الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللقاء الفلسطيني في موسكو (29/ 2-1/3/2024) قراءة وتقدير موقف

الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

2024 / 3 / 6
القضية الفلسطينية


المكتب السياسي 6/3/2024

أولاً- في السياق السياسي لما سبق الدعوة
■ وردت الإشارة الأولى لتوجه موسكو بالدعوة إلى «لقاء فلسطيني» في تصريح لوزير الخارجية الروسي سيرغي لاڤروڤ، حين أعلن أن موسكو عازمة على وضع حد للانفراد الأميركي بقضية الشرق الأوسط، عبر ثلاث خطوات تنوي اتخاذها: الأولى دعوة الفصائل الفلسطينية إلى استئناف حواراتها في موسكو، والثانية دعوة اللجنة الوزارية العربية السداسية إلى اجتماع يعقد في العاصمة الروسية لبحث الوضع في المنطقة، والثالثة هي العمل على إعادة إحياء اللجنة الرباعية، التي أماتتها واشنطن لتنفرد هي وحدها بالموضوع الشرق أوسطي. وفي السياق أيضاً، ومن ضمن توجهات موسكو، طرح لاڤروڤ دعوة الرئيس الفلسطيني إلى العاصمة الروسية للتشاور.
وقد شكل هذا التصريح إشارة شديدة الوضوح، ورسالة واضحة المعالم، تؤكد فيها موسكو أنها عائدة إلى الشرق الأوسط بزخم شديد، بعد أن اطمأنت إلى «استقرار» الوضع في أوكرانيا، علماً أن حديث لاڤروڤ جاء في منتصف الشهر الخامس للحرب الهمجية الإسرائيلية على قطاع غزة، ومع ذلك هي الدعوة الأولى التي تتيح للفصائل الفلسطينية اللقاء مجتمعة لبحث الأوضاع الفلسطينية، وفي القلب منها قطاع غزة بعد حرب 7/10/2023، التي إفتتحتها عملية «طوفان الأقصى».

■ إستقبلت الحالة الفلسطينية الدعوة الروسية إلى اللقاء في موسكو بمواقف تفاوتت بين الترحيب الفوري وبين «عدم الرفض» دون حماسة لتلبية الدعوة، على غرار حديث الرسمية الفلسطينية في الاجتماع القيادي الفلسطيني، الذي أشار فيه إلى الدعوة وقال عنها إنها جاءت في موعد غير مناسب، ما فُهم منه أن الرسمية الفلسطينية غير متأهبة لدخول موسكو على خط الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، ومزاحمة الدور الأميركي، متخوفة من أن يؤدي ذلك إلى تشابك الخطوط وتداخلها وتعطيل بعضها بعضاً، ومع ذلك كان لا بُدَّ من الإعلان عن تلبية الدعوة.

■ في هذا الإطار تجدر الإشارة إلى ما يلي: لقد سبق الدعوة ورافقها سلسلة من الإشارات التي ساهمت في نشر أجواء ضبابية حول النتائج المرجوة من هذا اللقاء، من بينها على سبيل المثال لا الحصر:
• المواقف والشروط التي عبرت عنها الرسمية الفلسطينية في الاجتماع القيادي الفلسطيني آنف الذكر، حين وضعت شروط لضم حركتي حماس والجهاد إلى م. ت. ف، أهمها: الاعتراف بالمنظمة ممثلاً شرعياً ووحيداً، وببرنامجها السياسي، و«التزاماتها الدولية»، وقرارات الشرعية الدولية، واعتماد «المقاومة السلمية» بديلاً لكل أشكال المقاومة، ما فُهم منه أنها شروط لاستدراج الرفض، من ضمنها القبول بإلتزامات أوسلو، والإعتراف بحق إسرائيل في الوجود، ونزع سلاح المقاومة، الخ ...

• تجاهلت القيادة الرسمية الفلسطينية كل النداءات والدعوات الفلسطينية للاجتماع إلى طاولة الحوار الوطني الشامل والملزم، لوضع حد للانقسام، وتشكيل الإطار القيادي الموحد للحالة الوطنية، والتوافق على استراتيجية كفاحية موحدة لمواجهة الحرب على قطاع غزة، ووضع «الرؤية الوطنية الفلسطينية» لما يسمى «اليوم التالي» للحرب، وعدم ترك الساحة مستباحة من قبل الجانب الإسرائيلي، والأميركي، والأوروبي، والعربي، في طرح سلسلة سيناريوهات، ومشاريع خطط وبرامج، كلها تستبعد ليس حركة حماس، والمقاومة من مشروع إدارة القطاع فحسب، بل وكذلك السلطة الفلسطينية نفسها (موقف تل أبيب)، أو الدعوة إلى «سلطة متجددة» (واشنطن)، أي سلطة «أخرى»، تكون «مؤهلة» لتولي المسؤوليات في القطاع والضفة، لمرحلة ما بعد 7 أكتوبر، وفقاً للرؤية الأميركية – الإسرائيلية التي تدور على محور رئيس هو ضمان أمن إسرائيل، ومواصلة الاستيطان، وتسليح المستوطنين، الخ ...، وبناء وضع يضمن عدم تكرار ما وقع في 7 أكتوبر، أي نزع سلاح المقاومة، وربط السلطة الفلسطينية بخطة أمنية إسرائيلية – أميركية، تضمن تعزيز المخطط الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، بغرض الضم والترحيل.

• في السياق نفسه، أطلت برؤوسها مواقف ودعوات لاستبعاد الحركة الوطنية الفلسطينية من إدارة غزة بعد وقف الحرب، وقدمت نفسها بديلاً جاهزاً للحالة الوطنية، على غرار ما جاء في المقابلة المطولة لمحمد دحلان في «نيوزويك»، وناصر القدوة في «هآرتس»، تقاطعت مع خطة نتنياهو لإدارة القطاع، عبر بناء إدارة مدنية من العائلات والعشائر، أو فعاليات على استعداد للتعاون مع الاحتلال، وقد وضع حي الزيتون على طاولة التجربة، لإنجاحها ونقلها تباعاً إلى مناطق أخرى في القطاع.

• ترافق ذلك مع الكشف مؤخراً عن «الورقة العربية» للتسوية في الشرق الأوسط، مستندة إلى ورقة «النقاط السبع» التي كان قد حملها أمين سر اللجنة التنفيذية حسين الشيخ إلى «الوزارية العربية»، تعبيراً عن رؤية الرسمية الفلسطينية، منفردة، استبعدت معها كل الأطراف الفلسطينية في إشارة قوية إلى تهالك النظام السياسي الفلسطيني، ووصوله حد الإفلاس، ووقوعه أسيراً بيد «مطبخ سياسي» يرسم خطواته بعيداً عن نبض الشارع ومتعاكساً مع مزاجه السياسي، وبعيداً عن أي شكل من أشكال التوافق أو التفاهم أو الشراكة الوطنية.

• لكن الأخطر في هذا كله، هو تدهور كل مظاهر الحياة في قطاع غزة، بارتفاع يومي لأعداد الشهداء والجرحى والمفقودين، وتدمير شبه كامل للبنية التحتية للقطاع، وتشريد وتهجير حوالي مليون نازح فلسطيني خارج مساكنهم، عدا عن المجاعة التي بدأت تجتاح القطاع، ومظاهر الموت جوعاً وعطشاً، خاصة بين الأطفال والنساء والمسنين، وبقاء سيف التهجير مسلطاً فوق الرؤوس، في ظل تدهور الأوضاع إلى حد الكارثة، في الشمال والغرب والجنوب، وحين بات خطر التهجير الاحتمال اليومي، في ظل غموض المواقف العربية، وفشل الرسمية الفلسطينية في لعب أي دور ذي مغزى، يرفع عن الشعب في غزة سيف الموت جوعاً وعطشاً.
وبقيت الأنظار تتجه إلى «إطار باريس» التفاوضي لتبادل الأسرى، باعتباره طوق النجاة للحياة البشرية في قطاع غزة، في ظل تباعد كبير وواسع بين «رؤية» حماس، و«رؤية» إسرائيل للتبادل وشروطه.

■ لا شك في أن موسكو كانت تلم بكل هذه الظروف، وكانت تدرك المعوقات التي يحتمل أن تغلق الطريق أمام أي توافق فلسطيني جديد، لذلك حرصت موسكو على التأكيد أن ما تدعو له هو «لقاءً» وليس «حواراً»، وأوضحت موسكو أن المطلوب لقاء تشاوري ليس بالضرورة أن يصدر عنه بيان ختامي، أو أن تنوب العاصمة الروسية بهذه المهمة، هذا بالطبع، مع تفضيل موسكو صدور بيان عن اللقاء الحواري، يؤكد نجاحه ■

ثانياً- وقائع اللقاء
■ خلافاً للتقاليد، كان اللقاء مع الوزير لاڤروڤ قبل انطلاق الاجتماعات الفلسطينية، لانشغال الوزير بارتباطات فرضت عليه هذا التغيير، وربما كان الغرض أيضاً هو وضع المجتمعين أمام مسئولياتهم. ومما قاله الوزير لاڤروڤ:
• إنقطعنا عن بعضنا خمس سنوات، فاللقاء الأخير كان في 2019، الانقطاع سببه الكورونا، وأحداث أخرى تعرفونها بلا شك. الآن أصبح الوضع مناسباً لنعود ونلتقي، ونستأنف اجتماعاتنا في موسكو دورياً.

• نحن في وضع شديد التوتر في الشرق الأوسط، سببه السياسة الأميركية التي تحاول أن تنفرد بكل شيء في العالم، بما في ذلك تعطيل «الرباعية الدولية»، حتى لا يكون لها شركاء في القضية الفلسطينية. نحن ما زلنا على تأييدنا للشعب الفلسطيني وحقوقه وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

• ما يجري في قطاع غزة من جرائم حرب، تقف خلفها الولايات المتحدة الأميركية، التي لا تريد أن تعترف لشعبكم بحقه المشروع، خاصة في دولة فلسطينية عاصمتها القدس. ولقد تجاوزت الجرائم في القطاع كل التوقعات والاحتمالات. لقد حاولنا في مجلس الأمن أن ندعمكم بكل قوة، حين قدمنا أكثر من اقتراح للوقف الفوري لإطلاق النار، غير أن الڤيتو الأميركي عطل ذلك، كذلك وقفنا إلى جانبكم حين عطلنا في مجلس الأمن مشاريع القرارات المعادية لشعبكم.

• إن ما أضعف الموقف الفلسطيني هو الانقسام، والسيد المسيح، المواطن الفلسطيني قال: إن البيت المنقسم على نفسه سينهار، وبالتالي عليكم أن تنهوا الانقسام وأن تتوحدوا في خدمة شعبكم، وفي مواجهة الخطر الذي يتهدد قضيتكم.

• هناك مشاريع كثيرة مطروحة لغزة وما بعد غزة، نحن مع م. ت. ف، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ومع الحل الذي تكفله قرارات الأمم المتحدة، والقانون الدولي، بما في ذلك حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

• موسكو تشرع أبوابها أمامكم، والرئيس بوتين يدعم قضيتكم، نقول لكم اذهبوا وتحاوروا، واتفقوا، لتربحوا وتحافظوا على البيت الفلسطيني.

■ بعد أن انتقلت الوفود إلى الحوار في مكان الاجتماع، دارت نقاشاته على الشكل التالي:
1- فتح: تحدث باسمها، عضو اللجنتين التنفيذية لـ م. ت. ف والمركزية لحركة فتح، عزام الأحمد، وقدم التالي:
- حديث مطول عن الأوضاع المأسوية في قطاع غزة، وإدانة شديدة للعدوان (وهي اللازمة التي تحدثت بها كل الوفود).
- الرسمية الفلسطينية كانت تتابع الحدث بشكل يومي. الرئيس أبو مازن تحدث إلى 80 دولة، داعياً إلى موقف لصالح شعبنا، هذه الاتصالات أثمرت تغييراً في مواقف العدد الكبير من الأطراف الدولية التي أخذت تدعو إلى وقف الحرب، وتقديم المساعدات لشعبنا في قطاع غزة.
- ما يجري في الضفة والقدس ليس أقل خطراً مما يجري في القطاع، هناك 13 نقطة استيطانية جديدة تم منها تهجير الفلسطينيين، نحن الآن أمام خطط تهجير واستيلاء على الأرض في ظل حكومة فاشية متطرفة.
- نحن نعمل الآن لمواجهة الاستحقاقات من خلال تشكيل حكومة جديدة، تكون حكومة كفاءات، مرجعيتها م. ت. ف، معنية بإدارة الشأن العام في الضفة والقطاع، مدركين حجم العبء الذي سيلقى على عاتقنا لإعادة الحياة إلى القطاع، في ظل ما شهده من نكبات منذ 7 أكتوبر 2023.
نريدها حكومة كفاءات، ولا نريدها حكومة فصائل، لكن بالتوافق الوطني، وبمرجعية م. ت. ف، واقترح أن لا نناقش الآن مسألة الحكومة، وأن نترك الأمور لجولة لاحقة حتى تنضج الأمور، وأن يقتصر الحوار على أسس إنهاء الانقسام.
- نحن منفتحون على كل الحلول التي تؤدي إلى إنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة، وأبواب م. ت. ف مفتوحة للجميع، لكنها بالمقابل تدعو إلى وقف «التشكيك»، بحيث لا يقبل أي تشكيك بمواقف القيادة.
- الرئيس أبو مازن، هو رمز الشرعية الفلسطينية، وم. ت. ف. هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا برئاسة الأخ أبو مازن، وأبواب منظمة التحرير مفتوحة للجميع، ويحتفظ كل منا ببرنامجه.
- نحن مع ضرورة استئناف الحوار، كان الرئيس أبو مازن سيدعو لجنة المتابعة المنبثقة عن «اجتماع العلمين» للاجتماع، لكن أحداث 7 أكتوبر فاجأتنا وعطلت الدعوة إلى هذا الاجتماع. نشكر الأصدقاء في موسكو على هذه المبادرة.

2- حماس: تلا عزام، رئيس وفد حماس عضو المكتب السياسي للحركة ومسئول ملف العلاقات الدولية، د.موسى أبو مرزوق فقدم التالي:
- تناول مطولاً الأوضاع في القطاع، مشدداً على تماسك المقاومة وصلابة موقفها، بالمقابل أبرز حجم المأساة الإنسانية في ظل الحرب الهمجية ضد المدنيين.
- تحدث مطولاً عن المفاوضات غير المباشرة، مؤكداً على المبدأ «الكل مقابل الكل»، مستعرضاً بعض المحطات التي جرى فيها نقاش حول أسس التبادل، في محاولة للاستفادة من معادلة تبادل شاليط (أسير واحد + ما يزيد على الألف أسير فلسطيني).
- في محاولة لتفسير ما يرد من أفكار عن ليونة في موقف حماس وتكتيكاتها التفاوضية قال: إننا نعيش تحت ضغط الحالة الإنسانية، ونحاول على الدوام أن نربط بين موقفنا المبدئي من حل قضية الأسرى، وفي الوقت نفسه إفساح الفرص لإدخال المزيد من الإمدادات الحياتية للناس في القطاع، وكذلك إفساح المجال في هدنة تكون في إطار التمهيد لوقف دائم لإطلاق النار.
- قال: لم نكن نرغب في أسر مدنيين، لكن ما حصل من انهيار إسرائيلي سمح للمدنيين من القطاع المشاركة في الهجمة، وبالتالي تم أسر الإسرائيليين، مدنيين وعسكريين، على يد القسام والفصائل وناس عاديين اندفعوا في المشاركة.
- نحن على استعداد لإنهاء الانقسام، ودخول م. ت. ف، لكن دون شروط مسبقة ودون أي مس لبرنامج حماس (إشارة إلى فصائل داخل م. ت. ف. ليست مؤيدة لأوسلو، بل تعارضه وتدعو لإلغائه).

■ ثم تلاه، في الجلسة المسائية، عضو وفد حماس وعضو مكتبها السياسي ومسؤول العلاقات الوطنية حسام بدران، فاختزل موقف حماس بالنقاط التالية:
- نحن لا نرغب ولا نريد العودة إلى السلطة في غزة.
- نحن مع حكومة كفاءات وطنية، مرجعيتها م. ت. ف.
- نحن على استعداد لدخول م. ت. ف. دون شروط مسبقة، ونحن مع برنامجها طبقاً لقرارات الأمم المتحدة (في إشارة ضمنية إلى حدود حزيران (يونيو) 67، وهذا ما ورد في البيان الختامي).
أما ما تبقى من كلمته فقد دخل في تفاصيل الحوارات التي أجرتها حماس مع الفصائل، وصولاً إلى محطة موسكو.

3- الجبهة الديمقراطية: بعد عزام الأحمد وموسى أبو مرزوق، تحدث مباشرة رئيس وفد الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الرفيق فهد سليمان، ومما قاله في مداخلته:
- إن ما نخوضه ليست معركة سوف تنتهي عند أجل معين، يستعيد بعدها قطاع غزة العمل على ترميم جراحه، بل نحن أمام حرب مديدة، أراد منها العدو الإسرائيلي أن تكون حرباً حاسمة بعدما استخلص من هذه الحرب ما استخلصه من خطر وجودي يتهدد إسرائيل.
- هذه حرب مفتوحة، سنخوضها على جولات، قد تكون بينها هدن إنسانية أو غيرها، لكن كل هدنة هي تأسيس لجولة جديدة، وبالتالي، علينا ونحن نتابع ما يجري في الأراضي المحتلة وخاصة في قطاع غزة، أن نملك رؤية سياسية وبرنامجية واضحة المعالم، ترتقي إلى مستوى الحدث الكبير الذي شكل 7 أكتوبر و«طوفان الأقصى» فاتحته المظفرة.
- إن كل السيناريوهات التي تطرح دولياً وإقليمياً، لا تتعلق فقط بوقف إطلاق النار، بل هي تمهد لمسار سياسي هدفه الوصول إلى حل ما للقضية الفلسطينية، ولا نستطيع أن نتناول الحديث عن «اليوم التالي» لغزة إلا في سياق الحديث عن الحل المرسوم أميركياً وإسرائيلياً، وحتى إقليمياً للقضية الوطنية وحقوق شعبنا، مثال خطة نتنياهو، ومثال آخر الورقة العربية، موضحاً المخاطر التي تنطوي عليها هذه الورقة.
- في هذا السياق، يجب أن يكون لدينا معيار سياسي أساسي نحاكم به أي مشروع يقدم لنا. ونحن في الجبهة الديمقراطية نؤكد على أن يكون المعيار هو ما يضمن لنا كشعب، حالته الكيانية وفقاً للنقاط التالية:
1) إن م. ت. ف هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، وبالتالي هي وحدها المعنية بالتفاوض والبت بأية قضية وطنية فلسطينية، ولا يجوز لأحد أن يستفرد بهذا التمثيل.
2) برنامجنا الوطني يتحدد بالتالي: تقرير المصير، والدولة المستقلة كاملة السيادة على حدود 4 حزيران (يونيو) 67 وعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين بموجب القرار 194 الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات.
3) المرجعية القانونية الدولية لحقوق شعبنا هي قرارات الشرعية الدولية، أي قرارات الأمم المتحدة.
وبناء عليه، فإن أية حكومة تتشكل من كفاءات أو غير كفاءات، تبقى م. ت. ف. هي مرجعيتها، ولا مرجعية سواها.
- الخطوة الأهم الآن هي أن نتفق على إنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الداخلية، وإعادة بناء المؤسسات الوطنية المعطلة في السلطة وفي م. ت. ف بالانتخابات العامة، وبنظام التمثيل النسبي، مع حل وطني لمسألة الانتخاب في القدس.
- فيما يتعلق بمستقبل غزة، فهو لن يكون إلا وطنياً، والقطاع جزء لا يتجزأ من الأرض المحتلة، وأي اتفاق بشأنه يجب أن يقوم على الوقف التام لإطلاق النار والعمليات العدوانية والانسحاب الإسرائيلي إلى خطوط ما قبل 7 أكتوبر 2023.

4- الجبهة الشعبية، تكلم باسمها مروان عبد العال عضو مكتبها السياسي:
- مقدمة مطولة عن الحرب في غزة.
- الوضع يحتم بناء قيادة طواريء لقيادة المعركة السياسية والعسكرية والإعلامية وغيرها.
- مع الدولة الفلسطينية وعاصتها القدس (دون ذكر حدود).
- مع حكومة كفاءات بمرجعية متوافق عليها وطنياً (بديلاً لمرجعية م. ت. ف).
- مع حق العودة بموجب القرار 194.
- إنتخاب مجلس وطني جديد (دون إشارة إلى نظام الانتخابات الواجب الالتزام به، أي التمثيل النسبي الكامل).
(بقليل من التدقيق نلاحظ أن كلمة الجبهة الشعبية تستعيد ما ورد في الورقة السياسية التي قدمتها حركة حماس، باعتبارها الرؤية المتوافق عليها بين عدد من الفصائل الفلسطينية، والتي سبق وأن تم توزيعها على أعضاء م. س مرفقة بالرؤية الوطنية الجامعة التي أصدرتها الجبهة الديمقراطية رداً على رؤية حماس) ■

ثالثاً- في تقييم نتائج اللقاء
1) ساد اللقاء جو من الإيجابية الملحوظة، تمثلت بشكل بارز في مداخلة فتح (أولاً) ومداخلة حماس (بشكل خاص)، الأمر الذي دفع للحديث عن ضرورة إصدار بيان ختامي، يحمل للناس بارقة أمل، تشي بأن الفصائل مقبلة على خطوات إيجابية لصالح إنهاء الانقسام، وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني.

2) ساد لدى المضيف الروسي جو من الارتياح، جعل البروفيسور نعومكين، ونائب الوزير بوغدانوف، يؤكدان على ضرورة مواصلة الحوار في جولات قادمة، مع الإشارة إلى استعداد موسكو لاستضافتها.

3) كان البيان في مضمونه إيجابياً، خاصة في التأكيد على وحدانية التمثيل، والربط بين الدولة وقرارات الأمم المتحدة (حدود حزيران 67) ومرجعية قرارات الشرعية الدولية.
غير أن البيان في الوقت نفسه، لم يعكس الحجم الأكبر من الإيجابية، كما تبدت في مداخلة حماس (حسام بدران خاصة)، التي أزالت جزءاً هاماً من العقبات التي كانت تسد الطريق نحو إنهاء الانقسام، وبذلك تكون حماس قد تجاوزت حدود الرؤية التي تقدمت بها إلى فصائل المقاومة، فأصبحت مع الدولة بحدود 4 حزيران، ومرجعية م. ت ف لحكومة الكفاءات (بديلاً لمرجعية متوافق عليها)، وهي لا تريد العودة إلى السلطة في غزة، كلها إيجابيات تؤسس لخطوات قادمة، لا بد من الإقدام عليها بالضرورة.

4) إذا ما قارنا بين موقف فتح والذي تقاطع إلى حد كبير مع موقف الجبهة الديمقراطية، والتقى في السياق نفسه مع موقف حماس، يلاحظ أن الشعبية في مداخلتها غردت خارج السرب، ولا ندري ما إذا كانت ستجري مراجعة لإعلاناتها السياسية على غرار من «قيادة طواريء» إلى «جبهة تقدمية عربية مقاومة» إلى «جبهة عالمية مقاومة لعزل إسرائيل»، وكلها شعارات وتشكيلات ذهنية.

5) ما تمَّ التوصل إليه حتى الآن جيد، لكن المطلوب الآن حمايته من أجل أن يبقى أساساً لما هو قادم، التخوف من الانقلابات هنا وهناك.

6) المطلوب الآن المثابرة على تقديم اقتراحات لمواصلة مسار موسكو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وفي العلاقات الوطنية، خاصة أن موسكو جاهزة لاستقبال جولات الحوار. المهم ألا يتم التعطيل من الذين تضرروا من الجو الإيجابي، ومن النتائج، والذين قد يحاولون التشويش على ما تم التوافق عليه ■


ملاحظات عابرة
1) إتسم سلوك عزام الأحمد بالهدوء. قاطع المتحدثين ثلاث مرات فقط بعبارات سريعة: 1- أكد على الشرعية الفلسطينية برئاسة الرئيس أبو مازن؛ 2- كرر أن الرئيس أبو مازن هو الوحيد مما بين العرب ممن قالوا للأميركيين «لا» بالتوالي لثلاث إدارات أميركية.

2) مداخلة أبو مرزوق/ صباحاً/ كانت متحفظة. حسام بدران هو من عبّر عن موقف المكتب السياسي بدقة، دون أية هوامش، في حديث ورد عنه تلخيص في مكان سابق من هذه الرسالة.

3) قدم أبو مرزوق عرضاً مطولاً للمسار التفاوضي حول الأسرى، وأظهر حجم الصعوبات، فضلاً عن حجم الضغوط التي تتعرض لها حماس، ما يجعلها في موقع شديد التعقيد، بين الرغبة في إنقاذ الحالة الإنسانية، وبين الرغبة في الوصول إلى اتفاق مقبول، وبين ضرورة مراعاة الوسطاء خاصة الدوحة، التي تمتلك قوة ضغط واضحة على حماس.

4) عندما طالب مروان عبد العال (الشعبية) بأن تكون الحكومة القادمة حكومة «فصائل» وليس حكومة «كفاءات»، رد عليه أبو مرزوق مؤكداً على ضرورة حكومة «الكفاءات» لأنها وحدها القادرة على التفاعل مع الخارج، من أجل الحصول على التمويل لإعادة الإعمار وغير ذلك.

5) لم يأتِ أحد (سوى الشعبية) على ذكر قيادة طواريء أو قيادة مؤقتة أو غير ذلك، كان بالإجماع على الشرعية الفلسطينية، خاصة في ظل إدراك حقائق ما يتم التحضير له (إدارة مدنية/ دحلان/ الخ) ■

6/3/2024

ملحق:
بيان صادر عن اجتماع الفصائل الفلسطينية في موسكو

■ عبرت الفصائل الفلسطينية عن شكرها وتقديرها للقيادة الروسية على استضافتها لاجتماعاتها، وعلى موقفها الداعم للقضية الفلسطينية
اتفقت على أن اجتماعاتها ستسمر في جولات حوارية قادمة للوصول إلى وحدة وطنية شاملة تضم القوى والفصائل الفلسطينية كافة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
وأكدت الفصائل على توافقها على المهمات الملحة أمام الشعب الفلسطيني ووحدة عملها من أجل تحقيقها وفي مقدمتها:
1- التصدي للعدوان الإسرائيلي الاجرامي وحرب الإبادة الجماعية التي تشنها على شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس بدعم ومساندة ومشاركة الولايات المتحدة الأميركية.
2- مقاومة ووقف وإفشال محاولات تهجير شعبنا من أرض وطنه فلسطين خصوصاً في قطاع غزة أو في الضفة الغربية والقدس، والتأكيد على عدم شرعية الاستيطان والتوسع الاستيطاني وفقاً لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
3- العمل على فك الحصار الهمجي على شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية وإيصال المساعدات الإنسانية والحيوية والطبية دون قيود أو شروط
4- إجبار جيش الاحتلال على الانسحاب من قطاع غزة ومنع محاولات تكريس احتلاله أو سيطرته على أي جزء من قطاع غزة بحجة مناطق عازلة، وسائر الأراضي المحتلة، والتمسك بوحدة الأراضي الفلسطينية كافة وفق القانون الأساسي.
5- رفض أي محاولات لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية بما فيها القدس في إطار المساعي لسلب الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير وإقامة دولته الحرة المستقلة كاملة السيادة على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة وعاصمتها القدس وفقاً للقرارات الدولية.
6- دعم وإسناد الصمود البطولي لشعبنا المناضل ومقاومته في فلسطين وحرصها على إسناد شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية وخصوصاً في القدس، ومقاومته الباسلة، لتجاوز الجراح والدمار الذي سببه العدوان الإجرامي، وإعمار ما دمره الاحتلال، ودعم عائلات الشهداء والجرحى وكل من فقد بيته وممتلكاته ومصادر رزقه.
7- التصدي لمؤامرات الاحتلال وانتهاكاته المستمرة ضد المسجد الأقصى المبارك، واعتداءاته على حرية العبادة في شهر رمضان الفضيل ومنع المصلين من الوصول إليه، والإصرار على مقاومة أي مس بالمسجد الأقصى ومدينة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.
8- الإسناد الكامل للأسرى والأسيرات البواسل في السجون الذين يتعرضون لمختلف أشكال التعذيب والقمع، والتصميم على أولوية بذل كل جهد ممكن من أجل تحريرهم من أسر الاحتلال.
9- التأكيد على حماية وكالة الغوث الدولية ودورها الحيوي في رعاية اللاجئين الفلسطينيين حتى تحقيق عودتهم، وتنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 194.
10- توجه الفصائل الفلسطينية التحية لدولة جنوب أفريقيا على دعمها للشعب الفلسطيني ودورها الأساس في رفع قضية أمام محكمة العدل الدولية لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جريمة الإبادة الجماعية ■

تواقيع رؤساء وفود الفصائل الفلسطينية المجتمعة في موسكو
1 آذار 2024








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سودانيون يقتاتون أوراق الشجر في ظل انتشار الجوع وتفشي الملار


.. شمال إسرائيل.. منطقة خالية من سكانها • فرانس 24 / FRANCE 24




.. جامعة أمريكية ستراجع علاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل بعد ا


.. تهديد بعدم السماح برفع العلم التونسي خلال الألعاب الأولمبية




.. استمرار جهود التوصل لاتفاق للهدنة في غزة وسط أجواء إيجابية|