الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا ترخوا أعنة ثيرانكم

رياض سعد

2024 / 3 / 6
الصحافة والاعلام


ظاهرة استعانة الحكام بوسائل الاعلام كالشعراء والكهنة ورجال الدين وقتذاك ,واستقواء الساسة بالمداحين والمطبلين والاعلاميين والصحفيين ... الخ ؛ قديمة قدم نشوء الحكومات والدول والامبراطوريات .
الا ان هذه الظاهرة كالمد والجزر ؛ تارة تتوسع وتظهر للعيان وبشكل سافر , وتارة اخرى تنكمش وتنخفض مستويات ظهورها وتختفي خلف مسميات وعناوين مختلفة للتمويه والخداع ؛ وفقا للظروف والامكانيات والتحديات ونوع الانظمة والسياسات .
وبعد سنوات البعث العجاف وعقود الدكتاتورية والاقصاء والتهميش وتكميم الافواه وخنق الاصوات ومصادرة الحريات التي عاشها العراقيون ابان الحقبة القومية والبعثية الطائفية والتكريتية الهجينة , اذ لم يسمح هؤلاء الانذال من افساح المجال للعراقيين للأداء بأصواتهم فيما يخص القضايا الوطنية او التعبير عن آرائهم السياسية بحرية , وحاربوا التعددية الاعلامية والحرية الصحفية , واستخدم البعثيون والصداميون والطائفيون الاعلام كأداة لنشر الدعاية والتلاعب بالرأي العام والتحكم في تدفق المعلومات , والسيطرة الشاملة للحكومة الهجينة على المواطنين وممارسة عمليات غسل الادمغة وتغيير القناعات والضحك على الذقون , واستبعاد كل المعلومات المفيدة والوقائع والاحداث الحقيقية وتغييب الحقيقة والحق ... ؛ ولم يسمحوا لأية قناة اعلامية او رأي معارض سياسي او فكر وطني لا يتماهى مع اطروحاتهم الهجينة بالظهور والانتشار ... الخ ؛ تغيرت الاوضاع عام 2003 وجاءت الديمقراطية , وانفتحت الساحة العراقية على مصراعيها ونشأت مئات الاحزاب والمنظمات السياسية والاف المنظمات المدنية والمؤسسات والمراكز الاعلامية والصحف والمجلات والمواقع الالكترونية والفضائيات والمحطات الاذاعية ... الخ .
الا ان البعض او الاغلب استغل هذا الوضع الديمقراطي او الانفلات الامني احيانا , فقام بإنشاء جيوش الكترونية و(شلل وجوقات ) اعلامية وثقافية وسخر بعض الاقلام المأجورة والقنوات والمؤسسات الاعلامية والتي هي اشبه بالشركات التجارية التي تعمل لمن يدفع اكثر ... ؛ حتى المؤسسات والقنوات الاعلامية والثقافية المستقلة او غير المسيسة سرعان ما تسلّلت اليها الأحزاب السياسية او الدوائر الخارجية المشبوهة واحكمت السيطرة عليها ,وهذا التسلّل كان طبيعياً أن يحصل ، مع أحزاب وقوى سياسية تعدّ أصلاً من صلب هذه القنوات التي انبثقت بعد سقوط نظام صدام ؛ والتي تقاسمت في مرحلة ما بعد سقوط النظام المنابر الإعلامية وفقاً للصيغ الطائفية او القومية او السياسية ، أو ضمن «إعلام البيزنس والاغراء »... ؛ ولعل السمة المعروفة عن هذه الفضائيات والقنوات والمؤسسات والشخصيات الاعلامية ؛ الانتقائية والتسييس ... ؛ فعندما تتماهى هذه الفضائية او (الجوقة) الاعلامية مع الخطاب الشعبي المستاء من الاوضاع السلبية ؛ فأنها تفعل ذلك لا حبا منها بالجماهير والمكونات الاجتماعية المغبونة او ايمانا بحقوق الانسان ومبادئ العدالة الاجتماعية والحرية ؛ وانما بغضا بالحزب او التكتل السياسي الحاكم او المكون الاجتماعي الذي يتصدر الواجهة السياسية ... , وعندما تغيب هذه القنوات وجوهاً سياسية واعلامية وثقافية لطالما التصقت بهذه الشاشات والقنوات ، او تسلط الاضواء على الامعات والنكرات والشخصيات المجهولة ؛ لا يندرج فعلها هذا , ضمن دائرة احترام عقول المشاهدين او مبادئ الصحافة والاعلام او الالتزام بالقوانين النافذة ؛ بقدر ما يتعلق بالسياسات وطبيعة التحالفات والمؤامرات الانية ؛ فضلا عن ان هذه القنوات والفضائيات والشخصيات تتهم الاخرين المعارضين والمختلفين معها ؛ بالشيطنة دائما وابدا بينما تخفي كل عيوب الساسة وشوائب الاحزاب التي تساندها هذه القنوات والفضائيات والشخصيات , والمتابع للإداء الاعلامي والثقافي و الأنشطة الاعلامية يجد انها تسير وفقا لخطط مدروسة ومتفق عليها .
وبعض الاقلام المأجورة والشخصيات الاعلامية المرتزقة والاعلاميين والمثقفين المؤدلجين والمغردين والناشطين في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي ؛ من الذين ساروا في ركب الاحزاب والشخصيات السياسية او دوائر الظلام الخارجية والاجندات المشبوهة ؛ اصابها الغرور والتكبر , وراحت تهرف بما لا تعرف , او تخبط خبط عشواء ؛ والبعض منهم لا يغرد ولا يكتب ولا ينشر فيما يخص القضايا الوطنية والسياسية الحساسة الا وهو سكران حد الثمالة ؛ مما قلب الفرض رأسا على عقب ؛ اذ ان المفروض بهؤلاء الاعلاميين والمثقفين والمحللين السياسيين العمل وفقا لما تمليه عليهم السلطات والجهات والشخصيات ؛ لا ان يفرض رؤيته الشخصية عليها ؛ مما تسبب بحدوث الكثير من الهجمات الاعلامية والتراشق السياسي والتنابز بالألقاب والتنمر والاستهزاء بالساسة والشخصيات والمكونات والطوائف والقوميات , وارباك الاوضاع العامة وبث الدعايات وترويج الشائعات وتوسيع دائرة الانقسامات السياسية والطائفية والاخلال بالأمن الاهلي والسلم المجتمعي .
ومما جاء في الفلكور الشعبي الجنوبي العراقي : ان ابليس قال لاحد الشياطين : ان باستطاعته افتعال الفتنة الكبيرة من خلال الحدث البسيط , وطالبه الشيطان بالدليل والبرهان على ذلك , وذهب ابليس بمعية الشيطان الى مزرعة تقع ضمن قرية , يمتلكها احد الفلاحين المسالمين , ورأى ثورا مربوطا , فقام ابليس بإرخاء الحبل , فتحرك الثور وهاج وانطلق بسرعة يخرب الزرع , وينطح كل شيء يراه امامه , وعندها دهش الفلاح وغضب , وتكلم مع زوجته واتهمها بالقصور في اداء واجباتها وانها السبب في كل ما حصل , فردت عليه زوجته وقسمت بانها ربطت الثور جيدا , وتشاجرا وعلا صراخها , فقام الفلاح بضرب زوجته على رأسها بالهراوة (التوثيه) فسقطت ميتة , وسمع اهلها بالفاجعة , وهجموا على الفلاح وقتلوه , واجتمعت عشيرة الفلاح وهجموا على عشيرة الزوجة المقتولة , وتقاتل الجميع , ودمرت القريتين بالكامل ... ؛ عندها قال ابليس للشيطان : أرايت كيف ان الحدث البسيط قد يؤدي الى الدمار الكبير الذي يحرق الاخضر واليابس ولا يسلم منه احد ؟!
فإذا ما أرادت الأحزاب والشخصيات السياسية ، المشاركة الفاعلة والسليمة والصحيحة في العملية السياسية والحفاظ على امن وامان المجتمع , والنأي بالنفس عن الصراعات مع الاخوة والشركاء , وصون المكتسبات الايجابية الوطنية ... ؛ فينبغي عليها أن تتغلّب على الاصوات النشاز والشخصيات المرتزقة والمتقلبة والمزاجية وغير المنضبطة , وذلك من خلال لجم حمير وجحوش وثيران الجيوش والشلل الالكترونية و الاعلامية والثقافية , وعدم ارخاء اعنة الثيران التي تعمل ضمن دوائر التوجيه السياسي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط