوي بحيث لا تكون المرأة أداة يستعملها الرجال وشيوخ الدين وهي القريبة من أطفالها لتكريس وتوريث وتأبيد الفكر الذكوري الديني منذ الصغر عن طريق اللباس الطائفي (الحجاب) و (العباءة السوداء) والذهاب للكتاتيب الدينية التي تنشر الفكر التكفيري والتخويف والقهر الديني دون فهم وبذلك تخلص المرآة نفسها بنفسها وتخرج من الفخ الذي رسمه لها شيوخ الدين بخبث وعن سوء نية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى