الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كامالا هاريس تخاطب نتنياهو كما لو كان جونغ اون!!!

هاني الروسان
(Hani Alroussen)

2024 / 3 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


الاحتفاء بدعوة كامالا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي الحكومة الإسرائيلية يوم الأحد الماضي إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة والضغط على إسرائيل بالقوة لزيادة تدفق المساعدات لتخفيف ما وصفتها بأنها ظروف “غير آدمية” و”كارثة إنسانية” يعيشها الشعب الفلسطيني، احتفاء مثير للسخرية، وأن تصديق اعتبار دعوتها هذه من بين أكثر المواقف حدة حتى الآن التي تأتي على لسان كبار القادة في الادارة الأمريكية ممن دعوا إسرائيل إلى التخفيف من حدة الأوضاع غير الانسانية في غزة هي وقوع في احابيل النفاق الأمريكي الساذج.

فهاريس تتوجه بخطابها هذا كما لو كانت تخاطب كيم جونغ أون في كوريا الشمالية او شي جين بينغ في الصين او فلاديمير بوتين في روسيا التي لا تمتلك الولايات المتحدة حيال اي منهم الا قليل من الكلمات او التلويح ببعض الغضب الذي يحتاج تجاوزه إلى ورقة وقلم للجمع والطرح والضرب والقسمة، فيما لا يحتاج نتنياهو لاكثر من تلفون من السفير جاك لو لكي تقف الحرب وتتدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع المنكوب بالاسلحة والذخائر والتواطؤ الأمريكي.

والارجح ان هذا الخطاب المراوغ والمحتفى به عربيا هو تهديد مبطن للوسطاء من العرب وللفلسطينين للتعجيل بصناعة صورة نصر لهيبة الردع الإسرائيلية او بشكل أدق لاعادة إنتاج الدور الإقليمي لاسرائيلي الذي تدحرج إلى قاع المنحدر، ولو عن طريق إطلاق سراح بضعة من المحتجزين لدى الفصائل المسلحة في غزة. ولو لم يكن الأمر كذلك لما اعادت هاريس العزف على نفس الاسطوانة المشروخة المسماة بوقف مؤقت لاطلاق النار، ُيفهم منه ان من تبقى من الشعب الفلسطيني في غزة قد أخذ منهم هزال الجوع ما يستوجب إعادة تسمينهم قبل تجديد ذبحهم في وقت لاحق، يحدده صبيان حكومة نتنياهو الذي اتاح لهم التواطؤ الأمريكي فرصة ان يصبحوا وزراء وقادة.

والحقيقة ان ما جاءت به نائبة الرئيس هو تكرار لما قاله الرئيس نفسه خلف الكواليس، اذ تحدثت بعض التسريبات عن ضغط كبير مار سه بايدن على قادة كل من مصر وقطر لاجبار حماس على الموافقة على اتفاق لوقف مؤقت لاطلاق النار قبل حلول شهر رمضان الذي قد يحمل بعض التصعيد الذي يحول دون اتمام صفقة تبادل للاسرى تفضي لاطلاق سراح بعض حاملي الجنسية الأمريكية منهم.
والمثير للسخرية والاستخفاف حقيقة ليس قولها يتضور الناس جوعا في غزة، وان الظروف غير آدمية وإنسانيتنا المشتركة تلزمنا بالتحرك ، بل اصرارها كما الرئيس على استخدام هذه الجريمة للقيام بالجريمة الاكبر، اي استخدام هذا الموت البشع والدمار المريع والتجويع الفضيع لتنفيذ جريمة تصفية الحق الفلسطيني ومحو هوية الشعب من سجلات شعوب الأرض وتحويله لمجموعات من الناس تنتشر باصقاع الدنيا وارجاء المعمورة. فامريكا تبدو بتصرفاتها هذه وكأنها بحاجة لمن يعلمها ابجديات السياسة، عندما تتبنى الأهداف الإسرائيلية من مثل القضاء على حماس، ولكأن الطريق الوحيد لذلك هو فقط ذبح الناس وتدمير ابسط مقومات استمرار بقائهم وكأنهم وباء، وهي تعلم علم اليقين ان السبيل السهل ليس فقط للقضاء على حماس، بل وعلى كل أشكال المقاومة الاخرى، هو ليس الذهاب إلى رفح اوخانيونس، ولا حتى الذهاب إلى رام الله، بل الذهاب إلى مجلس الأمن والاعلان عن الاعتراف بالحق الفلسطيني ليس الطبيعي، بل كما حددته قرارات نفس المجلس والجمعية العامة ومختلف قرارات الشرعية الدولية، ومنح الفلسطينيين فرصة الاشتراك في انسانيتهم المشتركة التي تتحدث عنها السيدة هاريس، حيث أن نحو مائة عام من محاولات القفز عن الثابت الفلسطيني لم تنتج الا مزيد من الاصرار على المقاومة، وعلى مزيد من تعريض الامن الدولي للخطر.
والاكيد ان قيام إدارة بايدن بمثل هذه الخطوة، خطوة الاعتراف بالحق الفلسطيني ليست من المستحيلات السبع، فالتاريخ الأمريكي حافل بما يمكن للرئيس او للسلطة التنفيذية القيام به في ظروف ليست كهذه منسجمة مع الشرعية الدولية، بل في حالات مخالفة لبعض أحكام الدستور والقوانين الامريكية، حيث اوضحت التجربة الأمريكية في سياق البحث عن إيجاد توافق بين حكم القانون والسلطات الاستثنائية التي تمنحها السلطة التنفيذية لنفسها في أوقات الأزمات، ان النتائج غالباً ما تكون سياسية الطابع على حساب السلطتين التشريعية والقضائية، حيث عمل الكونغرس تاريخيا على توفير دعم حاسم لاجراءات الرئيس الاستثنائية التي كانت من المفروض ان تكون محط مراجعة او رفض من جانب السلطتين التشريعية والقضائية، وأن مثل هذه الوقائع والاحداث قد وجدت ايضا مساندة مطلقة من جانب المحكمة العليا الامريكية.
ولان هذه هي الحقيقة المرة، حقيقة ان واشنطن هي من
تتحايل على الإقرار والاعتراف بالحق الفلسطيني وتقود محاولات الاطاحة به، فان ذلك هو ما يجدد شرعية السؤال حول ما اذا كانت أمريكا قد فشلت في التعلم من تجاربها السابقة، ام ان لنتائج الحرب على غزة تداعيات تتجاوز القدرة على الانصياع للقوانين والأخلاق، وانها درس مستقل بذاته؟؟. على اية حال، اي تكن الاحتمالات الأكثر صوابا فإنه لم يعد امام الولايات المتحدة سوى أن تختار اما المجازفة بدفع الازمة الى نهاياتها القصوى مع كل ما يترتب على ذلك من مخاطر او محاولة تأجيل ذلك بقليل من الحذق البراغماتي.

هاني الروسان/استاذ الاعلام في جامعة منوبة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز